هآرتس: العدل الدولية لن تطالب إسرائيل بوقف حرب غزة كليا
تاريخ النشر: 11th, January 2024 GMT
قالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية اليوم الخميس 11 يناير 2024 ، إن المسؤولين في وزارة القضاء الإسرائيلية يقدرون أن محكمة العدل الدولية في لاهاي ستصدر أوامر احترازية من دون مطالبة إسرائيل بوقف الحرب على غزة كليا.
أخبار غـزة الآن لحظة بلحظة عبر قناة تليجرام وكالة سوا الإخباريةوستبدأ المحكمة الدولية مداولات، اليوم وستستمر غدا أيضا، في الدعوى التي قدمتها جنوب أفريقيا واتهمت فيها إسرائيل بارتكاب جريمة إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، وطالبت المحكمة الدولية بإصدار قرار يطالب إسرائيل بوقف الحرب.
ألمانيا والمجر تمنحان جنسيتهما لمحتجزين إسرائيليين في #غزةhttps://t.co/HfeVcaNDRa
— وكالة سوا الإخبارية (@palsawa) January 10, 2024وحسب المسؤولين الإسرائيليين، فإنه بإمكان المحكمة الدولية أن تصدر قرارا يطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مساعدات إنسانية إلى غزة، تشكيل لجنة تحقيق غير منحازة أو السماح بعودة المهجرين الفلسطينيين إلى شمال القطاع.
وستتناول المحكمة الدولية خلال جلستها اليوم، إمكانية ارتكاب إسرائيل إبادة جماعية في غزة في إطار الظروف الحالية، حسب الصحيفة.
ووفقا للدعوى التي قدمتها جنوب أفريقيا، فإنه استنادا إلى تصريحات عديدة أطلقها وزراء وأعضاء كنيست، تعتزم إسرائيل ارتكاب إبادة جماعية في قطاع غزة. وستطالب جنوب أفريقيا المحكمة بأن تصدر على الفور أمر احترازي يطالب بوقف الحرب.
وقال المسؤولون في وزارة القضاء إنه يوجد "احتمال حقيقي" أن تستجيب المحكمة الدولية لطلب جنوب أفريقيا وأن تصدر أمر احترازي معين، وذلك لأن مستوى الأدلة المطلوب من جنوب أفريقيا، في المرحلة الحالية من الإجراء القضائي، منخفض نسبيا. ويتطلب تحقيق ذلك أن تقنع جنوب أفريقيا 9 قضاة على الأقل من أعضاء الهيئة القضائية المؤلفة من 17 قاضيا، بأنه ليس من غير المعقول أن إسرائيل ترتكب في قطاع غزة جرائم من شأنها أن تستجيب لوصف إبادة جماعية وأنه توجد ضرورة ملحة لمنعها.
يشار إلى أن قرار تصدره محكمة العدل الدولية ملزم لإسرائيل، لأنها موقعة على معاهدة منع الإبادة الجماعية، التي بموجبها تنعقد المحكمة. وفي حال لم تنفذ إسرائيل القرار، فإن تنفيذ القرار سينتقل إلى مجلس الأمن الدولي، الذي سيحاول فرضه على إسرائيل، إلى جانب فرض عقوبات دولية عليها أيضا، لكن هذا كله مشروط بألا تستخدم الولايات المتحدة الفيتو. وفي جميع الأحوال، سيترسخ إثر قرار من المحكمة الدولية "رواية تاريخية بأن إسرائيل ارتكبت أعمالا تعتبر إبادة جماعية"، وفقا للصحيفة.
وستستمع المحكمة الدولية للموقف الجنوب أفريقي، وستستمع غدا إلى رد إسرائيل على الدعوى ضدها. وصاغت وزارة القضاء رد إسرائيل بالتعاون مع محامين خاصين. وتعتمد إسرائيل على عضوية رئيس المحكمة العليا الأسبق، أهارون باراك، كمندوب عن إسرائيل في الهيئة القضائية للمحكمة الدولية، وأنه سيتمكن من إقناع الهيئة القضائية بألا تتبنى الدعوى بالكامل.
