حراك كتلة الاعتدال لاستيلاد لقاء نيابيّ موسّع
تاريخ النشر: 11th, January 2024 GMT
كتب ابراهيم بيرم في" النهار": مبادرة سياسية أطلقتها أخيراً "كتلة الاعتدال الوطني" النيابية بالتشارك والتنسيق مع نواب يقدمون أنفسهم كمستقلين أو كأعضاء في توجهات نيابية خارج جاذبية التكتلات الكبيرة وتأثيراتها. وتنطوي هذه المبادرة التي ما زالت في مهدها على هدفين أساسيين:
الاول، السعي الى استيلاد نواة لقاء نيابي موسع على ان يبقى حاملاً هوية مستقلة ويطمح الى ان يأخذ موقعه تدريجاً على خريطة المشهد السياسي النيابي والرئاسي.
الثاني، تحريك ملف الاستحقاق الرئاسي الذي دخل مرحلة التجميد والانطواء قبل فترة من نهاية السنة الفائتة لولا بعض الكلام المنسوب الى رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي، وفي أعقاب جلسة تمديد ولاية قائد الجيش العماد جوزف عون، وعد بأن يكون ملف ملء الشغور الرئاسي شغله الشاغل في مطالع السنة الجديدة، لكان هذا الموضوع صار نسياً منسياً، فضلاً عن ان هذا الملف مرشح لتجميد أطول بعد سريان التكهنات القائلة بأن المواجهات في غزة وعلى طول الحدود الجنوبية مرشحة لأن تطول.
ليل أول من أمس، وفي دارة النائب عن دائرة بيروت الثانية نبيل بدر، كانت الخطوة العملانية الاولى في اتجاه ترجمة هذه المبادرة وجعلها حيّة تسعى، إذ انعقد اللقاء الاول وشارك فيه عشرة نواب يمثلون عمليا 16 نائباً سبق لهم ان أبدوا استعداداً للمشاركة الفعلية في هذه المحاولة.
ويقول النائب سجيع عطية: "نحن نعتقد باننا نقوم من خلال حراكنا بما يمليه علينا واجبنا وضميرنا. ونحن نرحب بكل من يريد ان يشاطرنا ويشاركنا في هذه الرحلة السياسية التي انطلقنا للتو بها، خصوصا ان ثمة قناعة بدأت تسري فحواها ان انتظار مرحلة ما بعد انقضاء المواجهات في غزة وقطاعها وعلى طول الجبهة الجنوبية هو عبارة عن رهان عقيم وبلا جدوى لأن كل المؤشرات والدلائل المتوافرة توحي بان أمر هذه المواجهات أطول مما يتصوره كثر ويبنون عليه".
وما لم يقله عطية هو ان لدى كتلة "الاعتدال الوطني" (تضم 7 نواب شماليين) حوافز تشجعها على الانطلاق في حراكها هذا، ابرزها ان ليس لهذه الكتلة من عداء أو قطيعة مع أي جهة أو كتلة نيابية، فضلاً عن ان لا مرشح رئاسيا ثابتا عندها، بل إنها في هذا الاطار منفتحة على أي توافق وطني يمهد لانتخاب رئيس جديد للبلاد.
وكشف عضو "اللقاء النيابي المستقل" النائب نبيل بدر لـ "الديار" عن طبيعة ومراحل الحراك النيابي، الذي كانت محطته الثانية في اللقاء الأخير بين كتلتي "الإعتدال الوطني" و"اللقاء النيابي المستقل"، مشيراً إلى أنه "من خلال بعض الإستحقاقات البرلمانية، بدا واضحاً وجود كتل ومجموعات نيابية قريبة من الوسط، وتسعى إلى وسطية قريبة منا، وعليه، أتت الدينامية التي انطلقت في الإجتماع الأول مع نواب الإعتدال والمستقلين، الذين كانوا عبر التصويت في موقع الوسط في الجلسة الإنتخابية الرئاسية الأخيرة".
وعن أهداف الحراك النيابي، يوضح إن الأساس هو "العمل من أجل التوافق على تسمية مرشّح وسطي توافقي وربما النجاح في الوصول إلى اتفاق على إسم موحّد نذهب للتصويت له في أي جلسة إنتخابية مقبلة، وذلك في حال لم يحدث توافق كبير وشامل على تسمية مرشّح معين".
