مع مرور أكثر من عشرة أيام على بداية العام الجديد، لم تظهر في الأفق أيّ مؤشرات للحراك "الموعود" على خط ملف استحقاق رئاسة الجمهورية، بعد موجة "التفاؤل" التي طبعت نهاية العام المنصرم، وأوحت بأنّ العام الجديد سينطلق على "زحمة مبادرات" سواء في الداخل، من خلال تنشيط رئيس مجلس النواب نبيه بري لمساعيه "الحوارية"، أو في الخارج، من خلال "تكامل" فرنسي-قطري كان يتوقَّع أن يتفاعل أكثر.


 
لكنّ الأيام الأولى من العام لم تشهد على شيءٍ ممّا سبق، فلا رئيس مجلس النواب "فعّل" مبادرته، أو أعاد إحياءها، ولا أظهر أيّ من الأفرقاء في الداخل ليونة أو مرونة تتيح تحريك الملفّ وإخراجه من دائرة المراوحة التي أسرته على امتداد الأشهر الأخيرة، ولا طرأ أيّ جديد على خطّ المساعي الخارجية، التي بدا أنها تراوح مكانها هي الأخرى، رغم الحديث عن زيارة مرتقبة للموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، من دون تحديد تاريخها.
 
وفي حين بدا "تراجع" الاهتمام بالملفّ الرئاسي منطقيًا إلى حدّ ما، في ضوء تقدّم الموضوع الأمني، بعدما انطلق العام الجديد أيضًا على ارتفاع "وتيرة" الحرب القائمة في جنوب لبنان، فضلاً عن الاغتيالات الإسرائيلية التي تأخذ منحى تصاعديًا خطيرًا، فإنّ علامات استفهام تُطرَح عن "مصير" المبادرات الرئاسية "الموعودة" على الخط الرئاسي، ومدى دقّة الحديث عن أنّ الرئاسة لم تعد "أولوية" في الوقت الحاضر، لا للداخل ولا للخارج.
 
ليس "أولوية"
 
يقول العارفون إن الكثير من المؤشرات تدلّ على أنّ الاستحقاق الرئاسي لا يحظى، أقلّه حتى الآن، بأولوية الاهتمام للقوى الداخلية والخارجية المعنيّة، ولو أنّ "طيفه" يحضر في اللقاءات والاجتماعات العلنية والمغلقة، كما في المحادثات الرسمية، انطلاقًا من "ثابتة" وجوب انتخاب رئيس للجمهورية في أقرب وقت ممكن، بما يعيد "الانتظام" إلى المؤسسات الدستورية في المقام الأول، وينهي الفراغ الذي يكاد يصبح "قاتلاً" على أكثر من مستوى.
 
وإذا كانت الأشهر الأخيرة أوحت أنّ "الرهان الأساسي" في تحريك الملف الرئاسي هو على القوى والجهات الخارجية، سواء كانت "تتكامل" في الدور المنوط بها، أو "تتنافس" على الظفر بلقب "مسهّل" الانتخاب، فإنّ الثابت حتى الآن أنّ هذه الجهات تركّز اهتمامها اليوم على الوضع الأمني قبل السياسي، انطلاقًا من احتمالات تدهور الوضع، وسيناريوهات انزلاق البلد إلى حرب لا تُحمَد عقباها، في ضوء لهجة التهديد والوعيد المتصاعدة.
 
يقول العارفون إنّ "المنطق" نفسه يسري بشكل أو بآخر على الوضع الداخليّ، فالاهتمام مركّز على "الجبهة الجنوبية" بالدرجة الأولى، بل إنّ كلّ الأمور تبدو مؤجّلة لما بعد انتهاء الحرب في غزة، وهو ما فهمه كثيرون من الخطاب الأخير للأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله، علمًا أنّ كثيرين توقفوا عند الإشارة "المعبّرة" التي تضمّنها، حين تعمّد الرجل أن يمرّر رسالة أنّ "لا شيء لديه ليقوله" في الملفات اللبنانية، من الرئاسة إلى غيرها.
 
مبادرات قائمة
 
يرى كثيرون أنّ موقف "حزب الله" قد يشكّل "منعطفًا أساسيًا" في المتابعات السياسية للملف الرئاسي، ولا سيما أنّه ثبّت بشكل أو بآخر معادلة أنّ موضوع الرئاسة ليس "أولوية" في الوقت الحالي بالنسبة إليه، بالنظر إلى تشابكات الوضع الجنوبي، وحالة الاستنفار القائمة تحسّبًا لحربٍ قد يقدم عليها الإسرائيلي قبل أو بعد انتهائه من معركة غزة، علمًا أنّ الحزب "لاعب أساسي" على خط الرئاسة، ومن دونه لا حسم يمكن أن يحصل ولا من يحزنون.
 
