تشهد ولاية آيوا هذا الأسبوع، في 15 يناير تحديدا، بداية السباق بين الجمهوريين على الفوز بترشيح الحزب للمنافسة في انتخابات الرئاسة الأميركية 2024.

وفي كل أربع سنوات، تلعب ولاية آيوا دورا هاما في تشكيل السباق الرئاسي. ومنذ السبعينيات، نظمت هذه الولاية الواقعة في الغرب الأوسط الأميركي، أول سباق للترشح في البلاد، مما أعطى ناخبيها اهتماما كبيرا والمرشحين الذين راهنوا بشكل كبير على ولاية آيوا، فرصة لإحداث تغيير جذري في السباق الرئاسي.

وهذا العام، يتمحور السؤال الرئيسي في ولاية آيوا حول ما إذا كان لدى أي مرشح رئاسي جمهوري الدعم اللازم للتنافس مع الرئيس السابق، دونالد ترامب، الذي يتقدم بفارق كبير على منافسيه في استطلاعات الرأي، وفق ما تشير إليه صحيفة "واشنطن بوست".

ورغم أن ترامب يتصدر استطلاعات الرأي، تتجه الأنظار أيضا إلى أداء منافسيه في الحزب الجمهوري: حاكم ولاية فلوريدا، رون دي سانتيس، والمبعوثة الأميركية السابقة لدى الأمم المتحدة، نيكي هايلي. 

ويشير موقع "أكسيوس" إلى أن اقتراع الحزب الجمهوري في آيوا سيكون "نجم العرض" في انتخابات الرئاسة لهذا العام، وذلك لعدم وجود مرشح منافس بارز للرئيس الحالي، جو بايدن، لدى الحزب الديمقراطي.

ما هو الاقتراع الحزبي؟ 

الاقتراع الحزبي ليس جزءا من الانتخابات التمهيدية، فالأخيرة يتم عقدها كغيرها من الانتخابات الأميركية في مواقع للاقتراع وتصويت سري، وتتم عادة طوال اليوم كما يمكنها أن تخضع للتصويت المبكر أو الغيابي. 

أما الاقتراع الحزبي فهو أمر مختلف تماما، وفق تعبير "سي أن أن"، إذ يتكون من اجتماعات تديرها الأحزاب السياسية في وقت محدد (السابعة مساء بتوقيت آيوا)، ولكونها بعيدة عما تبدو عليه الانتخابات التقليدية فهي تعتبر عادة اختبارا لقوة حملات المرشح أو المرشحة الانتخابية. 

ومن المتوقع أن يجتمع المقترعون الجمهوريون، في 15 يناير، في عدة مواقع، بينها مدارس وكنائس للتصويت في ما يعتبر "أول اختبار للحقل الجمهوري في انتخابات الرئاسة لعام 2024"، وفق تعبير أكسيوس. 

وفي تلك المواقع سيستمع المصوتون لعدد من الخطابات ويشاركون آراءهم ويقدمون أوراق الاقتراع بعملية خاصة لاختيار مرشحيهم. 

وقد حذف الحزب الديمقراطي آيوا من قائمة الاقتراع الحزبي، العام الماضي، بناء على طلب من بايدن، لكن يمكن للمصوتين الديمقراطيين تقديم أصواتهم عبر البريد بشرط إيداعها قبل الخامس من مارس. 

كيف تختلف آيوا عن الولايات الأخرى؟ 

تتميز الاقتراعات الجمهورية في آيوا لاختيار المرشح الرئاسي عما تشهده سائر الولايات الأميركية الأخرى، والتي تستضيف معظمها انتخابات أولية تمهيدية، يمكن للمقترعين خلالها تقديم أصوات في وقت مبكر أو خلال مرحلة زمنية واسعة يوم الانتخابات. 

أما جمهوريو ولاية آيوا فيجرون تصويتا، يتطلب حضور المقترعين شخصيا وفي نفس الوقت للدائرة الانتخابية التي يتبعون إليها، للاستماع لخطابات الممثلين للحملات الانتخابية وتقديم أصواتهم، وإن أرادوا، يمكنهم الانتظار لمشاهدة نتائج الاقتراع، بحسب "واشنطن بوست". 

