بوابة الوفد:
2024-07-02@01:10:42 GMT

كيف نعرف؟

تاريخ النشر: 11th, January 2024 GMT

سؤالٌ يطرحه الفيلسوف كما يطرحه كل معنىّ بكشف الحقائق المغيّبة المجهولة، ويقوم فى دائرة البحث العلمى بمقدار ما يقوم فى دائرة العقيدة والدين، ويُجاب عليه على مستوى العقل كما يجاب عليه على مستوى الضمائر والبصائر، ويتصل بالموضوع المعروف كما يتصل بالموضوع المجهول، وتحدّد وسائله بإزاء موضوعه إذ يحكم الموضوع وسيلته ويسير فى مقتضاها باحثاً ومنقباً ليصل إلى بغيته بعد إحكام الوسيلة فى إطار موضوعه المفروض لكن مكمن الخطأ هو الخلط بين الوسائل بغير النظر إلى طبيعة الموضوع المبحوث.

كيف نعرف؟ 

أتبدأ معرفة الله من باطن النفس أم من خارجها؟ نفس السؤال عن الإيمان: أيكون عن قناعة باطنة جُوّانيّة أم يُفرض عليك من خارج؟ لم تتحقق معرفة الله للعارفين ولا تتحقق لك أو لى مثلاً مع علمى وإيّاك بوسائل كان اتخذها من تحققت لهم المعرفة ولكنها حجبت عنك وعنى؟

وإذا كان العلم وحده لا يكفى فلماذا تجىء الجهالة بالله فينا إلى هذا الحدّ مع إنّا نحُبُّه؟ وإنْ كنا مُقَصّرين فى حقوقه غير إنّا على قدر الطاقة نرعاه؟ من أين حصّل الفقراء على تلك المعرفة؟ أبالمجهود المكتسب أم بالمواهب اللّدنيّة؟ 

ثم هل ييأس المرء من جهله بتلك المعرفة ووراؤها رُوح الله، والنقل يقرّر فى النص المكنون: إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون؟

ليس أقسى على المرء من أن يرى جهوده تذهب أدراج الرياح، وبخاصّة فيما لو كانت تلك الجهود عملاً دائماً لا يعوّل عليه من واقع عكر أسود، ومن أناسِ لا يقدّرون للعمل قيمة ولا قانوناً.

هنالك يكون العزاء كل العزاء فى العُقبى، ولا يكون أبداً فى هذه العاجلة الدّنيّة، والعزاء ليس ضعفاً ولا هو بالهروب من واقع كدِر، ولكنه أمل متجدّد مع الإيمان بالله، لو لم يكن مقياسُ الخلق من الآدمى مُقدّماً على كل مقياس سواه فماذا عَسَاهَا ستكون عليه الحال؟

السؤال الفلسفى الأزلى هو نفسه السؤال الدينى.. لماذا خُلقت؟ قد تخفق الفلسفة فى الإجابة عن هذا السؤال، فى حين يجيبك الدين إجابة وافية تامة شافية كعادة الدين فى الإجابة على أسئلة المجهول. لكن الفلسفة سرعان ما تقدّم لك تصورات ربما تقبلها على ديدن القناعة العقليّة لكنها لا تشفى لك غُلّة وجدانيّة.. على مستوى النظر إن هى إلا محاولات مشكورة لرجال الفلسفة من الأسر الكريمة لكنها مع ذلك محاولات ناقصة، لأنها تخاطب جانباً واحداً فى الإنسان هو الجانب العقلى، وتهمل سائر الجوانب التى تتطلع إليها بشغف أشواق النفس الإنسانية.

قُلْ لى بربّك: ما الذى قدّمته الفلسفة شافياً كافياً فى مسائل المصير؟ لا شئ، سوى مجرّد محاولات باردة قائمة على تصورات أصحابها فيما يتصل بخلود النفس وجوهريتها وما شَابَه هذا وذاك ممّا تزداد بقراءته جدلاً ولا تزداد يقيناً. 

وفى المقابل تجد الدين يقول لك فى صراحة بالغة إنّ الغاية من الخَلْق الإنسانى هى معرفة الله! هكذا بهذه البساطة وبهذا القطع الحازم فى الإجابة على السؤال.

معرفة الله.. كيف هذا؟ أقول لك:

عندما قال الحق تعالى: «وما خَلَقْتُ الجنّ والإنس إلاّ ليعبدون»، إذْ ذَاَكَ قال ابن عباس أعرف الناس بتأويل القرآن، معناها: إلاّ ليعرفون.

وعليه، فغاية الخلق المعرفة، وقد يقرّر الفلاسفة مثل ما يقرّره لك الدين، ربما، لكن وسيلة هذه المعرفة بين الدين والفلسفة هى محل خلاف، لأنك ما دمت قلت (معرفة) فقد أخَذتَ من الإنسان أسمى جزء فيه، وعطفته على الله، فيصبح هذا الإنسان عارفاً، لكنه حين يكون عارفاً لا يكون عارفاً من تلقاء نفسه، بل عارفُ هو بالله على التحقيق.

أمّا فى المجال الفلسفى، فإن هذه المعرفة مقصورة على العقل الإنسانى وحده، مستقلاً كل الاستقلال عن المصدر الذى يتلقى عنه الإنسان، وهو مصدر العرفان.

