الثغرات التي تواجهها إسرائيل في حربها ضدّ غزة المستمرة منذ قرابة الـ100 يوم تقريباً، تسعى لتعويضها في لبنان ميدانياً وعبر عمليات من نوعٍ جديد.

حتى الآن، لم تستطع تل أبيب إغتيال قادة حركة "حماس" في القطاع الفلسطينيّ، فيحيى السنوار، قائد الحركة في غزة، ومحمد الضيف، القائد العسكري لكتائب "القسام"، ما زالا يقودان المعركة ولم تستطع إسرائيل تحقيق أي انتصارٍ من خلال إستهدافهما أو تطويق حركتهما.



لهذا السّبب، قرّرت إسرائيل الإنتقال إلى لبنان لتأدية مهمّتها الأمنية من أجل القول لمجتمعات المستوطنين إنها تقوم بصنع تقدّم عسكري ضد "حزب الله" الذي يعتبره الإسرائيليون كابوساً كبيراً.. والسؤال الذي يُطرح هنا: كيف تتحرك إسرائيل؟ وما الذي تقومُ به؟

من يقرأ التقارير الإسرائيليّة يتبين له أنّ تل أبيب تلقت 3 صفعاتٍ محورية، أولها الضغوطات المتزايدة لوقف الحرب في غزة من دون تحقيق أي إنجازات ملموسة، فيما الصفعة الثانية تتربطُ بالقصف الذي طالَ مراكز عسكرية مهمة بالنسبة لها عند الحدود مع لبنان وتحديداً قاعدة ميرون الجويّة العسكريّة. أما الصفعة الأكثر تأثيراً فكانت في مساهمة "حزب الله" بتهجير سكان المستوطنات الإسرائيلية المحاذية مع لبنان، وتأكيد هؤلاء أن عودتهم إلى منازلهم مرهونة بـ"إنتزاع حزب الله من الحدود".

"محاربة العقول"

بالنسبة إلى ميدان غزة، فإنَّ الحرب الإسرائيلية ضمنهُ قائمة على أكثر من صعيد، لكنّ عدم تحقيق أي هدف من أهداف الحرب المُعلنة سيساهم في زيادة الإحتقان في الداخل الإسرائيليّ. لهذا، فإنّ "التنفيسة" وُجدت في جنوب لبنان، ويكمن الأمر هنا في تنفيذ سياسات إغتيال من جهة وتشكيل حربٍ جديدة من نوع إستخباراتيّ عالي المستوى من جهة أخرى.

أول هدفٍ لإسرائيل من حربها الجديدة هو "إصطياد القادة الميدانيين" التابعين لـ"حزب الله". ما يظهر بشكلٍ جلي هو أن تل أبيب تحاول "محاربة العقول" الخاصة بالحزب. على سبيل المثال، مثّل إغتيال القياديّ وسام الطويل ضربة خطيرة للحزب، فالطويل عارفٌ بالتفاصيل الدقيقة داخل الحزب، لكنّ ثغرة أمنية أطاحت بـ"عقلٍ مفكر" و "مُدير ذكي" بحسب ما قالت مصادر مُقربة من "حزب الله" لـ"لبنان24".

أمام كل ذلك، تسعى إسرائيل للإقتصاص من خطوات "حزب الله" الميدانية وذلك عبر الرد إستخباراتياً وبواسطة عمليات الإغتيال وتحديداً تلك التي تطالُ "القيادات الكبرى" أمثال الشهيد علي حسين برجي الذي اغالته إسرائيل خلال تشييع الطويل.

قد يكون إغتيال القيادي في حركة "حماس" صالح العاروري، الرسالة الأولى داخلياً في لبنان لعمليات الإستهداف الموجهة ضدّ قادة الحزب بالدرجة الأولى. ما يبدو هنا هو أن إسرائيل أطلقت العنوان الأولى وهو إن الضاحية تحت الرصد حيث اغتيل العاروري، فيما انتقلت إلى اغتيالاتٍ في الجنوب للقول إنّ ساحتي "حزب الله" تعرضتا للخرق، وبالتالي شنّ الحرب النفسية الأخطر.

وأمام كل ذلك، يتضحُ أن إسرائيل تسعى إلى الضغط على الحزب من أجل إضعافه "عسكرياً"، وبالتالي إقناع مجتمعات المستوطنات أن تل أبيب استطاعت ضرب "عمق حزب الله" وتحييد مسؤوليه الكبار على قاعدة أن "ضرب العقول أو الجهات الأساسية ضمن الحزب لن يجري تعويضه بسرعة، وبالتالي يمكن أن يتم اعتبار ذلك بمثابة تقدم ميداني وعسكري".

