تناولت أديبة أميركية -في مقال بموقع فوكس الإخباري- موضوع الصورة النمطية للعرب والمسلمين في أدبيات اليهود، من خلال كتاب "النزوح" (Exodus) الصادر عام 1958 للروائي وكاتب السيناريو ليون أوريس، وهو العمل الذي تحول في عام 1960 لفيلم سينمائي ملحمي من بطولة بول نيومان، الذي لعب فيه دور "مناضل يهودي من أجل الحرية".

وتقول الأديبة مارجوري إنغال -وهي ناقدة أدبية ومؤلفة روايات خيالية- في مقالها إن رواية "النزوح" تصدرت قوائم الكتب الأكثر مبيعا في ذلك الوقت وتُرجمت إلى 50 لغة، قبل أن تصبح فيلما رائجا مطلع ستينيات القرن الماضي، مضيفة أن تأثيره على نظرة العالم لإسرائيل كان كبيرا.

وتنقل عن أستاذة الدراسات الأميركية في جامعة مينيسوتا، ريف إلين بريل، أن العمل الآخر الذي يضاهي "النزوح" في تأثيره الكبير على السياسة الخارجية الأميركية هو رواية المؤلفة الأميركية بيرل باك "الأرض الطيبة"، التي تناولت الحياة في الصين.

أعظم دعاية عن إسرائيل

"لم يكن الكتاب مجرد محرك للهوية اليهودية. العاملون بوزارة الخارجية على كافة المستويات المعروفون بعدائهم للسامية قرؤوه"، حسبما تؤكد بريل.

وكتب الأستاذ الجامعي والمؤرخ الإسرائيلي إم سيلفر، في كتابه "خروجنا: ليون أوريس وأمركة قصة تأسيس إسرائيل"، أن رواية "النزوح" كانت بمثابة هدية لصناعة السياحة في إسرائيل.

ونُسب إلى ديفيد بن غوريون، أول رئيس وزراء لإسرائيل، القول "أنا لا أقرأ الروايات عادة. لكنني قرأت (النزوح)، وهي كعمل أدبي رواية عادية. ولكن كعمل دعائي، فهي أعظم ما كُتب عن إسرائيل على الإطلاق".

الإحساس بالهوية اليهودية

وتعتقد مارجوري إنغال في مقالها أن الرواية تنسجم تماما مع الرؤية التي ظل يقدمها لها والدها عن إسرائيل؛ "فعندما كان والديَّ يكبران، كانت الهوية اليهودية الأميركية تمر بمرحلة انتقالية. لقد كانت محرقة اليهود (الهولوكوست) تجربة جماعية مدمرة، ليس فقط لأنها تسببت في مقتل 6 ملايين يهودي، لكن لأنها ذكَّرت أيضا اليهود الأميركيين بأنهم مجرد ضيوف في بلدهم".

وكانت إنغال تعني بذلك أن اليهود عانوا من نظام حصص الهجرة إلى أميركا وأماكن أخرى، قبل أن تقدم لهم دولة إسرائيل الحديثة النشأة في ذلك الوقت ملاذا حقيقيا. وقد كان لرواية النزوح النابعة من المخيلة الشعبية اليهودية -برأي بريل- الفضل في إرساء إحساس عميق بالهوية اليهودية.

وقالت كاتبة المقال -وهي نفسها يهودية الديانة- إنها أرادت، مع تقدمها في السن، صياغة إحساسها الخاص بالهوية اليهودية الأميركية التي لا تعتمد على قصص "لا نهاية لها" من البطولة الإسرائيلية ورعب المحرقة، والسرد المزدوج الذي يبدو أنه المرشد الأكبر لنظام التعليم اليهودي والمساهم في تشكيل الهوية اليهودية.

