كاتب مصري: السيسي ينزلق بالبلاد لسيناريو مرعب قد يصل إلى حرب أهلية
تاريخ النشر: 11th, January 2024 GMT
قال المحل السياسي والكاتب المصري، ماجد مندور، إن طريقة الحكم العسكري التي ينفذها عبد الفتاح السيسي في البلاد، منذ أكثر من عقد من الزمان، تقود إلى سيناريو مرعب قد يصل إلى ما جرى في سوريا من حرب أهلية.
وأضاف في مقال له بموقع ميدل إيست آي، أن النظام العسكري لعبد الفتاح السيسي في مصر يمتاز بأمرين، الأول هو السيطرة العسكرية الكاملة والمباشرة، بدون أي حزب مدني يمكن أن يخلق توازنا أمام العسكر، والثاني، أن القمع الذي يمارسه النظام تحول إلى ما يشبه الجائحة، والدولة تتمسك بالعنف ضد الجماهير من باب الضرورة الأيديولوجية.
وفيما يلي النص الكامل للمقال:
"من خلال وخز أصابعي، شيء شرير بهذه الطريقة يأتي" ... بهذا الاقتباس من ماكبيث أبدأ كتابي الجديد.
كنت في أواخر العشرينيات من عمري عندما وقع الانقلاب الذي أطاح بأول رئيس منتخب ديمقراطياً في مصر. بسبب الانقلاب، وبسبب ما تلاه من ارتكاب للمذابح، بت مسكوناً بالنظام العسكري الجديد الذي راح يرسخ أقدامه هناك.
وهذا الاهتمام الذي استمر على مدى عقد من الزمن هو الذي قادني إلى تأليف كتاب بعنوان "مصر تحت حكم السيسي: وطن على الحافة"، والذي أقدم فيه تشريحاً لنظام لا يشبهه نظام آخر شهدناه في تاريخ مصر الحديث.
أسعى في الكتاب لإثبات أن حكومة عبد الفتاح السيسي، تتميز عن كل ما سبقها من حكومات مستبدة من ناحيتين.
أولاً، إننا نشهد لأول مرة في تاريخ مصر المعاصر حالة تكون البلاد فيها تحت الحكم المباشر للعسكر، بدون أي وجود لحزب مدني من شأنه أن يحدث توازناً مقابل العسكر، أو يقدم واجهة مدنية لسلطة العسكر المستمرة في التوسع.
ثانياً، يتمسك نظام السيسي بشكل مرضي بعنف الدولة ضد الجماهير، ليس من باب الاختيار وإنما من باب الضرورة الأيديولوجية، مما يحوّل القمع إلى ما يشبه الجائحة، ويجعله راسخاً بعمق في الهيكل الأيديولوجي للنظام.
تُستمد هذه الخصائص من هوس العسكر بتعزيز السلطة وضمان الحيلولة دون تكرار الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في عام 2011 – وهو الهوس الذي ولد نظاماً عسكرياً شديد التوحش، في وضع تظل آفاق الإصلاح الداخلي فيه محدودة.
العسكر حراس الدولة ورعاتها
يبدأ الكتاب بانقلاب عام 2013 ومذابح الصيف التي وقعت من بعد. يعرف ذلك الصيف بأنه اللحظة الجوهرية للنظام، حيث تمكن من حشد دعمي شعبي للموجة العارمة من القمع، والتي استهدفت بادئ ذي بدء الإخوان المسلمين، ثم ما لبثت أن توسعت لتطال المعارضة العلمانية كذلك.
ما كان ذلك ليحصل لولا انعدام كفاءة الإخوان المسلمين وتواطؤ المعارضة العلمانية، بما تتسم به من توجه سلطوي سافر، مما سمح للعسكر ليس فقط بالتدخل وإنما أيضاً بإنشاء سردية تفضي إلى حالة من الهستيريا الجامحة.
تم تبرير هذه الممارسات العنيفة ضد الجماهير من خلال نسخة شوفينية من القومية المصرية، والتي اعتبرت الشعب وحدة عضوية واحدة، واعتبرت العسكر حراساً ورعاة للشعب والدولة، واعتبرت معارضة العسكر خيانة، وخولت العسكر بإقصاء كل من يعارضهم إلى خارج الإطار الوطني.
