باعتبارها الراعي الرئيسي ومورد الأسلحة لإسرائيل، تتحمل الولايات المتحدة مسؤولية كبيرة عن الحملة العسكرية وسياسة العقاب الجماعي التي تنفذها تل أبيب في قطاع غزة، خاصة فيما يتعلق بالجانب الإنساني وتداعياته، والتي تحدث عنه وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن كثيرًا خلال زيارته الأخيرة، دون التطرق إلى استخدام إسرائيل للغذاء كسلاح.

هكذا يخلص تحليل لمجلة "ريسبونسبل ستيتكرافت"، وترجمه "الخليج الجديد"، مشيرا إلى مواجهة سكان غزة واحدة من أسوأ المجاعات التي من صنع الإنسان في التاريخ الحديث.

ويقول التحليل: "أدت الآثار المجمعة للقصف والنزوح والحصار الإسرائيلي إلى دفع سكان غزة الضعفاء بالفعل إلى الجوع الشديد والواسع النطاق"، مضيفا: "هذه ليست نتيجة ثانوية عرضية للصراع، بل هي نتيجة لسياسة متعمدة للحكومة الإسرائيلية لمعاقبة جميع السكان الفلسطينيين في غزة بسبب حماس".

ويتابع: "الآن نشهد العواقب الكارثية التي تخلفها هذه السياسة على أكثر من مليوني إنسان، نزح 90% منهم من منازلهم على مدى الأشهر الثلاثة الماضية".

والشهر الماضي، أصدرت مبادرة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) تقريرًا عن غزة يحذر من أن ربع السكان يمرون الآن بـ"مرحلة أسوأ وكارثية"، وأن جميع السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد ومعرضون لخطر المجاعة.

اقرأ أيضاً

إيكونوميست: المساعدات الخارجية غير كافية لتفادي المجاعة بغزة

ووفقاً للتقرير، فإن هذا هو أعلى مستوى من انعدام الأمن الغذائي الحاد الذي قام التصنيف الدولي للبراءات بقياسه على الإطلاق في منطقة معينة.

ومثال على ذلك، في كل مكان آخر من العالم، هناك ما يقرب من 130 ألف شخص في المرحلة الخامسة من التصنيف الدولي للبراءات، وهي المرحلة الكارثية، وفي غزة هناك أكثر من نصف مليون شخص.

يقول عارف حسين من برنامج الغذاء العالمي، لصحيفة "نيويورك تايمز"، في وقت سابق من هذا الشهر: "لقد زرت أي صراع تقريبًا، سواء كان في اليمن، أو جنوب السودان، أو شمال شرق نيجيريا، أو إثيوبيا، أو سمها ما شئت.

ويضيف: "لم أر شيئًا كهذا من قبل، سواء من حيث حجمه أو حجمه، ولكن أيضًا من حيث الوتيرة التي حدث بها".

فيما يقول برنامج الأغذية العالمي إن كل فلسطيني في غزة تقريبا يمضي أكثر من يوم دون أن يأكل أي شيء، و"عندما تكون هناك فرصة لتناول الطعام، لا يوجد سوى كمية ضئيلة يمكن تقسيمها بين الأسر الممتدة".

ووفقا لتقارير إخبارية موثوقة، فإن الطعام "نادر للغاية" لدرجة أن الناس يلجأون إلى تناول أي طعام حتى لو كان فاسدا يمكنهم العثور عليه.

اقرأ أيضاً

انتقاد أمريكي لعمليات التفتيش الإسرائيلية التعسفية للمساعدات المتجهة لغزة

وتعاني الأمهات اللاتي لديهن أطفال رضع من سوء التغذية إلى الحد الذي يجعلهن غير قادرات على إرضاع أطفالهن، كما أصبح الطعام القليل المتاح باهظ الثمن إلى حد فاحش.

ويعني الحصار المفروض على الواردات التجارية عدم وجود وسيلة لتلبية الاحتياجات الأساسية للسكان.

وفي شمال غزة، حيث تم تدمير البنية التحتية وأصبح من المستحيل إيصال المساعدات، فإن الظروف أسوأ مما هي عليه في بقية أنحاء القطاع.

