سلطت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية الضوء على تأثير معركة "طوفان الأقصى" على شركات التكنولوجيا الإسرائيلية، والتي تعد أحد أبرز روافد الاقتصاد الإسرائيلي، ما شكل ضربة إضافية للنظام الاقتصادي لدولة الاحتلال.

وأوضح التقرير أن الحرب في "جنوب إسرائيل وشمالها"، والتي نتج عنها نزوح مئات الآلاف من الإسرائيليين من تلك المناطق، والتجنيد الواسع لشبان إسرائيليين بالجيش، تسبب في أزمة تشغيلية غير مسبوقة في قطاع التكنولوجيا، والذي يعد أبرز القطاعات الجاذبة للاستثمارات في دولة الاحتلال.

اقرأ أيضاً

الاقتصاد الإسرائيلي يهتزّ ولعنة السقوط تلاحقه

إغلاق الشركات

على سبيل المثال، أجبر هجوم "حماس" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي شركة "UBQ Materials"، المتخصصة في تكنولوجيا تحويل القمامة إلى بلاستيك يمكن استخدامه لأغراض متعددة، على إغلاق مصنعها الذي يقع على بعد 20 ميلا (32 كلم) من الحدود مع قطاع غزة، مخلفا صدمة لدى الموظفين، الذين قتل اثنان منهم، في حين خسر كثيرون آخرون منازلهم واضطروا إلى العيش على بعد 100 ميل (160 كلم).

ورغم أن الشركة التي تأسست عام 2012، تمكنت من النهوض وتشغيل عملياتها مجددا خلال ثلاثة أسابيع، إلا أن شركات أخرى لم تلق المصير ذاته، بحسب الصحيفة الأمريكية.

وبالإضافة إلى أكثر من 360 ألف جندي احتياط تمّت تعبئتهم، اضطُّر ما لا يقل عن 125 ألف إسرائيلي إلى مغادرة منازلهم في جنوب إسرائيل أو في مناطق الشمال الحدودية مع لبنان، والتي تشهد بشكل يومي تبادلاً لإطلاق النار بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله اللبناني، وفق "فرانس برس".

اقرأ أيضاً

الصفقات التجارية في أدنى مستوياتها.. تقرير: واقع ضبابي يواجه الاقتصاد الإسرائيلي

ضربات للاقتصاد الإسرائيلي

وذكرت الصحيفة أن الحرب أثرت في الاقتصاد الإسرائيلي "بشكل قد لا يبدو ملحوظا خارج البلاد"، حيث توقفت السياحة وارتفعت نفقات الحكومة، والضربة التي تلقتها شركات التكنولوجيا "هزت الثقة في قطاع كان قد أضحى محرّكا أساسيا في اقتصاد إسرائيل".

وساهم استدعاء 350 ألفا من جنود الاحتياط في تشتيت العمليات التشغيلية لدى العديد من الشركات، كما بدأ المستثمرون بالتردد وفقا لإحصائية أجرتها سلطة الابتكار الإسرائيلية، الممولة حكوميا، بالتعاون مع مركز "Start-Up Nation Policy.

ونتيجة لذلك، قالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، إن الحرب ستتسبب في "تباطؤ مؤقت ولكن واضح" في الاقتصاد الإسرائيلي.

وكان الاقتصاد الإسرائيلي شهد نموا بنحو 3% قبل هجمات السابع من أكتوبر، ومن المتوقع الآن أن يتباطأ إلى 1.5% هذا العام.

ويؤثر على الاقتصاد نقص العمالة، وانخفاض ثقة المستهلكين والشركات، وارتفاع التضخم.

اقرأ أيضاً

تصاعد الانتقادات داخل إسرائيل: الاقتصاد يتدهور مع استمرار الحرب

تراجع الاستثمار الأجنبي

وقال جوناثان كاتز، المتنبئ الاقتصادي السابق في وزارة المالية الإسرائيلية، إن مصدر القلق الآخر هو الاستثمار الأجنبي، الذي كان ضعيفا بالفعل قبل 7 أكتوبر بسبب عدم اليقين الناجم عن النزاع بين حكومة رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، اليمينية والمحكمة العليا الإسرائيلية.

