موقع فرنسي: المؤامرة استراتيجية ومربحة في تونس.. وسعيّد يفهم ذلك
تاريخ النشر: 11th, January 2024 GMT
نشر موقع "كونسبيراسي ووتش" تقريرا، تحدث فيه عن استخدام الرئيس التونسي، قيس سعيّد، نظرية المؤامرة بشكل منهجي، حيث أصبحت تهمة "التآمر على أمن الدولة جاهزةً في كل وقت، لمواجهة المعارضين"، وذلك منذ ما وصفه بـ"التحول الاستبدادي عام 2021".
وقال الموقع، في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن "تونس شهدت خلال عام 2023 سلسلة من الاعتقالات، التي طالت المعارضين السياسيين للرئيس التونسي بتهم غامضة.
"روبوكوب تونس"
واستفسر التقرير نفسه: "هل كان من الممكن توقّع مثل هذا الانجراف للوهلة الأولى؟، لا شيء كان يوحي بذلك. ففي عام 2019، انتُخِب الأستاذ الجامعي المتخصص في القانون الدستوري، بشكل خاص، بفضل بروزه كشخص نزيه. وفي الحملة الانتخابية، بدت صرامته الأكاديمية بمثابة درع قويّ ضد الفساد الذي ابتُليت به الحكومات المتعاقبة، لاسيما منذ سقوط زين العابدين بن علي خلال عام 2011".
وأشار الموقع إلى أن "قيس سعيّد، يدين بسمعته إلى الربيع العربي الذي ساعده على فرض نفسه ضمن الشخصيات المهمة في تونس. لكن وإن جعل مكافحة الفساد جوهر التزامه ووضعها في قلب برنامجه الانتخابي، إلا أن رجل القانون فضّل الأسلوب الشعبوي الذي أثار منذ ذلك الحين التساؤلات".
وتابع: "في عام 2013، بعد اغتيال محمد البراهمي، النائب المنتخب خلال أول انتخابات حرة في تونس منذ الاستقلال في عام 1956، ذهب قيس سعيد إلى المستشفى حيث يرقد رفات السياسي، وكانت الصحافة حاضرة فقال أمام الكاميرا: ليرحلوا كلهم بمعارضتهم، بأغلبيّتهم!؛ لينتشر المقطع بسرعة مثل النار في الهشيم".
وذكر الموقع، أن "قيس سعيّد، عمل بصبرٍ على بناء شهرته عبر مختلف المنابر الإعلامية. بدعوته بانتظام للتعليق على الأحداث الجارية، حيث اكتسب شعبيةً من خلال عرض صورة الأكاديميّ المقرّب من "الشعب" الذي يريد، وذلك بحسب تعبيره، من أجل إعادة السلطة إليه".
وفي عام 2016، زار رفقة تنسيقيات شبابية تُعرف باسم "حركة مؤسّسون" مختلف مناطق تونس للقاء الطبقات العاملة وخاصة في الريف. وبعد ثلاث سنوات، فاز قيس سعيّد، بالانتخابات الرئاسية، فيما كان منافسه نبيل القروي، مسجونًا بتهمة تبييض الأموال والتهرب الضريبي، ما جعل أستاذ القانون مدافعًا عن صورة الأب، من خلفيّة متواضعة، وصل إلى قمة السلطة بالجدارة.
وأورد الموقع أن "قيس سعيّد، الملقب بـ "روبوكوب" بسبب أسلوب حديثه الرتيب، الذي فاز بنسبة 72 بالمئة من الأصوات، يحظى بشعبيّة خاصة بين الخريجين الشباب، فهو يتحدّث اللغة العربية الفصحى التي لا تشوبها شائبة، كما أنه رمز ثقافي مهم من حيث تصوّره للدول الأجنبية. وتأكيدًا لتمسّكه بالقيم المحافظة والإسلام؛ حتى لو كان يعارض إدراج الشريعة في الدستور".
وأشار الموقع نفسه، إلى أن "قيس سعيد، ينتقد القومية العربية، ما يعتبره إمبريالية القوى الغربية على المجتمع. وفي مقابلة أجرِيَت معه عام 2019 في مجلة "الشارع المغاربي"، أكد على سبيل المثال دون مزيد من التفاصيل أن: التعبير العلني عن المثلية الجنسية يتم تشجيعه من قبل الأطراف الأجنبية التي تموّله".
