كيف تُحافظ على قدرتك على التعلّم طوال حياتك؟
تاريخ النشر: 16th, July 2023 GMT
التعلّم حالة مستمرة تتواصل طوال الحياة، وفي اللحظة التي تفقد فيها قدرتك على التعلم تفقد معنى الحياة، وربما كانت القدرة على التعلم المستمر من أسرار النجاح، فالناجحون أناس في حالة تعلم مستمر، ومن النادر أن تجد شخصا ناجحا في الحياة لا يقرأ أو يتعلم شيئا جديدا كل يوم.
التعلم والقراءة يطيلان العمرهناك بعض الأساطير المتداولة من مثل أن الإنسان عندما يتقدم به العمر تقل قدرته على التعلم، وهذا غير صحيح، وذلك لأن الحفاظ على أدمغتنا نشطة في مناطق جديدة له فوائد معرفية عديدة.
كما وجدت أبحاث أخرى، أنه كلما زاد مستوى تعليمك، أو زاد نشاطك المعرفي المحفز، قل خطر إصابتك بأمراض الكبر مثل مرض ألزهايمر.
ووجدت دراسة علمية أخرى أن التعلم يمكن أن يطيل العمر، فالذين يقرؤون الكتب لأكثر من 3.5 ساعات في الأسبوع هم أقل عرضة للوفاة بنسبة 23% مقارنة بغيرهم، وذلك بحسب ما ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" (Washington Post).
وفوائد التعلم المستمر كثيرة لا حصر لها، وبالذات في زمن الذكاء الاصطناعي، إذ تحلّ الآلات محل البشر في عدد كبير من الوظائف والمهن. فحسب تقرير للمنتدى الاقتصادي العالمي، سيرتفع معدل الاعتماد على الآلات في جميع أنواع الوظائف إلى 52% بحلول عام 2025، وستقضي الأتمتة والروبوتات والذكاء الاصطناعي على 85 مليون وظيفة على مستوى العالم في الفترة نفسها.
ومن هنا، فإن تعلم مهارات جديدة يصبح أمرا حتميا ولازما للحفاظ على التطور المهني والوظيفي، أو تعلم مهن ومهارات جديدة تنسجم مع روح العصر.
تعلّم مهارات جديدة أصبح أمرا حتميا ولازما للحفاظ على التطور المهني والوظيفي (غيتي) كيف تدعم قدرتك على التعلم؟هناك عوامل عديدة تدخل في عملية الحفاظ على قدرتنا على التعلم في مختلف مراحل الحياة، بغض النظر عن تقدمنا في السن، ومن أهمها بحسب ما ذكرت مجلة "نيوزويك" (Newsweek):
متطلبات جسدية:النوم: للنوم آثار مباشرة وفورية على التعلم، فهو بالغ الأهمية لعمليات التعلم والقدرة على التذكر، والحكم الصحيح على الأشياء، وعلينا أن نأخذ عامل النوم في الاعتبار بأي خطة أو مشروع تعليمي أو إبداعي.
التمارين الرياضية: تعمل التمارين الرياضية على تحسين الحالة المزاجية، وتعزز من القدرة على اتخاذ القرار السليم، وتحسن الحالة النفسية حيث تطلق الرياضة "هرمون الإندروفين" (Endorphins)، وهو هرمون السعادة الذي يحسّن من مزاجنا، وكذلك من قدرتنا على التعلم.
نظام غذائي صحي: تظهر مجموعة من الأدلة آثارا مدهشة لنظام غذائي صحي على الأداء الإدراكي، وبالذات في المراحل المتقدمة من العمر.
متطلبات بيئيةأساسيات البيئة الجيدة: إذا كانت بيئة الشخص -بما فيه المجتمع الذي يعيش فيه- لا تدعم رفاهيته، فسوف تتضاءل قدرته على التعلم. وتشمل المتطلبات البيئية الأساسية: الطعام الجيد، وتوفر الرعاية الصحية المناسبة، والمساحة الخاصة بكل شخص، بما في ذلك المنزل الصحي، وأيضا توفر الوقت لممارسة الرياضة والقراءة والنوم. بالإضافة إلى العادات والأعراف الاجتماعية التي تشجع وتدعم الرغبة في التعلم، وتقدم المساعدة العملية عند الحاجة.
السلامة عند الفشل: الفشل غير مسموح به في المجتمعات غير الواعية، ويصبح الشخص الفاشل مدعاة للتندر والسخرية، لكنه ضرورة عند المجتمعات المتحضرة، ذلك لأن الفشل جزء من عملية التعلم، والمجتمعات الواعية تقدم الدعم والأمان لأفرادها عندما يفشلون، وتدعمهم حتى يحاولوا مرات ومرات وصولا للنجاح المنشود.
وتتضمن عملية التعلم قلة الاستيعاب أو الفهم البطيء ونسيان أشياء أساسية واتخاذ خيارات سيئة، فإذا تمت معاقبة هذه التجارب أو جعلها مخزية فسيتم إعاقة التعلم.
وأظهر بحث علمي أجرته الباحثة آمي إدموندسون ونشرته منصة جامعة "ماساشوستش/إم آي تي" (MIT) أن البيئة التي تعزز التعلم هي البيئة التي تزيل "وصمة العار" عن الفشل، بل تحتفل بالأخطاء التي تأتي من عملية التعلم أو التجارب العلمية المثيرة للاهتمام.
