سلطت باحثة متخصصة في الدبلوماسية والإعلام الرقمي، الضوء على الحرب الرقمية التي يشنها الاحتلال، عبر حملات إعلامية مزيفة، لتشويه سمعة الفلسطينيين ونشر الأخبار الكاذبة، بواسطة حسابات تنتحل الهوية العربية وتروج لقصص الاحتلال، وتهاجم المقاومة.

وقالت الباحثة ليندا شلش، في تقرير بمجلة "بوليتيكس توداي"، ترجمته "عربي21"، إنه بالتوازي مع الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة اندلعت حرب أخرى على شبكة الإنترنت.



ويعمل الاحتلال على إغراق مواقع التواصل الاجتماعي بالمعلومات المضللة والأخبار الكاذبة عن طريق حسابات وهمية مؤيدة له تتحدى الرواية الفلسطينية وتهاجم المقاومة الفلسطينية، ورافقت هذه الحملات الكاذبة حرب إعلامية شرسة قائمة على سياسة التضليل والأكاذيب لخداع الرأي العام العالمي.

وفي أكثر من حالة، كررت المؤسسات الإعلامية الغربية الادعاءات الإسرائيلية دون التحقق منها، ولعل المثال الأبرز على هذا التضليل الإعلامي ادعاء إسرائيل بأن حماس قتلت 40 طفلا إسرائيليا وقطعت رؤوسهم.

الجيش السيبراني

وأشارت إلى أنه بالتزامن مع بدء العدوان، ظهرت فجأة عشرات الحسابات الوهمية على الإنترنت التي تهاجم حماس والمقاومة الفلسطينية بلا هوادة، وقد لفت انتباهها كصحفية وباحثة متخصصة في الدبلوماسية والإعلام الرقمي الظهور العشوائي وغير المعتاد لعشرات الحسابات عبر منصات التواصل الاجتماعي، أبرزها إكس، وإنستغرام، ويوتيوب، وفيسبوك.



وأضافت أن بعض هذه الحسابات ظهرت قبل فترة قصيرة من الحرب، لكنها تشترك جميعا في انتحالها هويات عربية أو مجهولة، ووضعها أعلام الدول العربية بجانب العلم الإسرائيلي، وكلها تكرر نفس القصة، وتتعمد إثارة الفتنة بين الشعوب العربية من خلال الإشارة إلى الخلافات السياسية والتاريخية بينها، مثل الخلافات بين المغرب والجزائر، والمشاكل السياسية بين العراق والكويت.

لاحظت أن العديد من هذه الحسابات الوهمية تتابع كل ما ينشَر عن الحرب على منصات رقمية عربية شهيرة مثل قناة الجزيرة، من أجل مهاجمة المقاومة الفلسطينية وشعب غزة بشكل عام؛ حيث يعلقون على أخبار الحرب دوما بنفس المضمون ونفس الكلمات ونفس السرد.

بين الموساد و"باليوود"

أشارت الكاتبة إلى أن الحرب السيبرانية لا تقتصر على الحسابات الوهمية، بل تشمل حسابات تدعي أنها تابعة لجهات رسمية إسرائيلية، بما في ذلك حساب يدعي أنه تابع لجهاز المخابرات الإسرائيلية على منصة إكس، ولديه أكثر من 100 ألف متابع.

كان شايان ساردار زاده، الصحفي المتخصص في المعلومات الخاطئة عبر الإنترنت، من أوائل الذين اكتشفوا أن الحساب لم يكن حقيقيا، وكشف حقيقة أحد مقاطع الفيديو التي نشرها، وقام مسؤولو الحساب المعني بعدها بتغيير اسمه واستمروا في نشر المعلومات المضللة.

ذكرت الكاتبة أن الكثيرين حول العالم تعاملوا مع هذه المعلومات المضللة كحقيقة ثابتة، فقد أعادت الحرب المستمرة استخدام كلمة "باليوود"، وهي مزيج من كلمتي "فلسطين" و"هوليوود"، والتي استخدمتها إسرائيل منذ سنوات لتشويه سمعة الروايات الفلسطينية والادعاء بأن الفلسطينيين كانوا يمثلون معاناتهم سينمائيا، وانتشر هذا الوسم خلال الحرب بصور ومقاطع فيديو مضللة وخارجة عن السياق، تتهم الفلسطينيين بتزييف موتهم وإصابتهم في غزة.

