استغاثة غزة التي لن تذهب سُدى
تاريخ النشر: 11th, January 2024 GMT
حينما قال وزير دفاع الجيش الصهيوني “سنمنع عن غزة الماء والغذاء والدواء والكهرباء وكل شيء، لأننا لا نقاتل بشرا بل حيوانات” سمع العالم أجمع كلامه واصم عن الاستجابة أو الرد وكأن الأمر لا يعنيه، لقد أبان المجرم عن جذور الحقد الذي يكتنزه تجاه أبناء فلسطين وهم محاصرون من أبناء جلدتهم (سلطة الاحتلال) وسلطة الإدارة المساعدة للاحتلال وسلطات دول الطوق التي صرح المحلل السياسي الإسرائيلي إن خصومتها مع حركة حماس أكثر من خصومتها مع الصهاينة والدولة اليهودية.
وعوداً على بدء فإن ما قاله ابن اليهودية الوزير، وما سيفعله لا يخيف إلا الجبناء، أما الرجال والأبطال فهم ينتظرون في ساحات الوغى قدومه وإثبات شجاعته التي يدعيها، وها هم جنوده يستلمون الرسائل كل يوم والحصيلة تُرفع إليه أولاً، ومع ذلك فإنه يوجه انتقامه على الأطفال والشيوخ والنساء والعزل الذين لا حول لهم ولا قوة.
نعم إن أصدق كلمة في حديثة (إنه لا يقاتل بشرا) وهي الجملة الصائبة، بل يحارب رجالا مؤمنين بالله متحلين بالمبادئ والقيم العظيمة التي يفتقدها المجرمون وهو أولهم، لا يقتلون الأطفال ولا النساء ولا يغتصبون الرجال والنساء ولا يمثلون بجثثهم أو يسلطون عليها هوام الأرض وكلابهم التي دربوها على مدار السنين الماضية للتنكيل بالبشر، سواء كانوا أطفالا أو نساء أو رجالا، فهل يتساوى من يحترم الإنسان لإنسانيته، وحتى الحيوان والجماد لها في أعرافهم ومبادئهم رعاية وذمة، بخلاف ذلك، أيها القتلة والمجرمون أفعالكم تجريف للأراضي الزراعية وغيرها تدمير وإبادة للإنسان والحيوان بقنابل محرمة دوليا يصل مداها في التدمير مئات الكيلومترات، فأيهما الحيوان؟ إن أفعالكم الإجرامية أكدت حقيقتكم، وأبانت للعالم أجمع عمق وأصالة الإجرام لديكم.
الحيوان قد يأنف عن ممارسة هذه الأفعال الإجرامية المدانة، لكنكم لا تأنفون”، لقد أصلتم الممارسة الإجرامية وجهلتموها دينا يعبد، وثقافة تُدرس، وأفعالا واقعية قالها الحاخامات والقادة والضباط وحتى الأطفال في المدارس تربّوا عليها.
ومع أن العالم شاهد وعالم بتلك الأفعال الإجرامية إلا أن العجب يستولي على الإنسان السوي ذي التفكير السليم، كيف يتغافل البعض عن كل هذه الحقائق، ويعمل على دعم المجرمين القائمين على ارتكاب هذا الإجرام المخزي؟، كان بإمكان هؤلاء الداعمين أن يربأوا بأنفسهم عن الوقوف المخزي مع الإجرام والمجرمين، لكن الله أراد فضحهم على رؤوس الاشهاد، وهنا نتساءل: أين ذهبت النخوة والعزة والكرامة والنجدة والشهامة؟ الجواب: حيث أشار إليها مدير المستشفى الفلسطيني قبل استشهاده (لا أحد يموت ناقصاً من عمره، إنما هناك من يموت ناقصا عزة ونخوة وكرامة).
إن هذه الاستغاثات المتلاحقة على مدى أيام وشهور الإجرام الصهيوني على غزة، في السابق والحاضر، من أطفال ونساء وشيوخ وغيرهم، وستكون وصمة عار في جبين المطبعين والمتصهينين (سكرتي جيوس) الذين تم إيجادهم للقيام بمثل هذه المهام القذرة في دعم واسناد الصهاينة وغيرهم، لأنهم أوجدوا لمثل هذه المهام أما الرجالة فلها أهلها.
جنوب إفريقيا وبوليفيا ومحاكمة المجرمين
مارس الاستعمار الإنجليزي جريمة الفصل العنصري وجرائم الإبادة، وانتهى مشواره بتلك الثورة التي قادها المناضل نيلسون مانديلا، واليوم يثبت زملاء وتلاميذ تلك المدرسة أنهم بحق يستحقون أوسمة الحرية والنضال والشجاعة والكرامة، ومثلهم دولة بوليفيا التي طردت السفير الصهيوني من أراضيها لارتكاب جيشه جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية بحق الشعب الفلسطيني، وعلى العكس من ذلك الموقف الرسمي للحكومات العربية- ومثلها الإسلامية، التي لم تستطع حتى القيام بمهمة النساء في الحروب المتمثلة في مداواة الجرحى وإطعام الجوعى وتوفير الغذاء والماء للمجاهدين على أرض الرباط.
أكثر من ثلاثة وتسعين يوما مضت والعرب منهم من يمد الجسر الإغاثي للصهاينة برا وبحرا وجوا، سواء إمداد بالأسلحة من القواعد الأمريكية في دولهم أو إمداد بالمواد الإغاثية لهم على حساب شعوبهم والشعب الفلسطيني المناضل المخذول من الزعامات والقيادات والأنظمة.
