سلط تقرير لنيويورك تايمز الضوء على التبعات التي يواجهها قطاع التكنولوجيا، الذي تشتهر به إسرائيل، بسبب الحرب التي تشنها على غزة عقب هجوم السابع من أكتوبر الدامي. 

ويوم الهجوم، في الساعة 6:45 صباحا، تحدث جاك "تاتو" بيجيو، مؤسس شركة "UBQ Materials" لمدير العمليات في الشركة الذي قال إن الكيبوتس الذي يقطن فيه تعرض لهجوم مسلحي حماس، كما تلقى رسائل نصية من موظفين آخرين بأنهم يختبئون في غرف آمنة، في حين قالت موظفة إن زوجها أصيب بالرصاص في معدته.

 

وقال بيجيو للصحيفة: "كان مثل يوم القيامة". 

وأجبر الهجوم الذي شنه مسلحو حماس شركة "UBQ Materials" على إغلاق مصنعها الذي يقع على بعد 20 ميلا (32 كلم) من الحدود مع قطاع غزة، مخلفا صدمة لدى الموظفين، الذين قتل اثنان منهم، في حين خسر كثيرون آخرون منازلهم واضطروا إلى العيش على بعد 100 ميل (160 كلم).  

ورغم أن الشركة التي تأسست عام 2012، والمتخصصة في تكنولوجيا، تحول القمامة إلى بلاستيك يمكن استخدامه لأغراض متعددة، تمكنت من النهوض وتشغيل عملياتها مجددا خلال ثلاثة أسابيع، إلا أن شركات أخرى لم تلق المصير ذاته، بحسب الصحيفة الأميركية. 

وتسلل مئات من مسلحي حركة حماس إلى إسرائيل من غزة في السابع من أكتوبر الماضي، في هجوم أسفر عن مقتل نحو 1140 شخصا، غالبيتهم من المدنيين، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى أرقام رسمية إسرائيلية. 

كما اقتيد نحو 250 رهينة خلال الهجوم، لا يزال 132 منهم محتجزين في قطاع غزة، بحسب الجيش الإسرائيلي.

وتوعدت إسرائيل بـ"القضاء" على حماس، المصنفة على قائمة الإرهاب الأميركية، بعد الهجوم، وترد بقصف جوي ومدفعي عنيف، وعمليات برية اعتبارا من 27 أكتوبر على قطاع غزة المحاصر ما أدى إلى مقتل 23357 شخصا غالبيتهم من النساء والأطفال، وفق آخر حصيلة لوزارة الصحة التابعة لحماس.

وتسببت العملية الإسرائيلية في القطاع بنزوح مليون فلسطيني من شمال غزة لجنوبه. ويعاني القطاع من دمار واسع والجوع وشح في المياه والكهرباء ووسائل الاتصال والرعاية الطبية بسبب الدمار الواقع على مستشفياته، وفق الصحيفة. 

وبالإضافة إلى أكثر من 360 ألف جندي احتياط تمّت تعبئتهم، اضطُّر ما لا يقل عن 125 ألف إسرائيلي إلى مغادرة منازلهم في جنوب إسرائيل أو في مناطق الشمال الحدودية مع لبنان، والتي تشهد بشكل يومي تبادلاً لإطلاق النار بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله اللبناني، وفق فرانس برس.

وذكرت الصحيفة أن الحرب أثرت في الاقتصاد الإسرائيلي "بشكل قد لا يبدو ملحوظا خارج البلاد"، حيث توقفت السياحة وارتفعت نفقات الحكومة، والضربة التي تلقتها شركات التكنولوجيا "هزت الثقة في قطاع كان قد أضحى محرّكا أساسيا في اقتصاد إسرائيل". 

وساهم استدعاء 350 ألفا من جنود الاحتياط في تشتيت العمليات التشغيلية لدى العديد من الشركات، كما بدأ المستثمرون بالتردد وفقا لإحصائية أجرتها سلطة الابتكار الإسرائيلية، الممولة حكوميا، بالتعاون مع مركز "Start-Up Nation Policy".

ونتيجة لذلك، قالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، إن الحرب ستتسبب في "تباطؤ مؤقت ولكن واضح" في الاقتصاد الإسرائيلي. 

وكان الاقتصاد الإسرائيلي شهد نموا بنحو ثلاثة بالمئة قبل هجمات السابع من أكتوبر، ومن المتوقع الآن أن يتباطأ إلى 1.5 بالمئة هذا العام. ويؤثر على الاقتصاد نقص العمالة، وانخفاض ثقة المستهلكين والشركات، وارتفاع التضخم.

وقال جوناثان كاتز، المتنبئ الاقتصادي السابق في وزارة المالية الإسرائيلية، إن مصدر القلق الآخر هو الاستثمار الأجنبي، الذي كان ضعيفا بالفعل قبل 7 أكتوبر بسبب عدم اليقين الناجم عن النزاع بين حكومة رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، اليمينية والمحكمة العليا الإسرائيلية.

