تتجه الأنظار نحو محكمة العدل الدولية التي استمعت اليوم الخميس لمرافعة جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة. وينتظر أن تقدم إسرائيل غدا مرافعتها ردا على مرافعة جنوب أفريقيا.

وبشأن مرافعة جنوب أفريقيا، أشار مراسل الجزيرة في لاهاي محمد البقالي إلى وجود ارتياح كبير على مستوى المدافعين عن حقوق الإنسان وعن حقوق الشعب الفلسطيني، لأن المحكمة قد تأخذ بعين الاعتبار الدلائل التي قدمت، والتي تفيد بأن إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية، وتخرق التزاماتها بموجب الاتفاقية التي وقعتها.

وقال البقالي إن "هناك انطباعا بأن حجم الأدلة والطرق التي قدمت بها على المستوى القانوني قوية جدا وقادرة على إقناع القضاة، وعددهم 15″، وأضاف أنهم "يحتكمون للقانون، وليس للحسابات السياسية"، وهو ما أكده أحد القضاة لقناة الجزيرة.

وبحسب مراسل الجزيرة، فإن وجود 15 قاضيا من مشارب ومدارس مختلفة وبلدان مختلفة يعطي نوعا من الضمانة بأن يكون القرار النهائي الذي تتخذه محكمة العدل الدولية قانونيا صرفا بدون تحيز.

مع العلم أن الطلب الرئيسي والاستعجالي الذي تقدمت به جنوب أفريقيا ضمن مرافعتها هو وقف المجازر الإسرائيلية في قطاع غزة، ويفترض -بحسب المراسل- أن تجيب المحكمة عن هذا الطلب قريبا، وإذا اتخذت المحكمة قرارا يأمر إسرائيل بوقف الإبادة في غزة، فيجب أن يتم الأمر بشكل مستعجل.

ماذا بعد أن تقرر المحكمة؟

يشير المراسل إلى أن هناك قناعة بأن قرار المحكمة سيكون له أثر كبير جدا على إسرائيل وسيمتد لعقود، كما هو الحال بالنسبة لقرارات مجلس الأمن الدولي الخاصة بالقضية الفلسطينية.

ووفق ما أكده أحد القضاة داخل محكمة العدل الدولية، وكذلك حقوقيون وقانونيون للجزيرة، فلو أدان قرار المحكمة إسرائيل فسيلاحقها، وسيكون أمامها وأمام حلفائها خيار من اثنين، إما أن تقبل تنفيذ القرار، وتلتزم بوقف القتال أو بتوصيل المساعدات وتجنب استهداف المدنيين في غزة، أو أن تلجأ المحكمة -في حال عدم القبول بالقرار- إلى مجلس الأمن الذي لا يعول عليه طبعا بسبب الدعم الأميركي لإسرائيل.

ولكن المراسل يقول إن القرار سيكون له وزن بمجرد صدوره من أعلى هيئة قضائية دولية.

وتحدث البقالي عن الفرق بين محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، ومقرهما في لاهاي، فالأولى تحكم فقط بين الدول، وتقدم الدعاوى أمامها باسم الدول، ولا تصدر مذكرات اعتقال، في حين محكمة الجنايات تحكم على الأفراد، ومن حقها إصدار مذكرات الاعتقال ضد الأفراد. ويتهم المدعي العام لمحكمة الجنايات كريم خان بأنه لم يدفع بالإجراءات القضائية كما يجب ولم يتحرك مع غزة كما فعل في حالة أوكرانيا.

وإذا صدر القرار من محكمة العدل الدولية بإدانة إسرائيل، فسيشكل ذلك ضغطا على محكمة الجنايات لتتحرك "إسميا"، أي تعلن عن أسماء المسؤولين الإسرائيليين الذين يرتكبون الجرائم في غزة، وتوجه لهم استدعاءات ومحاكمات، وفق مراسل الجزيرة.

محكمة العدل الدولية (الجزيرة) كيف سترد إسرائيل؟

وبشأن تفاصيل الموقف الإسرائيلي الرسمي، قال مراسل الجزيرة وليد العمري في رام الله إن إسرائيل غاضبة وقلقة، لأنها لن تستطيع إشهار سلاح "اللاسامية" في مواجهة ما تم طرحه في محكمة العدل الدولية، ولأن ما يجري في المحكمة هو عبارة عن ذروة الحراك الدبلوماسي والسياسي والإعلامي العالمي.

