عربي21:
2024-11-23@02:16:39 GMT

حرب الخوارزميات على غزة

تاريخ النشر: 11th, January 2024 GMT

لدي كما لدى الملايين حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، وقد تعرض حسابي على فيسبوك ـ خاصة للتعليق والحظر لمدد متفاوتة خلال السنوات الماضية، غير أن عدداً من أصدقائي على هذه المنصة أرسل ـ مؤخراً ـ لي أن منشوراتي لم تعد تصل إليهم، وأنهم يضطرون للبحث عن اسمي على المنصة، ثم لاحظت انخفاضاً ملحوظاً في نسبة التعليقات، منذ بدأت ـ كغيري ـ نشر محتويات تتعلق بالجريمة الإسرائيلية الأخيرة والأكثر بشاعة في غزة.


تواصلت مع بعض الذين يعملون مع الشركة كمراقبين أو مستشارين، وقالوا إن المشكلة في «الرقابة الآلية الخوارزمية» التي لا تتحلى بالقدرة البشرية على الفحص والتدقيق، لتمييز ما هو ضار من غيره، وأنهم يعملون على تلافي ذلك القصور الذي حاول الكثير من أصحاب الحسابات تلافيه عبر التلاعب بالأحرف أو الرموز لتحاشي «مقص الخوارزميات» التي وضعتها ميتا للرقابة الرقمية.
ومع ذلك بدا واضحاً أن التعلل بـ«العمى الخوارزمي» غير مقنع، لأن ذلك «العمى» موجه بشكل مقصود للمحتوى المؤيد لفلسطين إجمالاً، وبشكل غير متوازن مع المحتوى المؤيد لإسرائيل.
في هذا الخصوص وُثقت أمثلة لا حصر لها تُبين تحيز شركة ميتا على وجه الخصوص ضد الفلسطينيين، فقد استبدل برنامج الترجمة في إنستغرام ـ على سبيل المثال ـ كلمة «فلسطيني» عندما تُتبع بالعبارة العربية «الحمد لله» إلى عبارة «إرهابيون فلسطينيون» باللغة الإنكليزية، وأما برنامج الذكاء الاصطناعي الخاص بتطبيق واتساب، فعندما طلب منه إنشاء صور للفتيان والفتيات الفلسطينيين، قام بإنشاء رسوم متحركة لأطفال يحملون أسلحة، في حين أن صور الأطفال الإسرائيليين لم تتضمن أسلحة نارية، في «تحيز تكنولوجي» يعكس حجم «المدخلات» التي توجه سياسات تلك المنصات ضد الفلسطينيين ومع إسرائيل.
وإذا كانت خوارزميات ميتا قد أزالت محتوى داعماً للفلسطينيين، بذريعة التحريض ولغة الكراهية، وحساسية وعنف المحتوى، وغير تلك من الذرائع فإن كماً كبيراً من المنشورات الإسرائيلية لم تتعرض للإزالة عبر تلك الخوارزميات، مع أن تلك المنشورات تتضمن انتهاكات صارخة لسياسات ميتا المعلنة، حيث دعت تلك المنشورات باللغتين العبرية والعربية، وبشكل مباشر إلى قتل المدنيين الفلسطينيين، مثل تلك التي تطالب بـ «محرقة للفلسطينيين» والقضاء على «نساء وأطفال وشيوخ غزة» إضافة إلى تلك التي تصف أطفال غزة بأنهم «إرهابيو المستقبل» وأخرى تشير إلى «الخنازير العربية» وغيرها من المحتويات المتعارضة مع السياسات المعلنة لميتا.
وفي مثال آخر، «لم تتنبه» خوارزميات ميتا على الفيسبوك إلى وجود منشور يدعو صراحةً إلى اغتيال الناشط الأمريكي بول لارودي، أحد مؤسسي حركة «غزة الحرة» حيث ورد في المنشور: «حان الوقت لاغتيال بول لارودي [هكذا]، الإرهابي المعادي للسامية والمدافع عن حقوق الإنسان من الولايات المتحدة» قبل أن يتم الإبلاغ عن المنشور وإزالته لاحقاً.
وقد تم نشر الإعلان من قبل Ad Ka، وهي مجموعة إسرائيلية يمينية أسسها ضباط سابقون في جيش الدفاع الإسرائيلي وضباط مخابرات لمحاربة «المنظمات المناهضة لإسرائيل» التي يأتي تمويلها من مصادر يُزعم أنها معادية للسامية، وفقًا لموقعها على الإنترنت.