برر ذلك استخدام العنف الجامح – بمشاركة شعبية – من أجل قهر معارضي النظام الجديد، وحتى يتمكن العسكر من المضي قدماً بتنفيذ مشروع سياسي مهيب: ألا هو العسكرة الكاملة للدولة وللاقتصاد.
تضمن ذلك إجراء عدد كبير من التغييرات القانونية والدستورية، والتي وسعت صلاحيات الرئاسة لتتغول على الجهاز القضائي، ولتزيل كل ما كان قد تبقى له من سمات الاستقلال. وفر الدور الدستوري الجديد وغير المسبوق للعسكر، بكونهم حراساً ورعاة للطبيعة العلمانية للدولة، وللحقوق الديمقراطية، أساساً قانونياً لاستمرار التدخل العسكري في السياسة.
كما وسع ذلك من الصلاحيات القمعية للعسكر، وعزز من دور الجيش في صيانة النظام، مما حوله إلى جهاز أمني محلي، كل همه ضمان استقرار النظام وقمع معارضيه.
تم كل ذلك باسم محاربة من أطلق عليهم السيسي عبارة "أهل الشر" وكذلك باسم المحافظة على الدولة.
إعادة هيكلة الرأسمالية المصرية
لن يكتمل أي تحليل للمشاكل التي تعاني منها مصر بدون الأخذ بالاعتبار ما يتمتع به أعضاء الأجهزة الأمنية من حصانة قانونية وهم ماضون في إغلاق الحيز العام والنكوص عن المكاسب الديمقراطية التي تحققت في عام 2011.
لم يكن مستغرباً أن يؤدي ذلك إلى مستوى من العنف السياسي ضد النشطاء المناصرين للديمقراطية لم تشهد الدولة المصرية الحديثة مثيلاً له منذ تأسيسها. تم الزج بالآلاف في السجون لفترات طويلة، وأحياناً بدون محاكمات. وزادت إلى حد كبير عمليات القتل خارج إطار القانون، كما زادت حالات الإخفاء القسري، وتكرس التعذيب كممارسة ممنهجة.
بعد سنوات من العنف السادي والاستيلاء على الدولة، تمكن نظام السيسي العسكري من القضاء على جميع مراكز القوة المدنية المنافسة له، وغدا المهيمن بلا منازع على السياسة في الدولة المصرية.
بمجرد أن اخترق العسكر جميع مفاصل الدولة، من المستويات المحلية إلى الوطنية، وهندست أجهزة الأمن الانتخابات البرلمانية، مضى النظام في تنفيذ أكثر مشاريعه طموحاً على الإطلاق، ألا وهو إعادة هيكلة الرأسمالية المصرية.
كان الإجراء بسيطاً، وتمثل في استخدام الدعم السخي القادم من بلدان الخليج من أجل الحصول على مزيد من الديون من الأسواق والمنظمات المالية الدولية في سبيل تنفيذ مشاريع فخمة – يروج لها باعتبارها ذات مردود اقتصادي مفيد – يقوم على إدارتها وتنفيذها العسكر.
سمح ذلك للجيش بأن يوسع بشكل كبير موطئ قدمه وبأن يخترق بعمق قطاعات الاقتصاد التي كان وجوده فيها من قبل لا يكاد يذكر، مزاحماً بذلك القطاع الخاص، وأكبر مثال على ذلك ما حل بقطاع صناعة الإسمنت.
طالما استمرت القروض في التدفق، سادت مغالطة استمرار النمو المحفز بالدين. ولكن، بمجرد أن ضاقت دائرة الاعتماد الدولي ولم تعد دول الخليج ترغب في الاستمرار في توفير الدعم السخي، انهار النموذج، مما أفضى إلى تفجر أزمة دين كبيرة مازالت مستمرة حتى الآن.
تراجعت قيمة الجنيه المصري بشكل هائل، ووصل التضخم إلى معدلات تاريخية غير مسبوقة، وتجمد القطاع الخاص – وكل ذلك سببه رأسمالية الدولة المتعسكرة المرتبطة عضوياً بالنظام السياسي في مصر، والتي يتم الحفاظ عليها من خلال ممارسة الدولة للعنف الجارف.
سيناريو مشابه لسيناريو سوريا
إلا أن تمكن هذا النموذج من البقاء حتى الآن هو نفسه نقطة ضعفه.