أمّا بالنسبة لاحتمالات التفاهم على مرشّح رئاسي، فيكشف النائب بدر أنه "في الجلسة الإنتخابية الأخيرة، كان لدى النواب المستقلين مرشح، ولكن لم يصوّتوا له لأنه لم يكن يريد أن يظهر في الجلسة بوجود تكتلين كبيرين، ولكن ربما في اجتماعٍ مقبل قد نصل إلى تسمية هذا المرشح ولسنا بعيدين عن هذه الخطوة، خصوصاً وأننا اتفقنا على أننا لن نذهب إلى أي جلسة إنتخابية مقبلة، من دون مرشح".
وعن التحركات الرئاسية، يكشف بدر إلى "أنها ستبدأ من النقطة التي وصل اليها المسعى القطري، في ضوء تأكيد على عدم وجوب انتظار نهاية الحرب في غزة في ضوء الإنهيار الحاصل".
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
جنبلاط من جمود الداخل إلى حراك الإقليم
كتب راغب جابر في " النهار":قال وليد جنبلاط كلمته في الاستحقاق الرئاسي اللبناني، أياً كانت الخلفيات والأبعاد والمرامي، وانصرف إلى اهتمامات أوسع تاركاً الوسط السياسي اللبناني يجتر مواقف مبهمة ويمارس تقية غامضة محاذراً إعلان مواقف واضحة وصريحة، بانتظار كلمات السر من وراء الحدود أو من كواليس اللقاءات والاتصالات التي يصرّح غالباً بعكس مجرياتها. من سوريا إلى تركيا إلى غيرهما ينتقل وليد جنبلاط مواكباً الأحداث الكبيرة وفاعلاً بقدر ما يستطيع ويمكن.
يحضر وليد جنبلاط في المحطات الكبرى. الزعيم الدرزي - الاشتراكي لم يستقل من السياسة عندما اعتزل النيابة ورئاسة الحزب التقدمي الاشتراكي لمصلحة وريثه ابنه تيمور. في الأزمات يعود جنبلاط إلى الواجهة ليقود بنفسه الحزب والطائفة، لكن أيضاً كزعيم وطني مؤثر في السياسة اللبنانية عموماً وفي العلاقات الخارجية للبلد، متسلحاً برصيد كبير من العلاقات مع شخصيات ودول ورث بعضها عن والده الزعيم كمال جنبلاط وبنى بعضها خلال مسيرته السياسية الطويلة
يدرك جنبلاط حجمه وحجم حزبه وطائفته في المعادلة الداخلية ويجيد اللعب على التوازنات وتوظيف بعده الإقليمي والدولي في تعزيز وضعيته الداخلية من دون أوهام.
لم يتأخر جنبلاط في تلقف فرصة سقوط الأسد، ترك الجميع ينتظرون، إما استقرار النظام الجديد في سوريا، أو تعثره، كي يبنوا على الشيء مقتضاه، محاذرين "التورط" في خطوة يرونها مبكرة وغير محسوبة. ذهب الى دمشق للقاء الحكام الجدد لسوريا من دون حسابات معقدة. هذا أمر واقع لا بد من التعامل معه بجرأة وانفتاح. حمل هموم طائفته في سوريا، وأيضا نصائح لأحمد الشرع، ربما تكون نفسها التي حملها للأسد ولم يصغ اليها. وخلافاً لخروجه الخائب من لقاء الأسد خرج مرتاحاً من لقاء الشرع، فالجالس الجديد في قصر الرئاسة السورية استمع وأبدى تجاوباً بحسب ما صدر من كلام ومن تسريبات عن الاجتماع.
قفز جنبلاط إلى واجهة المشهد عندما انتقل بعد زيارة دمشق للقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ما يعكس أهمية تحركه والمساحة الممنوحة له للتحرك لبنانياً وسورياً، ليكرس نفسه لاعباً فاعلاً في المفاصل الحاسمة، فيما يغرق سياسيون لبنانيون آخرون في تفاصيل محلية مملة وممضة وبلا جدوى.