قال موقع "إنترسبت" إن 4 من عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) تظاهروا بأنهم أعضاء في تنظيم الدولة الإسلامية، وبدؤوا في الدردشة عبر الإنترنت مع حمزة مشكور عندما كان عمره 16 عاما، قبل أن يتم القبض عليه بتهم الإرهاب بعد أسابيع من عيد ميلاده الـ18.

ولم يكد حمزة مشكور -حسب تقرير مرتضى حسين للموقع- ينهي الإجراءات في مطار دنفر حتى ظهر مكتب التحقيقات الفدرالي لإلقاء القبض على الشاب، الذي تم تشخيص حالته بأنه يعاني من إعاقة في النمو، ووجهوا له اتهامات بجرائم تتعلق بالإرهاب.

كان حمزة مشكور ينوي السفر إلى دبي، ومن ثم إلى سوريا أو أفغانستان في إطار مؤامرته المزعومة للانضمام إلى تنظيم الدولة، وكانت الرحلة مدفوعة الثمن منذ أكثر من عام عندما كان مشكور في الـ16 عاما، وذلك عبر التواصل من خلال الإنترنت مع 4 أشخاص يعتقد الشاب أنهم أعضاء في تنظيم الدولة.

ونتيجة لمحادثاته مع مكتب التحقيقات الفدرالي، قد يواجه مشكور عقوبة طويلة لمحاولته تقديم دعم مادي لمنظمة إرهابية، ولكن أفرادا من أسرته أعلنوا في جلسة المحكمة الأولية أن مشكور يعاني من صعوبات عقلية، وتم تشخيص إصابته بالتوحد، ومع ذلك أمر القاضي باحتجازه على ذمة المحاكمة رغم صغر سنه.

وعلم عملاء إنفاذ القانون لأول مرة بأنشطة مشكور لدعم تنظيم الدولة عبر الإنترنت في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، وبدلا من تنبيه عائلته، قال محامو مشكور إن عملاء "إف بي آي" تظاهروا بأنهم أعضاء في التنظيم، وأصبحوا أصدقاء له، وعلقوا استدراجه حتى يصبح بالغا قانونيا.

وقالت خبيرة الأمن القومي وأستاذة القانون سحر عزيز إن "هذه القضية تبدو متسقة مع النمط الشائع الذي شوهد في عشرات القضايا المتعلقة بالإرهاب التي قام فيها مكتب التحقيقات الفدرالي بشكل فعال بتلفيق محاكمات إرهابية، وفي هذه الحالة كان الفقى سيجلس في قبو منزل أقاربه وينشر محتوى مسيئا بطريقة مشابهة للمتعصبين البيض الذين لا ينفق مكتب التحقيقات الفدرالي موارد هائلة عليهم".

معروف لدى الشرطة

ظهر مشكور لأول مرة على رادار السلطات بسبب منشوراته على وسائل التواصل الاجتماعي، وقد بدأ -حسب الشكوى- في النشر لدعم الإرهاب في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، ونبهت المنصة التي استخدمها مكتب التحقيقات الفدرالي إلى وجود نشاط مشبوه.

وفي يوليو/تموز 2022، استدعيت الشرطة إلى منزل مشكور بعد أن زعم أنه اعتدى على أحد أفراد الأسرة، وبعد شهرين بدأ الفتى بالتواصل مع عميل سري من مكتب التحقيقات الفدرالي متنكرا في صورة عضو في تنظيم الدولة، قدمه بدوره إلى 3 عملاء آخرين من "إف بي آي" ينتحلون الصفة نفسها.

وبتشجيع من العملاء الأربعة، وضع مشكور خطة لدعم الجماعة الإرهابية إلى جانب المناقشات المكثفة حول أنواع الخدمات التي قد يقدمها للتنظيم، وكان يثق في العملاء بسبب شعوره بالملل ومشاكله العائلية وآماله في الزواج، ومعاناته مع صحته العقلية، واشتكى من كونه أقل من 18 عاما وخضوعه لمراقبة أفراد الأسرة.

وتظهر مخاوف مشكور في المحادثات الواردة في لائحة الاتهام، وقد تردد مرارا وتكرارا في الانضمام إلى تنظيم الدولة، وعبّر عن قلقه من أن "الإخوة هناك قد لا يساعدونني في الزواج وقد يقيدونني بشيء ما ويرمونني إلى الحقل"، واقترح في وقت ما أنه قد يحصل بدلا من ذلك على وظيفة وينهي دراسته الثانوية.