وأشار العمري إلى أن الملف الذي قدمته دولة جنوب أفريقيا لم يكتف فقط بإعطاء حقائق على الأرض بخصوص ما يجري في قطاع غزة بالصورة الكلمة، وإنما هناك رصد لتصريحات المسؤولين الإسرائيليين منذ بداية الحرب، ومنها ما يدعو لإلقاء قنبلة نووية على غزة، وأخرى تدعو إلى محو قطاع غزة بالكامل واحتلاله وإقامة مستوطنات فيه وتهجير سكانه.

وقال العمري إن المواقف الإسرائيلية صدرت عن وزارة الخارجية التي قالت "نحن أمام أكبر استعراض نفاق عالمي" وإن "ما يجري هو محاولة لمحاكمة الضحية". أما زعيم المعارضة يائير لابيد، فقال إن محكمة العدل الدولية "تحاكم الضحايا، ولا تحاكم الجناة"، وأن هذا المحفل ما كان يجب أن تذهب إليه إسرائيل، وهو الموقف نفسه الذي ردده نواب ووزراء من حزب الليكود.

ويؤكد العمري أن الإسرائيليين قلقون، لأن القضية ستكون مؤثرة على الرأي العام العالمي وصناع القرار، وأن القرار الذي ستتوصل إليه محكمة العدل الدولية قد يكون محرجا للولايات المتحدة، مشيرا إلى أن إسرائيل ستقدم غدا مرافعتها بالرد على مرافعة جنوب أفريقيا.

وتحدث العمري عن معلومات تفيد بأن الرد الإسرائيلي سيكون مبنيا على 3 محاور، الأول أنها ستقول إنها اضطرت إلى هذه الحرب بعد ما تصفه بمذبحة السابع من أكتوبر/تشرين الأول، والثاني ستزعم أن الاقتباسات المرفقة بالشكوى التي رفعتها جنوب أفريقيا أخرجت من سياقها، وأن من قالها ليسوا من صناع القرار في إسرائيل، وثالثا إنها تحارب حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على ما اقترفته في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ولا تحارب الشعب الفلسطيني.

وفي السياق نفسه، قالت مراسلة الجزيرة في تل أبيب نجوان سمري إن هناك حالة غضب وتوتر كبير جدا داخل إسرائيل من أي قرار محتمل قد يصدر من محكمة العدل الدولية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: مرافعة جنوب أفریقیا محکمة العدل الدولیة مراسل الجزیرة قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

انتقادات لوقف قناة الجزيرة بالضفة ومطالب للسلطة الفلسطينية بالتراجع

ما إن أعلنت السلطة الفلسطينية قرارها بوقف وتجميد عمل قناة الجزيرة الفضائية في الضفة الغربية حتى توالت ردود الأفعال المستهجنة، فلسطينيا ودوليا ومن مختلف القطاعات الحزبية والمؤسساتية، الرافضة لمثل هذا القرار والذي يتزامن وحرب الإبادة الإسرائيلية في غزة وممارسات الاحتلال القمعية والتهجيرية للفلسطينيين بالضفة الغربية.

وعبر قرار أصدرته ما عرفت بـ"اللجنة الوزارية المختصة" والمكونة من 3 وزارات، هي الداخلية والثقافة والاتصالات، أعلنت السلطة الفلسطينية وقف كافة أعمال قناة الجزيرة ومكتبها في فلسطين، وتجميد عمل كافة العاملين معها والطواقم والقنوات التابعة لها بشكل مؤقت، إلى حين تصويب وضعها القانوني، وذلك بدعوى مخالفة الجزيرة القوانين والأنظمة المعمول بها في فلسطين.

ولم يبرح قرار السلطة الفلسطينية أن ُسلِّم لمكتب قناة الجزيرة في رام الله، لتتصاعد على إثره مواقف الفلسطينيين المنددة بهذه الخطوة باعتبارها تخدم الاحتلال الإسرائيلي وتعيق عمل قناة مثل الجزيرة التي لطالما دافعت عن الفلسطينيين وعززت صمودهم بأرضهم.

وظهرت بالمقابل أصوات، ممن ينخرطون مع السلطة أو يدورون في فلكها، تؤكد أحقيتها باتخاذ هذا القرار لوقف ما تقول إنه "تحريض وفتنة" تبثها القناة.