ويقول منسق الأمم المتحدة للإغاثة في حالات الطوارئ مارتن غريفيث، إن "غزة ببساطة أصبحت غير صالحة للسكن. ويشهد شعبها تهديدات يومية لوجودهم ذاته، بينما يراقب العالم ذلك".

ووفق التحليل، فإن سياسات الحكومة الإسرائيلية هي التي تخلق هذه الكارثة.

وبناء على تحليلها لتصرفات الحكومة الإسرائيلية والتصريحات الرسمية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، خلصت "هيومن رايتس ووتش" إلى أن الحكومة الإسرائيلية تستخدم التجويع كسلاح حرب، وهو ما يعد "جريمة حرب" بموجب اتفاقيات جنيف.

اقرأ أيضاً

ذا إيكونوميست: غزة في طريقها لدخول مجاعة عنيفة ويجب وضع استراتيجية لدخول المساعدات

ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مدير مكتب "رايتس ووتش" في إسرائيل وفلسطين عمر شاكر، قوله: "على مدى أكثر من شهرين، تحرم إسرائيل سكان غزة من الغذاء والماء، وهي سياسة شجعها أو أقرها مسؤولون إسرائيليون رفيعو المستوى وتعكس نية لقمع الفلسطينيين". تجويع المدنيين كوسيلة من وسائل الحرب".

وتنفي الحكومة الإسرائيلية الاتهامات بأنها تعرقل المساعدات، وتشير إلى الشحنات التي تم السماح بدخولها، لكن هذا الدفاع يفتقد إلى السذاجة.

ويقول التحليل، إن "الكمية الصغيرة من الغذاء والوقود المسموح بدخولها يجب أن تخضع أولاً لعملية تفتيش شاقة وتستغرق وقتاً طويلاً، كما أن المساعدات التي تمر عبرها غير كافية لتلبية احتياجات الملايين من الأشخاص المشردين في منطقة معزولة عن العالم الخارجي".

يقول الباحث أليكس دي وال في مقال جديد، إن "الأزمة الإنسانية الكارثية في غزة هي عمل متعمد.. وغزة مسرح لجريمة المجاعة".

ويوضح أن "دقة وحجم وسرعة تدمير OIS [الأشياء التي لا غنى عنها للبقاء على قيد الحياة] وإنفاذ الحصار يفوق أي حالة أخرى من المجاعة من صنع الإنسان في السنوات الـ 75 الماضية".

ويعلق التحليل على ما يجري في القطاع بالقول: "لقد كانت استجابة الحكومة الأمريكية لما يعتبر مجاعة وحشية جديدة في غزة سيئة وغير كافية".

اقرأ أيضاً

دعا لوقف الحرب.. بابا الفاتيكان يدين الوضع الإنساني اليائس في غزة

وكان بلينكن في إسرائيل الثلاثاء، واعترف بالحاجة إلى دخول المساعدات، وقال إن هناك "عددا كبيرا جدا" من القتلى في غزة، لكنه لم يلقي اللوم على إسرائيل.

ومثل كل خطابات الإدارة، لم يضع أي وزن وراء ذلك، حسب التحليل.

ويضيف: "الدعم المستمر غير المشروط للحملة العسكرية الإسرائيلية ومعارضة واشنطن العنيدة لأي قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في الأمم المتحدة يعني أن هناك ضغطًا ضئيلًا أو معدومًا على الحكومة الإسرائيلية لتغيير مسارها".

ويتابع: "السبيل الوحيد لتفادي خسائر واسعة النطاق في الأرواح بسبب الجوع والمرض في غزة هو وقف فوري لإطلاق النار ورفع الحصار".

ويزيد: "كلما طال أمد التوصل إلى وقف لإطلاق النار، كلما زاد عدد الوفيات التي يمكن تجنبها بين الأبرياء في غزة".

ويتستطرد: "يجب أن يكون منع المجاعة في غزة على رأس أولويات واشنطن، وإذا لم تتحرك الولايات المتحدة في الوقت المناسب، فسيكون ذلك بمثابة علامة سوداء على سمعتنا الوطنية وواحدة من أكبر إخفاقات السياسة الخارجية في تاريخنا".

