الغارديان: إسرائيل تقتل الصحافيين الفلسطينيين في غزة.. أين الغضب؟
تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT
نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية، مقالا، للمراسل الصحفي السابق في واشنطن والقدس وجوهانسبرغ، لكريس ماكغريل، قال فيه "إن إسرائيل تقتل الصحافيين الفلسطينيين في غزة، ولكن أين الغضب؟؛ إنه لا يمكن تجاهل أشكال القتل، وهل غياب تعاطف نابع من أن الضحايا ليسوا أمريكيين أو أوروبيين؟".
وأضاف: "أشعر بالرهبة من قوة وائل الدحدوح، وقدرته على جر نفسه والوقوف أمام الكاميرا والتركيز على معاناة الآخرين، رغم معاناته المتكررة من جحيمه الشخصي"، مردفا: "كان وجه الجزيرة طوال القصف الإسرائيلي المتواصل على غزة، على الهواء في تشرين الأول/ أكتوبر عندما علم أن زوجته وابنته البالغة من العمر7 سنوات وابنه البالغ من العمر 15 عاما وحفيده وعمره عام واحد قتلوا في هجوم، ولكنه واصل التغطية".
وتابع: "في الشهر الماضي جُرح وقُتل مصوره، سامر أبو دقة، في قصف إسرائيلي على مدرسة تابعة للأمم المتحدة تستخدم كملجأ. وفي يوم الأحد، ضربت مسيرة إسرائيلية سيارة في جنوب غزة وقتلت ابنه حمزة، 27 عاما والذي يعمل لقناة الجزيرة، مع صحافي آخر".
وأردف: "أخذ الدحدوح استراحة من التغطية للمشاركة في جنازة نجله، ثم عاد إلى البث الحي". ونقل ماكغريل ما قاله الدحدوح للجزيرة "لا شيء أصعب من ألم الفقد وعندما تُجربه المرة بعد الأخرى، يصبح أصعب وأشد؛ وأمل أن تكون دماء ابني حمزة هي الأخيرة من صحافي ومن سكان غزة وأن تنتهي هذه المذبحة".
وكان حمزة وزميله، مصطفى ثريا، وهو مصور الفيديو لوكالة الأنباء الفرنسية، آخر الصحافيين الذين قتلوا في هجوم للاحتلال الإسرائيلي على غزة؛ فيما يقول ماكغريل إن "إسرائيل زعمت أنها لا تستهدف الصحافيين؛ لكن من الصعب التوفيق بين هذا وحقيقة أن جيشها أطلق مباشرة صاروخين على السيارة التي كانت تقل حمزة. ولدى إسرائيل سجل حافل من الإدعاءات الكاذبة في الظروف التي قتلت فيها صحافيين".
وقالت في البداية "إنه إرهابي، يحمل درون تصوير في المركبة. لكن المراسلين لم يطلقا الدرون عندما ضربت السيارة، ومن الصعب تصديق هذا، فلو كان الجيش يتابع تحركات الصحافيين، فإنه لم يتعامل معهم كعاملين في الإعلام"؛ وأحصت لجنة حماية الصحافيين 70 صحافيا وعاملا في الإعلام، قتلتهم إسرائيل في غزة، بشكل تجعل من النزاع الأكثر دموية للصحافيين، منذ عدة عقود.
كذلك، يضع الآخرون الحصيلة بـ 100، بينما ذكرت اللجنة أن حجم وظروف القتل تَشمل على تهديدات مباشرة من المسؤولين الإسرائيليين للمراسلين وعائلاتهم، كدليل على أن المراسلين الفلسطينيين في غزة هم مستهدفون. و"قتلوا، بكلمة أخرى، ولو كان هذا فهي جريمة حرب، كما طالبت الجزيرة. ويجب أن تضيف محكمة الجنايات الدولية هذه الجرائم لتحقيقاتها في انتهاكات إسرائيل المزعومة، والأخرى لميثاق جنيف وفي كل المناطق الفلسطينية المحتلة".