وفي محادثاتهم، حذر العملاء مشكور من أن "الحياة لن تكون سهلة" بعد انضمامه إلى تنظيم الدولة، واستمروا مع ذلك في عرض المساعدة في التخطيط لرحلته، وعلى الرغم من التردد، بدا أن مشكور وافق في نهاية المطاف على عرض "إف بي آي" وذهب إلى المطار بعد أسابيع من بلوغه الـ18 من عمره.

خطة مكتب التحقيقات الإرهابية

وعندما ظهر مشكور على رادار سلطة تطبيق القانون، قيل إنه كان على اتصال مع مؤيدين آخرين للجماعة، غير أن التخطيط الأكثر جوهرية لإجراءات مشكور التي أوصلته إلى لائحة اتهام فدرالية بالإرهاب، تم بالكامل مع مجموعة من عملاء "إف بي آي" السريين الذين كانوا على اتصال وثيق به على مدى عدة أشهر، مما يمثل اختبارا لمدى استعداد شاب ضعيف لارتكاب جريمة.

وقالت سحر عزيز "من الواضح أن هذا إهدار للموارد الحكومية. إذا كان هناك تهديد إرهابي خطير في أميركا، فإن مكتب التحقيقات الفدرالي لا ينبغي أن يقضي وقته في نصب فخ لقاصر مريض عقليا".

ولم يكن القريب الذي ذهب مع مشكور إلى المطار يعرف سبب مغادرته البلاد، وقال مشكور للوكيل "عائلتي تعلم أنني سأغادر ولكن لا تعرف السبب، وهم حزينون للغاية وقد أثر ذلك على صحتي العقلية. لا أعرف كيف أعبر عن وداعي الأخير لهم بشكل صحيح أو كيف أنقل أسباب رحيلي دون الإضرار بنفسيتي".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: مکتب التحقیقات الفدرالی تنظیم الدولة إف بی آی

إقرأ أيضاً:

قراءة إناسية في نشأة الدولة الإسلامية الأولى

الدراسات الحديثة المهتمة بنشأة الدولة الإسلامية قدمت العديد من الأطروحات عنها، ركز معظمها على لحظة الصراع الذي جرى بين المسلمين ومناوئيهم.. سواء في مكة كقريش، أم المدينة كالأوس والخزرج واليهود، أم القبائل التي دخلت بنفسها في حروب مع المسلمين، وأثر ذلك في نشأة الدولة، دون أن تسبر جذور المجتمع العربي ذاته.

من الدراسات العميقة التي بحثت نشأة الدولة الإسلامية في بواكيرها الأولى كتاب «من المَيسِر الجاهلي إلى الزكاة الإسلامية.. قراءة إناسية في نشأة الدولة الإسلامية الأولى» لمحمد الحاج سالم، وأصله رسالته في الدكتوراه، صدر عن دار المدار الإسلامي عام 2014م. وقد أهداني المؤلف مشكورًا نسخة ممهورة بتوقيعه: (الأخ الصديق خميس العدوي.. كي نعيد قراءة تأريخنا وديننا بعين أخرى. مع مودتي البالغة.. أخوكم محمد الحاج سالم، بيروت في 20/ 1/ 2018).

عالج الباحث الموضوع انطلاقًا من فكرة النظام الاقتصادي ببنيته الأساسية وهي الدين، وتوسع كثيرًا في التدليل على فكرته ببناء «نظام المَيسِر الجاهلي» معرفيًّا، حيث لم يرد قبله ذكر لهذا النظام إلا نادرًا ومحدودًا، فعمله مبتكر، وقد دعّمه بمئات الأدلة والاقتباسات، حتى تحولت فكرته من أشتات في كتب كثيرة: القرآن والشعر الجاهلي والسيرة والتاريخ والأدب، إلى نظرية متكاملة في كتاب جامع. وإن كان من ملاحظة أذكرها فهي ضخامة الكتاب، التي تأخذ القارئ إلى شُعب شتى، ولتمام الفائدة فينبغي لصديقنا الحاج سالم، أو غيره من المهتمين بالموضوع، أن ييسرها بمختصر غير مخل، حتى تنتشر الفكرة وتعم الفائدة.