"تغيير التركيبة الديموغرافية لتونس"
أشار الموقع إلى أن هذا التوجه لاستهداف العدو دون تسميته، هو أمر متكرر لدى قيس سعيّد، ويتزايد طوال فترة ولايته التي تخللتها اضطرابات وتعديلات وزاريّة متواصلة. في هذا السياق، يحافظ الرئيس، على مناخ من عدم الثقة بينما يثبت نفسه باعتباره الرجل الوحيد القادر على مواجهة التهديدات التي تواجه تونس".
وأردف بأنه "خير دليل على ذلك، إدارته للأزمة الصحية في تموز/ يوليو 2021 التي تؤكد تحوله الاستبدادي. ففي 20 تموز/ يوليو، تحوّل يوم مفتوح للتطعيم ضد كوفيد-19 إلى أعمال شغب، ورد قيس سعيّد في اليوم التالي لقناة العربية السعودية بقول إن: هذا التجمع هو عملية مدبرة من قبل أشخاص نافذين داخل النظام السياسي هدفهم ليس تلقي التطعيم بل نشر العدوى".
وذكر الموقع أن "الفوضى الناجمة عن جائحة كوفيد-19 والوضع الاقتصادي المقلق في البلاد، حيث يثقل الدين بشكل كبير كاهل الحسابات العامة، ساهما في خلق سياق مناسب للتحول الاستبدادي. في أيام قليلة توالت الأحداث: في 25 تموز/ يوليو 2021، الموافق لعيد الجمهورية، استحضر قيس سعيّد الفصل 80 من دستور 2014 الذي يقول إنه يسمح له بإقالة رئيس وزرائه وتجميد أنشطة البرلمان التونسي، ومنح الرئيس كل الصلاحيات لنفسه".
وأصدر دستورًا جديدًا، يضع حدًّا لعشر سنوات من الركود الديمقراطي الذي أعقب سقوط بن علي. ومنذ ما لا يتردد خصومه في تسميته بـ "الانقلاب"، سيطر قيس سعيد بشكل كامل على المؤسسات التونسية، بما في ذلك القضاء، وتتزايد الاعتقالات بتهمة "التآمر على أمن الدولة"، لتصبح تونس تحت سيطرته في أقل من سنتين.
وأكد الموقع، أن "استخدام قيس سعيّد المتكرر لِلخطاب التآمري هو جزء كامل من هذه الإدارة الاستبدادية للبلاد، كما لو كان الأمر يتعلق بالحفاظ على مناخ من التوتر الدائم. ففي شباط/ فبراير 2023، قال فيما يتعلق بموجات الهجرة من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى إن: الخونة الذين يعملون لصالح الدول الأجنبية والمصالح الخفية يستهدفون الدولة.
وأشار: "أما بالنسبة لمسألة الأفارقة فهم يريدون تغيير التركيبة الديمغرافية لتونس. كل هذا مدبّر ودفعوا ثمنه كما دفعوا في مناطق أخرى للاعتداء على الدولة والشعب التونسي وهويته. وفي الصيف التالي، تركت قوات الأمن التونسية مئات المهاجرين في الصحراء الليبية. وبعد إعلان فزاعة "الاستبدال الكبير"، يطبق سعيّد السياسة الناتجة على أرض الواقع".
وأكد أنه: "باعتباره رئيس دولة لا تعترف بإسرائيل، من الواضح أن قيس سعيّد لا يتردد في التغني بالنغمة القديمة المبتذلة لـ"المؤامرة الصهيونية". ففي أيلول/ سبتمبر 2023، ومع ضرب العاصفة "دانيال" ليبيا المجاورة، اعتبر الرئيس التونسي أن إطلاق اسم نبيّ يهوديّ على العاصفة يوضح حجم اختراق الحركة الصهيونية للعقول بشكل كامل".