ويعلق الكاتب: "يقبل الصحافيون أن هناك مخاطر متأصلة في تغطية النزاعات، حيث إنه سواء اختاروا الذهاب للحرب كمراسلين للمنظمات الإخبارية الأجنبية أو تأتي الحرب إليهم وعائلاتهم ضد رغباتهم، كما في حالة الدحدوح. وأعرف زملاء شخصيا وبعضهم أصدقاء، وبعضهم تعرفت عليهم بحكم المهنة، فقدوا حياتهم وهم يمارسون عملهم كصحفيين".
واسترسل: "من ديفيد بلاندي الذي قتله قناص في السلفادور في عام 1989، وماري كولفين، التي قتلت أثناء القصف في سوريا عام 2012. ومات آخرون في أحياء مدن الصفيح جنوب أفريقيا وفي شوارع الصومال وفي القتال أثناء الثورة الليبية أو أطلقت النيران عليهم في سيراليون.
ويتابع: "يحسب كل مراسل المخاطر وإن كانت تستحق، وهل من الأمن الخروج إلى الشارع؟ والجواب ليس ما يبدو واضحا على الفور. فمن ناحية عامة، كان من الأسلم الاقتراب من حاجز ميليشيا أثناء الإبادة الجماعية في رواندا أكثر من تلك التي يديرها المتمردون في ليبيريا أو سيراليون".
ويقول: "إن التغطية في أثناء الإنتفاضة الثانية، قبل عشرين عاما وعندما كان الجيش الإسرائيلي يقتحم وبانتظام ويفجر ويهدم الأحياء الفلسطينية في غزة، لم يكن من ناحية عامة غير آمنة مقارنة مع بقية المنطقة"، مضيفا أن "هذا لا يعني أن الجيش الإسرائيلي لم يكن يقتل الأشخاص الذين يعتقد أنهم صحافيون".
وأكد أنه "في عام 2003، أطلق جندي إسرائيلي النار على المصور الصحافي البريطاني، جيمس ميلر. وفي قرار لمحكمة بريطانية، توصل إلى أنه قتل بشكل غير قانوني، إلا أن إسرائيل رفضت معاقبة الجندي المسؤول ولكنها وافقت على دفع 1.5 مليون جنيه استرليني وهو ما دفع عائلة ميلر للقول "ربما كان أقرب شيء حصلنا عليه للإعتراف بالذنب من جانب الإسرائيليين".
وأوضح: "كان مقتل ميلر، على ما يبدو، جزءا من تصرفات جنود إسرائيليين غير منضبطين أطلقوا النار على أي شخص يريدون، ليس فقط الصحافيين بل موظفي الأمم المتحدة والأطفال الفلسطينيين. وكان الجيش يسرع في التستر على القتل الذي لا يبدو أنه منسق"، مبرزا أن "الوضع في غزة اليوم مختلف، كما تقول لجنة حماية الصحافيين ومنظمة مراسلون بلا حدود في باريس، واللتان تقول إن حجم وطبيعة الموت بين الصحافيين وعائلاتهم يقترح أمرا أكثر من جنود غير منضبطين يطلقون النار على الصحافيين، هذا إذا أخذنا بعين الإعتبار مقتل آلاف بمن فيهم 8,000 طفلا".
وتابع: "بالتأكيد، فالرسالة من المسؤولين الإسرائيليين، توحي أن الصحافيين هم لعبة عادلة، وكان الساسة في إسرائيل أول من سارع للدعوة إلى "محو" عدد من الصحافيين الفلسطينيين العاملين مع منظمات إخبارية أجنبية والذين اتهمتهم كذبا جماعات مؤيدة لإسرائيل في الولايات المتحدة بأنهم كانوا "مرافقين" لحماس في عملية 7 تشرين الأول/ أكتوبر".
وقال عضو حكومة الحرب التي يتزعمها بنيامين نتنياهو، بيني غانتس، إنه "يجب تصيدهم وقتلهم كإرهابيين. وهو ما يعكس الموقف العام بين المسؤولين الإسرائيليين أن الصحافيين الفلسطينيين في غزة هم ملحق لحماس"، متابعا: "حصلت عائلة ميلر على تعويض لأنه بريطاني، فإن الصحافيون الغربيون الموتى يثيرون موجة من التعاطف، وربما كان هذا هو السبب الذي دفع إسرائيل لمنع الصحافيين الأجانب من الدخول لغزة أثناء الحرب الحالية".
