لا أحب أن أكون من المتشائمين، أو السائرين خلف نظرية نصف الكوب الفارغ.. فى رأيى أنه في تعظيم الثروات الطبيعية لمصر وحسن التصرف فيها لايوجد نصف.. دائما "الكوب يا إما مليان.. أو فارغ"..
رهانات كثيرة خسرناها بعد أن عملت لنا الحكومة (البحر طحينة وبالعسل كمان) قالوا لنا اكتشفنا أكبر حقل غاز فى العالم هو حقل ظهر، ووقعت الحكومة مع شركة «اينى» الإيطالية، وكما قال بيرم التونسى (يا بائع الفجل بالمليم واحدة كم للعيال وكم للمجلس البلدى ).
لم نخسر رهان الغاز رغم مانراه بعد كل هذه السنوات من اكتشافه، من انقطاع للتيار الكهربائى لمدة ساعتين فى عز الشتاء بسبب نقص الغاز..
حدث ذلك فى الوقت الذى بشرتنا فيه الحكومة منذ أكثر من عامين أننا وصلنا لمرحلة الاكتفاء الذاتى من الغاز، بل وسنتحول إلى مركز عالمى لتصدير الغاز المسال إلى دول العالم الصناعية.
إذا كنا لم نخسر رهان الغاز حتى الآن فيجب على الحكومة أن تعطينا إمارة.. خاصة أن إعلان الحكومة فى البداية يقوم على معلومات حقيقية..حقل ظهر بالفعل اكتشاف عظيم، ولكن الأهم والأعظم هو كيف استفدنا من هذا الاكتشاف، وماهو التأثير المباشر على الشعب صاحب الحق الأصيل فى ثرواته.
أما الرهان الجديد الذى لايجب أن نخسره فهو رهان الذهب وقد بدأت الحكومة فى التبشير بجبالنا الملونة باللون الذهبى للمعدن النفيس، ووصل الأمر بمستشار وزير التموين لشئون تصنيع الذهب أن يقول إن جبالًا كاملة مليئة بالذهب، وأننا نحتاج لتشريع يمنع التنقيب العشوائى عن الذهب فى جبال أسوان.
نورت المحكمة يا سيادة المستشار.. وهنا السؤال الذى يطرح نفسه: إذا كان التنقيب العشوائى يستطيع إخراج الذهب، لماذا نسلم مناجم الذهب مثل السكرى لشركات أجنبية لاتفعل شيئا سوى استخراجه خامًا، وإرساله إلى الخارج لتنقيته..؟
لما لانخرج «ذهبنا» بأنفسنا، مادام هناك أفراد عاديون ينقبون عشوائياً؟.
بل وأصبح من يعلن عن ثرواتنا الشركات الأجنبية التى تأخذ كل الخطوات بدلا عنا بداية من الإعلان حتى الاستخراج والتصدير فماذا تبقى؟
شركة سنتامين للتعدين الأجنبية أعلنت عن نتائج مشجعة لبرنامج حفر أولى للتنقيب عن الذهب بالصحراء الشرقية فى مصر.
وقالت الشركة المدرجة فى بورصة لندن، إن مناطق التنقيب فى الصحراء الشرقية التابعة لها تتألف من ثلاثة آلاف كيلومتر مربع من المناطق غير المستكشفة داخل الدرع النوبى فى مصر، وهو حزام جيولوجى واعد لم يتم استكشافه باستخدام طرق الاستكشاف الحديثة.
من هى شركة سنتامين هذه؟..هى شركة تنقيب ذهب مركزها فى بيرث بغرب أستراليا، وهى مدرجة فى بورصة لندن وبورصة تورونتو كما أنّها إحدى شركات الفوتسى 250. وتدير عمليّات استغلال منجم السكرى قرابة مرسى علم بالتعاون مع الحكومة المصرية.
كيف نعطى لشركة واحدة أجنبية حق التنقيب فى منجم السكرى والاستكشافات الجديدة؟
ماهى ثمرة كل ذلك؟.. لاشيء
.. ثم نعود بعد سنوات ولانجد ماكنا نراهن عليه.. ويحدث ماحدث فى موضوع الغاز..ياحكومتنا الرشيدة ثروات مصر حق لنا وللأجيال القادمة، ولايمكن التعامل معها بمثل هذا الاستخفاف.. استقيموا يرحمكم الله.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المتشائمين الثروات الطبيعية الحكومة أ
إقرأ أيضاً:
إسرائيل ومعرض الكتاب
يبدو أن الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب» لم يساعده أحد من أسطول الخبراء المحيطين به والمتخصصين فى تاريخ الشرق الأوسط من القراءة الصحيحة لتاريخ مصر جيداً، فجاءت تصريحاته بشأن تهجير نحو 1.5 مليون فلسطينى من غزة إلى سيناء والأردن، نوع من الغشاوة السياسية، فالحقيقة الثابتة تاريخيا تقول: عندما تسقط بغداد ودمشق فهذا يعنى ان نهايتهم على أبواب مصر.