وقال كاتز للصحيفة: "السؤال الآن هو ما إذا كان الأجانب سيظلون يرغبون في الاستثمار في التكنولوجيا المتقدمة الإسرائيلية، أو ما إذا كانوا يفضلون استثمار أموالهم في مكان آمن وهادئ، مثل أيرلندا".

ولتحفيز الاقتصاد المتعثر، خفّض بنك إسرائيل المركزي أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، إلى 4.5 في المئة، الأسبوع الماضي. وكان هذا أول خفض لأسعار الفائدة منذ بداية جائحة كوفيد، وقال محافظ البنك المركزي أمير يارون، إن من المتوقع إجراء تخفيضات إضافية.

ونوه يارون إلى أن الاقتصاد الإسرائيلي يواكب الظروف التي فرضتها الحرب ويظهر آثار التعافي، لكنه ذكر أن تبعات أعمال العنف المطوَّلة ستكون جسيمة. 

وشدد يارون بشكل خاص على أهمية الاستقرار والحاجة إلى كبح جماح الإنفاق الحكومي المتزايد، والذي يتوقع البنك المركزي أن يساهم في زيادة الدين العام وارتفاع العجز.

وقال يارون: "من الواضح لنا جميعا أن حالة عدم اليقين الاقتصادي الحالية مرتبطة ارتباطا وثيقا بالوضع الأمني وكيفية تطوُّر الحرب".

وفي الأول من يناير الحالي، أعلن الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري، أن الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة ستستمر "طيلة" عام 2024، بحسب ما نقلته فرانس برس على لسانه.

وقال هاغاري: "على الجيش الإسرائيلي أن يضع مخططاته مسبقاً لأنه سيُطلب منّا تنفيذ مهام ومعارك إضافية طيلة هذه السنة".

وشدد على أنه سيتحتم تجنيد عشرات الآلاف من عناصر الاحتياط  لمواصلة القتال، إلا أن عددا منهم سيأخذ فترة استراحة من الحرب للاستعداد "لعمليات قتالية مطوّلة".

وأوضح هاغاري أن "بعض جنود الاحتياط سيعودون إلى عائلاتهم ووظائفهم خلال هذا الأسبوع"، ما "سيمكنهم من استعادة قواهم للمشاركة في الأنشطة المستقبلية خلال العام المقبل" (2024).

وأضاف أن "ذلك سيخفف إلى حد كبير العبء عن الاقتصاد"، مشيرا إلى أن الجيش يخطط لنشر قواته في الأشهر المقبلة.

وسلطت فرانس برس الضوء في تقرير نشرته في نوفمبر الماضي على شركات إسرائيلية عدة تعاني من نقص الموظفين، من بينها  مجموعة "راف – بريح" (Rav-Bariach).

وذكرت أنه على المستوى اليومي، يؤثر نقص اليد العاملة قبل أي شيء آخر على نشاط الشركة منذ بداية الحرب التي أعقبت هجوم حماس غير المسبوق على جنوب إسرائيل.

وقدّر إيدان زو-اريتز، لمدير التنفيذي للشركة، بأن المصنع شغّل حينها ما يتراوح بين 60 إلى 65 في المئة من قوته العاملة التي يصل عديدها في الأيام العادية إلى 600 موظف. وقال للوكالة: "نحن نفتقر إلى الأيدي العاملة. تم تجنيد بعض الموظّفين في الجيش، بينما نُقل آخرون إلى مناطق أخرى لأسباب أمنية". 

وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة حيفا، بنيامين بنتال، إنه على الرغم من أن المجتمع والاقتصاد الإسرائيلي معتادان على الأزمات، إلا أن "كل النزاعات الإسرائيلية الفلسطينية في السنوات الأخيرة كانت محدودة نسبيا مقارنة بالنزاع الحالي".

وبينما ستؤدي الحرب إلى إنفاق مليارات الدولارات الإضافية من ميزانية الدولة، فقد وجه 300 خبير اقتصادي إسرائيلي رسالة مفتوحة الى إلى حكومة نتانياهو في نهاية أكتوبر، وطالبوه باتخاذ تدابير عاجلة، متّهمين إياه بأنه "لا يفهم حجم الأزمة الاقتصادية التي قد يواجهها الاقتصاد الإسرائيلي"، بحسب فرانس برس.