مصدرُ العرفان فى حقل الفلسفة هو العقل الإنسانى مجرّداً عن لواحقه الشعوريّة. ومصدر العرفان فى الدين، وخصوصاً الأديان الكتابيّة، هو الله تعالى، يُغذى طاقات العقل الإنسانى بشتى المعارف وشتى العلوم كلما فتحت طاقة من طاقات المعرفة فتحت معها طاقة أخرى، وهكذا بغير انقطاع.

ومدد الفتح لا ينقطع إذا كان المصدر هو الحكيم العليم: «وإنك لتلقّى القرآن من لدن حكيم عليم». (وللحديث بقيّة)

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: كيف نعرف سؤال يطرحه الفيلسوف معرفة الله

إقرأ أيضاً:

صيغ صحيحة للرقية الشرعية وحكم الدين في مدى صحتها.. «اللهم أذهب البأس»

الرقية الشرعية من الوسائل العلاجية الروحية المهمة في الإسلام، حيث تعتمد على تلاوة آيات من القرآن الكريم وأدعية مأثورة عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم بهدف الشفاء والحماية من الأمراض الجسدية والنفسية.

وتستمد الرقية الشرعية أهميتها من إيمان المسلمين بقوة القرآن والسنة في تحقيق الشفاء، حيث تعتبر كلمات الله وسيلة للتقرب إليه وطلب رحمته وعونه.

حكم الرقية الشرعية

وأوضحت دار الافتاء المصرية، عبر موقعها الرسمي، أن الجمهور ذهب إلى جواز الرقية من كل داء يصيب الإنسان، بشرط أن تكون بكلام الله تعالى، أو بأسمائه وصفاته، وأن تكون باللسان العربي، أو بما يُعْرَف معناه من غيره، وأن يُعْتَقَدَ أنّ الرقية لا تؤثر بذاتها، بل بإذن الله تعالى وقدرته.

وأشارت دار الافتاء إلى أنه روى مسلم عن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: كنا نرقي في الجاهلية، فقلنا: يا رسول الله، كيف ترى في ذلك؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ، لَا بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ»، مؤكدة أن الرقية الشرعية تعد وسيلة لتعزيز الإيمان والاعتماد على الله في جميع الأمور، بما في ذلك الصحة والعافية، فعندما يلجأ المسلم إلى الرقية، فإنه يظهر توكله الكامل على الله وثقته في قدرته على الشفاء، هذا الاعتماد الروحي يمكن أن يكون له تأثير إيجابي كبير على النفس، مما يساعد على تحقيق الراحة النفسية والطمأنينة.

صيغة الرقية الشرعية عن النبي

وصَحَّ أَنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يعوذ بعض أهله يمسح بيده اليمنى ويقول: «اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ أَذْهِبِ البَاسَ، اشْفِهِ» أخرجه البخاري، ويقول أيضًا: «أعوذ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّةِ، مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ» أخرجه البخاري.

وفي حديث عثمان بن أبي العاص الثقفي لما شكا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وجعًا يجده في جسمه منذ أسلم، فقال له الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: «ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ، وَقُلْ: بِاسْمِ اللهِ، ثَلَاثًا، وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ: أَعُوذُ بِاللهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ» رواه مسلم. وغير ذلك من نصوص الرقية الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

هل الرقية الشرعية تشفي؟

وأكدت دار الافتاء أن الرقية بالقرآن الكريم جائزة من كل مرض، بشرط أن تكون بكلام الله تعالى، أو بأسمائه وصفاته، وأن تكون باللسان العربي، أو بما يُعْرَف معناه من غيره، وأن يُعْتَقَد أنّ الرقية لا تؤثر بذاتها، بل المؤثر الشافي هو الله تعالى بعظيم لطفه وقدرته، وينبغي أن نحذر من الدجالين الذين يحتالون على الناس ويأخذون أجرًا منهم بدعوى أن هذه رقية، فالأفضل أن يُقصَد الصالحون ممن عُرِفت أمانتهم وعدالتهم، مع التنبيه على ضرورة الأخذ بباقي أسباب العلاج والشفاء الأخرى، التي جعلها الله سبحانه وتعالى في كونه سببًا لذلك.

مقالات مشابهة

  • شـواطئ.. إعادة النظر في النظام الدولي الجديد (5)
  • من تجريدِ الفلسفةِ إلى المجرَّدِ النَّحوي: كتابةٌ تُوجِّهُ ذاكرةَ الصِّبا الباكرِ صوبَ الملموس
  • دون معرفة السبب.. 4 أشخاص يطلقون النار داخل منزل شرقي بغداد والشرطة تعتقلهم
  • “بيت الفلسفة” في الفجيرة يستضيف حلقة الشباب الفلسفية حول دور الفلسفة في عصر الثورة التكنوإلكترونية
  • سؤال لمتنبئة لبنانية على الهواء عن حسن نصر الله يثير بلبلة (شاهد)‏
  • ريم سامي تهنئ زوجها بمناسبة عيد ميلاده
  • ردة فعل صادمة من ليلى عبداللطيف بعدما طرح المذيع سؤالا عن مصير حسن نصر الله
  • صيغ صحيحة للرقية الشرعية وحكم الدين في مدى صحتها.. «اللهم أذهب البأس»
  • صدمة على الهواء.. المتنبئة اللبنانية ليلى عبداللطيف وسؤال عن حسن نصرالله يثير تكهنات
  • نصائح مهمة للطبخ للمبتدئين وحديثات الزواج