محمد بن راشد يوجه بتخصيص صندوق بقيمة 150 مليون درهم لدعم صناع المحتوى
تاريخ النشر: 11th, January 2024 GMT
وجه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بتخصيص صندوق بقيمة 150 مليون درهم لدعم صناع المحتوى، وتأسيس مقر دائم للمؤثرين يعمل على دعم مهاراتهم وقدراتهم على مدار العام.
جاء ذلك خلال فعاليات “قمة المليار متابع”، التي تنظمها أكاديمية الإعلام الجديد لمدة يومين في دبي، والتي شهدت أيضاً تخريج 90 صانع محتوى ضمن برنامجَي “صناع المحتوى التخصصيين” و”فارس المحتوى” بدفعته الرابعة.
قصص ملهمة.
وقال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: “إن الإعلام هو مرآة صادقة لأوضاع الدول ونبض مجتمعاتها وتطلعات شعوبها”، مشيراً سموه إلى أهمية مواكبة التطورات التي يشهدها العالم في المعارف والعلوم والتقنيات، والتغيرات المتسارعة في مفهوم الإعلام وأدواته، وترسيخ دوره باعتباره عيناً لا تنام في ميدان العمل، ومنصة مسؤولة لاستعراض المنجز الحضاري الوطني ومحاورة الواقع بشفافية.
وأكد سموه أهمية دور صناعة المحتوى في نقل قصة الإمارات للعالم، والتعريف بعادات وتقاليد أهلها، والمنجزات الحضارية لدولتنا وبصمات أجيالها الجديدة في مجالات الإبداع والابتكار، والقدرة على تحويل الأفكار إلى مشاريع واقعية تساهم في ارتقاء الحضارة الإنسانية.
وأضاف سموه: “وجهنا اليوم بتخصيص صندوق بقيمة 150 مليون درهم لدعم صناع المحتوى وتحقيق نقلة نوعية في قطاع الإعلام الرقمي.. كما وجهنا بتأسيس مقر دائم للمؤثرين يعمل على دعم مهاراتهم وقدراتهم على مدار العام.. مستمرون في استثمار الكفاءات المبدعة وتمكينها من كتابة قصص ملهمة جديدة تضاف إلى رصيد دولتنا وحضورها الإعلامي المؤثر في العالم.. الإعلام الحقيقي هو لسان حال الحاضر والمستقبل”.
فرص استثنائية.
وقال معالي محمد بن عبدالله القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء: “يترجم تأسيس مقر دائم للمؤثرين رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في توفير كل سبل الدعم لصناع المحتوى وأصحاب المواهب والمبادرات والأفكار المبتكرة، وتعزيز قطاع صناعة المحتوى الرقمي ودفع فرص نموه”.
وأكد معاليه أن صندوق دعم صناع المحتوى يسهم في توفير فرص استثنائية لتمكينهم والارتقاء بإمكاناتهم ونمو أعمالهم ومشاريعهم، بما يعزز دورهم في إيصال رسالة وإنجازات دولة الإمارات إلى دول العالم، وترسيخ موقع الدولة عاصمة عالمية لصناعة المحتوى الرقمي، مشيراً إلى حرص دولة الإمارات المستمر على دعم وتطوير الإعلام بمختلف قطاعاته.
صندوق دعم صناع المحتوى.
ويأتي تأسيس المقر الدائم للمؤثرين بالتعاون بين المكتب الإعلامي لحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة وأكاديمية الإعلام الجديد، ويهدف إلى جمع أفضل وأشهر المؤثرين وصناع المحتوى تحت مظلة واحدة، إضافة إلى توفير بيئة مناسبة لإنتاج أفضل محتوى والمساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
ويستفيد من خدمات المقر الدائم.. الإعلاميون والمؤثرون على مواقع التواصل الاجتماعي، بمن فيهم منتجو ومطورو وناشرو المحتوى على مواقع التواصل الاجتماعي.
ويستهدف صندوق دعم صناع المحتوى، البالغ قيمته 150 مليون درهم، دعم إنتاج محتوى مبدع ومتميز وعالي التأثير، إضافة إلى تأهيل نخبة من صناع المحتوى وتنمية مهاراتهم وتمهيد الطريق أمامهم لدخول الأسواق الدولية لتعريف العالم بقصة دولة الإمارات وتجربتها وإسهاماتها الحضارية.
