تقرير دولي: تسارع ملموس في جهود التنويع وجذب الاستثمارات في سلطنة عمان
تاريخ النشر: 11th, January 2024 GMT
مبادرات مهمة في بيئة الأعمال:
تطوير وتحديد الفرص المتاحة
الاستثمارات في العديد من الصناعات الجديدة
تسهيل التمويل ووصول القطاع الخاص للائتمان
تقليل كلفة الأعمال بمبادرات منها خفض رسوم الخدمات
توسع في الخدمات الإلكترونية للشركات والمستثمرين
أكد تقرير دولي حول تطورات بيئة الأعمال والاستثمار في سلطنة عمان على التسارع الذي تشهده جهود تنويع الاقتصاد وجذب الاستثمارات للقطاعات المستهدفة ضمن خطة التنمية العاشرة والتقدم في جلب الصناعات الجديدة والتي يتصدرها مشروعات واعدة للطاقة المتجددة وفق توجهات سلطنة عمان نحو التنويع والحد من الاعتماد على عائدات النفط والغاز.
وأوضح التقرير أن ارتفاع أسعار النفط وجهود ضبط الأوضاع المالية أسهما في تحسن الأرصدة المالية والخارجية والمركز المالي لسلطنة عُمان بشكل كبير بدءا من عام 2022، كما حافظ النظام المصرفي على ما يتمتع به من جودة مؤشرات السلامة والمستويات الجيدة من رأس المال والأرباح وانخفاض نسب القروض المتعثرة.
وجاء ذلك في التقرير السنوي الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية حول مناخ الاستثمار في سلطنة عمان، والذي يصدر ضمن التقارير الصادرة عن الوزارة ويجري تحديثها سنويا لاطلاع المستثمرين والشركات على فرص وتطورات وتحديات الاستثمار في مختلف دول العالم.
وأشار التقرير إلى أنه في إطار تنفيذ الخطة الخمسية العاشرة كخطة التنمية الأولى لرؤية عمان المستقبلية 2040، تبدي سلطنة عمان توجها حثيثا نحو تنويع مصادر الدخل وتنشيط القطاعات غير النفطية خاصة الصناعة والخدمات اللوجستية والتقنيات والغاز والصناعات الغذائية والسياحة، ويعزز آفاق الاستثمار والتنويع ما تتمتع به سلطنة عمان من استقرار سياسي وأمني وموقعها الاستراتيجي على مفترق طرق التجارة العالمية للأسواق الإقليمية وشرق أفريقيا وجنوب آسيا، وهو ما يعد الميزة الأكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب، فضلًا عن العديد من مشروعات التنمية والفرص الاستثمارية الواعدة في سلطنة عمان في الموانئ والمناطق الحرة، وعلى الأخص في منطقة الدقم الاقتصادية الخاصة التي تعد المشروع الأكبر من نوعه في سلطنة عمان، وتضم مشروعات مهمة و بنية أساسية متقدمة، كما ترتبط المناطق الصناعية والحرة الأخرى في سلطنة عمان بشبكة متطورة من الطرق والمرافق والخدمات وتوفر حوافز وتسهيلات متعددة للمستثمرين.
وأوضح التقرير أنه تحت قيادة جلالة السلطان المعظم هيثم بن طارق، حفظه الله، تشهد سلطنة عمان جهودا متسارعة لتحسين مناخ الاستثمار وجذب الاستثمارات تحقيقا لأهدافها التنموية والاقتصادية في إطار الرؤية المستقبلية 2040.
ورصد التقرير أهم الجهود والمبادرات الاستثمارية التي شهدتها بيئة الأعمال في سلطنة عمان خلال عام 2023 ومنها تطوير الفرص الاستثمارية والتوسع في الاستثمارات في العديد من الصناعات الجديدة، وتسهيل تمويل المشروعات ووصول القطاع الخاص للائتمان، كما استمرت سلطنة عمان في تقليل كلفة الأعمال بمبادرات منها خفض رسوم الخدمات الحكومية ورسوم السجل التجاري، كما أقر مجلس الوزراء إعفاء الشركات المتناقصة من تقديم التأمين المؤقت كشرط لدخول المناقصات.
وأضاف التقرير أن هذه التطورات تأتي ضمن توجه سلطنة عمان نحو تشجيع وجلب الاستثمارات، وتعد تعزيزا للتقدم الذي تم في بيئة الاستثمار خلال السنوات الماضية لتحقيق مساعي سلطنة عمان في جذب الاستثمارات المباشرة لتعزيز النمو والتنويع، حيث تم تبسيط وتوحيد إجراءات الاستثمار، كما تواصلت جهود تحسين الإطار التنظيمي والتشريعي لتشجيع الاستثمارات، وتم إصدار قانون استثمار رأس المال الأجنبي الذي يسمح بالملكية الأجنبية في غالبية القطاعات، وإلغاء الحد الأدنى من متطلبات رأس المال، وقد مثل القانون خطوة مهمة في تعزيز جاذبية وسهولة الاستثمار في سلطنة عمان، كما تمت مبادرات مهمة لتشجيع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في قطاعات منها العقارات عبر صناديق الاستثمار العقاري التي تعزز تدفقات رأس المال الجديدة إلى قطاع العقارات في سلطنة عمان.