كيف يردّ الحزب "إستخباراتياً"؟

المسألة في جنوب لبنان مفصلية جداً لأن ساحة المواجهة الإستخباراتية فيها واسعة. فعلياً، فإن تعقب العدو الإسرائيلي أهدافه عبر الأقمار الإصطناعية ومجموعة من العملاء، يُعتبر تفوقاً إستخباراتياً خطيراً على أرض الجنوب. إضافة إلى ذلك، يعتبر إستخدام طائرات مسيّرة متقدمة للتصوير والقصف بمثابة منعطفٍ غير سهلٍ ميدانياً وعسكرياً.

لهذا السبب، بات الحزب مُجبراً على الرد إستخباراتياً طالما أن إسرائيل تُحاربه من البوابة نفسها. هنا، يسعى الحزب من خلال معلوماته لتكثيف معرفته بكل التجمعات الإسرائيلية عند الحدود، وهو يُظهر هذا الأمر بشكل واضح. كذلك، يحاول الحزب تحديد الإحداثيات الخاصة بالمواقع التي يقصفها، الأمر الذي يعتبر ضربة قوية للإسرائيليين.

ما لا يُمكن إغفاله أبداً هو "الثغرة" التي يمكن أن يعمل الحزب على إيجاد حلّ لها وهي إعادة ضبط المجال الجوي الذي بات مُشرّعا أكثر من اللازم أمام الإسرائيليين. وبالأمس، وردت رسائل من سوريا تفيد بأن الحزب عزز من نشر أجهزة تشويش ضد المسيرات في محافظة دير الزور تلافياً لأي استهدافات قد تطال قواته هناك.. المسألة هذه قد تحصلُ في جنوب لبنان، فهي مطلوبة ويمكن أن يتم تنفيذها حفاظاً على مقاتلي الحزب لاسيما خلال أي حربٍ مفتوحة، فسلاح المسيّرات هو الأخطر والأعنف والمعارك تدورُ حوله الآن.
كذلك، هناك وجهة نظر أخرى وتقول إن الحزب لا يريدُ أن يفتح الجبهة كي لا يستنفد طاقة مقاتليه. إلا أنه في المقلب الآخر، إذا إستمرت الأوضاع على حالها، فإن الحزب قد يواجه خطر الإنكشاف أيضاً خصوصاً على الصعيد الميداني. إنطلاقاً من كل ذلك، ما يُفهم هو أن الحزب بات يستشعر تلك الجزئية، ولهذا السبب بات يكثف نوعية عملياته لإسداء رسالة للإسرائيليين مفادها إن منشآتكم مكشوفة علناً، وأنّ من تم اغتيالهم ليسوا وحدهم في المعركة، بل هناك عناصر أكثر ذكاء ويمكنها إدارة المعركة كما يجب و"سد الثغرات" الأمنية والإستخباراتية بالطرق اللازمة والمطلوبة. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله تل أبیب

إقرأ أيضاً:

مسؤول أممي: وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل يحتاج لمسار سياسي

أكد قائد قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان «يونيفيل» الجنرال «أرولدو لاثارو» أن الوقف الدائم لإطلاق النار بين لبنان وإسرائيل يحتاج لمسار سياسي ودعم دولي، مشددا على أن الحل الأكثر ديمومة يتطلب مسارا سياسيا.

وبحسب مركز إعلام الأمم المتحدة، اليوم الثلاثاء، قال «أرولدو لاثارو» خلال اجتماع مجلس الأمن حول عمليات حفظ السلام، إنه منذ وقف الأعمال العدائية، الذي دخل حيز التنفيذ في 27 نوفمبر، وفي غياب وقف دائم لإطلاق النار، كانت إحدى العقبات الرئيسية دائما هي اختلاف تفسير الأطراف لالتزاماتها بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1701، والآن فيما يتعلق بتفاهم وقف الأعمال العدائية.

وأكد قائد قوة اليونيفيل، أن انسحاب إسرائيل وإدراك الحساسيات السياسية في لبنان، بالإضافة إلى نظرة السكان المحليين في منطقة عمليات اليونيفيل، عوامل أساسية لقبول البعثة وحرية تنقلها واستمرار الشراكة الجيدة مع القوات المسلحة اللبنانية، مشددا على أن العملية السياسية نحو وقف إطلاق نار دائم ينبغي أن تكون ذات أولوية قصوى.

وأشار إلى أن التدخل الأمريكي والفرنسي ساعد في تهدئة الأعمال العدائية، حيث تم إنشاء آلية مراقبة، لكن هذه العملية لا تزال هشة، وحتى الآن، لم تحدث سوى اتصالات بين العسكريين.

وجاء اجتماع مجلس الأمن في الوقت الذي يجتمع فيه رؤساء المكونات العسكرية لبعثات حفظ السلام الأممية في «نيويورك» لحضور مؤتمرهم السنوي هذا الأسبوع، والذي سيناقشون فيه مواضيع بالغة الأهمية مثل مبادرات الاتصال الاستراتيجي المعاصرة، وندرة الموارد، والتقدم المحرز في مجالي المرأة والسلام والأمن، وحماية المدنيين، والاستفادة من التكنولوجيا في عمليات حفظ السلام.