ومن المتوقع أن تتم عملية الاقتراع في آيوا بصورة مباشرة لدى الجمهوريين، وتهدف اللقاءات الشخصية بين المصوّتين إلى إثارة النقاش، ولا تنحصر فقط بالتصويت. 

وتتكون أوراق الاقتراع من ورقة بيضاء يكتب فيها المصوِّت اسمه واسم المرشح المفضَّل. 

وقرر الديمقراطيون التخلي عن الاقتراع الشخصي في الولاية، إذ كان يتم التصويت عبر الاجتماع شخصيا في صالة واحدة، لكن عطلا في برمجية تعداد الأصوات عام 2020، أعاق اختيار مرشح ديمقراطي في الولاية، ولم يتم تحديد فوز مرشح لأسابيع. 

أما في انتخابات هذا العام، فسيتم الإعلان عن المرشح الديمقراطي الفائز في "الثلاثاء الأعظم"، أي في الخامس من مارس. 

ونوه أكسيوس إلى أن اقتراع آيوا الحزبي سيكون أكثر سلاسة هذا العام وذلك بفضل بساطة عملية الانتخاب الجمهورية.  

هل يحظى الفائز بالاقتراع الحزبي في آيوا على الرئاسة؟

ونوهت "واشنطن بوست" إلى أنه لا يشترط ترشيح الفائزين في الاقتراعات الحزبية لخوض انتخابات الرئاسة. 

ففي عام 2016، اختار الجمهوريون في ولاية آيوا، تيد كروز، واختاروا في عام 2012، ريك سانتوروم، ومايك هاكابي في عام 2008، ولم يتمكن أي منهم من الفوز بترشيح حزبهم.

ومع ذلك، يقول سكان آيوا إن مهمتهم لا تقتصر على تحديد المرشح، بل على تضييق المجال أمام الناخبين في الولايات الأخرى، بحسب الصحيفة. 

وتشير شبكة "سي أن أن" إلى أن جمهوريا واحدا فقط، جورج دبليو بوش الابن، فاز بمواجهة في الاقتراع الحزبي بآيوا وتمكن بعدها من الفوز بمنصب الرئاسة.

أما في ما يخص الجانب الديمقراطي، حظي باراك أوباما باقتراع حزبه في آيوا عام 2008 ليتمكن من الوصول للبيت الأبيض، لكن جيمي كارتر، الذي كان أبرز المرشحين الديمقراطيين عام 1976 حظي بالمرتبة الثانية في اقتراع آيوا لكن الزخم ساعده بالوصول أخيرا للرئاسة، وفق تعبير الشبكة. 

أما بوش الأب، ورغم فوزه باقتراعات عام 1980، خسرها في عام 1988 أمام السيناتور حينها بوب دول، رغم أن بوش كان في منصب الرئاسة حينها، وتمكن في نهاية المطاف من الحصول على ترشيح الحزب الجمهوري.  

وتنوه الشبكة ذاتها إلى أن ترامب، ورغم أنه المرشح الأبرز في استطلاعات الرأي لهذا العام قبل الاقتراع الحزبي، كان قد خسر اقتراع آيوا في عام 2016. 

الاقتراع الحزبي في آيوا بدأ كصدفة

يشير موقع الإذاعة الوطنية العامة في آيوا "Iowa PBS" إلى أن الاقتراع الجمهوري في الولاية بدأ بمحض الصدفة، ففي الستينيات، وخلال اندلاع حرب فيتنام التي رافقتها احتجاجات مناهضة، شعر بعض سكان آيوا أن القادة السياسيين لا يستمعون إلى اهتمامات الأشخاص العاديين.    

وكنتيجة لذلك، طوَّر الديمقراطيون في آيوا نظام اقتراعهم لخلق عملية أكثر شمولية. 

