تسببت التوترات في جنوب لبنان بين حزب الله، وجيش الاحتلال الإسرائيلي، في تفاقم خسائر لبنان وانعكاس ذلك على الشعب الذي يعاني منذ سنوات من أزمات اجتماعية واقتصادية.

وفي هذا السياق، أكد النائب عن حزب الكتائب اللبنانية إلياس حنوش، أن لبنان تتكبد خسائر حجمها 7 مليون دولار يوميا، جراء "قرارت حزب الله العبثية" مع جره للبنان إلى حرب على الحدود الجنوبية.

وأشار إلياس إلى أن إنشاء حزب الله منصات صواريخ داخل القرى اللبنانية يقود إلى تدميرها جراء قيام إسرائيل بأعمال قصف داخل الأراضي اللبنانية، ضمن تبادل الضربات بين الطرفين.

وأضاف إلياس في تصريحات تلفزيونية، أنه وفقا للأمر الواقع، فإن حزب الله هو من يقرر خوض الحرب، متسائلا، "لماذا حزب الله ينفرد بتلك القرارات؟ فأصبحنا رهائن لأجندة إيرانية ينفذها هذا الحزب متخطيا الدولة والدستور".

وفي سياق متصل، كشف تقرير نشرته قناة "فرانس 24" الفرنسية أن الاقتصاد اللبناني بات على حافة الهوية جراء التصعيد المستمر بين حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلي، منوها إلى جانب الانقسام الشديد بين القوى اللبنانية الرافضة للحرب، وبين حزب الله الذي يخوض تصعيد على الجبهة اللبنانية، فإن أثر الصراع بات واضحا على الخارطة الاقتصادية والاجتماعية للبلد المنهك في الأساس من أزمة اقتصادية على مدار أربعة أعوام.

وينوه التقرير أن العديد من قرى الجنوب باتت خاوية من سكانها، بينما لحق بعضها الدمار جراء تبادل القصف بين إسرائيل وحزب الله، ونتيجة لذلك، نزح عشرات الألاف من القرى والمناطق الجنوبية بحثا عن الملاذ في الشمال أو المدن الكبرى.

وتضررت العديد من القطاعات جراء هذا التصعيد، إذ هجر المزارعين مزارعهم في مناطق الجنوب الخصبة، كما توقفت بشكل كامل قطاع السياحة مع دعوات العديد من الدول لوقف السفر إلى لبنان.

وأشار تقرير نشره البنك الدولي في شهر ديسمبر الماضي، إلى أن غالبية حجوزات السفر إلى لبنان تم إلغاؤها لقضاء العطلة الشتوية، لتشكل ضربة للسياحة المصدر الهام بالعملة الأجنبية للبلد.

وفي نفس السياق، يحذر محللون من أن الاقتصاد قد ينهار تماما إذا ما تحول الصراع الحالي إلى حرب رسمية.

ويتوقع المحللون أن نسبة الفقر في لبنان قد تقفز بشكل كبير، كما ستتراجع قدرة الدولة على الوفاء بالخدمات للمواطنين، موضحين أن تصعيد الصراع في لبنان سيؤدي إلى "تدمير محتمل لما تبقى من بنيته  التحتية، بما في ذلك الموانئ والمطار الذي يمثل شريان الحياة الاقتصادي للبلاد نظرا لاعتمادها الكبير على الشتات اللبناني".

ونقلت شركة طيران الشرق الأوسط اللبنانية خمسا من طائراتها إلى تركيا تحسبا لتفاقم الصراع واستهداف المطارات، كما أوقفت الخطوط الجوية السويسرية الدولية رحلاتها بين سويسرا وبيروت وسط استمرار التوترات.

وقال بات ثاكر، المدير الإقليمي للشرق الأوسط وأفريقيا في وحدة الاستخبارات الاقتصادية، لصحيفة "ذا ناشيونال" الإماراتية الصادرة بالإنجليزية إن "تداعيات تدخل حزب الله في الصراع الحالي ستكون لها عواقب اقتصادية وسياسية مدمرة على لبنان ككل وجنوب لبنان على وجه الخصوص".

ويشير الباحث أن الصراع من الممكن أن يكون له تداعيات طويلة الأمد، فالتصرفات الأحادية لحزب الله، قد تثير مخاوف المستثمرين، والسياح من القدوم إلى البلاد على المدى البعيد.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: خسائر لبنان جنوب لبنان حزب الله حزب الكتائب اللبنانية حزب الله

إقرأ أيضاً:

تحديات تواجه إعادة إعمار ما دمرته إسرائيل في لبنان

البقاع- "قاعدون بالطرقات، لا نستطيع بناء ما دمره العدو الإسرائيلي" بهذه العبارة واجهنا محمد قمر أحد أبناء بلدة سحمر البقاعية وهو يقوم بإزالة ركام منزله الذي سقط بواحدة من الغارات الإسرائيلية، التي قتلت في قريته 51 شخصا، وأوقعت أضرارا كلية وجزئية  بـ600 وحدة سكنية .

