عربي21:
2024-09-30@16:00:48 GMT

حرب الخوارزميات على غزة

تاريخ النشر: 11th, January 2024 GMT

لدي كما لدى الملايين حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، وقد تعرض حسابي على فيسبوك ـ خاصة للتعليق والحظر لمدد متفاوتة خلال السنوات الماضية، غير أن عدداً من أصدقائي على هذه المنصة أرسل ـ مؤخراً ـ لي أن منشوراتي لم تعد تصل إليهم، وأنهم يضطرون للبحث عن اسمي على المنصة، ثم لاحظت انخفاضاً ملحوظاً في نسبة التعليقات، منذ بدأت ـ كغيري ـ نشر محتويات تتعلق بالجريمة الإسرائيلية الأخيرة والأكثر بشاعة في غزة.


تواصلت مع بعض الذين يعملون مع الشركة كمراقبين أو مستشارين، وقالوا إن المشكلة في «الرقابة الآلية الخوارزمية» التي لا تتحلى بالقدرة البشرية على الفحص والتدقيق، لتمييز ما هو ضار من غيره، وأنهم يعملون على تلافي ذلك القصور الذي حاول الكثير من أصحاب الحسابات تلافيه عبر التلاعب بالأحرف أو الرموز لتحاشي «مقص الخوارزميات» التي وضعتها ميتا للرقابة الرقمية.
ومع ذلك بدا واضحاً أن التعلل بـ«العمى الخوارزمي» غير مقنع، لأن ذلك «العمى» موجه بشكل مقصود للمحتوى المؤيد لفلسطين إجمالاً، وبشكل غير متوازن مع المحتوى المؤيد لإسرائيل.
في هذا الخصوص وُثقت أمثلة لا حصر لها تُبين تحيز شركة ميتا على وجه الخصوص ضد الفلسطينيين، فقد استبدل برنامج الترجمة في إنستغرام ـ على سبيل المثال ـ كلمة «فلسطيني» عندما تُتبع بالعبارة العربية «الحمد لله» إلى عبارة «إرهابيون فلسطينيون» باللغة الإنكليزية، وأما برنامج الذكاء الاصطناعي الخاص بتطبيق واتساب، فعندما طلب منه إنشاء صور للفتيان والفتيات الفلسطينيين، قام بإنشاء رسوم متحركة لأطفال يحملون أسلحة، في حين أن صور الأطفال الإسرائيليين لم تتضمن أسلحة نارية، في «تحيز تكنولوجي» يعكس حجم «المدخلات» التي توجه سياسات تلك المنصات ضد الفلسطينيين ومع إسرائيل.
وإذا كانت خوارزميات ميتا قد أزالت محتوى داعماً للفلسطينيين، بذريعة التحريض ولغة الكراهية، وحساسية وعنف المحتوى، وغير تلك من الذرائع فإن كماً كبيراً من المنشورات الإسرائيلية لم تتعرض للإزالة عبر تلك الخوارزميات، مع أن تلك المنشورات تتضمن انتهاكات صارخة لسياسات ميتا المعلنة، حيث دعت تلك المنشورات باللغتين العبرية والعربية، وبشكل مباشر إلى قتل المدنيين الفلسطينيين، مثل تلك التي تطالب بـ «محرقة للفلسطينيين» والقضاء على «نساء وأطفال وشيوخ غزة» إضافة إلى تلك التي تصف أطفال غزة بأنهم «إرهابيو المستقبل» وأخرى تشير إلى «الخنازير العربية» وغيرها من المحتويات المتعارضة مع السياسات المعلنة لميتا.
وفي مثال آخر، «لم تتنبه» خوارزميات ميتا على الفيسبوك إلى وجود منشور يدعو صراحةً إلى اغتيال الناشط الأمريكي بول لارودي، أحد مؤسسي حركة «غزة الحرة» حيث ورد في المنشور: «حان الوقت لاغتيال بول لارودي [هكذا]، الإرهابي المعادي للسامية والمدافع عن حقوق الإنسان من الولايات المتحدة» قبل أن يتم الإبلاغ عن المنشور وإزالته لاحقاً.
وقد تم نشر الإعلان من قبل Ad Ka، وهي مجموعة إسرائيلية يمينية أسسها ضباط سابقون في جيش الدفاع الإسرائيلي وضباط مخابرات لمحاربة «المنظمات المناهضة لإسرائيل» التي يأتي تمويلها من مصادر يُزعم أنها معادية للسامية، وفقًا لموقعها على الإنترنت.
