يناير 11, 2024آخر تحديث: يناير 11, 2024

المستقلة/- ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، أن العلاقات بين تل أبيب ولندن توترت بعد أن فتحت الشرطة البريطانية، المعروفة أيضًا باسم “سكوتلاند يارد”، تحقيقًا في اتهامات بارتكاب إسرائيل جرائم حرب في قطاع غزة

يأتي هذا التحرك في وقت تمثل فيه إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية؛ بسبب شكوى تقدمت بها جنوب أفريقيا، وتتهم الدولة العبرية بارتكاب جرائم حرب بحق الفلسطينيين.

وأكدت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، أن هذه القضية تسببت في توترات دبلوماسية بين إسرائيل وبريطانيا، ودفعت الدولة العبرية إلى التعبير عن سخطها والاحتجاج.

وذكرت الصحيفة العبرية أن “سكوتلاند يارد” قد أطلقت نداءً للشهود الذين يسافرون عبر المطارات في المملكة المتحدة، مطالبة بالإبلاغ عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكب في قطاع غزة.

وعلقت شرطة لندن لافتات في المطارات بالمملكة المتحدة تحمل رسائل باللغة الإنجليزية والعبرية والعربية، كتب عليها “إذا كنت في إسرائيل أو الأراضي الفلسطينية، وتشهد أو كنت ضحية إرهاب أو جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية، بإمكانك الإبلاغ عن ذلك للشرطة البريطانية”.

وتعتبر خطوة “سكوتلاند يارد” بمثابة تطور مهم في الجهود المبذولة لمحاسبة إسرائيل “على جرائمها ضد الفلسطينيين”، وفق مراقبين، وتأتي بعد سنوات من الضغط من قبل النشطاء والحقوقيين والمؤثرين.

وكانت حكومة جنوب إفريقيا، تقدمت في 29 كانون الأول/ ديسمبر، بشكوى إلى محكمة العدل الدولية تتهم فيها إسرائيل بارتكاب أعمال إبادة جماعية تهدف إلى تدمير جزء كبير من السكان الفلسطينيين.

المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

إقرأ أيضاً:

العدالة الانتقالية (2/2)

دائماً ما يثور الجدل حول أولويات تطبيق العدالة الإنتقالية في بلد ما في أعقاب الحرب ، هل العمل على تحقيق الهدوء والاستقرار بعد الحرب أولاً أم محاكمة منتهكي الحقوق ومرتكبي جرائم الحرب؟

علي كل فإن الداعي الأساسي للعدالة الانتقالية هو قدرتها علي ملاحقة المتورطين والتصدي للانتهاكات بكل أنواعها، ومعالجة آثارها ، وهو ما تعجز عنه -أحيانا – العدالة التقليدية.

ورغم حداثة فكرة العدالة الانتقالية نسبياً ، إلا أن عدة دول شهدت أواخر القرن العشرين وبدايات القرن الواحد والعشرين، أحداثاً مؤسفة، مما جعلها تستعين بالعدالة الانتقالية لتجاوز آثار تلك الأحداث ، ومن التجارب التي نتجت عن تطبيق العدالة الانتقالية في تلك الدول تكونت مرجعية دولية واضحة المعالم مثلما حدث في كل من الأرجنتين وتشيلي وجنوب أفريقيا وبيرو و السلفادور وغواتيمالا و الهندوراس والبرازيل وبوليفيا وبارغواي والاكوادور وبنما وكوستاريكا وكولومبيا ورواندا وسيراليون وأوغندا وبولندا والمجر و ليبيا وسوريا مؤخراً، وقد أعطت كل هذه التجارب ثراء في نهج التطبيق للعدالة الانتقالية على أرض الواقع.

والعدالة الانتقالية ليست نوعاً خاصاً من العدالة ، إنما هي مقاربة لتحقيق العدالة بعد فترات حرب أو قمع من أجل إحقاق الحق ، وهي حزمة ترتيبات بغرض تهدئة النفوس مما حدث من جرائم انتهاكات وتهيئتها لمرحلة جديدة ، و تتطلب أيضاً استقلال القضاء لتطبيق القانون وحماية الشهود وحماية إجراءات المحاكمة وإعلانها للجميع ولا توجد فيها حصانة لمجرم ولا تسقط العقوبات في الجرائم ضد الإنسانية أو جرائم الحرب بالتقادم ، وذلك بغرض إعادة الثقة في الأجهزة العدلية والقانون ، وتتطلب أيضا تكوين لجان الحقيقة ولجان تقصي الحقائق ، ولجان المصالحة.

و بالإضافة لما سبق، هناك بعض الدول أخذت بالسرد الشفهي على أساس أن السرد وقول الحقيقة والاعتراف بالجرم من الجاني أداة لمداواة الجراح للضحايا و تحقيق المصالحة على أساس من العفو بين الأطراف ، وهذا في حد ذاته تحدٍ .

لكن التحدي الحقيقي للعدالة الانتقالية يكمن في التطبيق الصحيح والسليم لها وفق تلك التجارب بالأخذ بنتائجها الايجابية والبعد عن القصور أو السلبيات في التطبيق .
لذلك اهتم فقهاء القانون الدولي بتطوير مفهوم العدالة الانتقالية وأقبلوا على البحث بشغف شديد لما له من ألق فكري وجاذبية بحثية ، فظهرت عدة نظريات قديمة وآخرى حديثة ، منها نظرية (جون رولز) صاحب نظرية العدالة، والذي يرى أن العدالة الانتقالية هي القدرة على تأهيل الناس لأجل تجاوز محنة مر بها المجتمع ، وسعي المجتمع والسلطة معا إلى تجاوز هذه المحنة بتدابير سريعة ، بينما (امارتيا صن) وهو ( أمريكي من أصل هندي) أعطى للعدالة الانتقالية رؤية أوسع بقوله “إننا لا نحتاج لنظريات مثالية في تطبيق العدالة الانتقالية بل نحتاج إلى خطط وقوانين وتدابير (ممكنة) وبطريقة موضوعية لتجاوز المحنة”.