ويوم 21 كانون أول/ديسمبر 2023، اتهمت هيومن رايتس ووتش في تقرير لها شركة ميتا بممارسة رقابة «منهجية وعالمية» على المحتوى السلمي المؤيد للفلسطينيين منذ بداية العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، حيث تم الإبلاغ عن حالات إزالة المحتوى، أو تعليق الحسابات أو حظرها بشكل دائم، حسب التقرير الذي بني على أساس دراسة 1050 حالة إزالة محتوى، منها 1049 مؤيدا لفلسطين، مقابل إزالة محتوى واحد فقط مؤيد لإسرائيل.
وتتمثل ممارسات ميتا ضد المحتوى المؤيد لفلسطين في إزالة المنشورات والقصص والتعليقات وتعطيل الحسابات وتقييد قدرة المستخدمين على التفاعل مع منشورات الآخرين و«حظر الظل» حيث يتم تقليل رؤية المواد الخاصة بالنشطاء ومدى وصولها بشكل كبير، حسب تقرير هيومن رايتس ووتش الذي أشار كذلك إلى أنه حتى تقارير المنظمة التي تطرقت للرقابة، تصنفها شركة ميتا على أنه محتوى غير مرغوب فيه.
ومعلوم أن هذه السياسة التي تتبعها ميتا ـ بشكل خاص ـ ليست وليدة الحرب الحالية على غزة، حيث تكررت الشكوى ذاتها والانتقادات نفسها في الحرب الإسرائيلية على غزة عام 2021، وقد تبين حينها أنه بينما تستعمل الشركة «الرقابة الخوارزمية» لحذف المنشورات باللغة العربية، فإن الشركة لم يكن لديها ـ حينها ـ خوارزميات مماثلة للكشف عن المحتوى العدائي باللغة العبرية، وهو ما يؤكد ما بات معروفاً من تضييق على المحتوى المؤيد لفلسطين، وغض الطرف عن الآخر المؤيد لإسرائيل.
وقد بات معروفاً أن ذلك «التحيز» لا يقتصر على ميتا وعدد من منصات وسائل التواصل الاجتماعي، ولكنه يتعداها إلى مؤسسات إعلامية وصحف تحظى بانتشار وسمعة عالمية كبيرة في أوروبا والولايات المتحدة، الأمر الذي عرض تلك المؤسسات والصحف لخلل مهني يلقي بظلاله على ما راكمته من سمعة عالمية في مجال الإعلام والنشر.
ويوم الثلاثاء من هذا الأسبوع كشف تقرير موقع «انترسبت» الأمريكي عن تحيز مشين لعدد من الصحف الكبرى الأمريكية لصالح الرواية الإسرائيلية عن الحرب على قطاع غزة، واستشهد الموقع بأمثلة وتناولات تظهر هذا التحيز الذي يضرب ما تتظاهر به تلك الصحف من مهنية وموضوعية، حيث انحازت صحف مثل نيويورك تايمز وواشنطن بوست ولوس أنجلوس تايمز، بشكل فاضح للرواية الإسرائيلية، ولم تمنح غير قدر ضئيل من التغطيات للحصار غير المسبوق على غزة، وأعداد الأطفال الذين قتلتهم إسرائيل، وعوضاً عن ذلك ذهبت تلك الصحف للتركيز بشكل غير متناسب على القتلى الإسرائيليين، مستعملة لغة عاطفية تشي بميول واضحة تجاه هؤلاء القتلى الإسرائيليين الذين ارتكب حماس «مذبحة» بحقهم.
مهما يكن من أمر فإن «الحصار الإعلامي» الذي تحاول بعض المؤسسات الغربية فرضه على الحقيقة في الحرب على غزة لن يفضي إلى طمس الحقيقة، قدر ما أدى بالفعل إلى فضح التعامل المزدوج لهذه المؤسسات التي ظهرت أداة لمنظومة سياسية وثقافية ودينية وحضارية أشمل، تنظر لإسرائيل باعتبارها جزءاً من المنظومة الرأسمالية الغربية، وطليعة هذه المنظومة في المنطقة العربية.
(القدس العربي)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الخوارزميات غزة الاحتلال خوارزميات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة على غزة

إقرأ أيضاً:

تأثير الشاشات على المراهقين .. من المسؤول وحلول مقترحة

تُعتبر الشاشات جزءًا أساسيًا من حياة المراهقين المعاصرة، لكن لا توجد الكثير من الأنظمة أو الرقابة على نوعية المحتوى الذي يشاهدونه ومدة مشاهدته.