ويهدف الصندوق أيضاً إلى دعم جذب الاستثمارات والتمويل إلى قطاع الإعلام الجديد، باعتباره قطاعاً اقتصادياً سريع النمو وقادراً على خلق ملايين الوظائف حول العالم، إلى جانب دعم شركات المحتوى وإمدادها بكل الأدوات التي تضمن لها النجاح والتميز، بما يسهم في ازدهار القطاع على أسس علمية ومنهجية قادرة على نشر رسائل مؤثرة عبر كافة منصات التواصل الاجتماعي.
كما يسعى صندوق الدعم إلى رعاية وتمكين صناعة القصص للارتقاء بجودة المحتوى وسيلةً ومضموناً بمشاركة نخبة من الخبراء والأكاديميين، فضلاً عن تعزيز صناعة محتوى محلي عصري يدعم مسيرة التنمية في دولة الإمارات وتطلعاتها للمستقبل، وبما يرسخ مكانة الدولة الريادية كأرض للمواهب والمبتكرين ومركز عالمي لصناعة الإعلام الهادف واستقطاب المؤثرين العالميين.
ويوفر المقر الدائم للمؤثرين مجموعة من الخدمات، منها خدمات استوديو خاصة للتصوير وابتكار محتوى مبدع ومتميز، وتنظيم دورات تدريبية حول ما يتعلق بصناعة المحتوى من مهارات السرد القصصي، والتصوير والمونتاج، والنشر وإدارة المنصات، والحملات الرقمية والتصوير الفوتوغرافي لمنصات التواصل الاجتماعي، والإعلان عبر وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من المجالات.
كما يوفر المقر الدائم دورات تدريبية لصناع المحتوى عن كيفية إعداد المحتوى بهدف اكتساب الخبرات التي تمكنهم من تنفيذ أفكارهم وإدارة محتواهم الخاص بحرفية ومهارة، وإتقان المهارات والتقنيات المتقدمة اللازمة لإنشاء وصناعة محتوى مؤثر، إضافة إلى توفير دعم فني بالتعاون مع شركات عالمية مثل جوجل، وفيسبوك.
تخريج 90 صانع محتوى.
إلى ذلك، شهد معالي محمد بن عبدالله القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء، تخريج 90 صانع محتوى، وذلك ضمن برنامج “صناع المحتوى التخصصيين”، والذي جرى تنظيمه بالتعاون بين المكتب الإعلامي لحكومة دولة الإمارات وأكاديمية الإعلام الجديد، وبرنامج “فارس المحتوى” بدفعته الرابعة.
وقال معالي محمد القرقاوي: “بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله”، وتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، أصبحت دولة الإمارات وجهة عالمية لصناعة المحتوى الرقمي الهادف والمتنوع”، مؤكداً أهمية الإعلام الرقمي كوسيلة حديثة ومبتكرة تعزز التواصل بين الحكومات والشعوب وتساهم في نشر الوعي في المجتمعات.
وشدد معاليه على دور الإعلام الجديد وصناعة المحتوى في تعزيز منظومة العمل الحكومي ودعم التوجهات الحكومية للدول، والمساهمة في بناء مجتمعات قوية قادرة على مواصلة مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والعلمية التي تقودها الدول حول العالم.
وقال معالي محمد القرقاوي: “هدفنا تطوير هذا القطاع الواعد من خلال تدريب الكوادر الوطنية والعربية لتتمكن من تقديم محتوى قيّم وغني. فمهمتنا لا تقتصر فقط على استقطاب المبدعين، بل تشمل إعدادهم وتمكينهم ليصبحوا قادة المستقبل وصانعيه”.
وتطرق معاليه أيضاً إلى أهمية البرامج التدريبية سواء على المستوى المحلي أو العربي، في مساعدة الجيل الجديد من صناع المحتوى على تحديد مساراتهم وخياراتهم في مجال صناعة المحتوى الرقمي، ومساعدتهم ليتمكنوا بدورهم من المساهمة في تأدية رسالة إنسانية سامية في مجالات عملهم حيث قال: “البرامج التدريبية هدفها تمكين الشباب الإماراتي والعربي من الأدوات والمعرفة اللازمة ليكونوا شركاء فاعلين في بناء أوطانهم وحماية مجتمعاتهم”.