وأكد في حديث للجزيرة نت، أن إزالة أنقاض منزله المُدمر تتم على حسابه، وهو الذي يعيش ظروفا اقتصادية صعبة، جراء تهجير دام نحو 3 أشهر، رجع بعدها ليجد بيته وقد سوِّي بالأرض. ويعتقد قمر أن ما يعانيه ينسحب على كل المتضررين في المناطق التي استهدفها العدو الإسرائيلي في لبنان.

ومنذ وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، عاد مليون شخص، حسب ما أعلنه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، إلى مدنهم وقراهم، بعد رحلة تهجير قسرية، بدأت في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وبلغت ذروتها في 23 سبتمبر/أيلول 2024، ليجد الآلاف منهم ممتلكاتهم وقد سويت بالأرض.

وسحمر نموذج يشبه بتفاصيله، مختلف المناطق المتضررة.

ترقب و انتظار

يقول علي موسى من متضرري البقاع الغربي "عُدنا إلى قرانا المنكوبة، لكنهم أوقعونا في حيرة لكثرة اللجان والقرارات بشأن إزالة الأنقاض والتعويض المادي، نحن بأمسّ الحاجة لدور فاعل وسريع للدولة، وللهيئات المعنية، كي تُخرجنا من هذه الكارثة، فحتى اليوم، الناس بلا منازل وبلا تعويضات".

إعلان

وفي حديث للجزيرة نت يتساءل موسى عمن يعوض وكيف؟ الدولة أم البلديات؟ مجلس الجنوب أم جهاد البناء؟

ويوضح "نُرمم على حسابنا ومن ثم يدفعون لنا، أم هم مَنْ يتولى إعادة إعمار ما تهدم؟ يقيّمون الأضرار ويدفعون لنا، ومن ثم نحن نرمم أو نعيد البناء؟ لست أدري، أسئلة كثيرة أطرحها ويطرحها أبناء الجنوب والبقاع  والضاحية الجنوبية".

ويتطابق كلام موسى مع مشاهدات الجزيرة نت الميدانية، حيث باشر أصحاب منازل متضررة جزئيا، ترميمها على نفقتهم، وبقي نحو 70% من المدمّر بحالها، فيما نشطت فرق المجلس البلدي في مجالات فتح الطرق، وتنظيف الساحات، وإصلاح شبكات المياه والكهرباء، بالتعاون مع الإدارات الرسمية.

وفي هذا الإطار، لفت رئيس المجلس البلدي في سحمر أيمن حرب إلى "مواصلة أعمال الكشف على الوحدات السكنية، والصناعية، والتجارية، والخدمية المتضررة في البلدة". وقال في حديث للجزيرة نت "إن فرقا من مجلس الجنوب، وجهاد البناء التابعة لحزب الله، أنجزت ملفات 136 وحدة سكنية، ونحن الآن بصدد البدء بتعبئة استمارات للمتضررة آلياتهم ومزارعهم".

وعن الأهالي الذين باشروا أعمال الترميم على نفقتهم الخاصة، يقول حرب "كل مواطن أتم ترميم أضرار في منزله، أو مؤسسته، يقوم بتعبئة استمارة مرفقة بفواتير، وصور، وفيديو قبل وبعد الترميم، ويرفعها إلى البلدية، التي بدورها تحتفظ بالاستمارة كمستند يحفظ حقه، على أن تدفع له الأموال اللازمة، فور توفرها من الدولة أو الهيئات المانحة".

وأضاف "العبء كبير جدا، والمسؤولية أكبر، خصوصا وأن الخسائر المادية والمعنوية، طالت نحو سبعة آلاف مواطن، من سكان بلدتنا، التي سقط منها 51  شهيدا، وعشرات الجرحى، وطال الدمار البنى التحتية".

وطالب الدولة بتقديم العون بأسرع ما يمكن، مشيرا لحلول فصل الشتاء، ووجود العشرات من دون مأوى مناسب.

ورش خاصة لإزالة الأنقاض في سحمر (الجزيرة) اعتمادات مالية

وغير بعيد من موضوع الإجراءات الإدارية لرفع الأنقاض وإعادة الإعمار، أعلن وزير الأشغال العامة في حكومة تصريف الأعمال علي حمية في أعقاب اجتماع لمجلس الوزراء اللبناني بتاريخ 17 ديسمبر/كانون الأول 2024، موافقة مجلس الوزراء على دفتري الشروط (تلزيم رفع الأنقاض، وتلزيم مسح الأضرار) وتحويل اعتمادات إلى اتحاد بلديات الضاحية، والهيئة العليا للإغاثة، ومجلس الجنوب، بقيمة 900 مليار ليرة لكل جهة، على أن تبدأ عملية رفع الأنقاض ومسح الأضرار في كل لبنان.

إعلان

يقول عضو قيادة الجنوب في حركة أمل محمد الخشن "الحكومة وضعت آلية لإطلاق العمل، وهي تسير وفق القنوات الرسمية، وكلنا يعلم أن الموضوع رهن توفر الأموال للدولة اللبنانية".