وبحسب مجلة "تايم"، تشير الأبحاث إلى أنه فيما يمكن أن تكون مقاطع الفيديو على الإنترنت مفيدة في تعليم وربط الشباب، فإن الإفراط في المشاهدة، والطرق الماكرة التي تستخدمها منصات البث، ووسائل التواصل الاجتماعي، وغيرها من المنصات الرقمية لجذب المراهقين، يمكن أن يؤثر سلبًا على نموهم العاطفي والنفسي.

في تقرير جديد أصدرته الجمعية الأمريكية لعلم النفس (APA)، سلط الخبراء الضوء على أحدث الأبحاث لفهم كيف يؤثر مشاهدة الفيديوهات من جميع الأنواع على المراهقين. يمكن أن يؤدي المحتوى الضار، مثل مقاطع الفيديو التي تركز على السلوك العدواني، والكراهية الإلكترونية، والتنمر، وتدمير الصورة الجسدية، والإيذاء الذاتي، والانتحار، والتمييز، والسلوكيات الخطرة الأخرى، إلى تشويه التصورات التي لا تزال تتطور لدى المراهقين عن أنفسهم والسلوك الاجتماعي المناسب. 

وتظهر الدراسات أن المراهقين في بعض الأحيان يقلدون أو يتبنون سلوكيات خطرة يرونها عبر الإنترنت، مما يعرض أنفسهم والآخرين للخطر. 

ويتأثر البالغون الصغار تجاه ما يشاهدونه، والذين يعانون من التوتر أو الصدمات، على سبيل المثال، قد يكونون أكثر تأثرًا بمحتوى يركز على تلك التجارب، كما أن أولئك الذين لديهم حساسية تجاه صورة الجسد والمحتوى العاطفي قد يتأثرون سلبًا بمقاطع الفيديو التي تستهدف هذه الهواجس.

يوفر التقرير أيضًا توصيات حول كيفية لعب الآباء، والمعلمين، وصناع السياسات، ومبدعي المحتوى دورًا أكثر نشاطًا لضمان أن مشاهدة الفيديوهات تؤثر بشكل إيجابي، بدلاً من أن تكون ضارة لصحة المراهقين.

حلول ومقترحات

يمكن للآباء وضع حدود لوقت المشاهدة، لكن يجب عليهم أيضًا أن يلعبوا دورًا أكثر نشاطًا في معرفة ما يشاهده أطفالهم، وقال ميتش برينستاين، المسؤول التنفيذي للعلوم في APA: "هذه المنصات غير مألوفة للكثير من الآباء لدرجة أنه من السهل رفع الأيدي والقول 'أنا لا أفهم أي شيء من هذا'". ويضيف: "لكن علينا أن نطلب من أطفالنا أن يعلّمونا، وأن نُظهر لهم أننا مهتمون ومستعدون للشراكة معهم لفهم ما يجدونه ممتعًا. حينها، يميلون إلى أن يكونوا أكثر انفتاحًا في إخبارنا عندما يُربكهم شيء أو يُزعجهم".

مقالات مشابهة

  • فيديو صادم.. صديق العريس يسقط ميتاً أثناء تهنئته في حفل الزفاف
  • تيك توك تتعهد عبر شفق نيوز بتعزيز الرقابة وحماية الأطفال من المحتوى غير الملائم
  • ميتا تضيف ميزة «مكالمات الفيديو عالية الدقة وخاصية إزالة الضوضاء» لـMessenger
  • تأثير الشاشات على المراهقين .. من المسؤول وحلول مقترحة
  • "قمة المليار" تتلقى 10 آلاف طلب ترشح خلال 10 أيام
  • منافس جديد لمنصة X
  • ترامب يفتح أبواب البيت الأبيض أمام صنّاع المحتوى
  • «الخارجية الألمانية»: سفارتنا في كييف لا تزال مفتوحة بشكل محدود
  • إدانة «ميتا» لتسريب بيانات نصف مليار شخص
  • أخبار التكنولوجيا | ضربة قوية لـ ميتا.. الهند تفرض حظراً على مشاركة بيانات واتساب .. جوجل تتيح خدمة VPN عبر جهاز Pixel Tablet