وحسب نائب المستشار القضائي للحكومة السابق لقضايا القانون الدولي، د. روعي شايندورف، فإن أمام المحكمة الدولية إمكانيات عديدة بشأن أمر احترازي ستصدره ضد إسرائيل، وبضمنها أن تطالبها بوقف الحرب أو لا تطالبها بذلك، "والأرجح بنظري هو أن تختار المحكمة طريقا وسطية وتصدر قرارا محدودا أكثر، مثل مطالبة إسرائيل أن تعمل بموجب قوانين الحرب، وضمان مساعدات إنسانية أو التحقيق بتصريحات غير مألوفة".
المصدر : وكالة سوا - عرب 48المصدر: وكالة سوا الإخبارية
كلمات دلالية: المحکمة الدولیة جنوب أفریقیا إبادة جماعیة بوقف الحرب
إقرأ أيضاً:
مسار التدمير الذاتي: كيف وصلت المحكمة الجنائية الدولية إلى حافة الانهيار؟
فبراير 17, 2025آخر تحديث: فبراير 17, 2025
أحمد الخالد
شكّل الصراع بين فلسطين وإسرائيل تحديًا خطيرًا للمحكمة الجنائية الدولية. ومما زاد من إحباط المتضررين الذين علقوا آمالهم على هذه المنظمة، أن المراجعة انتهت بالفشل. وتواجه المحكمة الجنائية الدولية الآن مستقبلًا غامضًا.
ففي 7 فبراير/شباط، فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، موفيًا بوعده الذي قطعه خلال حملته الانتخابية بمعاقبة المنظمة لإصدارها مذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتهمة ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة.
ووفقًا للعديد من المحللين، فإن قرار ترامب بفرض قيود مالية وقيود على تأشيرات الدخول على موظفي المحكمة الجنائية الدولية وأي شخص يتعاون مع المحكمة في التحقيقات ضد مواطني الولايات المتحدة أو حلفائها قد يؤدي إلى انهيار المنظمة، وفي أسوأ الأحوال، إلى إنهائها بشكلها الحالي.
وردًا على الأمر التنفيذي الذي أصدره ترامب، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية بيانًا حثت فيه الدول الأطراف على معارضة العقوبات الأمريكية، معتبرةً أن هذه الخطوة تضر بعملها المستقل والنزيه. وقد حظي هذا البيان بتأييد 79 دولة، لكن لم يكن له أي تأثير. وظل موقف واشنطن على حاله دون تغيير.
أصول المشاكل
في السنوات الأولى التي تلت تأسيسها، تناولت المحكمة الجنائية الدولية في المقام الأول الجرائم التي ارتكبها السياسيون أو العسكريون في أفريقيا. وبالتالي، كثيرًا ما اتُهمت المحكمة الجنائية الدولية بالانتقائية الجغرافية. وهذا ليس بالأمر المستغرب، حيث تكشف دراسة تاريخ التقاضي أمامها أن من بين 50 قضية نظرت فيها المحكمة الجنائية الدولية، وقعت 40 قضية في القارة الأفريقية.
ومع ذلك، فإن الانتقادات غير الجوهرية لم تعيق قدرة المحكمة الجنائية الدولية على العمل بفعالية ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم الجسيمة ضد الإنسانية. فقد تمكنت المحكمة الجنائية الدولية من الحفاظ على توازن المصالح الهش وتجنب الفضائح والامتناع عن الصراع مع القوى العالمية، على الرغم من وجود أسباب كثيرة تدعو إلى ذلك.
ومع ذلك، واجهت المحكمة الجنائية الدولية في السنوات الأخيرة هجمة كبيرة من الانتقادات. فقد وُجهت انتقادات عديدة للمنظمة، تراوحت بين اتهامات بتسييس القرارات والتدخل في الشؤون الداخلية.
ويمكن أن يُعزى رد الفعل العنيف هذا إلى حد كبير إلى محاولة المحكمة لعب دور أكثر بروزًا على الساحة الدولية. وعلى الرغم من أن أهدافها وصلاحياتها محدودة نوعًا ما، إلا أنها سعت إلى الاضطلاع بدور الحَكَم في العالم الذي لم يكن من الممكن الدفاع عنه في البداية. وعلى الرغم من أن المحكمة الجنائية الدولية لم تتدخل عادةً في المسائل السياسية الكبرى في وقت سابق، إلا أن محاولات التأثير على العمليات الدولية التي أثرت على مصالح القوى العظمى وحلفائها هي التي حفزت الأزمة التي تواجهها المحكمة الآن بشكل كامل.