وقال كاتز للصحيفة: "السؤال الآن هو ما إذا كان الأجانب سيظلون يرغبون في الاستثمار في التكنولوجيا المتقدمة الإسرائيلية، أو ما إذا كانوا يفضلون استثمار أموالهم في مكان آمن وهادئ، مثل أيرلندا".

اقرأ أيضاً

خسائر الاقتصاد الإسرائيلي من الحرب ضد غزة تتفاقم.. تعرف عليها

تقرير سابق

وكانت وكالة "فرانس برس" نشرت تقريرا، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، سلط الضوء على شركات إسرائيلية عدة تعاني من نقص الموظفين، جراء الحرب، من بينها  مجموعة "راف – بريح" (Rav-Bariach).

وذكرت أنه على المستوى اليومي، يؤثر نقص اليد العاملة قبل أي شيء آخر على نشاط الشركة منذ بداية الحرب التي أعقبت هجوم "حماس" غير المسبوق على جنوب إسرائيل.

وقدّر إيدان زو-اريتز، لمدير التنفيذي للشركة، بأن المصنع شغّل حينها ما يتراوح بين 60 إلى 65% من قوته العاملة التي يصل عديدها في الأيام العادية إلى 600 موظف.

وقال للوكالة: "نحن نفتقر إلى الأيدي العاملة. تم تجنيد بعض الموظّفين في الجيش، بينما نُقل آخرون إلى مناطق أخرى لأسباب أمنية".

اقرأ أيضاً

مصائب الاقتصاد الإسرائيلي لا تأتي فرادى

الحرب الحالية مختلفة

وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة حيفا، بنيامين بنتال، إنه على الرغم من أن المجتمع والاقتصاد الإسرائيلي معتادان على الأزمات، إلا أن "كل النزاعات الإسرائيلية الفلسطينية في السنوات الأخيرة كانت محدودة نسبيا مقارنة بالنزاع الحالي".

وبينما ستؤدي الحرب إلى إنفاق مليارات الدولارات الإضافية من ميزانية الدولة، فقد وجه 300 خبير اقتصادي إسرائيلي رسالة مفتوحة الى إلى حكومة نتانياهو في نهاية أكتوبر، وطالبوه باتخاذ تدابير عاجلة، متّهمين إياه بأنه "لا يفهم حجم الأزمة الاقتصادية التي قد يواجهها الاقتصاد الإسرائيلي"، بحسب "فرانس برس".

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: طوفان الأقصى حرب غزة الاقتصاد الإسرائيلي خسائر إسرائيل شركات إسرائيلية قطاع التكنولوجيا الإسرائيلي الاقتصاد الإسرائیلی اقرأ أیضا

إقرأ أيضاً:

رمضان يخفف من قساوة التحديات التي يواجهها رواد الأعمال السودانيون

لم يجد رجل الأعمال مشعل محمود محمد مناصا من مغادرة الخرطوم بحري بعد اندلاع الحرب في السودان منتصف أبريل/نيسان 2023، متوجها إلى إثيوبيا.

كان مشعل يعمل في الخرطوم بالاتجار بقطع غيار آليات الورش، ونجح في تحقيق أرباح جيدة، وظل يعمل في هذا المجال حتى اندلاع الحرب، حيث خسر معارضه التجارية ومنزله وسياراته.

يقول مشعل لـ"الجزيرة نت" إنه خسر كل شيء، حيث سُرقت جميع محلاته ومعرضه في مدينة بحري (شمالي العاصمة)، مما دفعه إلى المغادرة في مايو/أيار 2023.

وبعد وصوله إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا برفقة أسرته، فكر على الفور في العودة إلى مجاله السابق، لكنه واجه واقعا تجاريا مختلفا تماما عن السودان من حيث رأس المال والإجراءات.

وبعد تفكير، يقول مشعل إنه اتخذ قرار افتتاح مطعم لإعداد الوجبات السودانية، خاصة أن الفترة تلك شهدت وصول أعداد كبيرة من السودانيين إلى إثيوبيا لاستكمال إجراءات السفر إلى دول أخرى.

وخلال شهر رمضان من العام الماضي، كان مطعم مشعل يلبي طلبات مواطني بلاده على الإفطار والعشاء بأطباق سودانية ذائعة الصيت، لاقت رواجا كبيرا، خاصة مع تقديم المشروبات الرمضانية السودانية المعروفة، ومنها "الحلومر".