نتيجة لهذه النظريات الحديثة أقبلت الدول التي مرت بحروب طاحنة على الأخذ بالعدالة الانتقالية ومبادئها في متون قوانينها وذلك لرد الحقوق وجبر الضرر والتعويض للضحايا ،بل و (دسترة) بعض المبادئ كمبادئ دستورية لقطع الطريق على من يريد العودة للماضي المؤلم ، حدث ذلك في تجربة رواندا حيث تم إجراء اتفاق استدامة السلام والأمن، ولضمان ذلك اتفق على أن يكون المسار الحقيقي للبلاد نحو التعافي من الحرب؛ ونصّ تقرير مفوضية حقوق الإنسان على ضرورة عقاب مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية وسن تشريعات بذلك ، وبناء نصب تذكاري لتخليد ذكرى ضحايا جرائم الإبادة الجماعية التي حدثت ، كما حددت خطة العدالة الانتقالية التي اعتمدت في 2019م معايير مشتركة لعمليات العدالة الانتقالية وتقدم مبادئ توجيهية حول كيفية استخدام الحكومات لهذه العمليات بشكل فعال لمساعدة الدول الأفريقية على تخطي ماض مؤلم .

وقد أكدت التجربة الرواندية على خطة العمل المشتركة للاتحاد الأفريقي على الالتزام المشترك بإدانة ورفض الإفلات من العقاب .

في قارة آسيا كانت تجربة كمبوديا حاضرة باستيلاء الخمير الحمر بزعامة (بول بوت) عام 1975م على السلطة ، حيث قتل حوالي مليون وسبعمائة ألف كمبودي بسبب الجوع والقتل الجماعي الذي ارتكبته هذه الجماعة، وفي العام 2006م قامت محاكم مختلطة مدعومة من الأمم المتحدة بمحاكمة كبار قادة الخمير الحمر لمسؤليتهم عن جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب التي وقعت ووضع قوانين تمنع العودة لمربع العنف والحرب مرة اخرى .

من هذه النماذج يصبح السؤال الذي يطرح حين التطبيق، هل هي عدالة انتقالية أم سياسة انتقالية ؟؟
في كل الأحوال فالفهم الصحيح للعدالة الانتقالية يتبعه تطبيق صحيح حتى يمكن الوصول إلى نتائج مرضية، من حالة الاحتلال إلى الاستقلال ومن حالة الاستبداد إلى الحرية ومن وضع جبر الضرر إلى مرحلة المصالحة وتجانس المجتمع وتهيئة الجميع للعبور لمرحلة البناء والتنمية.

وهذا يقتضي أن تحدث خطوات أساسية
1/ القبض على المتورطين في جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وتوجيه التهم لهم .
2/إعلاء النزاهة ومحاربة الفساد في أجهزة الدولة .
3/الإشراف على إنشاء آليات وطنية للعدالة الانتقالية بغرض العفو والمصالحة وبناء دولة القانون .
4/الإصلاح القانوني والدستوري للدولة وتفعيل الأجهزة العدلية الوطنية.
5/نزع السلاح من المدنيين الذين مروا بتجربة الحرب المريرة .
6/الاهتمام بتقديم رسالة إعلامية وطنية تحمل مبادئ العدالة الانتقالية لتوطيد دعائم و ثوابت المجتمع والدعوة للمصالحة الوطنية والبعد عن العنف و تأجيج الصراعات وإنهاء حالة العداء وانعدام الثقة بين مكونات المجتمع مع الاعتراف بحق الضحايا وتعويضهم .

في كل التجارب الدولية للعدالة الانتقالية كان السعي دائما نحو الوضع المستقر والعمل على بناء المجتمع والدولة معاً وتحقيق التنمية والأمن والأمان ، وطي صفحة الماضي المؤلم .

لكن ،، ماذا عن بلادنا ؟ هل يحتاج السودان (لعدالة انتقالية) بعد فترة الحرب المريرة التي خاضها ويخوضها الجيش والشعب معا ؟
ما شكل ونوع العدالة الانتقالية المطلوبة ، والتي تصلح للسودان وشعبه ؟

في كل الأحوال، لا تبنى الأوطان إلا بأيدي أبنائها ، ولا تضمد جراحها إلا بالسلام والأمن والأمان

.د.إيناس محمد أحمد

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • السر وراء تسمية المتهمين بارتكاب جرائم قتل وحشية بلقب السفاح
  • توتر في غزة.. الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين لا يزال مؤجلا حتى إشعار آخر
  • اعترف بارتكاب 4 جرائم.. قرار عاجل ضد لص مدينة نصر
  • «لصوص المنازل».. ضبط 6 متهمين بارتكاب جرائم سرقات متنوعة بالقاهرة
  • كأس السعودية للخيل| “سكوتلاند يارد” يتألق بلقب كأس طويق
  • العدالة الانتقالية (2/2)
  • مديرية الأمن في حمص تلقي القبض على أحد المتورطين بارتكاب جرائم حرب
  • اعتقال 3 أشخاص بينهم إسرائيلون مُشتبه بهم بتفجيرات تل أبيب
  • باحث سياسي: إسرائيل تستغل تفجيرات تل أبيب لتحقيق أهدافها بالضفة الغربية
  • الشرطة الإسرائيلية: انفجار 3 حافلات للمستوطنين في بات يام قرب تل أبيب