ويوم 21 كانون أول/ديسمبر 2023، اتهمت هيومن رايتس ووتش في تقرير لها شركة ميتا بممارسة رقابة «منهجية وعالمية» على المحتوى السلمي المؤيد للفلسطينيين منذ بداية العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، حيث تم الإبلاغ عن حالات إزالة المحتوى، أو تعليق الحسابات أو حظرها بشكل دائم، حسب التقرير الذي بني على أساس دراسة 1050 حالة إزالة محتوى، منها 1049 مؤيدا لفلسطين، مقابل إزالة محتوى واحد فقط مؤيد لإسرائيل.
وتتمثل ممارسات ميتا ضد المحتوى المؤيد لفلسطين في إزالة المنشورات والقصص والتعليقات وتعطيل الحسابات وتقييد قدرة المستخدمين على التفاعل مع منشورات الآخرين و«حظر الظل» حيث يتم تقليل رؤية المواد الخاصة بالنشطاء ومدى وصولها بشكل كبير، حسب تقرير هيومن رايتس ووتش الذي أشار كذلك إلى أنه حتى تقارير المنظمة التي تطرقت للرقابة، تصنفها شركة ميتا على أنه محتوى غير مرغوب فيه.
ومعلوم أن هذه السياسة التي تتبعها ميتا ـ بشكل خاص ـ ليست وليدة الحرب الحالية على غزة، حيث تكررت الشكوى ذاتها والانتقادات نفسها في الحرب الإسرائيلية على غزة عام 2021، وقد تبين حينها أنه بينما تستعمل الشركة «الرقابة الخوارزمية» لحذف المنشورات باللغة العربية، فإن الشركة لم يكن لديها ـ حينها ـ خوارزميات مماثلة للكشف عن المحتوى العدائي باللغة العبرية، وهو ما يؤكد ما بات معروفاً من تضييق على المحتوى المؤيد لفلسطين، وغض الطرف عن الآخر المؤيد لإسرائيل.
وقد بات معروفاً أن ذلك «التحيز» لا يقتصر على ميتا وعدد من منصات وسائل التواصل الاجتماعي، ولكنه يتعداها إلى مؤسسات إعلامية وصحف تحظى بانتشار وسمعة عالمية كبيرة في أوروبا والولايات المتحدة، الأمر الذي عرض تلك المؤسسات والصحف لخلل مهني يلقي بظلاله على ما راكمته من سمعة عالمية في مجال الإعلام والنشر.
ويوم الثلاثاء من هذا الأسبوع كشف تقرير موقع «انترسبت» الأمريكي عن تحيز مشين لعدد من الصحف الكبرى الأمريكية لصالح الرواية الإسرائيلية عن الحرب على قطاع غزة، واستشهد الموقع بأمثلة وتناولات تظهر هذا التحيز الذي يضرب ما تتظاهر به تلك الصحف من مهنية وموضوعية، حيث انحازت صحف مثل نيويورك تايمز وواشنطن بوست ولوس أنجلوس تايمز، بشكل فاضح للرواية الإسرائيلية، ولم تمنح غير قدر ضئيل من التغطيات للحصار غير المسبوق على غزة، وأعداد الأطفال الذين قتلتهم إسرائيل، وعوضاً عن ذلك ذهبت تلك الصحف للتركيز بشكل غير متناسب على القتلى الإسرائيليين، مستعملة لغة عاطفية تشي بميول واضحة تجاه هؤلاء القتلى الإسرائيليين الذين ارتكب حماس «مذبحة» بحقهم.
مهما يكن من أمر فإن «الحصار الإعلامي» الذي تحاول بعض المؤسسات الغربية فرضه على الحقيقة في الحرب على غزة لن يفضي إلى طمس الحقيقة، قدر ما أدى بالفعل إلى فضح التعامل المزدوج لهذه المؤسسات التي ظهرت أداة لمنظومة سياسية وثقافية ودينية وحضارية أشمل، تنظر لإسرائيل باعتبارها جزءاً من المنظومة الرأسمالية الغربية، وطليعة هذه المنظومة في المنطقة العربية.
(القدس العربي)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الخوارزميات غزة الاحتلال خوارزميات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة على غزة

