الأرابيسك.. الفن والإبداع يبحث عن طوق نجاة
تاريخ النشر: 11th, January 2024 GMT
اشتهرت مصر على مدى تاريخها بفنونها التراثية وصناعها المهرة الذين أبدعوا فى مجالات عدة منها الخيامية والأرابيسك والزجاج المعشق والتطعيم بالصدف والخزف والفخار والسجاد اليدوى والطرق على النحاس وغيرها.
وأدت متغيرات الحياة إلى ضعف أغلب الحرف اليدوية التقليدية فى المدن والقرى، وإلى تعرض بعضها للاندثار، ليس فى مصر وحدها، بل فى كل دول العالم التى شهدت تقدماً فى مظاهر الحياة المدنية وتبعاً للتغيرات الاقتصادية والاجتماعية التى اجتاحت العالم، وحدثت تغييرات عميقة فى سلوكيات وحاجات الأفراد وأنماط الاستهلاك، فقد انحسر العمل فى قطاع الصناعات اليدوية، وتم الانتقال إلى مرحلة التصنيع الآلى، حيث تشهد منتجات الصناعات اليدوية فى العالم اليوم تنافساً شديداً من جانب السلع المصنعة باستخدام الآلات، ويرجع ذلك إلى أسباب منها القدرات الإنتاجية العالية للآلات أو إدخال التقنيات الحديثة، إضافة إلى اكتشاف مواد خام جديدة بديلة واستخدامها كبديل للخامات المحلية، فضلاً عن زيادة تفضيل بعض المستهلكين للسلع أو المنتجات المصنعة آلياً.
وعلى رأس الحرف التراثية يأتى الأرابيسك الذى عرفه المصريون فى العصر الفاطمى، ووقتها أجبر الفاطميون المصريين على استخدام الخشب فى صنع الأسلحة والمعدات العسكرية، وتم إرسال ما تبقى من الخشب إلى الحرفيين والنجارين، الذين يقومون بعد ذلك بتحويله إلى أشكال هندسية.
كانت القفزة الكبيرة فى تطور تلك الحرفة كان فى العصر العباسى، وهو العصر الذى مهد فيه العلم الطريق لزيادة المعرفة بالأشكال الهندسية والحسابية، واستخدم الفنانون العرب الأنماط المتاحة بسهولة بطرق فريدة مناسبة لأساسيات الفن الإسلامى، وفى القرن التاسع عشر، تجاوز الأرابيسك حدود مصر ووصل إلى الأستانة عاصمة الخلافة العثمانية، وكلف السلاطين العثمانيون صناع الأرابيسك المصريين بتزيين منازلهم وقصورهم فى إسطنبول.
ويستخدم الحرفيون المصريون أجود أنواع الأخشاب وخشب الكافور وخشب الصندل فى صناعة قطع الأرابيسك، وتزيين الأعمدة، والمنابر، والمشربيات، وهى نوافذ وهمية تسمح لمن بداخلها برؤية الخارج دون رؤيتهم، إضافة إلى النوافذ والأبواب.
ويقول طلعت إبراهيم، وشهرته «طلعت أرابيسك»، موظف ترميم للأرابيسك فى وزارة الآثار: الأرابيسك حرفة تتوارثها الأجيال جيلاً بعد جيل، وكما تعلمتها من آبائى وأجدادى علمتها لأبنائى الثلاثة، وعلمتها أيضاً لكثير من الأشخاص الذين صاروا أصحاب ورش للأرابيسك.
وأضاف: أن الطلب على الأرابيسك انخفض نتيجة دخول النجارة المودرن والأستيل فكثير من الناس اتجهت لهذه النجارة.
وتابع: «الكثير من الحرف التراثية ما زالت موجودة مثل النجارة العربى والخرط العربى والنحاس والصدف والخيامية والسجاد اليدوى، والحكومة المصرية منذ فترة تقوم بدور قوى لحماية الحرف التراثية وإقامة معارض للحرف التراثية مثل معارض تراثنا، كما تقدم الحكومة مساعدات للورش الصغيرة».