المحكمة الجنائية الدولية تواصل هجومها
كان عام 2023 عامًا فاصلاً في تاريخ المنظمة. فقد حولت المحكمة الجنائية الدولية تركيزها بشكل كبير من أفريقيا إلى أوروبا والشرق الأوسط. وعلى خلفية النزاعات في أوكرانيا وقطاع غزة، تعرضت روسيا وإسرائيل، أقرب حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، لهجوم من المحكمة الجنائية الدولية.
ولم تضبط المحكمة الجنائية الدولية نفسها وأصدرت مذكرات اعتقال بحق رئيسي دولتين – الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
تجدر الإشارة إلى أن المحكمة الجنائية الدولية حاولت مقاضاة لاعبين عالميين كبار، مثل الولايات المتحدة الأمريكية، على سبيل المثال، على الجرائم التي ارتكبتها في أفغانستان، لكن المنظمة لم تجرؤ مع ذلك على تجاوز حدود الكلام. فقد هددت واشنطن المحكمة الجنائية الدولية برد قاسٍ إذا ما حاولت فتح تحقيق ضد مواطنين أمريكيين، واضطرت المنظمة إلى التراجع، وتركت أي مناقشات علنية حول هذا الموضوع.
أما في حالة روسيا وإسرائيل، فقد ذهبت المحكمة الجنائية الدولية إلى أبعد من ذلك وتعمدت تحدي الجهات الدولية القوية. ونتيجة للمواجهة المفتوحة، وجدت المحكمة نفسها في وضع صعب مع شرعية متنازع عليها وثقة مقوضة.
نتيجة سلبية
لا يزال من غير المعروف ما الذي كان يعول عليه المدعي العام كريم خان عندما أصدر مذكرة توقيف بحق بوتين ونتنياهو، ولكن النتيجة النهائية كانت مشكوكًا فيها، أو بمعنى أدق مدمرة للمنظمة نفسها.
أولاً، فتحت روسيا على الفور دعوى جنائية ضد خان وقضاة المحكمة الجنائية الدولية. وذكرت موسكو أن محاكمة بوتين كانت غير قانونية بشكل واضح، واصفةً قرار المحكمة بأنه” باطل قانونيًا“.
ثانيًا، كل ما حدث بعد الإعلان عن مذكرة اعتقال بوتين لم يؤكّد سوى تدني فعالية المحكمة الدولية، وكشف مرة أخرى عن مشاكل في تنفيذ الأحكام ومحدودية الاختصاص القضائي. حتى الدول التي وقّعت وصادقت على نظام روما الأساسي رفضت اعتقال بوتين خلال زياراته لأراضيها، الأمر الذي شكك في جدوى المحكمة الجنائية الدولية.
وبقراره هذا، دقّ ترامب المسمار الأخير في نعش المحكمة الجنائية الدولية، وأثبت أخيرًا أنه لا يحق لأي منظمة أن تملي إرادتها على القوى العالمية، لا سيما في القضايا التي تمس مصالحها الوطنية.
ونتيجة لذلك، وضع كريم خان، الذي يحمل الجنسية البريطانية، والذي تولى منصبه في عام 2021، المحكمة الجنائية الدولية على عتبة التصفية في غضون ثلاث سنوات فقط. قد يجادل البعض بأن هذا لم يحدث عمدًا وأن نواياه كانت حسنة. إلا أننا في النهاية نرى أن النائب العام خان، بحكم طموحه أو افتقاره إلى الحكمة، أو اعتماده على الرأي العام، قد شوه سمعة منظمة ذات سمعة طيبة استمرت أكثر من 20 عامًا، مما أدى إلى انهيارها بحكم الأمر الواقع.
ووفقًا لوسائل الإعلام الغربية، فقد استقال عدد من كبار الموظفين حتى قبل قرار ترامب لتجنب إدراجهم على قائمة العقوبات. أما البقية فقد حصلوا على رواتب عدة أشهر مقدماً، استعداداً لوقف التمويل.