وأضاف التقرير أن جهود تشجيع وتسهيل ترويج الاستثمار تشهد تطورا من خلال توجه متزايد نحو تمهيد الطريق لتأسيس الأعمال ودعم القطاع الخاص، والتوسع في تقديم الاستشارات واطلاع المستثمرين والشركات الأجنبية، ممن لديهم توجه أو خطط للاستثمار في سلطنة عمان، على الفرص المتاحة في سلطنة عمان، ويتم ذلك بناءً على الاحتياجات الخاصة للشركات ووفق مستهدفات القطاعات الرئيسية التي تحددها برامج التنويع الاقتصادي في سلطنة عمان، وفي هذا الإطار، أشار التقرير إلى ملامح التطوير المتواصل في منصة "استثمر في عمان" والتي تجمع الجهات الحكومية في بوابة موحدة لخدمات المستثمرين والشركات في سلطنة عمان، وتتضمن أيضا المعلومات عن سلطنة عمان كوجهة استثمارية، وتتيح تسجيل الأعمال التجارية وإنجاز إجراءات المستثمرين.
وأوضح التقرير أن استمرار نجاح سلطنة عُمان في جذب الاستثمارات ونمو الاقتصاد سيكون مرتبطا في جانب منه على التقدم في إصلاحات وتوازن سوق العمل ومزيد من تسهيل إجراءات الاستثمار وزيادة قدرة سلطنة عمان على دعم تنافسية القطاع الخاص وتقديم الائتمان لهذا القطاع.
وفي سياق التطورات التي تشهدها سلطنة عمان، أوضح التقرير التقدم الذي أحرزته سلطنة عمان في تعزيز التحول نحو الطاقة النظيفة وإزالة الكربون عبر تنفيذ مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح المتجددة على نطاق واسع لإنتاج نسبة جيدة من الكهرباء في عمان من مصادر متجددة بحلول عام 2027، كما حققت سلطنة عمان تقدما كبيرا نحو تطوير صناعة الهيدروجين الأخضر، ومنذ عام 2021 وقعت العديد من الاتفاقيات المهمة لإنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا، وقد تعززت جهود التحول نحو الطاقة المتجددة وخفض الانبعاثات بصدور المرسوم السلطاني بتحديد موعد الوصول للحياد الصفري الكربوني بحلول عام 2050، وإنشاء مركز عمان للاستدامة كجهة معنية بالإشراف والمتابعة لخطط وبرامج الحياد الكربوني في سلطنة عمان، مؤكدا على أن سلطنة عمان كثفت جهودها نحو الحفاظ على البيئة منذ وقت مبكر وتضمن ذلك الانضمام إلى اتفاقية الأمم المتحدة بشأن التنوع البيولوجي منذ عام 1994، وتحافظ على استراتيجية وخطة عمل وطنية للتنوع البيولوجي وتقوم بتحديثها بانتظام.
من جانب آخر، تناول التقرير أيضا تطور علاقات الشراكة والتعاون بين سلطنة عمان والولايات المتحدة والتي تنطلق من الالتزام المشترك بمبادئ الأمن والاستقرار والازدهار مشيرا إلى أن اتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة وعمان التي تم توقيعها في عام 2009 تسهم في توسع مستمر لآفاق الاستثمار والتجارة بين البلدين حيث تتضمن الاتفاقية إعفاء من معظم الرسوم الجمركية وتمنح المستثمرين في كلا البلدين ميزات في تأسيس الأعمال التجارية، وتعد الولايات المتحدة وجهة رئيسية للصادرات غير النفطية من سلطنة عمان، حيث سجل حجم الصادرات غير النفطية من سلطنة عمان للسوق الأمريكية نحو 2.73 مليار دولار في عام 2022، بزيادة قدرها 47 بالمائة مقارنة مع عام 2021. كما تأتي الولايات المتحدة كثاني أكبر مستثمر أجنبي مباشر في سلطنة عمان حتى نهاية الربع الثالث من عام 2022 بحجم استثمارات تبلغ 6.5 مليار دولار، وذلك وفق الإحصائيات التي وردت في نسخة هذا العام من التقرير الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية، كما أوضح التقرير توجه علاقات البلدين نحو مزيد من التعاون الاستراتيجي خلال عام 2023, حيث استضافت سلطنة عمان أول حوار استراتيجي بين البلدين في فبراير 2023، والذي ركز على التعاون في جوانب التعليم والتبادل الثقافي، والتجارة والاستثمار، والطاقة المتجددة.
