البوابة نيوز:
2024-11-20@16:16:00 GMT

صوت فلسطيني من قلب غزة

تاريخ النشر: 11th, January 2024 GMT

منذ بدء العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة، ودخوله شهره الرابع، يئن سكانه البالغ تعدادهم نحو 2 مليون و300 ألف نسمة، من شتى أنواع المعاناة التي تعجز كلمات هذا المقال فى وصفها، أو حتى تنجح فى التعبير عن حجمها وما يصاحبها من مشاعر القهر والظلم التي لا توصف. وللأسف فشلت وسائل الإعلام المختلفة أو على الأقل تغاضت عن نقل معاناة المواطن الفلسطيني المدنى العادي الذى لا ينتمي لفصيل هذا أو ذاك، المواطن الذي يرغب فى الحياة والعيش فى أمن وسلام، بعيدًا عن ويلات الحروب وأخطار المعارك.

لم يهتم أحد بالمواطن الفلسطيني الذي يريد بناء بيت وتكوين أسرة ترغب فى العيش دون ترهيب وتخويف، حاله كحال أي مواطن آخر يعيش على بقعة من بقاع البسيطة، ولد  ليعيش وليعمر الأرض، ليس فقط ليقاوم حتى يستشهد. نعم المقاومة واجب وطني، لكن الحياة واجب إلهي/ إنساني، العيش فى أمان وهدوء واستقرار حق بشري كفله رب العالمين لعباده الذين خلقهم وأحسن خلقِهم. 
حقيقة الحالة الفلسطينية، هي حالة متفردة عن باقي حالات مقاومة المحتل، كما أن التركيبة الجينية الفلسطينية مختلفة عن أي جينات مقاومة أخرى، ومع ذلك ترغب تلك الجينات فى الحياة والاستمتاع بها كباقي البشر. فلنتخيل شخصًا يبني منزله، ويعمره بالزوجة والبنين والبنات، ويشيد مشروعه الخاص ليكبر وينمو أمام عينيه يومًا بعد يوم، لتأتي لحظة ما، وقرار ما، يهدم كل ذلك ليذهب هباء منثورا، فينهار المنزل ويُقتل الأولاد، ويتدمر المشروع. كم حالة فلسطينية هكذا، كيف يشعرون، كيف يتألمون، كيف يعانون؟ لماذا لا ترفع أصوات هؤلاء الفلسطينيين الذين يرغبون فى العيش على منصات الإعلام المختلفة، وفقط يطلب منهم الصمود والمقاومة فى مواجهة المحتل الغاشم، يطلب منهم الاستشهاد والموت تحت الأنقاض، فقط لتصورهم الكاميرات وهم فى أكفان ونعوش وسط صمت وعمى  دولى، لماذا فقط يموت الفلسطيني والعالم كله يتفرج عليه عبر شاشات التلفاز والكومبيوتر، لماذا فقط الفلسطيني، يشاهد العالم دماره وتشرده، ولا يجد سقفًا ولا لحافًا يستر به نفسه وأولاده سوى عنان السماء والجميع يشاهد ويصمت، ويطالبه فقط بالصمود....يجب أن يصل أصوات هؤلاء الفلسطينيين، الذين فقط يطلبون العيش كباقي البشر، غير محروم من أبسط وأقل إحتياجاته الأساسية، لذا يجب أن نوصل أصواتهم لهذا العالم ليسمع ويرى لعله يعي ويتحرك...