تصحيح الأخطاء
على خلفية الأحداث الدراماتيكية الأخيرة التي أحاطت بالمحكمة الجنائية الدولية، طرح الكثيرون سؤالًا منطقيًا حول الحاجة إلى مثل هذه المنظمة. ففي نهاية المطاف، إذا لم يتم تنفيذ قرارات المحكمة، فما الحاجة إليها أصلاً؟
ومع ذلك، إذا أردنا أن نسترشد بالحقائق، فلا بد من الاعتراف بأن المحكمة الجنائية الدولية منذ تأسيسها حتى عام 2023، كان نفعها أكثر من ضررها. فقد حققت المحكمة في عشرات القضايا التي نجحت في التحقيق فيها وحاكمت الجناة.
ولذلك، مع الأخذ في الاعتبار المزايا السابقة، فإن إصلاح المحكمة الجنائية الدولية لا يخلو من معنى. ومع ذلك، عند تصحيح الأخطاء، من الضروري النظر في طوباوية فكرة المحكمة الدولية العليا التي ستكون قراراتها ملزمة لجميع الدول دون استثناء.
وبناءً على ذلك، لا يمكننا الاعتماد على تحسين عمل الهيئات الحالية للمحكمة الجنائية الدولية وتطوير آليات لمنع الحالات التي تهدد عمل المحكمة. يجب على المحكمة الجنائية الدولية أن تتجنب إصدار أحكام استفزازية، لا سيما ضد كبار مسؤولي الدولة. فمن الواضح أن إصدار حكم ضد رئيس أي دولة هو خطوة خطيرة، وإذا لم يكن بالإمكان تنفيذ الحكم بالكامل، فإن الحكم يعتبر خطوة سياسية شعبوية تهدف إلى إثارة غضب الرأي العام أكثر من كونه محاولة حقيقية لتحقيق العدالة.
لذلك، في مثل هذه الحالات، ينبغي على المحكمة الجنائية الدولية ممارسة ضبط النفس وتجنب اتخاذ قرارات قاسية. وهذا من شأنه أن يبني الثقة في أحكام المحكمة الجنائية الدولية ويردع الدول الأخرى عن اتهام المنظمة بالتحيز والتسييس.
وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي أن يتمتع الأمين العام للمحكمة الجنائية الدولية بسمعة لا تشوبها شائبة. ولا ينبغي أن يثير حياده ونزاهته ذرة شك في نظر الرأي العام الدولي. وفي حال وجود أدلة على عكس ذلك، والتي قد تلقي بظلالها على عمل المنظمة، ينبغي إقالته من منصبه على الفور حتى تتضح جميع ملابسات القضية.
على سبيل المثال، عندما اتهمته إحدى مرؤوسات كريم خان السابقة بالتحرش الجنسي، مما أثار دهشة الجميع، لم يتم إيقاف الأمين العام عن العمل أثناء التحقيق فحسب، بل زُعم أنه كان متورطًا في علاقات شخصية للضغط على الشاهد لسحب الادعاء.
علاوةً على ذلك، وكما اتضح لاحقًا، كانت زوجة خان لفترة طويلة موظفة في هيئة الرقابة التابعة للمحكمة الجنائية الدولية، وهي التي قادت التحقيق الداخلي ضد خان، كما أن الرئيس الحالي لهذه الهيئة كان أحد مرؤوسي خان وعمل معه مباشرةً في الماضي.
وتؤدي هذه الظروف إلى تهميش المحكمة الجنائية الدولية وتقويض مصداقيتها، مما يدل على انعدام الشفافية والمحسوبية المترسخة في أعلى هرم المنظمة.
الخاتمة
على الرغم من عيوبها، لا يمكن القول إن المحكمة الجنائية الدولية محكوم عليها بالفشل في نهاية المطاف. فقد انحرفت عن مسارها الأصلي، بعد أن صُممت كمؤسسة مستقلة، وتحولت إلى أداة ضغط مسيّسة تتأثر بالمحيط الدولي.
ولكن ما هو مقبول للبعض، لا يمكن أن يكون مقبولًا للبعض الآخر بشكل قاطع. لذلك، ولكي تستعيد المحكمة الجنائية الدولية سمعتها، يجب أن تصبح مرة أخرى نموذجًا للحياد وضبط النفس، وأن تحترم مصالح الأطراف الدولية الفاعلة مع الالتزام الصارم بمبادئ العدالة المستقلة. وإلا فإن المنظمة ستُحرم ببساطة من مستقبلها وستسقط في غياهب النسيان.