الذين يراقبون من الداخل والخارج ما تتعرّض له القرى الجنوبية الحدودية وغير الحدودية من قصف إسرائيلي ممنهج يستغربون كيف أن البعض لا يزال يصف هذه الاعتداءات بـ "المناوشات". ويزيد هؤلاء فيقولون بأن ما يحصل في الجنوب هو حرب متكاملة الأوصاف من حيث نتائجها السلبية، بشرًا وحجرًا. فشهداء "حزب الله"، فضلًا عن الضحايا من المدنيين، لم يسقطوا عن طريق الخطأ، بل أصيبوا إصابات مباشرة في حرب حقيقية تدور رحاها بين إسرائيل و"حزب الله" على أرض الجنوب، انطلاقًا وتلقّيًا.

وما المنازل التي تدّمر وتُدّك فوق رؤوس أهلها، وما المحاصيل الزراعية التي تُحرق بالقذائف الفوسفورية سوى نتيجة مباشرة من نتائج هذه الحرب القائمة منذ ثلاثة أشهر ونيّف، وهي مستمرة ما دام أهل قطاع غزّة لا يزالون يتعرّضون لأبشع أنواع المجازر. 
فالحرب الجنوبية المرتبطة ارتباطًا عضويًا ومعنويًا وعاطفيًا بالحرب التدميرية لقطاع غزة بدأت تأخذ أبعادًا استراتيجية وميدانية مغايرة لما كانت عليه منذ بداياتها في 8 تشرين الأول الماضي، حيث كانت تدور في محور ما كان يُسمّى بـ "قواعد الاشتباك". أمّا اليوم فالأمور مختلفة، مع ما يُخشى من توسّع الحرب لتشمل لبنان كله أسوة بما يجري في القطاع. وخطورة ما يمكن أن تؤول إليه الحرب على مستوى كل لبنان هو خشية جميع الدول العربية والغربية، وبالأخص الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي، من أن يكون لهذه الحرب مفاعيل وامتدادات على مستوى دول المنطقة، مع ما يمكن أن يكون لها تأثير مباشر على الاستقرار العام في المنطقة والعالم. 
ويبرز اهتمام العالم بعدم جرّ لبنان إلى حرب لا ناقة له فيها ولا جمل من خلال ما ُقدّم له من عروضات يُعتقد أن مصير الوضع اللبناني المتأرجح يتوقّف على مدى رفضها أو القبول بمناقشتها بعقل بارد ومنفتح. وهذا ما يحاول رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إيصاله من رسائل للجميع في الداخل والخارج بلغة ديبلوماسية، ولكن واضحة المعالم، مع تشديده على شرط وقف الحرب على غزة، وذلك انطلاقًا من قراءة واقعية وموضوعية لموقف "حزب الله"، الذي لا يزال يرفض البحث في أي صيغة ممكنة ومتاحة ما لم يوضع حدّ لمعاناة "الغزاويين"، والبدء بمفاوضات جدّية لإيجاد حلّ نهائي للقضية الفلسطينية. 
فالرئيس ميقاتي يتحرّك بما تجمّع لديه من معطيات في سباق بين ما يلوح في الأفق من مؤشرات الانفجار الشامل، وما يُبذل من مساعٍ لتجنيب لبنان ما لا قدرة له عليه. فهو يطلق في كل مناسبة وخلال لقاءاته واتصالاته الديبلوماسية أكثر من موقف تحمل مؤشرات بالغة الأهمية.   
ومن بين هذه المؤشرات استعداد لبنان للسير بأي حل ديبلوماسي، والدخول في مفاوضات لتحقيق استقرار طويل الأمد في جنوب لبنان، عبر تطبيق القرارات الدولية، منطلقاً من اتفاق الهدنة ليعيد الوضع في الجنوب إلى ما قبل العام 1967.  
وبالمختصر المفيد لا يرى المتابعون لمسار المساعي المبذولة مناصًا من العودة إلى تطبيق القرار 1701. وهذا ما سيتم بحثه مع الموفد الأميركي آموس هوشتاين، الذي يحمل معه على الأرجح مقترحًا أميركيًا، في ضوء ما خلص إليه في مفاوضاته مع الجانب الإسرائيلي، التي يُقال إنها لم تكن مثمرة. وهذا ما عكسته التصريحات الإسرائيلية. 
لكنْ ثمة من يقول إن هوكشتاين لم يكن ليأتي إلى لبنان لو لم تكن لديه مقترحات معينة، مستفيدًا مما يعلنه الرئيس ميقاتي من مواقف متقدمة تلقى اهتمامًا متصاعدًا في محافل دول القرار، على أن يبقى التعويل كبيرًا على الضغوطات الدولية على إسرائيل لوقف عدوانها على غزة.   المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