إعلان إدانة الفصائل

وعلى الصعيد الفصائلي، نددت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالقرار، واعتبرته في بيان، انتهاكا صارخا لحرية الإعلام وسلوكا قمعيا يستهدف تكميم الأفواه، وأكدت عدم قانونية القرار، واعتبرته غير مبرر ومسيئا لمهنة الصحافة. ودعت الحركة السلطة الفلسطينية إلى التراجع عنه فورا.

ومثل حماس، نددت حركة الجهاد الإسلامي بالقرار، واعتبرت في بيان لها أنه قرار نابع من "ذرائع سياسية لا تفيد القضية الفلسطينية في هذا الوقت الحساس والحرج، وأن الفلسطينيين أحوج ما يكونون فيه اليوم إلى صوت مسموع يوصل معاناتهم إلى العالم".

كما اتخذت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين موقفا مماثلا من الرفض لقرار الإغلاق، ورأت في ذلك تعديا على حرية الإعلام، كما اعتبر حزب الشعب الفلسطيني أن قرار الحكومة الفلسطينية "خاطئ من حيث الشكل والمضمون".

ودعا الحزب وسائل الإعلام، بما فيها الجزيرة، "إلى تعزيز خطاب إعلامي يسهم بحماية السلم الأهلي الفلسطيني ومحاصرة تنامي خطاب الكراهية الذي يعمق الاختلافات والتناقضات بالساحة الفلسطينية".

واعتبرت "لجان المقاومة في فلسطين" أن القرار يستكمل دور "العدو الصهيوني من انتهاكات جسيمة بحق الصحفيين والعاملين بالإعلام في فلسطين".

أما الدكتور مصطفى البرغوثي، الأمين العام للمبادرة الوطنية، فقد دعا في بيان مقتضب له، السلطة الفلسطينية للتراجع عن قرار وقف الجزيرة باعتبارها أكثر من يغطي نضال الفلسطينيين ويعرِّي الاحتلال ويكشف جرائمه.

وأكد البرغوثي أن "القرار لا يفيد الشعب الفلسطيني ولا قضيته أو حتى من اتخذ القرار نفسه، وأن الحوار هو الأسلوب الأمثل لمعالجة القضايا الخلافية إن وجدت، حرصا على حرية الرأي والتعبير ومصالح الفلسطينيين".

استنكار المؤسسات الصحفية

وعلى الصعيد الصحفي، رفضت مؤسسات إعلامية القرار، ورأت فيه تعديا على القانون، وأكدت صحيفة الحدث الفلسطيني أن القرار يحمل في طياته تداعيات خطيرة على البيئة الإعلامية في فلسطين، ويعد انتهاكا واضحا لحرية التعبير.

إعلان

وطالبت بإعادة النظر، وبشكل فوري، في القرار بما ينسجم مع المبادئ الدستورية والقوانين الكافلة لحماية الصحافة من أي محاولات للتضييق أو الإقصاء، مؤكدة دور الجزيرة "الكبير" بفضح جرائم الاحتلال وانتهاكاته ضد الفلسطينيين.

أما التجمع الإعلامي الديمقراطي، فرأى في بيان له نشره على موقعه، أن قرار السلطة بوقف الجزيرة سبقه "ترهيب للقناة والعاملين فيها ولكل الأصوات المنادية بوقف ما يجري في جنين"، داعيا السلطة للتراجع عن قرارها.

واستهجنت شبكة قدس الإخبارية قرار وقف قناة الجزيرة بظل تغطيتها الكبيرة والواسعة لما يجري على الساحة الفلسطينية، وأعلنت تضامنها معها، ودعت السلطة للتراجع الفوري عن القرار "التعسفي" ودعت المؤسسات الإعلامية والحقوقية المحلية والدولية لاتخاذ موقف يعزز ذلك.

"كبش فداء"

وأكد هاني المصري، مدير المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية (مسارات)، أن القرار "خاطئ وغير قانوني"، وأن إغلاق الجزيرة سيوسع انتشارها بفلسطين، وأن القرار يدلل على "ضعف موقف السلطة الفلسطينية وسوء أدائها الإعلامي".

واعتبر المصري، عبر صفحته في فيسبوك، أن انتقاد القرار لا يعني عدم وجود ملاحظات على أداء الجزيرة وما وصفه بـ"أخطائها المهنية"، وبالمقابل تدافع السلطة عن نفسها وتبحث عن كبش فداء لتبرير فشلها، مطالبا بفتح حوار مع قناة الجزيرة ومساءلتها وليس إغلاقها.