وقال للجزيرة نت "إن مجلس الجنوب بعث بفرق متخصصة فور وقف إطلاق النار، وقد أنجزت مسح مئات الوحدات السكنية المتضررة في البقاع الغربي والجنوب خاصة سحمر، وتحتاج لبعض الوقت كي تستكمل عملها في المنطقة".

وأوضح المسؤول أن مجلس الجنوب تولى إجراء مسح للأضرار في الجنوب والبقاع الغربي وراشيا، فيما تولت الهيئة العليا للإغاثة مناطق جبل لبنان والضاحية وبعلبك ومنطقة الشمال.

وأفاد المتحدث ذاته أن مجلس الجنوب دخل إلى كل منزل في سحمر وهو ينتظر تأمين المبالغ المطلوبة للبدء بدفع تعويضات لمستحقيها.

تنظيم عملية التعاون

وانسحب "الإرباك" الحاصل على مستوى التنسيق بين اللجان المعنية، و تساؤلات الأهالي في أكثر من منطقة متضررة، نسبيا، على العلاقة بين الهيئات المعنية ونقابة المهندسين في بيروت والشمال.

يقول أمين سر نقابة المهندسين في بيروت هيثم إسماعيل "إن غياب الرؤية وضعف الإمكانيات المادية، أثّرا سلبا على ملف إعادة الإعمار برمته، مع العلم أن النقابة شكلت لجنة طوارئ في 27 سبتمبر/أيلول الماضي، ووضعت إمكانياتها وخبراتها بتصرف الحكومة والهيئات المعنية"

وكشف في حديث للجزيرة نت، عن بعض الملاحظات مثل عدم استشارة النقابة بشأن موضوع السلامة العامة، أو تحديد الأبنية الآئلة للسقوط، معتبرا أن هذه مهمة المهندسين.

وأضاف في السياق نفسه أن موضوع نقل الردم وسلامة البيئة، ودفاتر الشروط لا وجود للمهندس فيها. وقال "طرحنا هواجسنا في لقاءات مع المعنيين، ومنها اللقاء الذي جمع نقيب المهندسين في  بيروت، ونقيب المهندسين في الشمال مع لجنة الأشغال العامة".

ويرى إسماعيل أنه لا يمكن الحديث عن آلية لدفع التعويضات للمتضررين، أو عن سير عملية إزالة ونقل الردم وغيرها من الأمور الملحة، قبل أن تنتظم عملية التعاون بين الهيئات المعنية بهذا الملف الكبير والثقيل، تمهيدا لانطلاق ورشة عمل متجانسة تأخذ فيها النقابة دورها الطبيعي والريادي، الذي اضطلعت به في محطات سابقة مشابهة.

إعلان

وكانت نقابة المهندسين في بيروت قد أعلنت أن كل الأبنية التي هُدمت بسبب العدوان الإسرائيلي يعاد ترميمها أو بناؤها من دون كُلَف مادية، كما أن مجلس النقابة قرر دفع تعويضات مالية من صندوق النقابة لـ60 مهندسا استشهدوا خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان.

ولحقت بلبنان أضرار بشرية ومادية جراء العدوان الإسرائيلي الذي بدأ في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وتواصل حتى 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، بلغت 3823 شهيدا و15 ألفا و859 جريحا، حسب وزارة الصحة اللبنانية.

وقدرت الخسائر المادية بنحو 11.2 مليار دولار، ودمرت 46 ألف وحدة سكنية بشكل كلي، في حين أن 30 ألف وحدة أخرى تصدعت أجزاء منها مما جعلها غير صالحة للسكن، و45 ألف وحدة سكنية تضررت جزئيا، حسب الدولية للمعلومات.

في حين أصيبت بنى تحتية ومرافق عامة وشبكات مياه وكهرباء بأضرار كبيرة في معظم مدن الجنوب والبقاع وجبل لبنان، خاصة الضاحية الجنوبية.

مقالات مشابهة

  • ياسين استقبل طائرة كويتية محمّلة بمساعدات طبية جمعتها الجالية اللبنانية
  • تخصيص 6 ملايين دولار لدعم اللاجئين بسبب النزاع في السودان بمصر
  • تحديات تواجه إعادة إعمار ما دمرته إسرائيل في لبنان
  • إسرائيل تواصل هدم وجرف المنازل والبساتين في الجنوب اللبناني
  • ‏الدفاع المدني في غزة: 9 قتلى جراء قصف إسرائيلي على مدرسة تؤوي نازحين بحي الدرج
  • الصراع العربي- الإسرائيلي والاقتصادات العالمية (3-3)
  • سامي الجميّل: لإقرار قانون اللامركزية وتحقيق إنماء متوازن على كامل الأراضي اللبنانية
  • «القاهرة الأخبارية»: الاحتلال يواصل انتهاك وقف إطلاق النار والسيادة اللبنانية
  • اللواء أيمن عبد المحسن: إسرائيل تدعي استخدام الطائرات المسيرة لمراقبة حزب الله
  • «القاهرة الإخبارية»: الاحتلال الإسرائيلي ينتهك السيادة اللبنانية