موازنة 2024 تهدد بتفكك حكومة الطوارئ ونتنياهو يخشى البدائل
تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT
القدس المحتلة- يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحديات كثيرة تهدد تفكيك حكومة الطوارئ التي أقيمت بظل الحرب على قطاع غزة، بانضمام تحالف "المعسكر الوطني"، برئاسة بيني غانتس الذي يطالب بتحويل ميزانيات اتفاقيات الائتلاف الحكومي لتغطية جزء من نفقات الحرب.
تأتي هذه التحديات في وقت تناقش فيه الحكومة -يومي الخميس والجمعة- موازنة 2024، وسط خلافات جوهرية بين أحزاب الائتلاف التي تعارض تقليص ميزانيات الاتفاقيات الائتلافية، وسط توقع بتفاقم عجز الموازنة بسبب تكلفة الحرب والخسائر التي تكبدها الاقتصاد الإسرائيلي في ظل حالة الطوارئ ومواصلة القتال.
ومع استمرار الحرب على غزة وتباين المواقف بشأن اليوم التالي لها وتوسيع الإطار العام للموازنة لتجسير الخلافات الائتلافية، تتصاعد الاحتجاجات بالشارع الإسرائيلي التي تطالب برحيل نتنياهو وإجراء انتخابات مبكرة للكنيست، بسبب الفشل في تحقيق أهداف الحرب وتحرير المحتجزين لدى حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
أزمة موازنة 2024
وأمام هذا الواقع، يناور نتنياهو -الذي يتطلع إلى إلغاء 10 حقائب وزارية تحت ضغط الميزانية ومطالب الشركاء بالائتلاف- بين حقل الألغام السياسي والتقليصات الاقتصادية من مختلف الوزارات، مما يشكل صدعا له بموازنة 2024، وهو يخشى تمردا داخل حزب الليكود الحاكم ضده.
ويريد نتنياهو إعادة وزراء الليكود الذين استقالوا من الكنيست بموجب القانون "النرويجي"، لكن أعضاء الكنيست -الذين يُفترض أن يخلوا مقاعدهم- أوضحوا له ولوزرائه أنه "إذا حاولت إرسالنا إلى منازلنا، لن تحصلوا على أغلبية في جلسة التصويت لعودتكم إلى مناصبكم بالكنيست أو بالحكومة".
ويُجمع محللون على أن الإبقاء على حكومة الطوارئ رهين قرار زعيم "المعسكر الوطني" غانتس الذي لم يتردد خلال أشهر الحرب في توجيه انتقادات لنتنياهو واتهامه بتوظيف الحرب لأهداف سياسية وشخصية.
كما يرجح المحللون أن انسحاب غانتس من حكومة الطوارئ مسألة وقت، ويتعلق بملف المحتجزين وسير الحرب وتطورات التوغل البري بالقطاع.
ويعتقد مراسل الشؤون السياسية في صحيفة "هآرتس" ميخائيل هاوزر طوف أنه في ظل التحفظات والمعارضة التي يبديها "المعسكر الوطني" على بنود موازنة 2024، فإن انسحاب غانتس من حكومة الطوارئ بات أقرب من أي وقت مضى، لكن التوقيت سيكون متعلقا باستكمال المناورة البرية الرئيسية بغزة.
ولفت طوف إلى أن غانتس، وسط الخلافات مع نتنياهو التي وصلت حتى درجة الصدام خلال فترة الحرب، دائما ما كان يبرر انضمامه إلى حكومة الطوارئ من منطلق المسؤولية الوطنية والقومية، كما صرح مرارا بأن البقاء في مجلس الحرب يأتي من منطلق المسؤولية العسكرية ولحين استكمال المرحلة الأخيرة من القتال والتوغل البري.
ملامح تمرد
وأمام أزمة موازنة 2024 والخلافات بشأنها بين مختلف أحزاب الائتلاف وهو ما يشكل قلقا وإزعاجا لنتنياهو، يعتقد مراسل الشؤون السياسية أن غانتس ما زال في الوقت المتبقي له يناور في حكومة الطوارئ.