برنامج “صناع المحتوى التخصصيين”
ويعد برنامج “صناع المحتوى التخصصيين” الذي جرى إطلاق النسخة الأولى منه في شهر نوفمبر 2023 وضمّ نحو 20 منتسباً من موظفي الدوائر والهيئات الحكومية الاتحادية والمحلية في دولة الإمارات، واحداً من أهم البرامج التدريبية التي تهدف إلى إعداد كوادر وطنية مؤهلة في صناعة المحتوى الرقمي المتخصص، والمساهمة في بناء قدراتهم في صناعة المحتوى على مواقع التواصل الاجتماعي.
وعلى مدار خمسة أسابيع متتالية، نجح البرنامج في تعزيز مهارة 20 متخصصاً ضمن القطاع الحكومي في الدولة في فنون السرد القصصي، وتقديم محتوى أكثر دقة وشمولية بما يسهل عملية التواصل مع الجمهور المستهدف.
كما شارك المنتسبون في البرنامج في جلسات تدريبية حول مهارات التصوير والمونتاج، وآليات التعامل مع العلامات التجارية، وإدارة الحسابات والذكاء الاصطناعي، والنشر، إضافة إلى التدرّب على المنهجيات الجديدة في التسويق الرقمي، على يد مجموعة من الخبراء المتخصصين في هذا المجال من أكاديميين، ومؤثرين، محليين وعالميين.
وقد شهد برنامج صناع المحتوى التخصصيين، جلسات تدريبية تركزت حول السرد القصصي الإبداعي لوسائل التواصل الاجتماعي، وأخرى حول صناعة المحتوى لوسائل التواصل الاجتماعي وكيفية استخدام الذكاء الاصطناعي وChatGPT في صناعة المحتوى، إضافة إلى ورشة مكثفة حول التصوير الفوتوغرافي لمنصات التواصل الاجتماعي.
كما تضمن مجموعة من الجلسات التي تناولت كل ما يخص منصات وسائل التواصل الاجتماعي، بما يشمل استراتيجيات صناعة المحتوى الرقمي، والحملات الرقمية المدفوعة ومحركات البحث، إضافة إلى كيفية صناعة الأخبار الرقمية.
برنامج “فارس المحتوى”
وضمت النسخة الرابعة من برنامج “فارس المحتوى”، 70 صانع محتوى وذلك ضمن برنامج تدريبي متخصص استمر لخمسة أسابيع ولأكثر من 80 ساعة تدريبية، خلال شهري سبتمبر وأكتوبر الماضيين، وذلك بهدف الارتقاء بالمحتوى الرقمي العربي.
ونجح برنامج فارس المحتوى على مدار أربع دورات، في تأهيل نخبة من صناع المحتوى العرب وتنمية مهاراتهم كقيادات مؤثرة على المنصات الرقمية المحلية والعالمية، وذلك بمشاركة ودعم كبرى الشركات والمنصات العالمية ومجموعة واسعة من المدربين والخبراء العالميين المتخصصين في صناعة المحتوى الإبداعي وتدريب المواهب الشابة على كل ما يحتاجونه لتنفيذ أفكارهم وإطلاق العنان لقدراتهم الإبداعية في مجال صناعة المحتوى وكتابة السيناريو والسرد القصصي والتصوير والتحرير وتنفيذ الأفكار بحرفية عالية ووفق أفضل الممارسات العالمية.
ويتيح البرنامج مساحة واسعة لاكتشاف المواهب وتطوير المهارات في مجال الإعلام والمحتوى الرقمي، وذلك في إطار التزام أكاديمية الإعلام الجديد بدعم المواهب وتوفير الفرص اللازمة لها للنجاح وإحداث تأثير إيجابي في المجتمعات العربية، حيث شهد الموسم الرابع تطوراً ملحوظاً في مستوى المشاركين الذين قدموا محتوى إبداعياً استثنائياً يعكس تنوع المواهب العربية في مجال صناعة المحتوى الرقمي. وخضع المتدربون لاختبارات تقييم تضمنت إنتاج ما يزيد على 400 محتوى متنوع خلال فترة التدريب، كما شاركوا في جلسات منصات وسائل التواصل الاجتماعي في فيسبوك، وإنستغرام، وسناب شات، وتيك توك، ويوتيوب، والتي قدمها نخبة من الخبراء والأكاديميين من مختلف دول العالم.