وأكد أنه "تعتمد المنظمات الإخبارية العالمية على نفس الصحافيين الذين تستهدفهم إسرائيل. ويقدمون الكثير من الصور حتى يرى بقية العالم الرعب في غزة؛ ولهذا فمن المقلق جدا أن الصحف وقنوات التلفزة الغربية التي تنشر أخبارا عن الأعداد المتزايدة من القتلى بين الصحافيين في غزة، ليست مستعدة لكي تتناول أشكال القتل، الذي تقول لجنة حماية الصحافيين أنه يقدم على ما يبدو دليلا قويا عن جريمة حرب. وبالتأكيد سيكون الوضع مختلفا لو كان المراسلون الأمريكيون أو الأوروبيون هم من يموت".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الصحافيين الفلسطينيين غزة غزة قطاع غرة الصحافيين الفلسطينيين صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الصحافیین الفلسطینیین الفلسطینیین فی غزة
إقرأ أيضاً:
الغارديان تصف البابا فرانسيس بـالغريب الإصلاحي والحليف للتقدميين
في رسالته الأخيرة الأحد الماضي بمناسبة عيد الفصح المجيد، لم يَغْفُل البابا الراحل فرنسيس عن ذكر قطاع غزة والإبادة الإسرائيلية التي يتعرض لها بدعم أمريكي، قائلا "أدعو الأطراف المتحاربة إلى وقف إطلاق النار، وإطلاق سراح الأسرى، وتقديم المساعدات للشعب الجائع الذي يتطلع إلى مستقبل سلام".
وأضاف البابا حينها: "أمام قسوة الصراعات التي تشمل المدنيين العزّل، وتهاجم المدارس والمستشفيات والعاملين في المجال الإنساني، لا يمكننا أن نسمح لأنفسنا بأن ننسى أن الأهداف التي يتم استهدافها ليست أهدافاً، بل هي أشخاص لهم روح وكرامة".
وجاء في تقرير لصحيفة "الغارديان" أن كلمة البابا الأخيرة "جسّدت رحلته التي استمرت 12 عاماً على رأس الكنيسة الكاثوليكية. وكان البابا خارج المؤسسة عندما اختارته لجنة الكرادلة في خلوة مغلقة، وأطلقت الدخان الأبيض عام 2013، لكنه لم ينسَ جذوره التقدمية ونشأته في الأرجنتين".
وأضاف التقرير "أعلن الكاردينال كيفن فاريل، أمين سر الفاتيكان: في تمام الساعة 7:35 من صباح اليوم، عاد أسقف روما، فرنسيس، إلى بيت الآب، بعد أن كرّس حياته كلها لخدمة الرب وكنيسته".
وعانى البابا فرنسيس، الذي توفي عن عمر ناهز 88 عاماً، في الأسابيع الماضية من أزمة صحية حادة كادت تودي بحياته؛ إذ أُدخل إلى مستشفى جيميلي في 14 شباط/ فبراير بسبب التهاب رئوي مزدوج، وكان قد أُزيل جزء من إحدى رئتيه في شبابه.
وأمضى 38 يوماً في المستشفى، وهي أطول فترة إقامة له فيه خلال بابويته. وغادر المستشفى في 23 آذار/ مارس، وظهر علناً آخر مرة يوم الأحد، حيث ألقى كلمة موجزة أمام الحشود المتجمعة في ساحة القديس بطرس لحضور قداس عيد الفصح.
ولم يتخلّ البابا، بعد خروجه من المستشفى، عن مهامه، حيث غادر مقر إقامته في كاسا سانتا مارتا عدة مرات، وزار سجناء في سجن ريجينا كويلي في روما يوم الخميس، كما قام بزيارة مفاجئة إلى كاتدرائية القديس بطرس مرتدياً زياً عادياً قبل أسبوع.
وكان قد بَسّط في العام الماضي طقوس الجنازات البابوية. وقال سابقاً إنه أعدّ قبره في كاتدرائية سانتا ماريا ماجوري في حي إسكويلينو في روما، حيث اعتاد الصلاة قبل وبعد رحلاته الخارجية.