صديقي الأستاذ يوسف أبو فهمي، أحد هذه الأصوات الذي يريد أن يسمعه العالم، فبعد أن كان مواطنًا فلسطينيًا ميسور الحال، لديه منزله الدافئ الآمن، وسيارته الجيدة، ووظيفته المحترمة، بات بين ليلة وضحاها نازحًا مشردًا بين المخيمات ينتقل من منطقة لأخرى بأسرته هائمًا على وجهه لا يعرف مصيره، إلى أن أستقرر به الحال فى خيمة بدائية بمدينة رفح، تبعده مترات معدودة عن الحدود المصرية، التي يشاهدها فقط ليطمئن قلبه، ليعاوده الأمل أن يستقر فى منزله المدمر مرة أخرى. أبو فهمي بعث لي برسالة صوتية من رحم المعاناة، يريد أن يصل بصوته إلى العالم ليسمع صراخه وأنينه، ليس هو فقط بل صوت الآلاف من الفلسطينين، ضحايا الحرب والقرارات الخاطئة. 
في البداية يتحدث أبو فهمي وصوته يعلوه نبرات الحزن والبؤس، لم أعتاد سماعها منه، بأنه أضطر منذ أكثر من شهرين إلى مغادرة منزله ومعه ألاف المدنيين الفلسطينيين من مدينة غزة نحو جنوب القطاع بعد تهديدات القصف والإرهاب الإسرائيلي، على أنها مناطق آمنة، وهو ما لم يحدث، وأضاف، واصلنا النزوح مع الألف النازحين إلى أن استقرينا فى خيم إيواء بمدينة رفح نتيجة لحرب ليس لنا فيها ناقة ولا جمل، وأصفًا نفسه بأننا ضحايا الحرب المجنونة بدون أي سبب. 
عن المعاناة التي يعيشها أبو فهمي وأقرانه من الفلسطينيين تتمثل فى فقدان كل شئ، حيث لا يوجد أبسط مقومات الحياة الأساسية، فالكهرباء أصبحت حلمًا بعيد المنال، وتقريبًا نساها الفلسطينيون النازحين منذ السابع من أكتوبر، ووصف وجود المياه فى قطاع غزة بالمأساة، وأن توفير جزء  بسيط من المياة لكي تلبي فقط أدنى متطلبات الأسرة الفلسطينية. ووصف الحال الآن بأن الفلسطينيين لا يملكون سوى الصمود الإجباري، والصبر على الوضع المأسوي، مهاجمًا الإعلام الذي يطالب الفلسطينيين بالصمود، ولا يرى أنهم يموتون من نقص الأدوية والغذاء ومن البرد القارس، خاصة وأنهم فى ذروة فصل الشتاء، فالأطفال والنساء يموتون من شدة البرد ونقص الدواء أو بالأحرى عدم وجود دواء، فضلا عن استغلال البعض فى رفع أسعار الغذاء بشكل غير مسبوق والتي تجاوزت ال20 ضعف عن سعرها الأصلي ليصل كيلو البطاطس على سبيل المثال لأكثر من 150 جنيها مصريا، ولم ينخفض هذا السعر إلا بعد دخول البطاطس المصرية لقطاع غزة، فيما يتم بيع طبق البيض بنحو 12 دولار أي بأكثر من 600 جنيها مصريا. كما أنتقد أبو فهمي موضوع المساعدات الانسانية التي تدخل القطاع، والتي لا تلبي احتياجات 10% منه، ويرى أن مصر والقيادة المصرية ي الوحيدة القادرة على رفع المعاناة والظلم عن الشعب الفلسطيني المقهور. 
وإلى هنا وصلت معاناة صوت فلسطيني مقهور من قلب قطاع غزة، يرغب فى الحياة ولا يريد أن يتحول من نازح إلى مهجر،  وتكرار مأساة 1948، لذا لا سبيل لمنع حدوث ذلك سوى التحرك العربي الجماعي، لوقف الآلة الحربية الإسرائيلية الغاشمة، لإنقاذ ما تبقى من صمود لدى الشعب الفلسطيني المحب للحياة كغيره من الشعوب.
 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: العدوان الإسرائيلي قطاع غزة الحالة الفلسطينية أبو فهمی