تعليق الصور المناطق الصناعية والحرة والخاصة تجتذب المستثمرين.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: سلطنة عمان فی فی سلطنة عمان الاستثمار فی القطاع الخاص التقریر أن العدید من رأس المال
إقرأ أيضاً:
الإصلاح المؤسسى هو نقطة البداية
كتبت وقلت كثيرا إن أزمة النقد الأجنبى فى مصر كانت دوما عارضا من عوارض الأزمة الاقتصادية، وأنه لا يمكن حلها إلا بحلول عملية وسريعة وحاسمة لكل ما يواجهنا من تحديات اقتصادية لافتة، وعلى رأسها تحديات التصدير والسياحة والاستثمار.
وفى تصورى، فإن جذب الاستثمارات العالمية والعربية الكبيرة هو الطريق الأمثل لتوفير نقد أجنبى، وخلق فرص عمل، وإحداث تنمية حقيقية ومستدامة، وهو ما يتطلب عملا فعالا فيما يُسمى بالإصلاح المؤسسى، والذى يُهوِّن البعض من أهميته.
إن مصر لديها مقومات مناخ استثمارى عظيم، بدءا من السوق الاستهلاكى الضخم، والمتنوع، ومرورا بالبنية التحتية الكبيرة والمتكاملة والتى شهدت فى السنوات الأخيرة وثبات حقيقية، ووصولا إلى الموقع الجغرافى والعلاقات التجارية التاريخية مع مختلف الأسواق والدول شرقا وغربا وشمالا وجنوبا. إلى جانب توافر كوادر عمل فنية ومهارية متميزة، يُمكن أن تلبى حاجات شركات عالمية من المهارات المؤهلة لتسيير أكبر المشروعات.
ورغم كل ذلك، ورغم وجود إطار تشريعى جيد للاستثمار، فإن المردود فى مجال جذب الاستثمار ما زال ضئيلا جدا، وهناك تباطؤ فى وتيرة المشروعات الاستثمارية العالمية فى مصر، والسبب هو إحجام إجراءات الإصلاح عن المضى قدما فى طريق الإصلاح المؤسسى.
إن هناك خللا مؤسسيا واضحا فى كثير من مقومات الاستثمار، ربما أولها أن منطق الجزر المنعزلة هو المنطق الحاكم لكافة مسارات الاستثمار، فهناك حلول لمشكلات معينة، تمثل فى الوقت نفسه مشاكل لقطاعات أخرى. وللأسف الشديد فإن البيروقراطية الشديدة ما زالت هى الحاكم العام للعمل الحكومى، حتى يومنا هذا، وقد رأينا إدارات عديدة داخل الجهاز الحكومى مَن يملك القرار فيها غير مسئول، والمسئول فيها لا يملك قرارا.
ولا شك أن الخلل الذى شاب قضية المنافسة خلال السنوات الأخيرة، كان خصما واضحا من المؤسسية المفترضة، فقد رأينا كثيرا من منشآت القطاع الخاص تواجه أزمات كبيرة بسبب صعوبة الحصول على تراخيص بناء أو تراخيص تشغيل، بينما تحصل جهات أخرى حكومية على هذه التراخيص خلال بضعة أسابيع.
وإذا قلنا إن دخول الحكومة إلى حلبة الاستثمار كان ضروريا فى وقت ما، وفى ظروف غير معتادة، فإن استمرارها إلى الأبد غير مفيد، لأنه عامل طارد للاستثمار الخاص والأجنبى.
إن المستثمر الأجنبى يوفر فرص عمل جديدة، ويتيح نظم تدريب غير معتادة، ويقدم قيمة مضافة للاقتصاد، ويسدد ضرائب ورسوما عامة، لكن الأهم من ذلك فإنه يحسّن المنافسة ويروج للاستثمار فى مصر عالميا، لأن أفضل ترويج حقيقى للاستثمار فى أى بلد، هى قصص النجاح المتحققة على أرض الواقع.
نحن فى حاجة لازمة لوضع استراتيجيات عملية لتحقيق طفرة كبيرة فى جذب الاستثمارات، خاصة أن صفقة رأس الحكمة فى مارس 2024 أثبتت أن أسرع وسيلة لعلاج أزمات النقد، هو جذب الاستثمارات العالمية الكبرى. والأمر يبدأ بإصلاح مؤسسى مخطط، يوكل تنفيذه للمجلس الأعلى للاستثمار.
وسلام على الأمة المصرية.