وكان المرشحون للرئاسة يبدؤون من صعيد المقاطعات وصولا إلى مستوى الولاية، عوضا عن النظام السابق الذي كان يعتمد على المرشحين من الأعلى للأسفل، وذلك لمنح أولوية لآراء المصوتين من المستويات الأساسية. 

ولكن، ولتفعيل النظام الجديد، كان يتوجب على الحزب طباعة الأوراق اللازمة لآلاف المقاطعات، ومع تقنيات الطباعة القديمة "الميموغراف" كانت العملية ستتطلب وقتا طويلا، ولهذا السبب حددت انتخابات الأحزاب في الولاية لتسبق غيرها في عام 1972. 

وفي عام 1976، حدد الجمهوريون موعد التصويت للمرشحين من حزبهم لتصبح في الليلة ذاتها. 

ويشير موقع "Iowa PBS" في مقدمة لفيلم وثائقي أنتجه عن تاريخ الاقتراع الحزبي في الولاية إلى أن أيوا أصبحت بعدها "المركز السياسي وأول حدث انتخابي كبير لعملية الترشيح للرئاسة في الولايات المتحدة".

وذكر أنه منذ عام 1972، اجتذب الحدث "اهتماما إعلاميا متزايدا وأصبح اختبارا لقدرة المرشحين على جذب المؤيدين وتنظيمهم. تعتبر طقوس المرور السياسية هذه مؤشرا مبكرا على المرشحين الذين قد يحصلون على دعم حزبهم السياسي للترشيح".

ملاحظات تخص الاقتراع الحزبي في آيوا

تشير "واشنطن بوست" إلى أن الاقتراع الحزبي في آيوا يشهد حضورا ضئيلا، نظرا لطبيعة الحدث الضيقة، والتي قد تؤدي إلى استبعاد بعض الأشخاص، من بينهم من يعملون في دوريات ليلية والطلاب الذين يدرسون بجامعات خارج الولاية كمان أن كبار السن والأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة قد يصعب عليهم الحضور شخصيا، والبعض لا يملك رفاهية حضانة الأطفال بالإضافة إلى أن ظروف الطقس القارس قد تلعب دورا في غياب آخرين. 

وعددت الصحيفة ملاحظات أخرى تخص اقتراع آيوا الحزبي، من بينها صعوبة احتساب الأصوات وما قد ينتج عنها من أعطال، مشيرة إلى ما حدث مع الديمقراطيين في انتخابات عام 2020. 

كما تشير إلى أن غالبية سكان آيوا من العرق الأبيض والكبار في السن لا تعكس الفئات المجتمعية في سائر البلاد، وبالتالي فهي لا تعكس رغبات سكان الولايات المتحدة ككل. 

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: انتخابات الرئاسة واشنطن بوست فی انتخابات فی الولایة ولایة آیوا إلى أن فی عام

إقرأ أيضاً:

حياة الرئيس مادورو والتدخل الأميركي في فنزويلا

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوم السبت الموافق الرابع عشر من شهر نوفمبر/تشرين الثاني ‏الجاري ‏اتخاذه قرارا حول التدخل العسكري في فنزويلا دون الإفصاح عن طبيعة هذا القرار، ‏وذلك بعد تسلمه الخطة العسكرية ‏بهذا الخصوص من وزارة الحرب الأميركية.

تأتي تصريحات الرئيس الأميركي ترامب الأخيرة امتدادا لرغبة الولايات المتحدة الأميركية ‏المستمرة في أحكام سيطرتها على قارة أميركا الجنوبية، وعدم السماح لوجود أي نظام مارق- ‏على حسب رؤيتها- يهدد أمنها القومي.

وتعود جذور هذه السياسة الأميركية إلى بداية القرن التاسع عشر الميلادي حينما كانت الولايات المتحدة الأميركية -وهي الدولة الفتية ‏حينئذ- تتلمس خطاها في ‏مسارات العلاقات الدولية الوعرة.