وأكد «طلعت» أن الأرابيسك فن راقٍ لما له من زخارف عربية، شديدة الروعة والبراعة، وبألوان غاية فى الجمال، ما يعطى شعوراً بالراحة والهدوء والسكينة، وقد وصفت تلك الزخرفة أنها لغة الفن الإسلامى، وقد تم عمل تلك النقوش الجميلة على المساجد والقصور والقباب، وعلى الخشب بأشكال هندسية مبهرة، وهو فن عربى أصيل، عبارة عن نماذج للتزيين معقدة لما بها من زخاف.
وأوضح أن هذا الفن لا يحتاج سوى يد فنان عاشق للأرابيسك، وبعض الأدوات البسيطة، منها المنشار اليدوى والزردية وقاعدة خشب وشاكوش ومادة الغراء، ومع ذلك يتطلب العمل مجهوداً كبيراً، لأننا نقوم برسم التصميم على الورق، ثم نقوم بتنفيذه على أرض الواقع، لأنه لا مجال للخطأ فى الخشب حين يتم قص الشكل وتفريغه.
وقال: شغل الأرابيسك يضم أكثر من حرفة تشترك فى عمل قطعة واحدة، مؤكداً أن كلمة أرابيسك هى كلمة مجمعة لكل الحرف التراثية، فكل ما هو متشابك كان يسمى أرابيسك حتى الرسومات الهندسية منها، وأضاف: «قطعة الأرابيسك الواحدة يشترك فيها صنايعية من سبع حرف».
وأوضح أن ارتفاع أسعار الخامات أحد أسباب الركود التى يواجهها الأرابيسك، وقال: الخامات فى ارتفاع مستمر، وأصحاب الصنعة أجرة الإيد زى ما هى لم ترتفع منذ سنوات، فالغالبية من الصنايعية لم يرفعوا أجرة أيديهم لكى يظل شغال، لأنه فى حال رفع سعر يده وارتفاع الخامات لن يأتى أحد لطلب شغل الأرابيسك، كما أن من يعمل فى تلك المهنة يكون قد أحبها لكونها مهنة تعتمد على الفن والصبر، مضيفاً أن اندثار هذه المهنة سوف يكون له عامل قوى على ضياع التراث المصرى الذى هو موجود فى المتاحف الأثرية، متسائلاً: من الذى سيرمم هذه الآثار إذا اندثرت حرفة الأرابيسك؟
وأوضح أن مصر لم تصدر منتجات الأرابيسك، ولكنه فى الفترة الأخيرة تم عرض شغل أرابيسك لسلطنة عمان.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الارابيسك الفن والإبداع طوق نجاة مصر مجالات عدة العالم اليوم
إقرأ أيضاً:
التصديري يؤكد أهمية التنسيق لدعم الحرف اليدوية وزيادة الصادرات
عقد المجلس التصديري للصناعات والحرف اليدوية، برئاسة هشامهشام العيسوي، أول اجتماع له، بعد تشكيله الجديد لمناقشة خطة العمل للدورة الحالية، حيث رحب العيسوي بأعضاء المجلس وقدم لهم التهنئة على انطلاق الدورة الجديدة.
واستعرض المجلس خلال الاجتماع أبرز ملامح خطته الاستراتيجية للسنوات المقبلة، والتي تركز على تعزيز صادرات الصناعات والحرف اليدوية المصرية وفتح أسواق جديدة، بما يتماشى مع التوجهات الوطنية نحو زيادة معدلات النمو ورفع قيمة الصادرات المصرية، مع التركيز بشكل خاص على السوق الأفريقية.
وأكد العيسوي أن المجلس يعد من المجالس التي أنشأت حديثاً ويحظي باهتمام خاص من الحكومة خاصة أن قطاع الحرف اليدوية من القطاعات المحققة زيادة في الصادرات خلال العام الجاري بالرغم من كافة التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي، لافتاً إلي أن المجلس يهدف إلى دعم الصناعات والحرف اليدوية المصرية وتطويرها لتصل إلى الأسواق العالمية.