إن عدم وجود حزب حاكم، والقضاء المبرم على المعارضة المعتدلة، يتركان النظام بلا حول ولا قوة للتعامل مع أي اضطراب مدني محتمل.
يزيد من تعقيد هذه الصورة جيش متعاظم النفوذ، لا يملك السيسي ضبطه، نظراً لغياب المقابل السياسي الذي يمكن أن يكبح طموحه الشره للسلطة والفساد.
وهذا لا يقلص فقط من إمكانية الإصلاح الذي تقوده النخبة، وإنما يزيد كذلك من احتمال اللجوء إلى القمع الجماعي رداً على السخط الشعبي، وهو أمر وشيك الوقوع بسبب ما تمر به مصر من أزمة اقتصادية عميقة.
وبذلك يصبح السيناريو المشابه لما حدث في سوريا أكثر احتمالاً من أي وقت مضى – وهو احتمال مخيف لبلد يزيد تعداد سكانه عن مائة مليون نسمة.
يبقى احتمال تآكل الجهاز القمعي للنظام في مواجهة انتفاضة يشارك فيها الناس من كل الطبقات. ولكن ثمة ما يدعو للاعتقاد بأن صغار الضباط في الجيش – أي أولئك الذين تناط بهم فعلياً مسؤولية ممارسة القمع – تم تلقينهم سردية النظام حتى باتوا أكثر ولاء له.
هناك إمكانية إحداث تغيير على المدى البعيد من خلال النضال المستمر من أجل فتح الحيز العام، وهو ما يمكن أن يكسب زخماً في ظل تأرجح نموذج الحكم الذي ينتهجه النظام من أزمة إلى أخرى، ويصبح جلياً أن هذا النموذج لا يمكن الإبقاء عليه.
طويل ذلك الدرب ومليء بالأشواك، ولا يمكن أن ينجح إلا بعد إلحاق أضرار كبيرة بنسيج الحياة العامة في مصر.
وكما تنبأت الساحرات في ماكبيث، لقد جاء الشر.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية المصري الحكم العسكري حرب أهلية القمع مصر قمع حرب أهلية حكم العسكر صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من خلال یمکن أن فی مصر
إقرأ أيضاً:
المسؤول الأمني في الساحل السوري: العمليات التي نفذها فلول النظام المخلوع جاءت بدعم إيراني
سرايا - أكد المسؤول الأمني في الساحل السوري، ساجد الديك، أن العمليات الأمنية في المنطقة مستمرة، وأن القوات الأمنية والعسكرية قد حققت تقدماً كبيراً في تفكيك خلايا فلول النظام "البائد".
وأضاف أن القوات الأمنية قد تمكنت من تطهير عدد من المناطق الاستراتيجية، أبرزها منطقتا جبلة والقرداحة، من فلول النظام المخلوع.
وأوضح الديك أن القوات الأمنية والعسكرية تعمل بشكل منسق لضمان القضاء على أي تهديد متبقٍ، مشيراً إلى أن المرحلة القادمة ستركز على تعقب العناصر الفارة ومنع أي محاولات لإعادة تنظيم صفوفهم.
وأشار إلى أن الخسائر التي وقعت في صفوف القوى الأمنية جاءت نتيجة الكمائن التي نفذها فلول النظام "البائد"، حيث استهدفت بعض العمليات الحواجز والمقرات الأمنية بتنسيق مسبق وبتمويل إيراني، مما تسبب في خسائر مباشرة.
وأكد المسؤول الأمني أن قواته تتعامل بسرعة مع الموقف، وقد نجحت في احتواء التهديد بشكل فعال.
كما كشف أن المعلومات المتوفرة تشير إلى دعم غير مباشر قدمته إيران لفلول النظام البائد، بالإضافة إلى وجود عناصر خارجية تسعى لاستغلال الوضع الراهن وتقدم دعماً إعلامياً ولوجستياً.
وأضاف الديك أن السلطات الأمنية تواصل جهودها لضمان استقرار المنطقة ومواجهة أي تهديدات قد تؤثر على الأمن الوطني.
تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا
طباعة المشاهدات: 1345
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 10-03-2025 02:06 AM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الرد على تعليق
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | تحديث الرمز أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...