عقيدة مونرو في السياسة الخارجية

‏تُعتَبر عقيدة السياسة الخارجية للرئيس الأميركي الخامس جيمس مونرو "عقيدة مونرو"- وأحد أهم الآباء المؤسسين للولايات المتحدة الأميركية- تجاه ‏دول أميركا الجنوبية من أهم ركائز السياسات الخارجية الأميركية تجاه هذه الدول منذ ‏ذلك الوقت إلى عصرنا الحديث.

‏تقوم عقيدة مونرو ‏على اعتبار قارة أميركا الجنوبية بمثابة حديقة خلفية للولايات المتحدة لا تسمح ‏فيها الأخيرة لأي قوة خارجية عالمية مهما كانت بأن يكون لها موطئ قدم في هذه المنطقة الإستراتيجية للأمن القومي الأميركي.

جاءت عقيدة مونرو في أعقاب استقلال العديد من دول قارة أميركا الجنوبية من الاستعمار الإسباني، والبرتغالي، مما سار ع في زيادة رغبة الولايات المتحدة الأميركية بإبقاء القوى الأوروبية بعيدة عن هذه القارة، وكذلك فرض الهيمنة الأميركية عليها رغم اهتمام الولايات المتحدة التقليدي بالعلاقات عبر المحيط الأطلسي مع الدول الأوروبية.

‏ولعل أكثر تجليات آثار عقيدة مونرو هذه كانت ‏أثناء الحرب العالمية الباردة بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي ‏السابق، حينما اكتشفت إدارة الرئيس الأميركي ‏جون كينيدي خطة الاتحاد السوفياتي السابق لإنشاء منصات لإطلاق الصواريخ النووية في جزيرة كوبا التي لا تبعد كثيرا عن ولاية فلوريدا الأميركية، لتقوم بعدها الولايات المتحدة بمحاصرة جزيرة كوبا؛ ‏لمنع وصول الصواريخ النووية إليها.

إعلان

ولولا تراجع الاتحاد السوفياتي في اللحظات الأخيرة عن إيصال هذه الصواريخ النووية إلى كوبا – ‏فيما عرف لاحقا بأزمة الصواريخ الكوبية- لكان العالم على شفا نار الحرب العالمية الثالثة بين القطبين الدوليين.

انتهت أزمة الصواريخ الكوبية بتراجع الاتحاد السوفياتي عن خطته، وإقرار الولايات المتحدة الأميركية الالتزام بعدم مهاجمة كوبا وإسقاط نظام الرئيس كاسترو الاشتراكي فيها.

‏ وبعيدا عن عقيدة مونرو، تبدو الحساسية السياسية الأميركية تجاه دول أميركا ‏الجنوبية واضحة في اعتقاد اليمين الأميركي -‏ذي القاعدة الانتخابية العريضة للرئيس الأميركي ترامب- بضرورة إبقاء الولايات المتحدة بيضاء خالصة تسر الناظرين تغلب عليها القيم المسيحية البروتستانتية.

ولذلك نجد بعض المفكرين الأميركيين -أمثال أستاذ العلوم السياسية المثير للجدل صامويل هنتنغتون- ‏يزعمون أن الوجود الإسباني في الولايات المتحدة يشكل خطرا كبيرا على الهوية القومية الأميركية البيضاء وقيمها الأخلاقية.

‏وعليه جاءت سياسات الهجرة الحالية الأميركية للرئيس ترامب لتحجيم تنامي هجرة الأقليات ‏الإثنية من أميركا الجنوبية بإغلاق الحدود الجنوبية، ومنع الهجرة غير الشرعية، ومحاولة ترحيل المهاجرين غير الشرعيين، إما بواسطة الدولة، أو حملهم على الرحيل طواعية حتى يتجنبوا المضايقات الحكومية، مما ساهم في إبعاد أكثر من مليوني مهاجر غير شرعي، خلال هذا العام فقط.

‏لماذا فنزويلا الآن؟

‏ربما أصابت فنزويلا "لعنة الموارد الطبيعية" مثل غيرها من بلدان العالم الثالث كالعراق، والكونغو، ‏والسودان، وليبيا عندما يكون اكتشاف النفط والموارد الطبيعية الأخرى، سببا رئيسيا للتدخلات الخارجية، والنزاعات السياسية والحروب.