الدراسة.. بحثت في جذور نشأة الدولة عبر فكرة «اللَّقاحية»؛ أي عدم السماح بتشكل سلطة سياسية على العرب، فهناك معتقدات وطقوس وممارسات تقف خلف «الحالة اللَّقاحية»، فكان على الإسلام وهو «يؤسس لدولته» أن يقوم على أعقاب «الدين الجاهلي» الحاضن لهذه اللَّقاحية، وهو ليس أفكارًا عابرة، أو معتقدات ساذجة، وإنما بُنية عقدية عميقة اجتماعيًا؛ شملت مناحي «الحياة الجاهلية»، جاء في مقدمة الكتاب: (إن هذا البحث ينخرط في سياق توجه نظري مفاده أن لا وجود لحقل ديني مستقل بذاته يمكن الحديث عنه وحوله بصفته تلك، فما من حقل ديني إلا وهو يتضمن إشكالات هي التي تحدد في المقام الأخير اتجاهه ومواقفه، وما من حقل ديني يروم أو يدعي التجديد إلا وهو يتخذ شكله الاجتماعي من خلال تلك المواجهة بين الرهانات الجديدة التي أفرزته بقدر ما بشّر بها، والرهانات القديمة التي أرهصت بولاته) [ص16].

إذًا؛ لم تنشأ الدولة في الإسلام من فراغ.. بل إثر نظام كان قائمًا، تشكلت له معتقداته وطقوسه عبر تاريخ الجزيرة العربية، أسماه الحاج سالم «المَيسِر الجاهلي». ولأن من طبيعة الحياة التغيّر، وإفراز مسار جديد من الأحداث؛ فإن المجتمع العربي دخل في جدل المعتقدات التي أفرزت واقعًا جديدًا، فرض نفسه بآليات جديدة، وبمعتقدات جديدة أيضًا، هذه المعتقدات كما يراها مؤلف الكتاب ليست من قبيل استنساخ المعتقدات؛ كما يرى بعض الدارسين بأنها نسخة معدّلة من اليهودية أو النصرانية.. بل هي «تطور جدلي» من الموروث العربي السائد. وبنظري؛ بناءً على هذه الرؤية لا يمكن استبعاد اليهودية والنصرانية من مكونات الموروث العربي، والقرآن خير شاهد على ذلك.

«من المَيسِر الجاهلي إلى الزكاة الإسلامية».. كتابٌ عملَ على تجميع الشظايا المتفرقة لمعتقدات المَيسِر الجاهلي، ذلك الدين الذي كان يمارسه العربي قبل الإسلام. لقد كانت عملية التجميع شاقة، استطاع الحاج سالم بجدارة وبجهد مضن، عبر البحث في بطون الكتب وأشعار العرب وآدابهم وأيامهم، أن يبني معمار دين طمسته معارف المسلمين اللاحقة، وعملت على تناسيه عن قصد وغير قصد، يقول الحاج سالم: (فإن عملنا الأساسي يستهدف في المقام الأول إثبات كلية ظاهرة المَيسِر الجاهلي في العموم، وغائيتها السياسية الخافية على وجه الخصوص، ومن ثمة اختبار فرضيتنا الزاعمة بأن المَيسِر كان إوالية لَقاحية تتكامل فيها جملة أبعاد دينية واجتماعية واقتصادية، وتتضافر للعمل بفاعلية على منع تركّز سلطة سياسية، وانبثاق نصاب سلطوي منفصل عن المجتمع هو الدولة) [ص:58].

السؤال: كيف استطاع المَيسِر الجاهلي أن يمنع انبثاق الدولة؟ ثم ما الدافع الذي أدى إلى انبثاقها في الإسلام؟

يرى الحاج سالم أن ذلك جرى عبر نظام المَيسِر، (ويعرّف البخاري المَيسِر بأنه القداح يستقسمون بها في الأمور؛ أي بمعنى الأزلام) [ص:152]، ومن المَيسِر انبثق القمار، وهو لعبة يشارك فيها المياسير؛ الذين هم من أصحاب الغنى واليسر، يقوم كل واحد منهم باختيار قدح، ثم يدفعون بأقداحهم إلى «رجل متأله عدل»، يلقيها فيخرج القدح الفائز. وجعلوا لكل قدح عددًا من الإبل ينحرها المياسر، قد يصل عددها إلى مائة بعير، ولم يكن القمار قبل الإسلام عيبًا، بل كان من الدِّين، و(الدِّين كان المحور الأساسي الذي تدور عليه الحياة الجاهلية) [ص:289]، و(كثيرًا ما عاب شعراء الجاهلية الممتنع عن الدخول في المَيسِر عن بخل ولؤم، وسمّوه «البَرَم»، وذموه في أشعارهم ونعتوه بخسيس الصفات كالنذالة والحقارة والخسة والدناء، في مقابل مدح المياسرين) [ص:305].