وقال التقرير: "لنأخذ مثلا المعلومات المضللة التي تم نشرها عن الناشط الغزاوي صالح الجعفراوي، الذي كان له دور كبير في فضح ونشر عشرات المقاطع التي توثق المجازر الإسرائيلية خلال الحرب الحالية، شنت إسرائيل حملة واسعة ضده، واتهمته بالكذب والتضليل والتمثيل، وأطلقت عليه لقب ممثل حماس الباليوودي، ويهدف هذا المصطلح إلى تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم وتشويه صورتهم في جميع أنحاء العالم".

الحملات الإلكترونية المنظمة

وقالت شلش بأن مؤسسة "المقاولون المبتكرون للأبعاد المتقدمة" المتخصصة في الاستخبارات مفتوحة المصدر، كشفت عبر تحقيق لها حقيقة العديد من الحسابات الرقمية التي تهاجم المقاومة الفلسطينية وتنتقد عملية طوفان الأقصى، وكشف التحقيق الذي أجري في تشرين الأول/أكتوبر 2023، أن لجانا إلكترونية منظمة تقف وراء هذه الحسابات لخلق رأي عام وهمي.

وحسب التحقيق فإن الحسابات الوهمية تحمل نفس الخصائص الرقمية، فهي تنتحل شخصية دولة معينة، وتغرد بلغة عربية ركيكة، ولا يتجاوز عدد متابعيها 50 متابعا، وتشير الأدلة إلى حسابات تعمل ضمن مجموعة ذباب إلكتروني منظمة وبطريقة متعمدة لتحقيق أهداف سياسية معينة.



وأكدت أن هذه الحسابات الوهمية تعمل ضمن لجان منظمة، وهو ما يقودنا إلى الهاسبارا الإسرائيلية، وهي الكلمة العبرية التي تعني الدعاية والتضليل. وقد تمت صياغة مصطلح "هاسبارا" لأول مرة في أوائل القرن العشرين من قبل الناشط الصهيوني ناحوم سوكولوف، ثم استخدم لاحقا كمرادف للعلاقات العامة، لكنه ليس أكثر من برنامج منظم لنشر الدعاية السياسية الإسرائيلية حول العالم بدعم حكومي وأمني كبير.

وغالبا ما تستهدف جهود هاسبارا النخب السياسية الغربية وقادة الرأي وعامة الناس، وتشمل تقريبا كل مؤسسة حكومية إسرائيلية، بما في ذلك الجيش ووزارة الخارجية والمنظمات غير الحكومية والجامعات ومراكز الأبحاث وحتى الطلاب.

ملايين الدولارات لدعم إسرائيل

أوضحت أن الهاسبارا تنشط لدعم الرواية الإسرائيلية ومواجهة أي أصوات معارضة، بالأخص أثناء الحرب. وقد استخدمت إسرائيل الهاسبارا خلال الحرب على غزة لتعزيز الرواية الإسرائيلية، وشيطنة الفلسطينيين، وتبرير استهدافهم وإلقاء اللوم عليهم في نتائج حروب إسرائيل المدمرة.

وأكدت أن الحرب الرقمية التي تشنها إسرائيل الآن تدعمها وزارة الخارجية الأمريكية بإنفاق ملايين الدولارات، كما كشف عدد من المؤثرين الأجانب أن إسرائيل عرضت عليهم مبالغ ضخمة في بداية الحرب للترويج للرواية الإسرائيلية. وبينما رفض البعض التعاون، من المؤكد أن آخرين متورطون في هذه المعركة، خاصة أولئك الذين يدعمون إسرائيل سياسيا.

ومع ذلك، فقد ساهمت الحرب الحالية بشكل كبير في انقلاب الرأي العام العالمي ضد إسرائيل، وشهدت ظهور أشكال مختلفة من التضامن مع فلسطين ومعارضة إسرائيل.

وأشارت إلى أن إسرائيل ستصعد حربها الإعلامية، سواء الرقمية أو التقليدية، وهذا يتماشى مع معتقدات الحركة الصهيونية التي تعتبر الإعلام والدعاية أحد أهم الركائز لإقامة دولة إسرائيل والحصول على الاعتراف الدولي بشرعيتها.