إعلان

ويوضح مشعل لـ"الجزيرة نت" أن طبيعة العمل كانت في البداية صعبة للغاية في ظل الحاجة إلى تحضيرات متواصلة من دون توقف أو إجازات، حيث كان لزوجته الدور الأكبر في إدارة العمل وتحريكه بشكل رئيسي، ولذلك قرر تسمية المطعم بـ"البيت السوداني"، لأن زوجته تعدّ الطعام كما تفعل في المنزل.

وبالعودة إلى بداية العمل، يرى مشعل أنه كان مزدهرا، حيث كان عدد السودانيين كبيرا، لكنه تراجع حاليا مع تناقص الأعداد وتراجع أرقام العابرين إلى دول أخرى. ومع ذلك، يقول رجل الأعمال الشاب إن الأمور لا تزال تسير على ما يرام، إذ يستعد خلال شهر رمضان الحالي بتحضيرات نوعية، كما يسعى إلى جذب الإثيوبيين وغيرهم لتجربة الطعام السوداني.

الحرب دفعت رواد الأعمال إلى مواجهة خسائر قاسية والتكيف مع واقع اقتصادي صعب (الفرنسية) خير رمضان وكرمه

ويقول رجل الأعمال خالد بيرم، الذي يشغل أيضا منصب أمين مكتب الشؤون الخارجية للغرفة التجارية بمحلية عطبرة بولاية نهر النيل شمال السودان، إن رمضان هو شهر الخير والبركة، وينعكس كرمه على الجميع.

ويؤكد لـ"الجزيرة نت" أن الحركة التجارية في الشهر الفضيل تُعرف بـ"الموسم"، حيث تزدهر بشكل ملحوظ ويتعاظم الطلب على سلع ومنتجات مختلفة.

ويضيف: "الأعمال والتجارة بشكل عام في السودان خلال الشهر الفضيل تكون في حالة انتعاش ونمو، وتبدأ دائما قبل حلول شهر رمضان بـ10 أيام تقريبا، أو حتى اليوم الذي يسبق بدايته، حيث تشهد الأسواق حركة مكثفة ونشطة".

ويوضح أنه عندما يتعلق الأمر بالمواد الغذائية، فإن الناس يكونون على استعداد لشرائها، وغالبا ما ترتفع أسعارها.

أما فيما يتعلق بالغرفة التجارية في عطبرة، فيشير بيرم إلى أن التجار يقومون بتجهيز سلال للصائمين، تحتوي على المواد الغذائية الأساسية للصائم، كما يقوم بعض التجار بإخراج سلال إضافية لرمضان من أموالهم الخاصة.

إعلان

ويؤكد بيرم أن هناك حركة واسعة للأموال والتجارة والبضائع، وهذا يزيد الأرباح والدخل، مشيرا إلى أنه كلما زاد الدخل، زاد الإنفاق على الفئات الضعيفة من خلال الصدقات والإكراميات والسلال الغذائية وزكاة الفطر والتبرعات.

ويستطرد قائلا: "اسم رمضان كريم لم يأتِ من العدم، الله يوفّر احتياجات الناس، وهناك حالة من السعادة بين الجميع، بما في ذلك التجار ورجال الأعمال".

صعوبات جمة

لمجموعة "أبو الفاضل بلازا" في السودان صيت خاص، خصوصا عند حلول شهر رمضان المبارك، إذ يُعتبر الموسم الذي ينتظره آلاف السودانيين للاستفادة من التخفيضات وشراء المستلزمات المنزلية، حيث تتميز المجموعة بالاستيراد الراقي والأسعار المناسبة.

مجموعة أبو الفاضل بلازا خسرت الكثير بسبب الحرب (الجزيرة)

لكن الحرب ألقت بظلالها القاتمة على المجموعة في كل فروعها المنتشرة في مدن الخرطوم الثلاث (الخرطوم، وأم درمان، والخرطوم بحري)، كما يقول هاشم أبو الفاضل لـ"الجزيرة نت"، حيث خسرت الشركة بضائعها بالكامل إما بالاحتراق أو السرقة أو النهب والتخريب، ولم يتمكنوا من إنقاذ أي شيء باستثناء البضائع التي كانت تحت التخليص الجمركي بالميناء.