الفشل جزء من عملية التعلم، والمجتمعات الواعية تقدم الدعم والأمان لأفرادها عندما يفشلون (غيتي) نصائح لمن هم فوق الستينيجب أن يدرك من تجاوزوا سن الستين أنهم ما زالوا في قمة العطاء والقدرة على تعلم أشياء جديدة كل يوم، ومن أفضل طرق التعلم هي الجمع بين التمارين والأنشطة البدنية والعقلية، من خلال ممارسة التمارين الرياضية والألعاب البدنية والإلكترونية والرقص، وممارسة تمارين "تاي تشي" (tai chi) والمشي في الهواء الطلق، وذلك لأن إشراك الجسد والعقل معا له تأثير مضاعف على تحفيز القدرة على التعلم.
وعليكم مقاومة الصورة النمطية السلبية للشيخوخة، سواء كانت معتقدات اجتماعية أو داخلية في أذهانكم، كما ننصحكم بالاستمرار في التخطيط للأنشطة والمشاريع المستقبلية، فهناك حياة كاملة ما زالت أمامكم.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
“المسؤولية بين وهم المديح وواقع التحديات”
بقلم : سمير السعد ..
في كثير من الأحيان، يكون المسؤول أسيرًا لصورة وردية مزيفة يصنعها المحيطون به، حيث يتعمد البعض تقديم الواقع بصورة خالية من المشكلات، متجنبين النقد البنّاء، ومبالغين في التطبيل والتودد. هذه الممارسات لا تؤدي إلا إلى وضع المسؤول في مأزق حقيقي، حيث يبتعد تدريجيًا عن الواقع ويتجاهل احتياجات المجتمع، مما يسرّع من إخفاقه.
الإعلام الحكومي، في جوهره، ليس مجرد وسيلة لنقل الأخبار، بل هو فن يتطلب مهارة في بناء العلاقات، صدقًا في التعامل، وحرصًا على تقديم حلول واقعية لقضايا المجتمع. لكنه، للأسف، أصبح في كثير من الأحيان أداة للتضليل والتزييف، مستغلًا صفحات وهمية وشعارات زائفة تخدم مصالح ضيقة على حساب الصالح العام.
على المسؤولين، إذا أرادوا النجاح، اختيار الكفاءات المهنية والمخلصين للعمل، لأن الفشل غالبًا ما يبدأ من الواجهة التي يقدمها المسؤول نفسه. فكلما زادت الفجوة بين المسؤول والمجتمع، كلما تعمقت مشكلات الدائرة التي يديرها، سواء كانت كبيرة أم صغيرة.
عندما يعزل المقربون المسؤول عن الرأي العام ويغرقونه بمديح مبالغ فيه، يكون ذلك مؤشرًا خطيرًا على ابتعاده عن مهامه الجوهرية. المسؤولية ليست مجرد منصب، بل هي أمانة تتطلب شجاعة لمواجهة النقد، والانفتاح على الواقع كما هو، لا كما يصوره المحيطون.
النجاح الحقيقي للمسؤول يكمن في القدرة على الاستماع إلى النقد البنّاء، ومواجهة التحديات بشفافية، واختيار فريق عمل يتمتع بالكفاءة والإخلاص. أما تجاهل الحقيقة والانغماس في دوامة التزييف والتطبيل، فلن يؤدي إلا إلى سقوط مدوٍ خارج دائرة المسؤولية.
عندما يتوقف المسؤول عن الاستماع إلى صوت المجتمع الحقيقي وينغمس في دائرة المديح الزائف، يصبح عاجزًا عن رؤية التحديات الفعلية أو اتخاذ القرارات الصائبة. وهنا يبدأ الفشل في الظهور بوضوح، سواء كان ذلك في الأداء العام أو في مستوى الثقة الشعبية به وبمنظومته.
المجتمعات الحديثة بحاجة إلى مسؤولين يتسمون بالشجاعة والمسؤولية الحقيقية، مسؤولين لا يختبئون خلف جدران الوهم ولا ينغلقون على أنفسهم وسط دوائر المديح. هؤلاء هم القادرون على اتخاذ قرارات تصب في مصلحة الجميع، حتى وإن كانت هذه القرارات غير شعبية في البداية.
كما ان الإعلام الحكومي، إذا تم توظيفه بشكل صادق ومهني، بالإمكان أن يكون أداة فعّالة لتعزيز الثقة بين المسؤولين والمجتمع. فبدلاً من التركيز على تلميع الصورة، يجب أن يكون التركيز على طرح القضايا بموضوعية، وتقديم الحلول الواقعية، وتقبل الانتقادات البناءة التي تهدف إلى تحسين الأداء.
رسالة إلى المسؤولين ، تذكروا أن مناصبكم ليست امتيازًا شخصيًا، بل مسؤولية كبيرة تتطلب منكم النزاهة، الشفافية، والانفتاح على مختلف الآراء. المجتمع بحاجة إلى أفعالكم أكثر من شعاراتكم، وإلى حلولكم أكثر من وعودكم.
وفي النهاية، النجاح ليس في الحفاظ على الصورة الوردية، بل في تحقيق نتائج ملموسة يشعر بها الناس، والابتعاد عن دائرة الفشل التي تبدأ من المحيطين بالمكتب وتنتهي بفقدان الثقة الشعبية تمامًا.