وفي كلمته أمام المجلس، قال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام «جان بيير لاكروا» إن بيئة عمل بعثات حفظ السلام اليوم تتسم بديناميكية متزايدة، وغالبا ما تتسم بتهديدات مختلطة تطمس الحدود بين المجالات.

وشدد «جان بيير لاكروا» على أن المهمة الرئيسية لمراقبة وقف إطلاق النار لم تعد تقتصر على التواجد فحسب، بل تتعلق بالفهم السريع لما يحدث على أرض الواقع والتصرف بناءً عليه، وقال إن عمليات حفظ السلام صُممت منذ نشأتها كوسيلة لمراقبة وقف إطلاق النار أو الهدن، وقد شكّلت هذه المهمة المبادئ الأساسية والروح العملياتية للبعثات الأممية.

وأضاف وكيل الأمين العام أن التكنولوجيا تُمكّن بعثات حفظ السلام من مراقبة مناطق شاسعة ومعقدة في وقت شبه آني، متجاوزةً بذلك قيود الأساليب القديمة التي تعتمد بشكل أساسي على الوجود المادي.

وقال إن التكنولوجيا تُساعد في تنفيذ استراتيجيات متماسكة تستند إلى مبادئ الاتفاق والحياد وعدم استخدام القوة، التي تعد أساس عمل هذه البعثات، إلا أنه أكد على ضرورة دمج التكنولوجيا ضمن عملية سياسية مدعومة بدعم موحد من الدول الأعضاء، وخاصة مجلس الأمن.

وأكد «جان بيير لاكروا» أنه في حين أن حفظ السلام يمكن أن يكون جزءا لا يتجزأ من نظام مراقبة وقف إطلاق النار، فإن نجاح أي وقف لإطلاق النار يبقى مسؤولية الأطراف وحدها. وأضاف أن نجاح عمليات حفظ السلام في تنفيذ ولاياتها، يتطلب دعم الدول الأعضاء والحكومات المضيفة والأطراف، والأهم من ذلك، دعم مجلس الأمن الدولي.

من جانبه، قال قائد بعثة الأمم المتحدة في جمهورية الكونغو الديمقراطية «مونوسكو» الجنرال «أوليسيس دي ميسكيتا جوميز» إن البعثة معروفة بقدرتها على التكيف مع التحديات الجديدة والتزامها بالابتكار، بما في ذلك استخدام التكنولوجيا الحديثة، والمشاركة المستدامة مع المجتمعات المحلية، ونشر قوات التدخل السريع والوحدات المتنقلة للرد على التهديدات.

وأضاف جوميز، أن البعثة تمتلك تقنيات مراقبة عززت بشكل كبير وعيها بالوضع على الأرض وكفاءتها التشغيلية، وذكر أن هذه الأدوات يمكن أن تُنشر بالمثل لمراقبة وقف إطلاق النار.. يعتمد الرصد الفعال لوقف إطلاق النار على استمرار التعاون وموافقة الدولة المضيفة والسكان المحليين. يجب الحفاظ على الثقة من خلال الشفافية والمساءلة والتواصل الفعال.

كما أكد الجنرال جوميز، أن تعزيز الشراكات مع المنظمات الإقليمية ومنظمات المجتمع المدني والجهات المعنية الدولية أمر بالغ الأهمية لاستدامة بعثة حفظ السلام وتحقيق ولايتها بنجاح.

اقرأ أيضاًقائد الجيش اللبناني: انسحاب إسرائيل يجب أن يتم اليوم قبل الغد

الصحة اللبنانية: استشهاد مواطن إثر غارة إسرائيلية على بلدة الطيبة

الرئيس عون لقوات الأمن: حققوا مصلحة لبنان فقط.. ونفذوا القوانين ولا تتأثروا بأحد

مقالات مشابهة

  • حزب الله في لبنان.. التأسيس والتوجهات والتوازن بين العقيدة والسلطة
  • عون وبري متفقان.. هذا جديد مسألة سلاح الحزب
  • تصعيد مضاعف في الجنوب الأمامي فما الذي تريده إسرائيل مجدداً؟
  • أمر أساسي أبقى إسرائيل في لبنان.. معهد في تل أبيب يكشف
  • بين ضغط أمريكي واعتداء إسرائيلي.. هل يستطيع لبنان نزع سلاح حزب الله؟
  • مسؤول بحزب الله: مستعدون لمناقشة مستقبل سلاح الحزب بهذه الشروط
  • مسؤول أممي: وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل يحتاج لمسار سياسي
  • التهديدات لم تعد كافية.. إسرائيل تنتقل للتنفيذ وترسم حربها
  • قتلى بغارات على لبنان وإسرائيل تعلن استهداف قيادي بحزب الله
  • كيف تخدم إسرائيل حزب الله؟.. تقريرٌ جديد يتحدّث!