((5))

المصدر | ريسبونسبل ستيتكرافت - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: حرب غزة أزمة إنسانية إسرائيل مجاعة مساعدات مساعدات إنسانية الحکومة الإسرائیلیة اقرأ أیضا أکثر من فی غزة

إقرأ أيضاً:

ترامب يحذر: لن تتحمل أمريكا رفض زيلينسكي لإنهاء الحرب

أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الولايات المتحدة "لن تتحمل" رفض زيلينسكي لإنهاء الحرب مع روسيا، وذلك بعد المشاجرة التي دارت بينهما الطرفين في المكتب البيضاوي الجمعة الماضي، والتي كان لها تأثير كبير على العلاقة بين البلدين.

وكتب ترامب على موقعه الخاص "تروث سوشيال" متوعدًا بأنه لا يمكن لأمريكا أن تستمر في دعم زيلينسكي بعد تصريحاته الأخيرة، حيث استشهد بما نقلته وكالة "أسوشيتد برس" عن زيلينسكي، الذي قال خلال عطلة نهاية الأسبوع إن "نهاية الحرب لا تزال بعيدة للغاية".

وأوضح ترامب أن هذا التصريح يظهر أن زيلينسكي لا يرغب في تحقيق السلام طالما أن الدعم الأمريكي مستمر، متسائلًا عن "تفكير" الرئيس الأوكراني في هذا السياق.

واستمر ترامب في هجومه، مشيرًا إلى أن تصريحًا صدر من الاجتماع الأوروبي الذي حضره زيلينسكي، حيث صرح الأوروبيون بشكل قاطع أنهم لا يستطيعون "إتمام المهمة" بدون الدعم الأمريكي.


واعتبر ترامب أن هذا التصريح، رغم كونه قد يُظهر القوة ضد روسيا، إلا أنه جاء في توقيت غير مناسب من أجل إظهار قوة الموقف الأمريكي في الأزمة.

من جانبه، لم يتوقف الهجوم على زيلينسكي عند ترامب فقط، بل انضم إليه مستشار الأمن القومي الأمريكي مايك والتز، الذي دعا الرئيس الأوكراني إلى التعبير عن أسفه قبل استئناف المحادثات بشأن صفقة المعادن الأرضية النادرة.

وتدل هذه التصريحات على أن العلاقات بين الولايات المتحدة وأوكرانيا تمر بمرحلة صعبة ، خاصة بعد المشادة التي جرت بين ترامب وزيلينسكي في المكتب البيضاوي، والتي طغت على الملفات السياسية الأخرى في العلاقات بين البلدين.

وتسعى أوكرانيا للحصول على المزيد من الدعم العسكري والاقتصادي من الدول الغربية، وتحديدًا الولايات المتحدة، في حربها المستمرة ضد روسيا، لكن تصريحات زيلينسكي التي تؤكد على بُعد السلام، قد تكون قد أثارت غضبًا في أوساط بعض السياسيين الأمريكيين الذين يرون أنه لا يمكن أن تستمر أمريكا في دعم أوكرانيا دون رؤية حقيقية لفرص التوصل إلى تسوية سلمية.

مقالات مشابهة

  • ترامب يحذر: لن تتحمل أمريكا رفض زيلينسكي لإنهاء الحرب
  • اقرأ غدًا في «البوابة».. تحذيرات أممية من تفاقم الأزمة الإنسانية.. إدانات عربية ودولية لقرار إسرائيل منع دخول المساعدات إلى غزة
  • قطر تدين قرار الحكومة الإسرائيلية بوقف إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة
  • الاتحاد الأوروبي يحذر من تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة بعد قرار إسرائيل منع المساعدات
  • التنسيقية تدين قرار الحكومة الإسرائيلية بوقف إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة
  • تصاعد الدعوات الإسرائيلية لتشديد حصار غزة ومنع توزيع المساعدات الإنسانية
  • مصر تدين قرار الحكومة الإسرائيلية بوقف إدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة
  • حماس: إسرائيل "تتحمل مسؤولية" مصير رهائنها في غزة
  • حماس: إسرائيل "تتحمل مسؤولية" مصير رهائنها في غزة
  • نائب: قرار نتنياهو بوقف المساعدات الإنسانية يُفاقم الأزمة في غزة.. ومصر الداعم الأكبر للقضية