ويروي هاشم لـ"الجزيرة نت" سلسلة معاناة صعبة عاشها رواد الأعمال في القطاع الخاص السوداني، بسبب الحرب التي اندلعت فجأة من دون أن يتمكن أصحاب الشركات، خاصة وسط العاصمة الخرطوم، من تدارك الأمر وإنقاذ ما يمكن من رأس المال.

ويشير إلى أن 90% من أصحاب الأعمال عادوا إلى نقطة الصفر، وفقدوا كل شيء تقريبا، ليصبح القطاع الخاص أكبر المتضررين من الحرب المستمرة منذ نحو عامين.

ومع ذلك، يقول هاشم إنهم حاولوا النهوض مجددا والعودة إلى العمل، ورفضوا الخروج بما تبقى من رأس المال إلى خارج البلاد، فقرروا افتتاح فروع جديدة للمجموعة في بورتسودان والعودة للعمل في أم درمان بعد تحسن الأوضاع الأمنية جزئيا.

إعلان

لكنه يشكو من تعامل السلطات الحكومية، مشيرا إلى أنها تفرض رسوم جمارك وغيرها من الجبايات بأرقام فلكية، لا تراعي الخسائر الفادحة التي تكبدها القطاع الخاص، ولا تضع في اعتبارها حرص رجال الأعمال على المساهمة في إعادة الإعمار.

ويشبه هاشم أوضاعهم الحالية بمن يمشي على النار، لكنه رغم ذلك يؤكد أنهم حريصون على مواصلة العمل وتجاوز الصعاب الحالية.

خسائر كبيرة

وإزاء الأوضاع الاقتصادية في السودان، يقول الخبير في الشؤون الاقتصادية عبد العظيم المهل للجزيرة نت إن القطاع الخاص السوداني خسر الكثير في هذه الحرب قدرت في القطاعين الصناعي والخدمي في الخرطوم بـ90%، وفي ولاية الجزيرة تصل نسبة الخسائر إلى 88% ، أما في ولايات دارفور عدا الفاشر فتقدر الخسائر بـ80% في القطاعين.

ويشير إلى أن تقديرات جملة خسائر القطاع الخاص في كل القطاعات بحوالي 130 مليار دولار 90% منها لا تخضع للتأمين.

ويرى أن القطاع الخاص بحاجة لوقت كي يعود للعمل لكنه يتوقع عودته بنحو أسرع من القطاع العام.

ويأسف المهل لخروج بعض رواد الأعمال في القطاع الخاص من السودان والهجرة للخارج بينما نزح آخرون داخليا وهو ما قد يؤدي إلى تشتت الصناعة والخدمات بعيدا عن العاصمة.

ويرى المهل أن الفجوات تطال كل القطاعات التي ستبدأ من نقطة الصفر ويردف إذا تم ذلك فسوف ينهض الاقتصاد السوداني خلال نحو 3 أعوام، مؤكدا إمكانية التعافي والنهضة في حال وجدت السياسات المستقرة والإدارة الواعية والتكنولوجيا الحديثة في كل المجالات متبوعة بالقبضة الأمنية القوية والاستقرار السياسي.

مقالات مشابهة

  • كيف أدارت المقاومة حربا نفسية تفوقت على السردية الإسرائيلية؟
  • المعارضة الإسرائيلية تحذر من موت الأسرى بحال عودة الحرب إلى غزة
  • فاينانشال تايمز ترصد الاقتصادات الصاعدة التي ولدت خلال الأزمة المالية
  • شباب ليبيا يناقشون التحديات التي تواجه الاقتصاد
  • الاقتصاد الإسرائيلي يعاني من تباطؤ النمو وتراجع الإيرادات
  • أبرز عقوبات إسرائيل الجماعية بحق فلسطينيي الضفة والقدس
  • الاقتصاد الإسرائيلي يتباطئ على عكس التوقعات
  • زعيم المعارضة الإسرائيلية: العودة للحرب في غزة تعني موت المختطفين
  • صيادو غزة يصنعون مراكب من أبواب الثلاجات بعدما دمرت إسرائيل القوارب
  • رمضان يخفف من قساوة التحديات التي يواجهها رواد الأعمال السودانيون