أما حسن أيوب، المحلل السياسي الفلسطيني، فرأى في ملصق له على فيسبوك أن قرار إغلاق الجزيرة "قفزة في فراغ الإفلاس وفقدان البوصلة، وأن "الجزيرة ليست مسؤولة عن تدهور مناعتنا الوطنية، ولا القرار يمكن له أن يقدم علاجا لما نعيشه من شرذمة واحتراب، ولن يمنع الحرب الحقيقية التي علينا الحشد لها وهي حرب إبادتنا المادية والسياسية التي تشنها إسرائيل".

ورأى أيوب أن القرار سابقة خطيرة تضاف إلى خطوات لا تقل خطورة من شأنها أن تحكم بالإعدام على حرية الرأي والتعبير، والتعددية، وهي من شروط المناعة الوطنية.

إعلان

والرأي ذاته حمله إعلاميون فلسطينيون مثل الإعلامية نور عودة التي قالت إنها لم تتفاجأ بقرار الإغلاق، ولا حملة التحريض التي ساقت المبررات له لوقف الجزيرة، وأن التحايل على القانون هدفه "تكميم الأفواه".

كما اعتبر أيمن المصري أستاذ الإعلام بجامعة النجاح أنه قرار "خاطئ، وأن مقارعة الجزيرة معركة خاسرة".

حسابات الطرف المسيطر

ويقول سعيد أبو معلا، أستاذ الإعلام بالجامعة العربية الأميركية في جنين شمال الضفة الغربية، إن إغلاق قناة بهذا الشكل وبتلك الادعاءات والتهم يعكس بالضرورة حجم الاستقطاب ونوعا من الصراع الحاد في الساحة الفلسطينية، ورغبة من الطرف السياسي المسيطر بتعزيز وجهة نظر واحدة، وسبقت القرار ممارسات قمعية ومنع عمل طاقم الجزيرة.

واعتبر أبو معلا، في حديثه للجزيرة نت، أن من "المعيب" أن تكون وزارة الثقافة جزءا من القرار، وقال "لا يوجد إعلام منزه عن الخطأ، لكن بالمقابل تقوم كثير من وسائل الإعلام الفلسطينية بذلك وتعزز الفتنة والاستقطاب، ولكن لا يتم تناول هذه التجاوزات الخطيرة، بل تكون أحيانا أداة من أدوات تعزيز الاستقطاب السياسي الحاد والمشحون".

ويعكس ما جرى، حسب أبو معلا، مظهرا لأزمة سياسية، ويبرز أن الحل لا يكون بإغلاق وسائل الإعلام وإنما بوضع معايير لعملها وضبطها وفق قواعد وضوابط مدونات السلوك، "ولكن بات من الواضح أنه إذا قدمت الوسيلة الإعلامية تغطية لا تنسجم مع الخطاب السائد ولا مع الرؤية الرسمية يتم نعتها بأنها خارجة عن القانون وتعزز الفتنة".

وأمام ذلك، وبالرغم من دعوتها للجنة الوزارية بوقف قرارها المتعلق بتجميد عمل قناة الجزيرة، ظلت نقابة الصحفيين الفلسطينيين وفي بيان نشر مساء اليوم الخميس، تصر على موقفها بدعوة شبكة الجزيرة لإعلان استعدادها الالتزام بأخلاقيات المهنة والتوقف عن سياسة التحريض.

إعلان

مقالات مشابهة

  • الشغل مقابل الصرف .. زوجة تتقدم بدعوى غريبة أمام محكمة الأسرة
  • هل تدفع الجزيرة ثمن قول ما لا يريد أحد سماعه؟
  • انتقادات لوقف قناة الجزيرة بالضفة ومطالب للسلطة الفلسطينية بالتراجع
  • منظمة حقوقية: قرار إغلاق مكتب الجزيرة في رام الله يخدم الاحتلال
  • قرار جمهوري بالموافقة على اكتتاب مصر في زيادة رأس المال في مؤسسة التمويل الدولية
  • السلطة الفلسطينية توقف بث قناة الجزيرة وتُجمّد أعمالها
  • لجان المقاومة الفلسطينية تدين قرار السلطة الفلسطينية بوقف بث قناة الجزيرة
  • اتهمتها بالتحريض والفتنة..السلطة الفلسطينية توقف قناة الجزيرة في الضفة الغربية
  • القومي للمرأة ينظم اليوم التعريفى الأول لموظفي محكمة جنوب القاهرة
  • عام على قضية الإبادة الجماعية بغزة أمام العدل الدولية.. إلى أين وصلت؟