كانت فنزويلا إحدى الدول المؤسسة لمنظمة مجموعة الدول المصدرة للنفط "أوبك" في عام 1960- مع مجموعة من الدول العربية- ‏مستفيدة فائدة عظيمة خلال المقاطعة العربية للنفط ‏خلال حرب أكتوبر/تشرين الأول عام 1973؛ ليتضاعف الدخل القومي كثيرا حتى أصبح معدل دخل الفرد السنوي فيها هو الأعلى في قارة أميركا الجنوبية.

ولكن بدأت العلاقات تسوء كثيرا بين فنزويلا والولايات المتحدة الأميركية عقب انتخاب الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز عام 1998،  عندما تبنى الأخير سياسات اشتراكية لتوزيع الثروات النفطية ‏بين الفقراء الفنزويليين، ‏وتقليص نفوذ الشركات الأجنبية الاقتصادي.

وكذلك في مواجهته للسياسات الأميركية الخارجية ‏بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة للإطاحة به ‏عام 2002، ‏وأيضا بعد الغزو العسكري الأميركي للعراق عام 2003.

أقام الرئيس الفنزويلي علاقات ثنائية قوية حسنة مع الأعداء التقليديين للولايات المتحدة، مثل إيران، وكوبا، حيث دعم الأخيرة بإمدادات البترول الفنزويلي ليزيد من حنق الولايات المتحدة عليه، ورغبتها في التخلص منه.

‏لم تختفِ ‏خصومة الولايات المتحدة مع فنزويلا بعد موت الرئيس الفنزويلي شافيز وتولي خليفته نيكولاس مادورو الرئاسة عام 2013، لتستمر وتيرة العداء بين البلدين من سيئ إلى أسوأ.

والجدير بالإشارة هنا هو فشل الولايات المتحدة المتكرر للتخلص من نيكولاس مادورو عبر الانقلاب عليه، أو اختطافه من خلال رشوة قائد طائرته الخاصة الذي رفض الإغراءات الأميركية له، كما ورد في بعض التقارير مؤخرا.

إعلان

‏تُتهم إدارة الرئيس الأميركي نيكولاس مادورو بالفساد المالي والاستبداد السياسي وتضييق الخناق على المعارضين السياسيين، بالإضافة إلى المساهمة في تسهيل وصول المخدرات إلى الولايات المتحدة الأميركية، وهو ما يعده الرئيس الأميركي ترامب مساسا قويا بالأمن القومي الأميركي.

وعليه زادت حدة الهجمات الأميركية ‏العسكرية ‏خلال الأسابيع الماضية على قوارب يُشتبه بوجود حمولة للمخدرات فيها ‏متجهة نحو الولايات المتحدة، مما تسبب في مقتل العشرات من الأشخاص، ‏وسط انتقادات من جماعات حقوق الإنسان باعتباره قتلا خارج إطار الممارسات القضائية العادلة.

‏كيف سيكون شكل الضربات العسكرية الأميركية؟

‏يبدو أن التدخل العسكري الأميركي ضد فنزويلا حتميٌّ وفق تحليل طريقة تناول الرئيس الأميركي ترامب للأزمات الخارجية، وكيفية إدارته التدخلات العسكرية المحدودة، ‏سواء ‏كان ذلك خلال فترته الرئاسية الأولى، أو خلال العام الأول من فترته الرئاسية الثانية.

‏ويبقى التساؤل هنا: هل يرغب الرئيس الأميركي ترامب في توجيه ضربات عسكرية محدودة الأهداف ضد فنزويلا شبيهة بتلك التي وجهها ضد إيران، والحوثيين في اليمن؟ أم إن الرئيس الأميركي ترامب يرغب في تدخل عسكري قوي يطيح بنظام حكم نيكولاس مادورو في فنزويلا؟

لقد كانت أهداف ترامب العسكرية ضد الحوثيين في اليمن تتمثل في الضغط العسكري على الحوثيين حتى يتوقفوا عن مهاجمة الملاحة الأميركية في ‏البحر الأحمر، دون أن يشمل الاتفاق حماية إسرائيل من الهجمات الحوثية، مما يفسر سهولة الوصول إلى اتفاق مع الحوثيين بعد الضربات العسكرية ضدهم.