محمد الحاج سالم.. يذهب إلى أن العرب كانوا يعيشون في «حالة لَقاحية»، ولا يرتضون أن تكون عليهم سلطة، ولا قانون فوقهم، إلا أعراف القبيلة وتقاليدها، وأما شيخ القبيلة فلا سلطان له عليهم. ودوره فيهم أنه ممثلهم وحامي حماهم، ولا ينال هذه المنزلة إلا بالشجاعة والكرم، وكيلا يكون لشيخ القبيلة سلطة؛ فإن عليه أن يكون من المياسرين، فيدخل في القمار لكي تتبدد ثروته، فإذا خسر فعليه أن يدفع، وإذا ربح أطعم به الفقراء والمحتاجين، وليس له أن يأخذ من اللحم شيئًا، (وهذا ما يشير إليه الزمخشري أيضًا، إذ يركز على أن الأغنياء كانوا يدفعون تلك الأنصباء إلى الفقراء ولا يأكلون منها) [ص:295].

هكذا استطاع العرب بنظام المَيسِر في فترتهم اللَقاحية أن يمنعوا انبثاق الدولة بمنع تجمّع الثروة في أيدٍ قليلة تسود عليهم بيسرها. ولما جاء الإسلام حرّم المَيسِر، لأجل أن تحل محله الزكاة، لكيلا يكون دُولة بين الأغنياء، ويقصد بالزكاة الصدقات، وجعلها بيد «رئيس الدولة» فينفقها في وجوهها: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ) [التوبة:60].

أما السبب الذي أدى إلى انبثاق الدولة؛ فيطرح الحاج سالم فكرة أن المجتمع أصبح بذاته يحمل مشروع دولة، وقد حاول العرب بالمَيسِر أن يحافظوا على «لَقاحيتهم»، بيد أنهم فشلوا [ص:57-58]. والسبب الآخر.. هو أن أطراف الجزيرة العربية خضعت للدول المجاورة (كخضوع الغساسنة في الشام للروم في بيزنطة، واللخميين في العراق للساسانيين في فارس، وقبائل عربية من اليمن للحبشة أو لفارس) [ص:51].. بل جرت محاولة إقامة مُلك في مكة كما ذكروه عن عثمان بن الحويرث المعروف بالبطريق. فكان قد حان وقت قيام الدولة، والذي عمل النبي محمد على تأسيسه بـ«أسلمة المجتمع الجاهلي».

(لقد انبنت حركة الأسلمة التصاعدية للمجتمع الجاهلي باتجاه بناء الدولة الإسلامية، عبر ما يمكن وصفه بجدلية هدم وبناء مؤسسية، ارتكزت على ثلاثة متغيرات؛ هي: التحريم والإقرار والتغيير. تم بموجبها إنشاء مؤسسات بديلة لمؤسسات جاهلية قديمة؛ شُجبت ورُفضت وبالتالي هُدمت، أو إقرار مؤسسات موجودة على حالها، أو إدخال تحويرات على مؤسسات موجودة بما يتماشى مع متطلبات الدولة الإسلامية الناهضة) [ص:25]، وبالتالي؛ لم يحرّم الإسلام المَيسِر لذاته، وإنما لأنه جزء من منظومة عقدية دينية قديمة، كانت تمنع قيام الدولة، وأبدلها بالزكاة، أي الصدقات لتكون محور قيام الدولة.

خميس العدوي كاتب عماني مهتم بقضايا الفكر والتاريخ ومؤلف كتاب «السياسة بالدين»

مقالات مشابهة

  • أكرم القصاص: الإخوان تحالفوا مع تنظيمات إرهابية خارجية ضد الأمن القومي لمصر
  • لبنان تتهم مطلق النار على السفارة الأمريكية بالانتماء لتنظيم الدولة
  • باحث: الإخوان حاولوا ابتلاع الدولة (شاهد)
  • باحث: الإخوان حاولوا ابتلاع الدولة وخروج المصريون في 30 يونيو لحظة فارقة
  • ميدل إيست آي: هذه هي نتائج حرب السيسي على الإرهاب في سيناء
  • «الأوراق المالية» تطلق مشروع تنظيم الطرح الخاص لسندات الدين والصكوك
  • قراءة إناسية في نشأة الدولة الإسلامية الأولى
  • الصحوة الإسلامية والانسداد الفكري والسياسي
  • «القومي للأمومة»: تنظيم مبادرات وخطط استراتيجية لمكافحة عمالة الأطفال
  • أميركا ترصد مكافأة 5 ملايين دولار للوصول إلى أخطر امرأة في العالم