وحقق المشاركون في الموسم الرابع من “فارس المحتوى”، عدد مشاهدات بلغ أكثر من 12,750,000 مشاهدة.
ويعمل خريجو الموسم الرابع البالغ عددهم 70 مشاركاً في 20 تخصصاً علمياً مختلفاً منها الطب والهندسة والاقتصاد والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والبحث العلمي والفضاء وغيرها، وهو ما يصب في اتجاه تحقيق رسالة أكاديمية الإعلام الجديد التي تستهدف وعبر برنامج فارس المحتوى دعم المتخصصين في المجالات العلمية ليصبحوا صناع محتوى مؤثرين.
وتنظم “أكاديمية الإعلام الجديد”، قمة المليار متابع والتي تجمع 7000 مشارك من 95 دولة حول العالم، من بينهم أكثر من 3000 صانع محتوى ومؤثر ومبدع يتابعهم أكثر من 1.6 مليار متابع، كما تشارك في القمة 200 شركة إنتاج محتوى إعلامي و100 وكالة للإنتاج الرقمي، و100 رئيس تنفيذي، و195 متحدثاً من أشهر صناع المحتوى الرقمي العالمي يقدمون أكثر من 100 فعالية متنوعة، منها 15 خطاباً ملهماً و20 ورشة عمل و25 جلسة نقاشية و15 حواراً تفاعلياً و4 مناظرات و20 فعالية بمختلف أنحاء القمة.
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
التعليم الرقمي
يُشكل التعليم الرقمي في العالم العربي مُحركاً أساسياً لتحقيق قفزة نوعية في المنظومة التعليمية، وفتح آفاق جديدة للتنمية المستدامة. استدامة التحولات التنموية تتطلب تهيئة البيئات الحاضنة؛ فبقدر ما يقدم التعليم الرقمي من إمكانات هائلة، إلا أن التحديات المرتبطة بالبنية التحتية الرقمية، والثقافة المجتمعية، وجودة المحتوى التعليمي العربي، ما زالت تمثل عوائق يجب معالجتها بعمق وحزم. ومن هنا تأتي الحاجة إلى إعادة النظر في الأطر الاستراتيجية التي تؤطر عملية التحول الرقمي التعليمي كجزء من استراتيجيات التنمية الوطنية، وأجندات بناء مجتمعات معرفية قائمة على العدالة في الوصول إلى التعليم.
يشير الواقع الحالي إلى فجوة رقمية بارزة في عدد من الدول العربية، ما يعني أن التحول نحو التعليم الرقمي لا يزال بعيداً عن متناول قطاعات كبيرة من الطلاب، لا سيما في المناطق الريفية والنائية. وتشير الدراسات إلى أن حوالي 40% من السكان في بعض الدول العربية يعانون من نقص في توفر الإنترنت أو ضعف سرعته، مما يحد من فرصهم في الاستفادة من الخدمات التعليمية الرقمية. ولتجاوز هذا التحدي، فإن الحكومات تحتاج إلى إطلاق مبادرات استثمارية وطنية لتطوير البنية التحتية للاتصالات، مع التركيز على توفير الإنترنت عالي السرعة بأسعار ملائمة تضمن عدالة الوصول وتكافؤ الفرص التعليمية. وهذه الخطوة يمكن أن تحقق متطلبات التعليم الرقمي، وتسهم أيضاً في تحسين جودة الحياة العامة والارتقاء بمنظومة الاقتصاد الرقمي الوطني على المدى الطويل.
ومن جهة أخرى، يُشكل نقص المحتوى التعليمي العربي رقماً صعباً في معادلة التعليم الرقمي. فبينما يشهد العالم زيادة كبيرة في الموارد التعليمية الرقمية المُتاحة، لا يزال المحتوى العربي مُتواضعاً من حيث الكم والنوع، إذ لا تتجاوز نسبة المحتوى الرقمي العربي 3% من المحتوى العالمي، وهو ما يشير إلى ضعف في تلبية احتياجات المتعلمين الناطقين بالعربية. ولتحقيق تغيير حقيقي، ينبغي على مؤسسات القطاعين العام والخاص الاستثمار في إنتاج محتوى تعليمي يتناسب مع الثقافة المحلية ويغطي التخصصات المطلوبة بأسلوب جاذب ومواكب للتطورات التقنية. هذا الاستثمار في إنتاج محتوى عربي لا يمكن اعتباره مجرد واجب أخلاقي، بل كخطوة استراتيجية لتحقيق التحول الشامل في المنظومة التعليمية العربية وجعل التعليم الرقمي خياراً جاذباً ومتكاملاً.