وأضاف أن المجلس ناقش أهمية رفع كفاءة المنتجين المحليين من خلال التدريب ودعم الابتكار في التصميم والجودة، بما يساهم في تقديم منتجات مصرية ذات قيمة مضافة عالية، قادرة على المنافسة العالمية.
وأوضح العيسوي أن المجلس يسعى لتطوير منظومة الصناعات اليدوية عبر التعاون مع الجهات الحكومية والخاصة، إضافةً إلى التركيز على استخدام التكنولوجيا الحديثة لتحسين جودة الإنتاج وزيادة تنافسية المنتجات المصرية في الأسواق العالمية.
المنوفي: ضرورة التنسيق بين القطاع المصرفي والتجار لضمان تلبية احتياجات السوق من العملات الأجنبية مطالب بسرعة تنفيذ مبادرة تمويل القطاع الفندقي بقيمة 50 مليار جنيهوأشار إلى أن المجلس سيعتمد على دراسات شاملة للأسواق المستهدفة قبل بدء التصدير، لضمان فهم احتياجات ومتطلبات كل سوق على حدة، مما يعزز القدرة على تلبية أذواق المستهلكين العالميين وزيادة كفاءة المنتجات المصرية.
كما أشار إلى أن تقارير التصدير السابقة أظهرت أن الدول العربية تعد من أبرز المستوردين للمنتجات المصرية، مما يمثل قاعدة قوية للتوسع المستقبلي.
وأعرب عن التزام المجلس بالتركيز على السوق الأفريقية، بما يتماشى مع توجهات الدولة لتعزيز التعاون الاقتصادي مع دول القارة، إضافةً إلى تعزيز الحضور في السوق الأوروبية لفتح آفاق جديدة للمنتجات المصرية.
وأكد أن هذه الخطط تعكس رؤية المجلس لتعزيز دور قطاع الصناعات والحرف اليدوية في دعم الاقتصاد الوطني من خلال التركيز على الجودة والابتكار.
وأكد على الدور المحوري للمجلس في متابعة وتطوير قطاع الحرف اليدوية في مصر، مشيرًا إلى أن التنسيق الفعال بين جميع الأطراف المعنية يعد الأساس لتحقيق الأهداف الوطنية وزيادة صادرات القطاع.
وتابع: " نحن نؤمن بأن التعاون المشترك بين الجهات الحكومية والخاصة يسهم بشكل كبير في توحيد الرؤى وتوظيف الموارد بشكل أمثل، متابعاً : "إن التنسيق مع المجلس التصديري يعد خطوة أساسية لضمان رفع كفاءة الصادرات وتوسيع الأسواق المستهدفة، في ضوء اهتمام القيادة السياسية بزيادة وتعظيم الصادرات المصرية، من الضروري أن تكون الجهود المبذولة من جميع الجهات داعمة ومتناسقة، حيث إن أي جهود غير منسقة قد تؤثر سلبًا على معدلات التصدير."
حضر الاجتماع أعضاء مجلس إدارة المجلس، ومن بينهم دنيا السادات (شركة Leaves & CO)، وياسمين فهمي (شركة ياسمين فهمي للمشغولات المعدنية)، ونهلة عبد الناصر (شركة إيلي هوم Elly)، ومحمد سامي (شركة ميزون سامي)، وهند رياض (شركة ريفورم ستوديو)، وتسنيم عمر (شركة Tresor)، وشويكار الغرابلي (شركة Shewwkar)، وعلا حمدي (شركة Agoola).
وأكد الأعضاء التزامهم بالتواصل مع خبراء الصناعات اليدوية وأساتذة الجامعات للحصول على رؤاهم حول تطوير القطاع وتعزيز أدائه، مشددين على ضرورة تضافر الجهود للارتقاء بالمنتجات المصرية وزيادة مساهمتها في الاقتصاد الوطني.