مشروع وحدوي تضامني.. أو الجحيم الراهن
تاريخ النشر: 11th, January 2024 GMT
مشروع وحدوي تضامني.. أو الجحيم الذي نعيشه
لا تستطيع هذه الأمة، بالذات شبابها، أن تسمح لإخفاقات حدثت في الماضي أن تتحكم في مستقبلها.
المشروع التوحيدي التضامني سيدق مسماراً في نعش التدخلات الأجنبية وقوى المصالح الداخلية التي لا تستطيع العيش إلا في أجواء التجزئة والصراعات.
إما مشروع تاريخي، وحدوي تضامني، وإما خروج هذه الأمة، من ساحات الحضارة، والعيش في ذل التهميش والتبعية للكيان الصهيوني، أو الاستعمار الأمريكي.
نشهد سقوط مذهل للقيم والالتزامات العروبية والإسلامية، ولتفشي جهل مميت في مؤسسات الحكم، وعدم فهم هذا العالم، وفهم التعامل مع منجزاته ومع سلبياته.
غياب مأساوي لقيادات تاريخية بأنظمة الحكم العربية، تثور على الذل والهوان والضياع، الذي تعيشه الأمة وتقترح مشروع إنقاذي تقدمه لشعوب وجماهير الأمة وأنظمة الحكم.
* * *
يعجب الإنسان من قدرة أنظمة الحكم العربية على رؤية أهوال ما يحدث في الكثير من الأقطار العربية، مثل ما يحدث من جرائم صهيونية في غزة المستباحة، أو الصراع الدموي المجنون بين الجيش الوطني السوداني ومعارضيه من المغامرين المسلحين، أو بقاء ليبيا دولة مستباحة ومجزأة وعاجزة، أو السماح لأمريكا في فرض حصار اقتصادي خانق على سوريا، وتجويع شعبها، أو الخلاف العبثي بين الجزائر والمغرب حول موضوع الصحراء، الذي أنهك القُطرين العربيين، وغيرها من الأمثلة التي تتراكم وتتعقد وتسمم الأجواء العربية..
أن ترى أنظمة الحكم العربية كل ذلك، من دون أن يتقدم أحدها بمقترح مشروع عربي تضامني وحدوي لإخراج الجميع من جحيم الدمار والذل والانتكاسات والاستباحات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، التي يكتوي بنيرانها الجميع من دون استثناء.
لا يمكن أن نصدق ادعاء البعض بأن هذا السقم مفروض على أنظمة الحكم العربية، سواء من قبل دول غربية استعمارية، أو ضغوط صهيونية استخباراتية ابتزازية، أو دول إقليمية لا تريد الخير للعرب، بل نؤمن إيماناً قاطعاً بأن ذلك نتيجة لسقوط مذهل للقيم والالتزامات العروبية والإسلامية، ولتفشي جهل مميت في مؤسسات الحكم، وعدم فهم هذا العالم، وفهم التعامل مع منجزاته ومع سلبياته.
نحن أمام غياب مأساوي لوجود قيادات تاريخية في مؤسسات أنظمة الحكم، قادرة على أن تثور على مشاعر الذل والهوان والضياع، التي تعيشها الأمة وتتبعها باقتراح مشروع إنقاذي تقدمه لشعوب وجماهير الأمة أولاً، ولأنظمة الحكم العربية ثانياً.
لا تستطيع هذه الأمة، بالذات شاباتها وشبابها، أن تسمح لإخفاقات حدثت في الماضي أن تتحكم في مستقبلها، فتعثر الوحدة المصرية السورية الملهمة الواعدة، بسبب مؤامرات الخارج، وأخطاء الداخل، وفاجعة عدم قيام وحدة اندماجية بين العراق وسوريا، عندما كان يحكمهما حزب واحد، بسبب وجود مماحكات طفولية، وتعثر وحدة أقطار مجلس التعاون الخليجي، بسبب خروج هذا القطر، أو ذاك عن الإجماع، باسم سيادات وطنية وهمية، وتعثر اتحاد أقطار المغرب العربي بسبب شعارات مفتعلة مضحكة عن حقوق الأقليات في الانفصال باسم الحق في الحكم الذاتي، وقيام جامعة عربية منزوعة القدرة، على المبادرة الذاتية واقتراح المشاريع وفرض حلول لمشاكل الخلافات بين أعضائها، بسبب السيادة الوطنية الوهمية إياها والمرفوعة دوماً كقميص عثمان..
كل تلك التجارب التي أضاعت الفرص التاريخية لبناء أمة عربية واحدة، متناغمة المكونات والأهداف والوسائل والنضالات، ضد هذا العدو الخارجي أو ذاك، وأصبحت ذكريات مؤلمة في ذاكرة الأمة الجمعية، بل أصبحت سلاحاً في يد الأعداء لتدمير هوية وأحلام هذه الأمة، يجب أن لا يسمح لها بأن تمنع قيام محاولات جديدة، المرة تلو المرة، التي ما إن تسقط على الأرض حتى تقف على رجليها بشموخ وعزم.
وهذا ما نعنيه بالأهمية القصوى لوجود قيادات تاريخية، حينما تتوفر الظروف لقيامها، من أجل معاودة طرح مشاريع حلول إنقاذية تضامنية عروبية موحدة، كخطوة أولى في مسيرة الألف ميل، لكنها كقفزة نفسية وروحية وذهنية في جسم الملايين من شعوب هذه الأمة، الذين لم يقصروا قط في تقديم التضحيات وخوض النضالات والمعارك من أجل كرامة وحرية الإنسان العربي، ومن أجل القيم الأخلاقية والإنسانية الكبرى التي حملتها هذه الجماهير عبر القرون.
