الديمقراطية في عصر التحولات.. أركانها وتأثيراتها في عالم متغير
تاريخ النشر: 11th, January 2024 GMT
في عالم يتسارع التغير، يظهر مفهوم الديمقراطية كركيزة أساسية لتنظيم المجتمعات وتوجيهها نحو التقدم والعدالة، ويعتبر الفهم العميق لهذا المفهوم أمرًا حيويًا، حيث يتناول المقال جوانب متعددة من الديمقراطية، من أصل المصطلح إلى مبادئها الأساسية ودورها في بناء مجتمع يعكس إرادة وآراء متنوعة.
مفهوم الديمقراطيةالديمقراطية تمثل نظامًا سياسيًا يقوم على مشاركة المواطنين في صنع القرارات الحكومية، حيث يتم اختيار الحكومة بشكل مباشر أو غير مباشر من قبل الشعب، وتشمل مفاهيمها حقوق المواطنة وحرياتها، وتعزز التوازن بين السلطات وتحقق تحقيق العدالة والمشاركة الشاملة في صنع القرار.
تعود جذور مفهوم الديمقراطية إلى العصور القديمة، حيث نشأت في اليونان القديمة، خاصة في مدينة أثينا، نحو القرن الخامس قبل الميلاد، وكانت هذه التجربة اليونانية أولى تجارب الديمقراطية المعروفة في التاريخ.
تطورت الأفكار حول الديمقراطية خلال العصور، ولكن لم تظهر بشكل مشابه في معظم الثقافات حتى وقت أقرب إلى العصور الحديثة. في القرون الأخيرة، أصبحت الأفكار الديمقراطية جزءًا أساسيًا من العديد من الأنظمة الحكومية حول العالم، وهي مكون رئيسي في العديد من الدساتير والأنظمة السياسية.
الحرية والديمقراطيةالحرية والديمقراطية ترتبطان بشكل لا يتجزأ، حيث تعتبر الحرية أحد القيم الأساسية في أنظمة الحكم الديمقراطي، وفي سياق الديمقراطية، يتيح النظام للمواطنين ممارسة حقوقهم وحرياتهم بحرية، ويمنحهم الفرصة للمشاركة في اتخاذ القرارات الحكومية.
تكمن أهمية هذا الترابط في تحقيق توازن بين الحاكم والمحكوم، حيث يكون الشعب جزءًا فعّالًا في عملية صنع القرار والرقابة على الحكومة، وبموجب هذا التفاعل، يتم تعزيز الحرية الفردية وضمان حقوق الإنسان، مما يؤدي إلى تكوين مجتمع يستند إلى المساواة والعدالة.
"المصالح الوطنية".. أبرز العوامل المؤثرة في السياسة الخارجية مواد ومساقات تخصص العلوم السياسية.. فهم عميق لتفاعلات السياسة وتأثيرها على المجتمع أركان الديمقراطيةأركان الديمقراطية تشمل:
1. المشاركة الشعبية: حيث يشارك المواطنون في صنع القرارات الحكومية عبر عمليات انتخابية أو آليات مشاركة أخرى.
2. سيادة القانون: يعني ذلك أن الجميع، بما في ذلك الحكومة، يخضعون للقانون وليس هناك استثناءات.
3. حقوق الإنسان والحريات الفردية: تكفل الديمقراطية حقوق المواطنين وتحمي حرياتهم الأساسية.
4. التوازن بين السلطات: حيث يتم توزيع السلطات بين السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية لضمان توازن فعّال.
5. الانتخابات الحرة والنزيهة: تمثل الانتخابات وسيلة لاختيار الحكومة بطريقة ديمقراطية، وتكون حرة ونزيهة لضمان تمثيل فعّال لإرادة الشعب.
تجتمع هذه العناصر لتشكل أساس النظم الديمقراطية، التي تهدف إلى إقامة حكم يعكس إرادة الشعب ويحقق العدالة والمشاركة الشاملة.
أنواع الديمقراطيةهناك عدة أنواع من الديمقراطية، ومن بينها:
1. الديمقراطية التمثيلية: حيث يتم انتخاب ممثلين للشعب لاتخاذ القرارات نيابة عنهم، وهي النمط الأكثر شيوعًا في العديد من الأنظمة الديمقراطية.
2. الديمقراطية الاجتماعية: تركز على تحقيق المساواة الاقتصادية والاجتماعية، وتعمل على توفير الفرص المتساوية للجميع.
3. الديمقراطية القاعدية (الأساسية): تشجع على مشاركة المواطنين في صنع القرارات بشكل مباشر دون وساطة ممثلين.
4. الديمقراطية الداخلية (التنظيمية): تطبق داخل هياكل المؤسسات والمنظمات، حيث يشارك الأفراد في اتخاذ القرارات المتعلقة بأنشطتهم.
5. الديمقراطية الثقافية: تعزز التنوع الثقافي وتحترم حقوق الأقليات الثقافية.
ومن الجدير بالذكر، يتنوع تفسير الديمقراطية وتطبيقها حسب الثقافة والسياق السياسي في كل مجتمع.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الديمقراطية مفهوم الديمقراطية تاريخ الديمقراطية فی صنع
إقرأ أيضاً:
«عمّال المنازل».. هل هو قرار واقعي؟!!