وإذا كان هناك من يعتقد في السياق نفسه أنّ "حزب الله" يؤجّل الحسم لما بعد انتهاء حرب غزة، لرفضه "التخلّي" عن رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية لصالح "خيار ثالث" غير واضح، وقناعته بأنّ حظوظ مرشحه قد ترتفع بعد ذلك، ثمّة من يشير إلى أنّ المشكلة الفعلية على خط الملف الرئاسي لا ترتبط بموقف "حزب الله" فحسب، بل بموقف خصومه أيضًا، الذين "يتصلّبون" بدورهم بمواقفهم، بل يرفضون مجرد التحاور والتفاهم.
 
لكن، رغم كلّ ما تقدّم، يقول العارفون إنّ احتمالات التوصل إلى "تفاهم ما" تبقى قائمة، بل إنّ هناك من يعتقد أنّ الملف سيشهد "حركة ما" في الأيام المقبلة، بالتوازي مع تلك "الحركة" التي يشهدها ملف القرار 1701، أو ربما على هامشها، وذلك استنادًا إلى المبادرات الدولية التي تبقى "قائمة"، ولو تراجعت في سلّم الاهتمام، علمًا أنّ المواقف الفرنسية والقطرية واضحة في هذا السياق، نيابة عن اللجنة "الخماسية" كما بات معروفًا.
 
قد يقول البعض إنّ الملف الرئاسي لا يشكّل "أولوية" في وقتٍ تُقرَع طبول الحرب على أكثر من مستوى، توازيًا مع انتهاك العدو الإسرائيلي المتواصل للسيادة اللبنانية، وانتقاله إلى سياسة الاغتيالات المباشرة بحقّ القيادات الفلسطينية واللبنانية. لكن، ثمّة من يرى في المقابل، أنّ انتخاب الرئيس يجب أن يصبح "أولوية الأولويات" في ضوء التهديد الأمني المتزايد، فإنجاز الاستحقاق وحده قادر على "تحصين" الساحة في هذا الوقت، وهنا بيت القصيد!
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله على خط

إقرأ أيضاً:

اليمن: الصخرة التي كسرَت قرون الشيطان وتستعد لتحطيم طغاة العصر

عدنان ناصر الشامي

على مدى عشر سنوات من التحدي الأُسطوري، وقف الشعب اليمني شامخًا كالجبل الذي لا تهزه الأعاصير، خلال هذه السنوات، خاضت اليمن معركةً لا تشبه غيرها، معركةً بين الحق والباطل، بين العزة والذل، بين إرادَة الله وبين غطرسة الشياطين، في هذه المعركة، أظهر اليمن للعالم أن الأمم الحقيقية لا تخضع لهيمنة الطغاة، ولا تنكسر أمام ضغوط الاستكبار العالمي.

كان اليمنيون صخرة الله التي حطمت قرون الشيطان، تلك الدول الوظيفية التي نشأت في نجد، السعوديّة والإمارات، التي لم تكن يومًا سوى أدوات بأيدي الطغاة، تُساق وفق أهواء قوى الاستكبار، تدور في أفلاكهم، وتنفذ مخطّطاتهم، لكن هذه المخطّطات تحطمت أمام إرادَة الشعب اليمني الذي جعل الله من صموده كابوسًا يطارد الأعداء.

الشيطان الأكبر… إلى مصيره المحتوم..

واليوم، ومع سقوط أقنعة الدول الوظيفية، يواجه اليمن تحديًا جديدًا، الشيطان الأكبر، الولايات المتحدة الأمريكية، لم تعد تكتفي بإرسال أدواتها، بل تقدمت بنفسها إلى الساحة، وكأن الله يسوقها إلى قدرها المحتوم، لتلقى مصير كُـلّ من سبقها ممن تحدى إرادَة الله، جاءت أمريكا معتقدةً أنها ستُحني اليمن، وأنها ستخضع هذا الشعب الذي وقف أمامها على مدى تسع سنوات، لكنها لم تدرك أن الله جعل من اليمن صخرةً تتحطم عليها أحلام المستكبرين وتتكسر عندها مخطّطاتهم.

قدر اليمن في مواجهة الطغاة ودعم الأحرار..

الله جعل من اليمن أُمَّـة تحمل قدرًا عظيمًا، قدرها أن تطهر العالم من فساد الطغاة، وتكسر غرورهم وجبروتهم، وأن تكون سوط العذاب الذي يستأصل الكفر ويضع حدًا لجبروت الطغاة، وكما قال أحد رؤساء أمريكا في مقولته الشهيرة: “قدرنا أمركة العالم”، نقول لهم بكل ثقة: “قدرنا أن نطهر هذا العالم من فسادكم، وأن نحطم أوهامكم، وأن ندفن غروركم في مزبلة التاريخ. ”

اليمن ليس مُجَـرّد دولة صغيرة في خريطة العالم، بل هو رمزٌ لروح الأُمَّــة وقوة الإرادَة، من أرضه تنطلق سهام الحق التي تهز عروش الطغاة، ومن شعبه تصعد إرادَة صلبة تقف في وجه كُـلّ متجبر، وَإذَا كان التاريخ قد شهد فراعنةً تحطموا أمام إرادَة الله، فَــإنَّ اليمن اليوم هو السوط الذي يلاحق فراعنة العصر، ليكون قدر الله في الأرض، الذي يستأصل الظلم وينشر العدل.