وعادة ما يُدفن البابوات وسط ضجة كبيرة في الكهوف أسفل كاتدرائية القديس بطرس في مدينة الفاتيكان. ووسط الحزن الذي سيعم الكنيسة الكاثوليكية وأتباعها حول العالم، ستجتمع مؤسسة الفاتيكان للتشاور واختيار خليفته الـ268، حيث سيتدفق الكرادلة من أنحاء العالم لحضور خلوة سرية ومعقدة تعقد في دير سيستين، ويشارك فيها 138 من المؤهلين للتصويت.
وأشار تقرير الصحيفة إلى أن بعض المرشحين الذين تم تداول أسمائهم قبل وفاته هم ماتيو زوبي، الأسقف الإيطالي التقدمي، وبييترو بارولين، وزير خارجية الفاتيكان، والأسقف الفلبيني لويس أنطونيو تاغلي.
وتوقع التقرير أن تؤدي وفاة البابا إلى زيادة التوتر داخل الكنيسة، حيث سيحاول المحافظون استعادة السيطرة من الإصلاحيين.
وخلال بابويته، كان فرنسيس – أول بابا يسوعي على الإطلاق – من أشد المدافعين عن الفقراء والمحرومين والمشردين، وناقداً لاذعاً لجشع الشركات وعدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية.
وانتقد في الفاتيكان الإسراف والامتيازات، داعياً قادة الكنيسة إلى التحلي بالتواضع. وقد أثارت آراؤه استياء عدد كبير من الكرادلة ومسؤولي الفاتيكان النافذين، الذين حاولوا في كثير من الأحيان إحباط جهوده لإصلاح المؤسسات العتيقة للكنيسة. لكن تعاطفه وإنسانيته أكسباه مكانة مرموقة لدى الملايين حول العالم.
انتُخب فرنسيس، المولود باسم خورخي ماريو بيرغوليو في بوينس آيرس، الأرجنتين، عام 1936، بابا للكنيسة الكاثوليكية في آذار/ مارس 2013. وأظهر على الفور أسلوبه المتواضع باستقلاله الحافلة بدلاً من السيارة البابوية إلى فندقه، حيث دفع فاتورته بنفسه قبل أن ينتقل إلى دار الضيافة في الفاتيكان، متجنباً الشقق البابوية الفخمة.
وفي أول ظهور إعلامي له، أعرب عن رغبته في "كنيسة فقيرة وكنيسة للفقراء". وركّز اهتمامه البابوي على الفقر وعدم المساواة، واصفاً الرأسمالية الجامحة بـ"روث الشيطان".
وبعد عامين من توليه البابوية، أصدر رسالة بابوية من 180 صفحة حول البيئة، مطالباً أغنى دول العالم بسداد "ديونها الاجتماعية الباهظة" للفقراء. وأعلن أن تغير المناخ هو "أحد التحديات الرئيسية التي تواجه البشرية في عصرنا". كما دعا للتعاطف والرحمة، وطالب بإظهار الكرم تجاه اللاجئين، مؤكداً على عدم استخدامهم "كبيادق على رقعة شطرنج الإنسانية".
وبعد زيارته لجزيرة ليسبوس اليونانية، عرض على 12 سورياً اللجوء في الفاتيكان. كما سلط الضوء على السجناء وضحايا العبودية الحديثة والاتجار بالبشر في نداءاته المتكررة للرحمة والعمل الاجتماعي.
وخلال فترة وجوده الأخيرة في المستشفى، واصل اتصالاته الهاتفية بكنيسة العائلة المقدسة في غزة، وهو إجراء روتيني ليلي منذ 9 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وكانت أكبر مشكلة واجهت البابا هي الانتهاكات الجنسية داخل الكنيسة الكاثوليكية، حيث كان عليه مواجهة فضيحة تلو الأخرى، واتُّهِم من قبل الناجين وعائلات الضحايا بأنه فشل في فهم حجم الأزمة والانتهاكات، والحاجة الماسّة لاقتلاع جذورها ومنع التستر عليها.