وحسب صحيفة "لوفيغارو"، لم تكن هذه المرة الأولى التي يَزل فيها لسانه فقد سبق أن قال في مقطع فيديو نُشر على فيسبوك إن: اليهود هم سبب عدم استقرار البلاد. لكن في أيار/ مايو 2023، وبعد الهجوم الذي استهدف الحج اليهودي السنوي في الغريبة في جربة، الذي خلّف 5 قتلى منهم اثنان يهود ونحو عشرة جرحى رفض سعيّد بقوة الطبيعة المعادية للسامية للهجوم، دون أن يتردد في اتهام "الأطراف الأجنبية التي تطلق الاتهامات بمعاداة السامية بتزوير الحقائق ونشر الأكاذيب والتآمر على الدولة وتعريض السّلم الاجتماعي للخطر".
وشدّد الموقع على أن استراتيجية "المؤامرة" مربحة إذا أردنا أن نصدق استطلاعات الرأي. ففي حزيران/ يونيو 2023، كشف استطلاع أجرته شركة "إيمرود كونسلتنغ" عن آراء إيجابية عن قيس سعيّد بأكثر من 50 بالمئة. وهذا يعني أنه في حال إجراء انتخابات رئاسية، قد يحصل على 70 بالمئة من نوايا التصويت في الجولة الأولى حيث سيدعى التونسيون للتوجّه إلى صناديق الاقتراع في تشرين الأول/ أكتوبر المقبل.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية التونسي الحملة الانتخابية قيس سعيد تونس الحملة الانتخابية قيس سعيد سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قیس سعی د فی عام
إقرأ أيضاً:
غزة بين فكي المؤامرة الدولية
تتعرض غزة لمؤامرة كبيرة من قبل المجتمع الدولي، ومن قبل الصهيونية العالمية ومن قبل النظام العالمي، ولا أستبعد حركة الإخوان من الضلوع في تفاصيل المؤامرة بحكم التداخل في تنفيذ المهام التي كشفت عنها وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون في مذكراتها، ففكرة الربيع العربي التي حملها الإخوان مطلع العقد الثاني من الألفية الجديدة، كانت بالتواطؤ مع البيت الأبيض أملا في التفرد في حكم المنطقة العربية، ويبدو أن الغباء السياسي سمة لازمة للإخوان فقد انساقوا وراء المطامع دون إدراك لمكر الصهيونية العالمية إلى درجة تكرار التجربة في سوريا .
كتبت في مقالات سابقة عن طموح اليهود في إنشاء قناة بن غوريون وقلت أن ما يحدث في غزة اليوم لا يكاد ينفك عن هذا الطموح الذي تعثر تحقيقه منذ أكثر من نصف قرن من الزمان فقال المتحذلقون الذين خاضوا نقاشا جانبيا معي أنني أجانب الحقيقة وأحوم في عوالم التنظير، وها هي الأيام تقول لهم الحقيقة ناصعة البياض دون لبس أو غموض، فالرئيس الأمريكي ترامب يعلنها بدون زيف أو تضليل بضرورة توطين سكان غزة في مصر وفي الأردن .
فكرة توطين سكان قطاع غزة في سيناء وفي الضفة الغربية مشروع صهيوني معلن ضمن خطط واستراتيجيات صهيونية وأمريكية، وليس فكرة طارئة أملتها نتائج الحرب على قطاع غزة، ولذلك كانت إسرائيل تنتهج فكرة الأرض المحروقة، فقد دمرت كل شيء في غزة ولم تبق ولم تذر، حتى تصبح غزة مكانا غير قابل للعيش، لفناء مقومات الحياة فيها، من مساكن، وخدمات، وغيرها من مقومات الحياة، فقد أصبحت غزة أرضا صفصفا تنعق فيها الغربان، ومؤشرات الواقع السياسي تقول أن اليهود مستمرون في معركتهم حتى بلوغ الأهداف التي رسمتها الاستراتيجيات، ولم يكن ترامب سوى الصوت الذي يقفز إلى النتائج بدون مقدماتها المنطقية التي نقرأ بعض تفاصيلها في المواقف المتباينة من تصريحات ترامب .