وفي نفس اللحظة التي يقاوم فيها الشعب اليمني الغزو والطغيان، يقف جنبًا إلى جنب مع الأحرار في غزة ولبنان.

إن صمود غزة الأُسطوري ومقاومة لبنان الشجاعة ليسا بمعزلٍ عن الروح اليمنية التي تحمل في طياتها إرادَة التحرّر ونصرة المظلوم، كلّ صاروخٍ يمني، وكلّ طائرةٍ مسيّرة، هي سهمٌ من سهام الله، يوجهها اليمنيون نحو قلوب أعداء الإنسانية، يحطمون بها غرور الطغاة، ويعلنون بها أن المعركة لم تنتهِ، وأن الظالمين إلى زوال.

هذه ليست معركةً عابرةً بين قوى ضعيفة وأُخرى متغطرسة، بل هي معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس، الذي يُطهِر الأرض من دنس الظالمين، إنها معركةٌ بين الإيمان والكفر، بين الحق والباطل، بين إرادَة الله وإرادَة الشياطين، وكلما ازدادت التحديات، زاد اليمنيون قوةً وعزيمة، وكلما حاولت قوى الظلم كسر شوكة هذا الشعب، ازداد صلابةً وثباتًا؛ لأَنَّ إرادَة الله هي الإرادَة العليا، ولأن الله جعل اليمنيين جنوده في الأرض، وسوط عذابه الذي يطارد كُـلّ متكبر عنيد.

من صنعاء إلى غزة، ومن اليمن إلى لبنان، يمتد جسر المقاومة والتحدي، ليشكل ثلاثيةً من الصمود لا تعرف الخضوع ولا الانكسار، كُـلّ صاروخٍ يمني، وكلّ طلقةٍ يطلقها المقاومون في غزة، وكلّ شجاعةٍ يبديها الأبطال في لبنان، هي جزء من معركة التحرّر الكبرى، نحن أُمَّـة توحدها القضية، وتجمعها المقاومة، وتُحييها الإرادَة الإلهية.

اليمن اليوم ليس مُجَـرّد دولة تصمد أمام طغيان الإمبراطوريات، بل هو رمزٌ لتحرير البشرية من قبضة الشيطان الأكبر، وما كان لليمن أن يكون في هذا الموقف إلا بإرادَة الله، الذي جعله سدًا منيعًا يحمي الأُمَّــة، وصخرةً تتحطم عليها قرون الشياطين، واحدًا تلو الآخر.

نحن اليوم نقف في معركةٍ مقدسة، معركة لن تتوقف حتى يتحقّق وعد الله بالنصر والتمكين، ومع كُـلّ يومٍ يمر، يُسطر الشعب اليمني بدمائه ملحمةً جديدة، ليعلن أن طغاة هذا العصر، مهما تعاظمت قوتهم، فَــإنَّ مصيرهم إلى زوال، وأن إرادَة الله هي التي ستسود في نهاية المطاف.

اليمن هو القدر الذي كتبته يد الله في صفحات التاريخ، ليدفن الطغاة، وليُعلي رايات الحق، إنه الصخرة التي تكسر قرون الشيطان، والشعلة التي تضيء دروب الأحرار في كُـلّ زمان ومكان، وها هو اليوم يقف كتفًا إلى كتف مع غزة في نضالها ومع لبنان في صموده، ليقول للعالم: نحن أُمَّـة واحدة، وقضيتنا واحدة، وإرادتنا لا تنكسر.

مقالات مشابهة

  • المشهداني يؤكد أولوية التصويت على قانون العفو العام
  • رئيس لجنة شؤون الأسرى لـ “الثورة نت”: مستعدون لتنفيذ كل الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها برعاية الامم المتحدة دون قيد أو شرط
  • خبير عسكري عن مفاوضات وقف إطلاق النار في لبنان: ليست جاهزة حتى الآن
  • لفتيت: احتلال الملك العام ممنوع و الأسواق النموذجية ليست حلاً
  • "الزبدة أصبحت كالذهب".. الحرب الأوكرانية تُشعل أسعار المواد الغذائية في روسيا
  • تصعيد سياسي وميداني.. هل سقطت التسوية الموعودة في لبنان؟!
  • بيطري يتفوق على أستاذ تاريخ في انتخابات الرئاسة بأوروغواي
  • اليمن: الصخرة التي كسرَت قرون الشيطان وتستعد لتحطيم طغاة العصر
  • الصفعة التي هزت الوسط الفني: محاكمة عمرو دياب وتفاصيل جلسة أثارت الرأي العام
  • الحديدة ليست الميدان الوحيد : أنصار الله يستهدفون السفن من كل أنحاء اليمن