لكن هذه الحرب الرقمية التي تخوضها إسرائيل بشراسة، تكشف الجانب المظلم للثورة الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي، التي أصبح من السهل استغلالها للتلاعب بالعقول وتوجيه الرأي العام، مما جعل الوثوق بما يقدَم لنا عبر المنصات الرقمية أمرا صعبا، والأمر الغريب والمحبط هو أن وسائل الإعلام الغربية كثيرا ما تأخذ هذه المعلومات المغلوطة وتتعامل معها على أنها حقيقة ثابتة، دون أن تفكر في مدى واقعيتها ومصداقيتها.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الحرب الرقمية الاحتلال غزة غزة الاحتلال خداع حرب رقمية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المقاومة الفلسطینیة المعلومات المضللة الحسابات الوهمیة الرقمیة التی هذه الحسابات

إقرأ أيضاً:

أغلبية في إسرائيل تؤيد إنهاء الحرب على غزة

أظهر استطلاع نشرته صحيفة "معاريف" العبرية، اليوم، الجمعة، أن أغلبية في إسرائيل مؤلفة من 54% تؤيد التوصل إلى اتفاق تبادل أسرى يشمل الإفراج عن جميع الأسرى الإسرائيليين في غزة في دفعة واحدة مقابل وقف الحرب والانسحاب من القطاع.

ويفضل 10% استمرار تبادل الأسرى على دفعات، مثلما جرى خلال المرحلة الأولى، بينما اعتبر 29% أن الأمر الأصح هو استئناف الحرب بادعاء ممارسة ضغط على حماس كي تفرج عن أسرى إسرائيليين، وقال 9% أن لا إجابة لديهم.

ويتبين أن 53% من ناخبي أحزاب الائتلاف يؤيدون استئناف الحرب، بينما يؤيد 83% ناخبي أحزاب المعارضة مواصلة تبادل الأسرى ووقف الحرب على غزة.

وبما يتعلق بتجنيد الحريديين للجيش الإسرائيلي، قال 42% إنه ينبغي سن قانون تجنيد يؤدي إلى تجنيد أكبر عدد من الحريديين بشكل تدريجي، فيما يعتقد 35% أنه يجب إبقاء قانون التجنيد الحالي كما هو وإرسال أوامر تجنيد للجميع، ودعا 14% إلى سن قانون تجنيد بموجب مطالب الأحزاب الحريدية، ولم يعبر 9% عن رأيهم في الموضوع.

وعبر40% عن معارضتهم إقالة المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهاراف ميارا، بينما أيد 37% إقالتها.

وأيد 78% من ناخبي أحزاب الائتلاف إقالة المستشارة القضائية وعارض 73% من ناخبي أحزاب المعارضة إقالتها.

المصدر : عرب 48 اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار الإسرائيلية مكتب نتنياهو: حماس لم تُغير مواقفها رغم قبولنا مقترح ويتكوف غولان: نتنياهو باع أمن إسرائيل من أجل بقائه السياسي الجيش الإسرائيلي: هذا سبب عدم وصول أي قوات إلى "نير عوز" بهجوم 7 أكتوبر الأكثر قراءة منصور يبعث رسائل متطابقة لمسؤولين أممين بشأن جرائم الاحتلال المتواصلة إصابة طفلين بالرصاص واعتقال آخر إثر اقتحام الاحتلال غرب رام الله الهباش يُدين جريمة إحراق مسجد النصر بنابلس ويدعو لشد الرحال إلى الأقصى إسرائيل طالبت الإدارة الأمريكية بعدم إجراء مناقشات مباشرة مع حماس عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • ارتفاع أسعار المنتجات الأميركية بسبب الحرب التجارية التي أطلقها ترمب
  • أغلبية في إسرائيل تفضل إعادة الأسرى على القضاء على حماس
  • فيما ورد خبر من هيئة البث الإسرائيلية ذو صلة بالانفجارات … هذه هي المناطق التي استهدفها الطيران في العاصمة صنعاء ” صور ” 
  • زيلينسكي يتهم بوتين بإطالة أمد الحرب ويدعو لنشر قوات أجنبية في أوكرانيا
  • كيكل: الوحدة التي حدثت بسبب هذه الحرب لن تندثر – فيديو
  • عاجل | مجلة إيبوك الإسرائيلية عن تقديرات أمنية: نظام الشرع قد يغض الطرف عن عمليات ضد إسرائيل من داخل سوريا
  • عاجل | واشنطن بوست عن مصادر: إسرائيل تطبق قواعد جديدة صارمة على منظمات الإغاثة التي تساعد الفلسطينيين
  • كاتس: إسرائيل ستبقى في المواقع الخمسة التي أنشأتها في جنوب لبنان
  • أغلبية في إسرائيل تؤيد إنهاء الحرب على غزة
  • تيك توك يطلق ميزة جديدة لحماية المراهقين «التفاصيل»