لم يرغب ترامب في توسيع دائرة الصراع العسكري مع الحوثيين، ولا إخراج الحوثيين من المشهد أو اغتيال زعيمهم. وكذلك كان الحال أيضا ‏ بالنسبة للضربات العسكرية الأميركية ضد المنشآت النووية الإيرانية لتعطيل القدرات الإيرانية النووية دون الرغبة في اغتيال رأس النظام – وهو أمر ربما لم يكن مستحيلا ‏تحقيقه، كما أشار الرئيس ترامب، نسبة للاختراق الاستخباراتي الإسرائيلي القوي في مفاصل الدولة الإيرانية ‏واستهداف القيادات العسكرية الإيرانية.

‏ولكن يبدو أن سقف الأهداف السياسية من الضربات العسكرية المحتملة جدا ضد فنزويلا سيكون مختلفا عن تلك الضربات الأميركية ضد الأهداف الإيرانية والحوثية.

سيرغب الرئيس الأميركي ترامب هذه المرة في التخلص نهائيا من نظام الرئيس نيكولاس مادورو- ربما من خلال توجيه ضربات عسكرية مباشرة لاغتياله- ومن ثم المساعدة في تغيير نظام ‏طالما سبب صداعا مزمنا للولايات المتحدة الأميركية.

‏ستكون هذه الضربات العسكرية المحتملة هي الأقوى- بعد أزمة الصواريخ الكوبية النووية- في تأكيد أهمية عقيدة مونرو، كما ستساعد هذه الضربات الجوية في إظهار جدية الرئيس الأميركي ترامب في مكافحة المخدرات، وتشتيت اهتمام الإعلام الأميركي بعيدا عن قضايا ارتفاع أسعار السلع والخدمات وملفات ‏قضية جيفري إبستين.

‏يبدو أن الأيام المقبلة حبلى بالكثير من المفاجآت في الأزمة الفنزويلية، ‏وربما ينجح ترامب هذه المرة في الإطاحة نهائيا بالرئيس نيكولاس مادورو، على الرغم من التداعيات الخطيرة لمثل هذه التدخلات العسكرية، كاندلاع حرب أهلية ممكنة في فنزويلا تزيد من المعاناة الإنسانية في قارة أميركا الجنوبية.

وكذلك سيكون على الرئيس الأميركي ترامب تحدٍّ آخر يتمثل في تسويق هذا التدخل العسكري لقاعدته الانتخابية من اليمين الأميركي.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطبيان إمكانية الوصولخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • الرئيس السيسي يشدد على اختيار ممثلين بالبرلمان بوعي عالٍ
  • الرئيس السيسي: الوعي بأهمية اختيار الشخص المناسب لا يقدر بثمن
  • الرئيس السيسي: لابد من اختيار ممثلين في البرلمان بدرجة عالية من الوعي
  • الرئيس السيسي: لا بد من اختيار ممثلين في البرلمان بدرجة عالية من الوعي
  • أسامة الشاهد: الرئيس السيسي حريص على إعمال إرادة الشعب في اختيار نوابهم
  • مصر لا تستبعد إلغاء انتخابات المرحلة الأولى من اقتراع البرلمان
  • عضو بالشيوخ: توجيهات الرئيس بشأن انتخابات النواب تؤكد أن إرادة المصريين ستكون المعبرة عن البرلمان المقبل
  • تعديل دستوري في بنين يمدد ولاية الرئيس ويؤسس مجلسا للشيوخ
  • حياة الرئيس مادورو والتدخل الأميركي في فنزويلا
  • صناديق الاقتراع أُغلقت.. إليكم آخر خبر عن انتخابات نقابة المحامين في بيروت