بعض القرارات المكتبية تُتخذ دون دراسة، ودون نظر إلى نتائجها وآثارها، ودون تعايش مع اهتمامات المجتمع واحتياجاته، وهي تأتي فقط تلبية لمتطلبات توصيات، أو إرضاء لمنظمات عالمية تحاول أن تفرض أجندتها ورؤيتها على العالم، دون التفات إلى الاختلافات والفروقات والتباينات بين ثقافات الدول، همّها الأول تطبيق معيار واحد تعده مثاليًا على كل دولة، ولذلك تفتقر مثل هذه القرارات إلى الواقعية والمسؤولية والخصوصية المجتمعية.
وتنصب معظم هذه القرارات على الحالات العمالية، وهي تأخذ الحالة الأوروبية كنموذج مثالي للتطبيق، تفرضه على كل المجتمعات ـ أيًّا كان وضعها ـ، متناسية خصوصية المجتمع وتركيبته وثقافته، فهل يُعقل أن وضع سلطنة عُمان الاجتماعي والثقافي يتشابه في حالاته العامة مع مجتمع أوروبي كي نطبق عليه قرارات مشابهة؟! فقط لأننا نريد أن نطبق معايير دولية، أو ننفذ قرارًا أو أجندة منظمة ما، ولأننا نريد أن نُظهر للآخرين مدى التزامنا بقرارات المنظمات العالمية، رغم أن الوضع العام لا يساعد على تطبيق نفس المعايير، ولا يتناسب مع الظروف المعيشة، ولا يلائم واقع الحال.
إن القرارات توضع عادة لخدمة أبناء البلد وتسهيل حياتهم، قبل أن تُفصَّل لخدمة الوافدين وحمايتهم، وتسعى لتمكينهم في المجتمعات المحلية، ولعل اللائحة التنظيمية لـ «عمال المنازل» الجديدة التي أصدرتها وزارة العمل مؤخرًا مثال حيّ وقريب على هذه القرارات التي تتناسى الوضع الاجتماعي والمادي للمجتمع العُماني، وتنحاز بشكل غير مدروس للعاملين في المنازل، وهو قرار يفتقر إلى الواقعية، ويتعامل مع المواطن وكأنه «صندوق حماية اجتماعية للوافد»، رغم ما نعرفه جميعًا من تجاوزات عمال وعاملات المنازل على كفلائهم، وتعديهم عليهم، وخرقهم لكل الأنظمة التي تنظم العلاقة بين الأطراف، ورغم ذلك جاء قرار «عمال المنازل» ليعطي القوة والتمكين للعامل/العاملة، ويسلب كل حق مادي للكفيل، وهو ما يثير علامة استفهام عن آلية اتخاذ القرارات المماثلة التي تُتخذ في بعض المؤسسات الخدمية، والتي يُفترض أن تسعى لخدمة المواطن في المقام الأول وتسهيل حياته، لا أن تعقدها.
وفي كل الأحوال، فأعتقد أن الوضع أصبح «واقع حال»، والتراجع عنه أو حتى تعديله أمر صعب حاليًا أو مستقبلاً، لأن بعض المسؤولين يضعون عينًا على قرارهم أيًّا كانت درجة صوابه، وعينًا على الخارج الذي يعتقدون أنه سيُحسِّن نظرة المنظمات العمالية إلى سجل إنجازاتهم، ولذلك فإن القرار العمالي المشار إليه أصبح نافذًا، وأصبح المواطن الكفيل أمام ضغوط جديدة تجبره على السمع والطاعة، والتعامل بحذر شديد مع عامله أو عاملته الذين جلبهم لخدمته، فوجد نفسه مُجبَرًا على خدمتهم بقرار وزاري غير واقعي، وغير منصف للكفيل.
نحن لسنا ضد تنظيم العلاقة بين عمال المنازل والكفلاء، ولسنا ضد إعطاء كل ذي حق حقه، بل إن وجود قواعد إلزامية تكفل حقوق الطرفين أمر لا جدال فيه، ولكن يجب أن ينظر أي قرار يتم اتخاذه إلى مصلحة المواطن قبل مصلحة الوافد، وأن يكون هناك توازن وواقعية في القرارات التي تنظم حقوق الأطراف، لا أن تنحاز تلك القرارات إلى الوافد على حساب المواطن، وأن تُبنى هذه القرارات على معطيات مدروسة وحقيقية، لا أن تسعى لإرضاء منظمات خارجية دولية لا علاقة لها بالمجتمع وخصوصيته وواقعه.
سؤال أخير.. لماذا لا تُعرض مثل هذه القرارات المصيرية التي تمس صميم حياة المواطن على مجلسي الشورى والدولة كي يُبديا وجهة نظرهما حيالها على أقل تقدير، ويُقرّا ما يخدم الصالح العام، بدلًا من أن يكون القرار وزاريًا أحاديًا؟! فمثل هذه القرارات بعيدة الأثر، والتي تمس كل مواطن، تُتخذ دون أن تمر على المجلسين بحجة أنها قرارات وزارية لا علاقة لهما بها! ولذلك يتحمل متخذ القرار وحده تبعاتها وآثارها، دون أي ضغوط برلمانية تجبره على مراجعة أو إلغاء القرار، ويكون المواطن هو المتضرر في كل الأحوال.