التظاهرات ممنوعة والدعاء والقنوت والخطب وكل أشكال الدعم حرام على رأى بعض العلماء المتصهينين إن صحت التسمية) حتى أن بعضهم ذهب للتأصيل الفقهي لهذا الأمر، وأنها لم تعرف في زمان النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا في عهد الخلفاء الراشدين، وآخر استند إلى الالتزام بأمر ولاة الأمر، بينما المفارقة المضحكة أن تكون مظاهر التفسخ والانحلال والإلحاد حلالاً ومسموحاً بها بينما المظاهرة في نصرة الحق حرام.
أوليس أهل فلسطين عامة وأهل غزة خاصة مسلمين يوجب الدين نصرتهم وإغاثتهم؟ أوليس المسلم مطالباً بإغاثة الملهوف ونصرة المظلوم وإن كان على غير الملة؟ فالمسلم عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم “المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ثم شبك بين أصابعه”، حديث متفق عليه، والله سبحانه وتعالى يقول “ وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ” التوبة (6) فقد أوجب الله سبحانه وتعالى حماية الكافر المشرك حلال الدم إذا رغب في جوار رسول الله أو جوار أحد من المسلمين، فما بالك بطلب الاستغاثة والعون من الأطفال والنساء والأبرياء الذين تسفك دماؤهم يوميا على يد أقذر وأحط سلالة عرفها التاريخ من بني البشر “المفسدين في الأرض المستحلين للدماء والحرمات”.
وحدها اليمن أتاحت التظاهر، وقدمت موقفا مشرفا على المستوى الرسمي والشعبي، والأجمل من ذلك أن تتم توعية هذه الجماهير العظيمة بأهمية المقاطعة للبضائع والمنتجات الداعمة للكيان الصهيوني، ومنها القادمة من صهاينة العرب، إما بإيجاد البديل أو تصنيعه وتشغيل الأيادي العاملة لتحقيق الاكتفاء الذاتي منها، وسيكون الموقف عظميا إذا تم تخصيص بعض من العائدات لصالح إغاثة المجاهدين والأرامل والأيتام في أرض غزة وفلسطين، هنا تجتمع النيات مع الأفعال، ويصدق القول الفعل، وهو الشعار الذي تثبته المسيرة القرآنية يوما بعد آخر بفضل قيادة السيد العلم عبدالملك بن بدر الدين الحوثي وجميع قيادات المسيرة الذين نوجه لهم التحية “وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ” التوبة “105”.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
ما أهمية قاعدة “عاموس” الصهيونية التي استهدفها حزب الله؟
يمانيون – متباعات
في تطور لافت، أعلن حزب الله اليوم الأربعاء تنفيذ هجوم جوي بطائرات مسيّرة على قاعدة “عاموس” العسكرية التابعة للكيان الصهيوني، في عملية جديدة تضيف مزيداً من الضغط على الاحتلال الصهيوني في إطار المواجهات المستمرة.
وتعد قاعدة “عاموس” واحدة من المنشآت العسكرية الحيوية في شمال الكيان الصهيوني، حيث تقع على بُعد 55 كيلومترًا عن الحدود اللبنانية، غرب مدينة العفولة. وتعتبر هذه القاعدة بمثابة مركز استراتيجي في استعدادات جيش الاحتلال، فهي تمثل محطة مركزية في تعزيز نقل وتوزيع القوات اللوجستية في المنطقة الشمالية، وكذلك في دعم أنشطة شعبة التكنولوجيا الخاصة بالجيش الصهيوني.
أنشئت القاعدة في الأصل من قبل قوات الانتداب البريطاني خلال الحرب العالمية الثانية، وكانت بمثابة امتداد لمهبط الطائرات “مجدو” الخاصة بالطائرات الخفيفة. ومع مرور الوقت، أصبحت القاعدة نقطة تجمع وتوزيع حيوية للجنود الصهاينة، لا سيما في دعم قوات الاحتياط من خلال استقبالهم وتوزيعهم في فترات الأزمات العسكرية. وقد كانت حتى عام 2016، مركزًا لاستقبال وتجهيز جنود الاحتياط، وفي فترة لاحقة أصبحت مقرًا للكتيبة المشاة الميكانيكية التابعة للواء غولاني.
وفي عام 2018، بدأت سلطات الكيان الصهيوني بتوسيع وتجديد القاعدة لتواكب احتياجاتها العسكرية الحديثة، وأصبح بمقدور القاعدة استيعاب أكثر من 2000 جندي وضابط، بالإضافة إلى مئات الموظفين الذين يتولون مهام النقل والخدمات اللوجستية. كما شملت أعمال التجديد بناء مركز صيانة متطور لأسطول الشاحنات العسكرية التابعة لجيش الاحتلال، وكذلك تحديث أنظمة الطاقة الشمسية التي تُستخدم في القاعدة.
وتعد قاعدة “عاموس” اليوم من أبرز المواقع العسكرية التي يوليها جيش الاحتلال الصهيوني اهتمامًا بالغًا، حيث تُعتبر جزءًا لا يتجزأ من استراتيجيات التنقل السريع لقوات الاحتلال في المنطقة الشمالية، والتي تحظى بأهمية بالغة في حال نشوب نزاع أو مواجهة مع حزب الله.
ويشير الهجوم الأخير على القاعدة إلى تصعيد نوعي في العمليات العسكرية التي ينفذها حزب الله ضد البنى التحتية العسكرية التابعة للكيان الصهيوني، ويعكس قدرة الحزب على ضرب مواقع حساسة تقع في عمق الأراضي المحتلة.
وقد يعزز هذا الهجوم من موقف حزب الله في مواجهة الاحتلال، ويشكل تحديًا جديدًا للجيش الصهيوني في الوقت الذي تزداد فيه الضغوط العسكرية عليه من جبهات متعددة.