كما أن دعم الثقافة المجتمعية للتحول نحو التعليم الرقمي يُعد عنصراً حيوياً لضمان تقبل المجتمع لهذا النمط الجديد من التعليم. فالكثير من المجتمعات العربية لا تزال تتشبث بنماذج التعليم التقليدي وتعتبر التعليم الرقمي غير مألوف أو أقل موثوقية. ففي دراسة حديثة، أفاد حوالي 60% من الأسر في بعض الدول العربية بأنهم يفضلون التعليم التقليدي على الرقمي، وهو ما يكشف عن تحدٍ ثقافي يتطلب تغييراً في المواقف المجتمعية. مُعالجة هذا العائق من خلال الحملات التوعوية الواسعة يمكن أن تسلط الضوء على فوائد التعليم الرقمي في تنمية المهارات، وفتح أفق جديد للتعليم يتيح مرونة وملاءمة أكثر للحاجات التعليمية المتغيرة. الالتزام الجماعي من المؤسسات التعليمية، والقطاع الإعلامي، وكذلك من الجهات الحكومية مُتطلب استراتيجي لضمان نقل رسالة مُوحدة تبرز أهمية هذا التحول.
ولكي يحقق التعليم الرقمي كامل إمكانياته، من الأهمية توفير برامج تدريبية متخصصة للكوادر التعليمية، إذ يشير الخبراء إلى أن نجاح هذا النمط من التعليم يعتمد بشكل كبير على مدى تأهيل المعلمين والطلاب لاستخدام التكنولوجيا بكفاءة ومرونة. فالمعلمون الذين يتلقون تدريباً كافياً يكتسبون قدرة أكبر على تحفيز التفاعل الرقمي وتحقيق نتائج التعليم المنشودة. لذا فإن بناء قدرات المُعلمين يجب أن يكون جزءاً من السياسات الحكومية، لتشجيع البرامج التدريبية وورش العمل والدورات المستمرة حول تطور أساليب التعليم الرقمي. كما ينبغي أن تلتفت السياسات العامة لتوفير المنح الدراسية والدعم المالي للطلاب المحتاجين لضمان حصول الجميع على فرص التعليم الرقمي دون عوائق مالية، وتحقيق مفهوم التعليم كحق أساسي للجميع.
ويُقدر الخبراء في "البنك الدولي" أن تبني تقنيات التعليم الرقمي في الدول النامية يمكن أن يساهم في زيادة النمو الاقتصادي بنسبة تصل إلى 2% سنوياً. هذا الرقم يُلخص الإمكانيات الواعدة لهذا القطاع في تحقيق التنمية الاقتصادية، ما يجعل من تبني التعليم الرقمي خياراً استراتيجياً لتحفيز النمو في الاقتصاديات الناشئة.
كما أن النمو المتوقع لسوق التعليم الإلكتروني، والذي يُقدر بأن يصل إلى 457.8 مليار دولار بحلول عام 2026، يشكل دافعاً إضافياً للعالم العربي للاستفادة من هذه الطفرة التكنولوجية. الاستثمار المستمر في البنية التحتية وتطوير المحتوى وتدريب الكوادر، يمكن للمنطقة من خلاله أن تتبوأ مكانة ريادية في قطاع التعليم الإلكتروني على مستوى العالم. التعاون العربي في هذا المجال، من خلال تبادل الخبرات وتنسيق الجهود، يمكن أن يسهم في تعزيز فرص الوصول إلى التعليم الرقمي وتطويره بطريقة متكاملة.
في نهاية المطاف، التعليم الرقمي ليس مجرد وسيلة تكنولوجية، بل فرصة حقيقية لبناء مستقبل تعليمي يرتكز على الابتكار والشمولية. ومن هنا، يتعين على صانعي القرار في العالم العربي تبني رؤية شاملة تستند إلى التعليم الرقمي كجزء أساسي من استراتيجيات التنمية الوطنية، ليس فقط لتحقيق نهضة تعليمية بل أيضاً لبناء مجتمع رقمي قادر على مواكبة التحولات العالمية والمساهمة في تحقيق مستهدفات التنمية المستدامة.