إقرأ أيضاً:

انتصارًا لمصرية حسين فهمي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

منذ انطلاق مهرجان القاهرة السينمائي الدولي لم تتوقف حملات التشويه ضده والطعن فى مصرية رئيسه الفنان حسين فهمي؛ بسبب إعلانه أن تأجيل المهرجان العام الماضي وتنظيمه خلال هذا العام جاء تضامنًا مع القضية الفلسطينية وضد العدوان الصهيوني على غزة ولبنان.

عندما يتشح مهرجان القاهرة السينمائي الدولي فى دورته الـ"٤٥" بالعلم الفلسطيني فتلك علامة من علامات مصر أم الدنيا، وتأكيدًا لوعي رئيس المهرجان الفنان القدير حسين فهمي بماهية هويته المصرية.

فى لفتة عكست إدراك القائمين على تنظيم المهرجان بمكانة مصر التاريخية ودورها الحيوي الممتد فى المنطقة عبر آلاف السنين جعلوا من دورته الـ"٤٥" منصة لدعم القضية الفلسطينية والشعب اللبناني ضد جرائم الكيان الصهيوني.

وجاء حفل الافتتاح بمثابة بيان سياسي من طراز رفيع فقد حرص رئيس المهرجان حسين فهمى على تأكيد الموقف الطبيعي والتلقائي الداعم للحق الفلسطيني.

افتتح المهرجان بعرض لفرقة "وطن" للفنون الفلسطينية قدموا خلالها أنشودة "أنا دمي فلسطيني، وكان الفيلم الفلسطيني "أحلام عابرة" أول الأفلام التى يعرضها المهرجان ضمن سلسلة أعمال سينمائية فلسطينية يتم عرضها فى سياق مسابقة خاصة  بإدارة المهرجان.

الصور التى خرجت لنا فى حفل الإفتتاح كانت مبهرة بحق فقد ظهر أغلب الفنانين متشحين بالكوفية الفلسطينية ومتزينين "ببروج" العلم الفلسطيني.

غير أن الصورة الأكثر إبهارا كانت للفنان حسين فهمى وهو يتوسط أعضاء فرقة "وطن" للفنون الفلسطينية.

وتأكيدا على صدق الموقف الوطني والأخلاقي رفضت إدارة المهرجان جميع عروض الرعاية من الشركات المدرجة فى قائمة المقاطعة من قبل الشعوب العربية بحسب ما أعلنه مدير المهرجان الناقد الفني عصام زكريا.

يدرك حسين فهمي ومن معه بأن مثل هذه المواقف هو ما يؤكد على رسوخ الهوية المصرية ويدعم مصادر قوة مصر وامتداد تأثيرها الثقافى والاجتماعى والسياسى فى محيطها الإقليمى؛ إنهم يدركون كم مصر عظيمة وكبيرة وبدون مواقفها الداعم للحق والخير والعدل لا تأثير لها ولا مكان فى نفوس شعوب المنطقة.

هؤلاء الرجال يعرفون جيدا أن هذه المواقف الشجاعة جزء لا يتجزأ من تكوين الهوية المصرية، ومع ذلك كان هذا الموقف سببا لهجوم قطعان ممن يريدون مصر منكفئة على ذاتها منعزلة عن محيطها ومجال نفوذها الحيوي ومصالح أمنها القومي بالمعنى الاستراتيجى والسياسى والاقتصادى والعسكري.

تعرض الفنان الكبير حسين فهمى لحملات طعنت فى مصريته واتهمته بالنفاق لأنه قرر أن يتصدر علم فلسطين مهرجان القاهرة السينمائى.

للأسف تزعم هذه الحملة بعض المنتسبين للتيار الليبرالى والعلماني، ودعاة القومية المصرية المتطرفين الذين يدعون إلى عزلة مصر عن مجالها الحيوى الطبيعى فى الشرق الأوسط، وهو فهم خاطئ ضد معطيات التاريخ والجغرافيا والأخذ به يعنى تقزيم مصر والنظر اليها باعتبارها دولة صغيرة كأى دولة حديثة النشأة لا تاريخ لها ولا حضارة.

بعض المهاجمين كانوا من الذباب الإلكترونى الذى أراد تشويه مهرجان القاهرة السينمائى والتشويش على فعالياته لصالح أحداث أخرى هامشية سعى أصحابها لإبرازها كحدث رئيس عبر استيراد بهرجة عروض الغرب؛ فهناك لا فن ولا سينما عبرت بالوجدان المصرى إلى عقل كل ناطق بالعربية.

ما يهمنا هنا المنتسبين للتيار الليبرالى العلمانى ودعاة القومية المصرية فهؤلاء هم من يهاجمون حركات التحرر الوطنى فى فلسطين ولبنان ولم يستطيعوا الفصل بين الخلاف الأيديولوجي مع بعض هذه الحركات والاعتراف بحقهم المشروع فى الكفاح المسلح ضد المحتل الصهيوني.

هؤلاء أيضا من تبنوا خطاب التيارات السلفية الطائفى فى الهجوم على حركات المقاومة وكأنهم يريدون إشعال حرب مذهبية بين السنى والشيعى فى الشرق الأوسط لصالح العدو الصهيونى.

لا نتهم أحدا منهم بالخيانة أو العمالة لكن خطابهم علمانيون كانوا أو قوميون مصريون أو سلفيون تبنى أجندة دعاية الإرهابى بنيامين نتنياهو.