يونيسيف تدعو لدعم أطفال لبنان وجمع 658 مليون دولار

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

دعت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) إلى دعم أطفال لبنان والمساهمة في نداء عام 2025 لجمع 658.2 مليون دولار لتقديم المساعدات المنقذة للحياة إلى 2.4 مليون شخص في لبنان، مؤكدة أن الحرب الأخيرة في لبنان ألحقت ندوبا "جسدية وعاطفية" بالأطفال وأكدت أنها ملتزمة بمواصلة دعم جهود التعافي وإعادة البناء من الآثار المدمرة للحرب، فضلا عن سنوات الاضطرابات السياسية والاقتصادية.

ونقل مركز إعلام الأمم المتحدة عن ممثل اليونيسيف في لبنان "أخيل آير" قوله إن الحرب "أحدثت خسائر فادحة للأطفال، وأثرت على كل جانب من جوانب حياتهم تقريبا - صحتهم وتعليمهم وعلى مستقبلهم في نهاية المطاف.. إن أطفال لبنان بحاجة إلى دعم عاجل للتعافي وإعادة بناء حياتهم والبقاء على قيد الحياة من التأثيرات الدائمة لهذه الأزمة".

وأفاد استطلاع أجرته اليونيسيف في يناير الماضي بأن 72 % من مقدمي الرعاية أكدوا أن أطفالهم كانوا قلقين أو متوترين أثناء الحرب.. بينما قال 8 من كل 10 منهم إنهم لاحظوا بعض التحسن في الصحة العقلية لأطفالهم منذ وقف إطلاق النار، وأكدت اليونيسيف أن أولئك الذين تحملوا فترات طويلة من الإجهاد الصادم قد يواجهون عواقب صحية ونفسية مدى الحياة.

وكشف التقييم أيضا عن صورة مقلقة لتغذية الأطفال، وخاصة في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية في محافظتي بعلبك الهرمل والبقاع، والتي استهدفتها الغارات الجوية الإسرائيلية مرارا وتكرارا.. ويعاني ما يقرب من نصف الأطفال دون سن الثانية في المحافظتين من "فقر غذائي شديد" - مما يعني أنهم يستهلكون اثنين أو أقل من 8 مجموعات غذائية رئيسية.

بالإضافة إلى ذلك، فإن ما يقرب من نصف الأطفال دون سن 18 عاما في البقاع وأكثر من ثلثهم في بعلبك الهرمل إما لم يأكلوا أو تناولوا وجبة واحدة فقط في اليوم الذي سبق إجراء التقييم.

كما أدى الصراع إلى تفاقم الوضع التعليمي الصعب في لبنان، حيث كان أكثر من نصف مليون طفل خارج المدرسة بالفعل بعد سنوات من الاضطراب الاقتصادي وإضرابات المعلمين وتأثير جائحة كوفيد-19.. حتى مع وقف إطلاق النار، لا يزال أكثر من 25 % من الأطفال خارج المدرسة، حيث لا يستطيع العديد من الأطفال الالتحاق بالمدرسة بسبب عدم قدرة أسرهم على تحمل التكاليف.

وأظهر التقييم الأممي أيضا أن 45 % من الأسر اضطرت إلى خفض الإنفاق على الصحة، و30 % على التعليم لتوفير الضروريات الأساسية، كما تفتقر العديد من الأسر إلى الضروريات الأساسية، بما في ذلك مياه الشرب والأدوية ومصادر التدفئة لفصل الشتاء.

 

مقالات مشابهة

  • حزب المصريين: تنوع طروحات الأراضي الصناعية يدعم القطاعات الاستراتيجية
  • تل أبيب في انتظار ويتكوف ورئيس الأركان يستدعي كبار الضباط
  • بالصور... ميقاتي التقى المفتي دريان
  • يونيسيف تدعو لدعم أطفال لبنان وجمع 658 مليون دولار
  • أستاذ قانون دولي عن الحكومة الموازية السودانية: تعكس تحديات قانونية وسياسية
  • عن التطبيع بين لبنان وإسرائيل.. ماذا يُقال في تل أبيب؟
  • عبدالملك الحوثي يهدد إسرائيل ويتوعد باستهداف تل أبيب...في حال عودتها للحرب في غزة
  • زعيم الحوثيين يتوعد تل أبيب بوضعها تحت النار حال عودة الحرب على غزة
  • محاكمة المعتقلين السياسيين بتونس اختبار للقضاء وسط اهتمام دولي
  • صحيفة: ضغوط تل أبيب على حماس مدروسة ومكثفة ومنسقة مع واشنطن