لا نبالغ إن كررنا القول بأنه إما قيام مشروع تاريخي جديد، وحدوي تضامني صادق، وإما خروج هذه الأمة، قطراً بعد آخر، من قلب ساحات حضارة العصر، والاكتفاء بالعيش في ذل التهميش والتبعية لمثل الكيان الصهيوني، أو الاستعمار الأمريكي، أو هذه الدولة الإقليمية، أو تلك.
كل خطوة نحو ذلك المشروع التوحيدي التضامني سيدق مسماراً في نعش التدخلات الأجنبية وفي نعش التكفيريين الإرهابيين، وفي نعش قوى المصالح الداخلية التي لا تستطيع العيش إلا في أجواء مماثلة للحاضر، أجواء التجزئة العفنة والصراعات البليدة والخلافات الشخصانية السخيفة وصمت القبور المفجع.
*د. علي محمد فخرو سياسي بحريني، كاتب قومي عربي
المصدر | القدس العربيالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: العرب فلسطين غزة جرائم صهيونية لا تستطیع هذه الأمة فی نعش
إقرأ أيضاً:
الاتحادات والنقابات العمالية العراقية ترفض مقترح قانون التنظيم النقابي بسبب عيوبه
آخر تحديث: 16 يناير 2025 - 11:50 صبغداد/ شبكة أخبار العراق- أعلن مؤتمر الاتحادات والنقابات العمالية العراقية والمجلس النقابي العمالي العراقي، امس الاربعاء، رفضه لمسودة مقترح قانون (التنظيم النقابي للعمال والموظفين الحرفيين)، لما فيه من “عيوب فاضحة”، وبينما دعا إلى سحب مشروع القانون، طالب الحكومة بصياغة مسودة قانون للتنظيم النقابي بما يتوافق مع المعايير الدولية ويحقق المصلحة للطبقة العاملة.وقال المؤتمر في بيان ، إنه “في ظل الأوضاع التي تمر بها الطبقة العاملة ونضالها في سبيل انتزاع حقوقها الدستورية والمشروعة، ومن منطلق الدفاع عن حق العمال في تكوين تنظيماتهم النقابية وفق مبادئ الحرية والديمقراطية والحرص على تحقيق التزامات العراق الدولية بالشكل الأمثل وبما يحفظ سمعته أمام المجتمع الدولي والتخلص من قوانين الحقبة الدكتاتورية.”وأضاف البيان، “يعرب مؤتمر الاتحادات والنقابات العمالية العراقية والمجلس النقابي العمالي العراقي اللذين يضمان عشرة اتحادات عمالية عن رفضهما لمسودة مقترح قانون (التنظيم النقابي للعمال والموظفين الحرفيين) الذي عرض للقراءة الثانية يوم الاثنين 13 كانون الثاني 2025 في مجلس النواب جملة وتفصيلا، لما فيه من عيوب فاضحة وقيود جائرة وتمييز تجاه الطبقة العاملة وحرمان الموظفين في القطاع العام من حق التنظيم النقابي ومضامين لا تتوافق مع اتفاقيتي العمل الدولية رقم 87 لسنة 1948 و 98 لسنة 1949، وهذا ما بينته لجنة الخبراء في منظمة العمل الدولية رسميا بعد مراجعتها لمسودة مشروع القانون أيلول / 2024 في جنيف بحضور لجنة العمل ومؤسسات المجتمع المدني النيابية والشركاء الاجتماعيين وممثلين عن الأمانة العامة لمجلس الوزراء ومجلس الدولة”. وتابع، “لقد صيغ مشروع القانون هذا دون اعتماد آليات الحوار الاجتماعي ومشاركة أصحاب المصلحة في كتابته من الأساس؛ ليظهر بهذا الشكل البائس المجحف بحقوق العمال والموظفين ولا يلبي التزامات العراق الدولية، ولا يليق بسمعة العراق وتاريخه في صياغة القوانين والتشريعات”. وأكد، “لا بد من ترك هذا النهج في التشريع ولابد الرجوع الى أصحاب المصلحة والاختصاص في كتابة مشاريع القوانين التي تمس حقوقهم”. وزاد، “وعليه فإننا نحث رئاسة مجلس النواب واللجنة القانونية على سحب مسودة مشروع القانون هذا، ونطالب الذوات أعضاء المجلس بالوقوف والتضامن مع حركتنا النقابية، ونحث في الوقت ذاته الحكومة على توجيه وزارة العمل والشؤون الاجتماعية للمباشرة في صياغة مسودة قانون للتنظيم النقابي بمشاركة أطراف الحوار الاجتماعي وأصحاب الاختصاص بما يتوافق مع المعايير الدولية ويحقق المصلحة للطبقة العاملة ويحفظ سمعة العراق في هذا الجانب”. ودعا المؤتمر في ختام البيان “جماهيرنا العمالية والعاملين في قطاعات الإنتاج كافة، إلى الوقوف بحسم من أجل الدفاع عن حقها وحريتها في إقامة تنظيماتها النقابية بحرية واستقلالية تامة”.