وفي عام 2019، استدعى البابا فرنسيس أساقفة من جميع أنحاء العالم إلى روما لمناقشة الأزمة، وأصدر لاحقاً مرسوماً يُلزم الكهنة والراهبات بالإبلاغ عن الاعتداءات الجنسية لسلطات الكنيسة، وضمان حماية المبلّغين عنها.
وكانت هذه خطوة مهمة نحو الاعتراف بمسؤولية الكنيسة عن تلك الفضائح، وتجاوزت الإجراءات التي اتخذها أسلافه.
واتبع البابا فرنسيس في مساره خطى مثاله البابا يوحنا الثالث والعشرين، الذي قال عشية افتتاح مجلس الفاتيكان الثاني عام 1962 إنه يريد "فتح نافذة لدخول بعض الهواء النقي".
وفي توبيخ لا يُنسى للخدمة المدنية في الفاتيكان، انتقد أول بابا غير أوروبي في العصر الحديث "مرض السلطة"، وهاجم بشدة من وصفهم بـ"المطلعين الذين يشعرون بأنهم أسياد القصر وأنهم متفوقون على الجميع وكل شيء".
وقال إن الكنيسة الكاثوليكية الرومانية بحاجة إلى "الخروج من ذاتها والتوجه إلى الأطراف"، لتصبح "كنيسة الفقراء للفقراء" و"مستشفىً ميدانياً للمؤمنين".
وعلى مدى العقد التالي، سيطرت مواضيع الفقر والتواضع والتضامن مع الفقراء والبيئة الطبيعية، وهي مواضيع فرنسيسكانية تقليدية، على أسلوب وجوهر البابوية الجديدة.
وكان قراره العيش المتقشف في دار ضيافة دينية داخل مدينة الفاتيكان، بدلاً من القصر البابوي، متناقضاً بوضوح مع نمط حياة سلفه البابا بنديكت السادس عشر، المحب للفخامة الاحتفالية. وكان فرنسيس يرتدي ثوباً أبيض بسيطاً وحذاءً أسود، ويقود سيارة فورد فوكس زرقاء بدلاً من الليموزين البابوي، وهو ما أرسل رسالة واضحة مفادها أن "الكنيسة الفقيرة" هي الأصل.
ثم بدأ بإصلاح الهياكل المالية التي لم تكن منظمة يوماً. وطلب من بنك الفاتيكان الامتثال لقواعد مجلس أوروبا لمكافحة غسل الأموال، وتم تعيين مراجع حسابات مستقل.
وبدت هذه التحركات مثيرة ومُرحَّب بها لدى التقدميين، لدرجة أن بعض الليبراليين الغربيين اعتبروا البابا فرنسيس واحداً منهم، فاختارته مجلة "تايم" شخصية العام، وأشاد به موقع "غاوكر" للمشاهير واصفاً إياه بـ"بابانا الجديد الرائع"، ونُشرت أعمال فنية تصور البابا كسوبرمان في شوارع روما.
لكن هذا الحب لم يدم طويلاً، إذ قال البابا للصحافيين: "من أنا حتى أحكم على المثليين؟". وباعتباره ابن مهاجر إيطالي إلى الأرجنتين، استثمر كثيراً في الدفاع عن الهجرة والمهاجرين.
وبعد توليه البابوية، زار جزيرة لامبيدوسا الإيطالية، وشجب لامبالاة أوروبا بالقوارب الغارقة في البحر المتوسط. كما زار في عام 2017 معسكرات الروهينغا المسلمين في بنغلاديش، الذين تعرضوا لمذابح على يد الجيش البورمي.
وفي عصر استخدم فيه سياسيون مثل دونالد ترامب وجورجيا ميلوني وفيكتور أوربان الهوية المسيحية كسلاح، شكّلت مواقف البابا فرنسيس تصحيحاً وشهادة حاسمة. وقد تُوِّج ذلك بجهوده في تحسين الحوار بين الأديان، والتي تجسدت في لقائه المميز مع المرجع العراقي آية الله علي السيستاني، خلال زيارة بابوية تاريخية للعراق، إحدى الدول التي زارها، إلى جانب الإمارات العربية المتحدة والمغرب ومصر والأراضي المقدسة.