وأشار المراسل ذاته إلى أن الجمهور الإسرائيلي ينظر إلى غانتس القائد السياسي والعسكري، لذلك فهو يترفع بخصوص الخلافات حول الموازنة ويرفع قضية المحتجزين لتكون في جوهر الأجندة الإسرائيلية، إذ يعتبر إعادتهم من الأسر المسألة الأكثر إلحاحا ولها أسبقية على أي مرحلة بالقتال.
على ما يبدو أن غانتس ليس هو صاحب القول الفصل الوحيد بشأن مستقبل حكومة نتنياهو، إذ تعتقد المحللة السياسية لدى صحيفة "يديعوت أحرونوت" موران ازولاي أن نتنياهو يواجه مشاكل كثيرة داخل حزب الليكود وملامح تمرد من أعضائه، إذ يخشى المحيطون به من تزايد الإحباط بين أعضاء الحزب ومن تحرك مشترك مع المعارضة للإطاحة به.
وفي إطار معركة الاحتواء سواء بسبب الخلافات بشأن الموازنة والتقليصات بالميزانيات الوزارية وحتى إلغاء بعض الوزارات، تقول أزولاي إن "نتنياهو يحاول إعادة الوزراء الذين استقالوا بموجب القانون (النرويجي)، بحجة إغلاق المكاتب غير الأساسية".
وتضيف "إلا أن هذه الخطوة قد تواجه معارضة داخل الليكود، فالموازنة العامة ليست مثيرة للاهتمام بالنسبة لنتنياهو مثل القلق بشأن النواب المتمردين".
وبمعزل عن هذه الخلافات، تضيف محللة الشؤون السياسية "في الآونة الأخيرة، تزايدت الانتقادات لنهج وسياسة حزب الليكود الحاكم بشكل خاص والائتلاف بشكل عام من قبل أعضاء الليكود، وتتزايد أيضا محاولات القيام بخطوات ضد نتنياهو بسبب الحرب والمحتجزين الإسرائيليين".
واستشهدت أزولاي بمضمون تصريحات زعيم المعارضة يائير لبيد، خلال اجتماع كتلة حزب "هناك مستقبل"، عندما دعا غانتس ووزراء "المعسكر الوطني" إلى التحرك والانسحاب من حكومة الطوارئ، قائلا إن "إسرائيل تحتاج إلى حكومة أخرى، ورئيس وزراء آخر".
أزمة ثقة
ولفتت أزولاي إلى أن تلميحات لبيد تعكس حالة تململ خفي ومحاولة تمرد للإطاحة بنتنياهو، إذ قال إن "حزب (هناك مستقبل) -الذي يترأسه- سيدعم بالإجماع أي تحرك لتغيير الحكومة، سواء بالذهاب إلى انتخابات مبكرة، أو تشكيل حكومة بديلة، يمكن أن يترأسها غانتس أو القيادي في حزب الليكود، يولي إدلشتاين".
وتحت عنوان "انتخابات الآن، هذا ممكن"، كتبت الإعلامية الإسرائيلية نحاما دواك مقالا في صحيفة "إسرائيل اليوم"، استعرضت من خلاله التجاذبات على الساحة السياسية الإسرائيلية في ظل الحرب، وأزمة ثقة الجمهور الإسرائيلي بحكومة نتنياهو بسبب سير القتال والإحباط من أداء الوزارات خلال حالة الطوارئ.
وتعتقد دواك أن الجمهور الإسرائيلي سئم مما وصفته بـ"الخطاب الملوث" لبعض المسؤولين المنتخبين والوزراء بالحكومة، مضيفة أن استطلاعات الرأي تُظهر أن سلوك الائتلاف الحكومي لا يصب في صالحه ولا في صالح زعيمه نتنياهو.