مصر سوف تقبل فكرة التهجير تحت وطأة التحديات الاقتصادية، والأردن سوف تقبل توطين سكان غزة في الضفة تحت وطأة التحديات الاقتصادية، ذلك أن مصر والأردن خاضعتين لشروط المساعدات التي تقدمها أمريكا بشكل مستمر للدولتين، وثمة معطيات اقتصادية في واقع الدولتين ينذر بملامح أزمات اجتماعية واقتصادية في مصر والأردن، وستكون الأنظمة خاضعة ذليلة لمقتضيات الحاجة، كما أن فكرة إعمار غزة، وعودة الخدمات فيها لن يتحقق في القريب المنظور، كون الإعمار في غزة يرتبط بالأهداف الاستراتيجية الدولية خاصة مع بزوغ الصين وخوضها غمار المنافسة في محال الذكاء الصناعي وإطلاقها تطبيقا متطورا كبد الشركات الأمريكية خسائر فادحة لم تدر لها في خلد خلال سالف الأيام .
فكرة اتفاق الهدنة في غزة لن يكون سوى استراحة محارب، يتم خلاله تخفيف الضغط واستعادة الأسرى من يد المقاومة، والشروع في ترتيب المرحلة القادمة التي لن تقل عنفا وتوحشا عن المرحلة السابقة، بعد أن استطاعت إسرائيل تحييد الكثير من عوامل الضغط السياسي، والعسكري المقاوم، التي تضمن لها حرية تنفيذ المهام المتبقية بشكل أفضل مما كان عليه الحال قبل الهدنة، حيث تآزرت القوى السياسية والعسكرية وعملت على الحد منها، بعد انطلاق الطوفان وخلاله، ويبدو أن مسرح الأحداث أصبح اليوم أكثر استجابة لمطامع الصهيونية في تحقيق فكرة قناة بن غوريون التي سنرى خلال قابل الأيام الحديث عنها بشكل أكثر وضوحا وبيانا من ذي قبل، فالحلم القديم مازال يتجدد .
ومشروع ابراهام الذي بدأه ترامب عام 2020م وتوقف في زمن الرئيس بايدن سيعود للواجهة خلال قادم الأيام، وتسعى إسرائيل من خلاله “إلى ترتيب علاقتها بمنطقة الشرق الأوسط، بالعموم، والخليج العربي على وجه الخصوص، انطلاقا من مؤشرات عدة لإمكانية القبول بها على أرضية تحقيق سلام شامل فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، فقد شكلت مبادرة السلام العربية التي طرحها ولي عهد المملكة العربية السعودية، الأمير عبد الله بن عبد العزيز، في القمة العربية في بيروت آذار/مارس2002، وأقرتها القمة في حينه، مرتكزًا أساسيًا نحو تطلعات الدول العربية في عمومها ودول الخليج العربي بشكل خاص لإمكانية انفتاح العلاقات مع إسرائيل، إذ جاء إعلان المبادرة في حينه ضمن الرؤية العربية القائمة على تحقيق السلام العادل والشامل كخيار استراتيجي للدول العربي .
ففي كتاب بعنوان: “مخطط استراتيجي للساحة الإسرائيلية الفلسطينية” الصادر عن معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب، يطرح المؤلفون، المرتكزات التي يقوم عليها مشروع الدولة اليهودية الذي تحاول إسرائيل تثبيته حتى في ظل غياب شريك فلسطيني أو تفاهم فلسطيني إسرائيلي على قضايا الحل النهائي، والمخطط الإسرائيلي، يقوم في بعده الاستراتيجي، على خلق حالة من الهدوء العام لفترة طويلة تصل فيما بعد لشكل من التفاهمات على مستوى دولي وإقليمي وعربي، خصوصا تلك الدول العربية التي يطلق عليها بـ”البراغماتية”. وهو ما قد يفسر شكل وطبيعة التحركات التي عملت عليها إسرائيل في السنوات الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط ” . (من بحث لسليمان بشارات منشور في موقع مركز يبوس للدراسات ) .
ويبدو أن إسرائيل ماضية في تحقيق أهدافها، ومازال العرب في غفلة فكهين دون أن يكون لهم موقف مما يحدث في فلسطين وفي غزة إن لم نقل أن بعض الأنظمة البراغماتية تنساق في مشروع التآمر على فلسطين وعلى غزة التي أصبحت بين فكي التخاذل العربي والتآمر الدولي .