وقد اتخذت إسرائيل عدة خطوات للحد من حالة عدم اليقين، وفق ما ذكرته "نيويورك تايمز" بما في ذلك تثبيت سعر الشيكل الإسرائيلي. وتخطط الحكومة لزيادة عدد العمال الأجانب المسموح لهم بدخول البلاد إلى 70 ألفا بدلا من 50 ألفا، لمعالجة النقص المفاجئ في العمالة، حيث فرَّ العمال الأجانب وتم منع أكثر من 100 ألف فلسطيني من الضفة الغربية من العمل في إسرائيل.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الاقتصاد الإسرائیلی الجیش الإسرائیلی فرانس برس قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

«9 من كل 10 أشخاص يعانون الفقر».. الأمم المتّحدة: تعافي اقتصاد سوريا قد يستغرق 50 عاماً!

كشفت الأمم المتّحدة أنّه “يعاني 9 من كل 10 سوريين من الفقر، وربع السكّان هم اليوم عاطلون عن العمل، والناتج المحلي الإجمالي السوري هو اليوم أقل من نصف ما كان عليه في 2011”.

وأشار تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى “أن ما بين 40-50% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و15 عامًا لا يذهبون إلى المدرسة، وأنه دُمر أو تضرر بشكل شديد نحو ثلث الوحدات السكنية خلال سنوات النزاع، مما ترك 5.7 مليون شخص في سوريا بحاجة إلى دعم في مجال الإيواء”.

وتطرق التقرير الأممي إلى “التحديات البشرية واللوجستية التي تواجه الاقتصاد السوري حيث توفي أكثر من 600 ألف سوري في الحرب، بالتوازي مع الأضرار المادية، والانهيار الكامل لليرة السورية، ونفاد الاحتياطيات الأجنبية، وارتفاع نسب البطالة ورزوخ مايقدر بـ90% من السوريين تحت خط الفقر كما تشكل الأضرار التي لحقت بقطاع الطاقة تحديا حقيقيا حيث انخفض إنتاج الطاقة بنسبة 80% وتعرضت أكثر من 70% من محطات الطاقة وخطوط النقل للتدمير، مما قلل قدرة الشبكة الوطنية بنسبة تزيد عن ثلاثة أرباع”.

وأضافت في تقرير لها: “تراجع مؤشر التنمية البشرية الذي يأخذ في الاعتبار متوسط العمر المتوقع ومستويي التعليم والمعيشة إلى أقلّ ممّا كان عليه في 1990 (أول مرة تمّ قياسه فيها)، ممّا يعني أنّ الحرب محت أكثر من ثلاثين عاما من التنمية”.

وقالت: “الاقتصاد السوري بحاجة لـ55 عاما للعودة إلى المستوى الذي كان عليه في 2010 قبل اندلاع النزاع إذا ما واصل النمو بالوتيرة الحالية، مناشدة الأسرة الدولية الاستثمار بقوة في هذا البلد لتسريع عجلة النمو”.

وقال أخيم شتاينر، رئيس برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إنّه “بالإضافة إلى مساعدات إنسانية فورية، يتطلّب تعافي سوريا استثمارات طويلة الأجل للتنمية، من أجل بناء استقرار اقتصادي واجتماعي لشعبها”.

وشدّد المسؤول الأممي على أهمية “استعادة الإنتاجية من أجل خلق وظائف والحدّ من الفقر، وتنشيط الزراعة لتحقيق الأمن الغذائي، وإعادة بناء البنى الأساسية للخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم والطاقة”.

ووفق الأمم المتحدة، “بحسب معدّل النمو الحالي (حوالي 1.3 بالمئة سنويا بين عامي 2018 و2024)، فإنّ “الاقتصاد السوري لن يعود قبل عام 2080 إلى الناتج المحلّي الإجمالي الذي كان عليه قبل الحرب”.

مقالات مشابهة

  • معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي: حماس أذلت “إسرائيل” عسكريا وأفشلت قطار التطبيع 
  • حركة فتح: الخوف يسيطر على أهل غزة من إلغاء الهدنة وعودة العدوان الإسرائيلي
  • «9 من كل 10 أشخاص يعانون الفقر».. الأمم المتّحدة: تعافي اقتصاد سوريا قد يستغرق 50 عاماً!
  • الاقتصاد السوري يحتاج إلى نصف قرن لاستعادة عافيته بعد الحرب التي دمرته
  • تقرير أممي: 800 مليار دولار خسارة الاقتصاد السوري خلال سنوات الحرب
  • الأمم المتحدة:اقتصاد سوريا يحتاج 50 عاما ليتعافى
  • الجيش الإسرائيلي: إحدى الجثث التي سلمتها حماس لا تعود لأي رهينة
  • الأمم المتّحدة: تعافي اقتصاد سوريا قد يستغرق 50 عاما
  • الجيش الإسرائيلي: إحدى الجثث التي تسلمتها إسرائيل من حماس ليست للرهينة شيري بيباس
  • كواليس الـ48 ساعة التي انقلب فيها ترامب على زيلينسكي