بقدر حاجتنا الملحة لتجديد موروثنا الدينى ونقده نحتاج إلى تطوير خطابنا السياسى والثقافى والاجتماعى بشكل عام، فشرط انتصارنا فى معركة تجديد الخطاب الدينى يكمن فى تطوير وتنقية الخطاب العلمانى المدنى بأبعاده السياسية والاجتماعية والثقافية والابتعاد به عن أجندات المصالح الغربية ليعى أصحاب هذا التيار أن المطالبة بدولة مدنية ديمقراطية مدنية تفصل بين الدين والسياسة لا يعنى أبدا معاداة حركات التحرر الوطنى فى منطقتنا حتى ولو كانت مرجعياتها الأيديولوجية دينية فذلك مجال آخر للخلاف معها فى سياق زمن السلم وليس فى زمن مقاومة المحتل الغاصب.

وبالطبع جميعنا يعتز بقوميته المصرية لكن ذلك لا يعنى انكفاءنا وعزلتنا ولا ينفى انتماءنا للشرق الأوسط بحكم التأثير السياسى والثقافى المتبادل بيننا وبين شعوبه، وحضارتنا المصرية أصبحت عظيمة لأنها كانت الأقدر على التفاعل ايجابيا أخذا وعطاءا مع باقى الحضارات والثقافات لذلك أنتجت كل ذلك الإرث المعرفي والقيمى والأخلاقى والعلمى والجمالى.

وعندما تراجعت قدراتنا فى عملية التأثير والتأثر توقف انتاجنا المعرفي والأخلاقي ومن ثم تراجعت مساهماتنا فى عملية صناعة الحضارة الحديثة.

نحن بحاجة لتطوير مفهوم القومية المصرية كشرط رئيس لتنقية مفهوم الهوية الذى شوهه الخطاب الدينى ودعاية أفكار الإسلام السياسى التى جعلت من العقيدة الدينية والتى هى شأن خاص الموضوع الأول للهوية والانتماء لتغيب فكرة الوطن.

المشكل الحقيقى أن غالبية المنتسبين للتيارات العلمانية والقومية شأنهم شأن غلاة الاسلاميين يعتقدون فى امتلاكهم الحقيقة المطلقة ويرفضون مراجعة أفكارهم ونقدها فبنيتهم العقلية لا تختلف كثيرا عن العقل السلفي لذلك يخلطون بين الحابل والنابل وفقدوا البوصلة فسقط بعضهم بعلم أوبدون علم فى شرك أجندات مصالح الغرب الصهيونى، وهذا ما يفسر تماهى أفكارهم ومواقفهم مع الدعاية الغربية والصهيونية.

أقول لمن هاجموا حسين فهمى وطعنوا فى مصريته أنه ورفقاءه فى إدارة المهرجان على وعى وإدراك بمصريتهم وأشد تمسكا بقوميتهم وأكثر منكم فهما لليبرالية والعلمانية وأن شئتم فلاحا تأملوا خطابه المنفتح خلال افتتاح المهرجان وكيف بدا معتزا بمصريته منتميا  لمحيطه الإقليمي ودفاعه عن القضية الفلسطينية حيث بوابة مصر الشرقية وكيف كان منفتحا على العالم وما ينتجه من فن وثقافة ومعرفة

وتلك فى الواقع خلاصة مسيرة حياته الفنية والثقافية.

مقالات مشابهة

  • انتصارًا لمصرية حسين فهمي
  • شاهد| مراحل عمليات إسناد اليمن للشعب الفلسطيني واللبناني (المراحل الخمس)
  • حسين فهمي يتحدث لـRT عن تكريم الشعب الفلسطيني في مهرجان القاهرة السينمائي
  • المجتمع الفلسطيني من التعبئة السياسية إلى الاستقطاب.. كتاب جديد
  • إعلام فلسطيني: شهداء ومصابون في قصف إسرائيلي على مخيم النصيرات وسط غزة
  • تضييق وحذف وغلق حسابات.. حرب إلكترونية على المحتوى الفلسطيني
  • إسرائيل تتعمد سلب الفلسطينيين أساسيات الحياة وتستهدف مؤسسات الإغاثة الدولية
  • «القاهرة الإخبارية»: الهلال الأحمر الفلسطيني يتعامل مع إصابة مواطنا برصاص الاحتلال الإسرائيلي
  • صحة غزة: ارتفاع إجمالي الشهداء إلى 43 ألفًا و922 فلسطينيًا
  • إعلام فلسطيني: قصف مدفعي إسرائيلي على مناطق متفرقة من شمال قطاع غزة