إقرأ أيضاً:

لهذا السبب..أيرلندا تغرم ميتا 91 مليون يورو

قررت مفوضية حماية البيانات الأيرلندية، تغريم شركة "ميتا بلاتفورمز أيرلندا ليمتد" لمجموعة "ميتا بلاتفورمز" 91 مليون يورو بتهمة انتهاك قانون حماية البيانات العامة، بسبب حفظ كلمات مرور المستخدمين بطريقة غير مناسبة.

وجاءت الغرامة بعد تحقيق بدأ في أبريل(نيسان) 2019، بعد إعلان ميتا حفظ  كلمات المرور لأعداد من المستخدمين في صورة نص بسيط في أنظمتها الداخلية بصورة غير مقصودة.

وفي وقت سابق من العام الجاري، تبادلت مفوضية حماية البيانات الأيرلندية مسودة قرار الغرامة مع السلطات ذات الصلة في الاتحاد الأوروبي، والمنطقة الاقتصادية الأوروبية، ولم تتلق أي اعتراضات عليه.

Irish regulator fines Meta Ireland €91M: Ireland's Data Protection Commission (DPC) announced on Friday that it would reprimand and impose a €91 million on Meta Platforms Ireland Limited (MPIL) following an inquiry launched in April 2019.The... https://t.co/sEUKE3Y470

— MemeStreamNews (@MemeStreamNews) September 27, 2024

وقال غراهام ديول مدير إدارة الاتصالات في مفوضية حماية البيانات الأيرلندية، إن الحادث الذي كان في يناير(كانون الثاني) 2019، أثر على 36 مليون مستخدم من مستخدمي فيس بوك، وإنستغرام في المنطقة الاقتصادية الأوروبية، التي تشمل الاتحاد الأوروبي، وأيسلندا، وليخشنشتاين، والنرويج.
وفي أوائل 2022 فرضت مفوضية حماية البيانات غرامة بـ265 مليون يورو على ميتا بتهمة انتهاك قانون حماية البيانات.


#Ireland’s #Data Protection Commission (DPC) on Friday fined #Meta 91 million euros (around $101.5 million) for 2019 breach that exposed hundreds of millions of #Facebook passwords.

Read More:https://t.co/bKQbaqR7gt#Privacy #Databreach #Monopoly pic.twitter.com/UDRA6GeIMQ

— Benefit News (@BenefitNews24) September 28, 2024

مقالات مشابهة

  • إطلاق جائزة المحتوى المحلي
  • المحتوى المحلي يحفز الاقتصاد الوطني ويرفع كفاءة المشروعات
  • كل ما تحتاج معرفته عن نظارة أوريون الجديدة من ميتا
  • ميتا: تقنية جديدة لإنشاء محتوى على فيسبوك وإنستجرام عبر الذكاء الاصطناعي
  • قمة المليار متابع تعتمد 3 مسارات جديدة
  • قمة المليار متابع تعتمد 3 مسارات جديدة في النسخة الثالثة
  • فضيحة أمنية تكلّف ميتا أكثر من 100 مليون دولار
  • لهذا السبب..أيرلندا تغرم ميتا 91 مليون يورو
  • «قمة المليار متابع» تختار أنس بوخش سفيراً لدورتها الثالثة
  • فضيحة كلمات المرور المكشوفة تكلف ميتا 91 مليون يورو في أيرلندا