ولكن يبدو أن السبيل الوحيد والأسرع لوضع حد للغطرسة التي تصاحب هذا الخطاب، تقول الإعلامية الإسرائيلية، "هو إجراء انتخابات عامة للكنيست. سيقول المعارضون إن إسرائيل بحالة حرب، فهذا ليس الوقت المناسب للدعاية التي بطبيعتها استقطابية".
وعلى من يقولون ذلك أن يسألوا أنفسهم، تضيف دواك، "هل فعلوا كل ما في وسعهم لمنع انقسام الشعب الإسرائيلي واستقطابه وتعميق الشرخ مرة أخرى، بالذات في ظل الحرب وحالة الطوارئ؟".
ولفتت الإعلامية إلى أن الانتخابات باتت ملحة بهذه المرحلة بسبب حقيقة أن رئيس الوزراء وائتلافه (المكون من 64 عضوا) لا يوجد لديهم أي خطة سياسية، ويترددون في مناقشة مبدأ اليوم التالي للحرب، وهي المناقشة التي "تعتبر حاسمة وأساسية لاستمرار وجود إسرائيل"، حسب رأيها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: المعسکر الوطنی حکومة الطوارئ حزب اللیکود موازنة 2024 إلى أن
إقرأ أيضاً:
ستطعن على قرار الجنائية الدولية.. حكومة نتنياهو تدرس خياراتها
أثار قرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقال رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف جالانت صدمة سياسية وقانونية في تل أبيب، حيث يواجه المسؤولان اتهامات بارتكاب جرائم حرب تتعلق بالأوضاع الإنسانية في قطاع غزة.
فبعد إعلان المحكمة الجنائية الدولية قرارها، بدأ المسؤولون الإسرائيليون بمراجعة الخيارات المتاحة للرد على هذا التطور غير المسبوق، وأكدت تقارير إعلامية أن حكومة نتنياهو، التي وصفت القرار بأنه معادٍ للسامية، تنظر في مسارات قانونية ودبلوماسية لتخفيف تبعات الأزمة.
خيارات متعددةفأحد السيناريوهات التي تناقشها حكومة نتنياهو هو فتح تحقيق داخلي مستقل بشأن مدى التزام جيش الاحتلال الإسرائيلي بالقانون الدولي الإنساني في قطاع غزة، وتهدف هذه الخطوة إلى تقديم صورة إيجابية للمجتمع الدولي وتفادي العزلة المتزايدة.
كما تستند إسرائيل في هذا المسار إلى موقفها الرافض لصلاحية المحكمة الجنائية الدولية، حيث أنها ليست طرفًا في نظام روما الأساسي، ورغم رفض المحكمة لمحاولات سابقة للطعن، فإن تل أبيب تعتزم مواصلة السعي لإبطال القرار.
بالإضافة إلى اعتماد إسرائيل على دعم حلفائها، وخاصة الولايات المتحدة، التي انتقدت القرار بشدة، كما تحاول تل أبيب التأثير على الدول الأوروبية، رغم تأكيد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، أن قرارات المحكمة مبنية على وقائع وليست مسيسة.
تداعيات دوليةيُلزم القرار الدول الـ123 الموقعة على ميثاق المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتنياهو وجالانت فور دخولهما أراضيها.
وقد أعلنت دول مثل فرنسا وهولندا وبلجيكا أنها ستلتزم بتنفيذ هذه القرارات، مما يضع قيودًا كبيرة على تحركات المسؤولين الإسرائيليين دوليًا.
ورغم هذه التداعيات، يرى بعض الخبراء أن الأثر العملي للقرار قد يكون محدودًا، مستشهدين بحالات مشابهة لقادة مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس السوداني السابق عمر البشير، حيث لم تتمكن المحكمة من تنفيذ أوامر اعتقالهم بسبب التعقيدات السياسية والدبلوماسية.
جرائم حرب التي ارتكبوهابررت المحكمة قرارها بالاستناد إلى أدلة تثبت أن نتنياهو وجالانت تعمدا حرمان المدنيين في غزة من احتياجات أساسية مثل الغذاء والماء والأدوية والوقود، وهو ما يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني وجرائم حرب حسب المعايير الدولية.