إسرائيل ليست مصدر الهوية

وتستطرد بأنها لم تعد ترى أن إسرائيل هي مصدر الهوية اليهودية، وذلك بعد أن بدأت حكومتها تجنح أكثر فأكثر نحو اليمين وتوسعت في إقامة المستوطنات اليهودية تدريجيا في القدس الشرقية وقطاع غزة والضفة الغربية.

وانتقدت إنغال "النزوح" في شكلها الروائي والسينمائي، وقالت إن الشخصيات اليهودية في الرواية والفيلم هم "نبلاء حقا" رغم اختلافاتها السياسية. أما العرب والمسلمون، فإن الرواية والفيلم يصورانهم على أنهم "دمى شريرة".

صورة قاتمة للعربي

وتقول إن أوريس يستمتع بترديد عبارات يصف فيها العربي بأنه "أمي جدا ومتخلف للغاية" و"عربيد مهووس بالجنس" و"حثالة البشرية".

وتستثني الرواية اثنين من العرب "الطيبين"، أحدهما زعيم قرية يدعى كمال والذي يقول في الرواية إن "اليهود هم المنقذون الوحيدون للعرب، واليهود هم الوحيدون الذين جلبوا النور لهذا الجزء من العالم قبل ألف سنة".

أما الآخر فيطلق عليه مؤلف الرواية اسم موسى، وهو درزي، "مجهول الهوية لكن لديه إحساس بالكرامة، ويعيش في قرية نظيفة مقارنة بقذارة وانحطاط معظم القرى العربية".

صورة زاهية لليهودي

ويصوّر الفيلم اليهود بأنهم شعب لا يريد سوى العيش بسلام، وأن المرة الوحيدة التي فعلوا فيها شيئا سيئا كانت مذبحة دير ياسين عام 1948. وتسخر إنغال من ذلك وتنعته بالأمر الغريب.

وتشير كاتبة المقال إلى أن "النزوح"، روايةً وفيلما، تطرقا إلى تلك المذبحة وزعما أن القادة العرب، سواء في فلسطين أو في العالم الأوسع، طلبوا في ذلك الحين من السكان الفرار بينما كان اليهود يتوسلون إليهم بالبقاء.

وتعلق إنغال بالقول إن هذا الادعاء ليس صحيحا، وإن "من حق الفلسطينيين أن يطلقوا على نزوحهم من قراهم وبلداتهم اسم النكبة"، مؤكدة أن الحجة التي يتذرع بها أوريس ويشاطره فيها اليمين اليهودي الحديث، وهي أن الفلسطينيين -على خلاف اليهود- اختاروا المغادرة، ليست صحيحة.

وخلصت إنغال إلى أن اليهود يستحقون وطنا لهم، تماما مثلما يستحق الفلسطينيون وطنا خاصا بهم.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

مباحثات إسرائيلية أميركية بشأن «المرحلة الثالثة» من الحرب

دينا محمود (واشنطن، لندن)

أخبار ذات صلة تحذيرات دولية من اتساع الصراع في الشرق الأوسط «الأونروا»: مستويات الجوع الكارثية بالقطاع من صنع البشر

أجرى وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت والمبعوث الأميركي عاموس هوكشتاين، أمس، مباحثات بشأن الانتقال إلى «المرحلة الثالثة» من الحرب على قطاع غزة. وذكرت وزارة الدفاع الإسرائيلية، في بيان: «التقى وزير الدفاع غالانت مع عاموس هوكشتاين كبير مستشاري الرئيس الأميركي جو بايدن في واشنطن».
وقال الوزير غالانت لهوكشتاين إن «الانتقال إلى المرحلة الثالثة من الحرب في غزة سيكون له تأثير على جميع القطاعات، وإسرائيل تستعد لكل الاحتمالات العسكرية والسياسية»، وفق البيان.
وحذرت دوائر تحليلية أميركية، من أن الوقت يضيق أمام إدارة الرئيس جو بايدن، للتوصل إلى وقف دائم أو مؤقت لإطلاق النار في قطاع غزة.
فبعدما كانت إدارة بايدن تسعى، عندما اندلعت الحرب في أكتوبر من العام الماضي، لإنهائها في أقرب وقت ممكن، والحيلولة من دون أن تمتد نيرانها إلى مناطق أخرى في الشرق الأوسط، يوحي المشهد الآن بأن آمال واشنطن على هذا الصعيد، لم تتحقق حتى اللحظة.
ويشير المحللون إلى أن استمرار المعارك لكل هذه الشهور، يجعل من الصعب على البيت الأبيض، دفع أطرافها للتوصل إلى تسوية قريبة، أو الحد من الانعكاسات الخطيرة للحرب على الساحة الإقليمية، ما يزيد الضغوط على الرئيس بايدن، الذي يواجه منافسة انتخابية ضارية، من جانب سلفه وغريمه الجمهوري دونالد ترامب، الذي يحاول العودة إلى المكتب البيضاوي، عبر الفوز بانتخابات الخامس من نوفمبر.
ومنذ أواخر العام الماضي، باءت كل جهود وقف إطلاق النار في غزة بالفشل. 
وعلى مدار الأسابيع الأخيرة، تصاعدت المواجهات في منطقة الحدود اللبنانية الإسرائيلية، بالتوازي مع نشوب خلافات علنية بين الإدارة الأميركية وحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
ويزيد من هذا المشهد المعقد، وفقاً للمحللين، التباين الراهن بين المستوييْن العسكري والسياسي في إسرائيل، بشأن مجريات الحرب في غزة ومسارها المستقبلي، والذي بلغ حد السجال الكلامي في وسائل الإعلام، على خلفية قرارات تتعلق بكيفية إدارة العمليات على الأرض، كما حدث عندما انتقد نتنياهو إعلان الجيش «هدنة تكتيكية» جزئية في رفح، لتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية.
وتُضاف إلى كل ذلك، الضغوط المالية الهائلة الواقعة على كاهل السلطة الفلسطينية، بسبب حجب إسرائيل جانباً لا يُستهان به من أموال الضرائب التي تتولى تحصيلها بالنيابة عنها، بما يهدد بتقويض آمال واشنطن، في أن يتسنى للسلطة الاضطلاع بدور مستقبلي ملموس، في مرحلة ما بعد الحرب.
وفي هذا الإطار، أكد الدبلوماسي الأميركي ديفيد ساترفيلد، الذي كان حتى أبريل الماضي مكلفاً من جانب البيت الأبيض بقيادة الجهود الإنسانية لواشنطن في غزة، أن العقبات التي تعترض التوصل إلى اتفاق سلام في الشرق الأوسط، باتت الأكثر تعقيداً منذ ما يزيد على 4 عقود، مشيراً إلى أن طرفيْ المواجهة الراهنة، يعتبرانها مسألة تتعلق بوجود كل منهما، لا أقل من ذلك.

مقالات مشابهة

  • النفط يرتفع لمخاوف تمدد حرب إسرائيل لتشمل لبنان.. والذهب يترقب بيانات أميركية
  • بعض الحقائق التاريخية في الصراع مع اليهود
  • (الصهيونية الوهابية) ودورها في تدمير العرب والمسلمين..!
  • خطة أميركية جديدة لردع «المسيَّرات» الحوثية في البحر الأحمر
  • ما تفاصيل أزمة الحريديم في إسرائيل؟
  • طائرة أميركية مسيّرة وجهت الصواريخ التي أُطلقت من أوكرانيا إلى سيفاستوبول
  • (الصهيونية الوهابية) ودورها في تدمير العرب والمسلمين..! 1-2
  • مباحثات إسرائيلية أميركية بشأن «المرحلة الثالثة» من الحرب
  • مع تصاعد المواجهات.. واشنطن تسلح إسرائيل وطهران تدعم حزب الله
  • تشريح الصهيونية وطرق مُطاردتها