لذلك كان من الطبيعى أن يتلقى «ترامب» هذه العبارة الناجزة من الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى والتى تتكون من خمس كلمات لا سادس لهم: «تهجير الفلسطينيين إلى مصر خط أحمر»،
فلطالما كانت ضربات مصر موجعة ومدهشة لعدوها الصهيونى، فبعد ثلاث سنوات فقط من نكسة 1967، يطرح الفنان عبدالسلام الشريف، أحد رواد الفن التشكيلى فى مصر، فكرة إقامة معرض دولى للكتاب على الدكتور ثروت عكاشة، وزير الثقافة فى تلك الفترة، فتنتفض عقول مصر ومثقفيها وناشريها، وتدعو العالم بأسره إلى أقامة أول معرض دولى للكتاب على أراضيها والأول فى الوطن العربى أجمع، فى إعلان واضح وصريح أنها قوة ثقافية لا يستهان بها، وكنز بشرى لا يخضع لأحد.
إقامة معرض القاهرة الدولى للكتاب جاء ضربة قوية للعزل الثقافى الذى فرضته إسرائيل، وكان بمثابة أول هزيمة ساحقة لها، فمع تدفق الناشرين العالميين والإقبال الكبير من دور النشر على المشاركة، ثبتت القاهرة مكانتها كعاصمة ثقافية عالمية، الأمر الذى زاد من عزيمة المصريين فى مواجهة التحديات على كل الأصعدة، الثقافية والسياسية.
ووفقاً للباحث محمد سيد ريان صاحب كتاب «حكاية أول معرض دولى للكتاب»، أن الدورة الأولى كانت حدثاً ثقافياً فريداً من نوعه، فى رد عملى على الغطرسة الصهيونية بشتى ميادين القتال.
ظلت إسرائيل تتساءل بدهشة: كيف يكون ذلك؟ لقد هزمناهم، ودمرنا بنيتهم التحتية وطائراتهم، واحتللنا أرضهم، ورغم كل ذلك، نجدهم ينظمون حدثا ثقافيا مهما لأول مرة فى تاريخهم.. كيف استطاعوا جمع دور النشر العالمية وجعلها تشارك فى هذا الحدث الكبير؟ كيف تمكنوا من تحويل الهزيمة إلى قوة، والإعاقة إلى انطلاق، ليكونوا فى هذا الموضع من الريادة الثقافية؟
دورات معرض القاهرة الدولى للكتاب كانت بمثابة صفعات متتالية على وجهة الكيان الصهيونى، حيث قدم عشرات الباحثين المصريين والعرب كتب، دراسات بحثية، روايات أدبية، ودواوين شعر مستفيضة من خلال دور النشر المصرية والعربية وحتى الترجمات عن لغات أجنبية مشاركة فى المعرض تتناول وتفند العقلية الصهيونية وبداية نشأتها وسياسة إسرائيل فى المنطقة العربية وأطماعها.
وهو ما جعل الكيان الصهيونى يمنع المشاركين فى المعرض فى دورته الأولى عام 1969، من نشر كتبهم وأتاحتها فى إسرائيل.
على المستوى السياسى ووفقاً لاتفاقية كامب ديفيد عام 1978 بين مصر وإسرائيل استطاعت الأخيرة أن تخترق العزل الاجتماعى والنفسى الذى يحيط بسفيرها فى القاهرة، ففى فعاليات معرض القاهرة الدولى للكتاب عام 1981، توجه السفير الإسرائيلى فى القاهرة «إلياهو بن اليسار» إلى السراى رقم 7 التى يقع فيها جناح توكيل «إدكو إنترناشيونال» الذى تعرض من خلاله الكتب الإسرائيلية فى معرض القاهرة الدولى للكتاب الثالث عشر « يناير 1981»، حسب توثيق «شهدى عطية» لهذا الحدث فى صفحته على موقع «فيسبوك»، مضيفاً: «كان ذلك الجناح يتلاصق مع جناح «الفتى العربى» الفلسطينى والذى يرفع علم فلسطين على كل شبر من واجهته الملاصقة للجناح الإسرائيلى، ما دعا مسئول الأمن فى السفارة الإسرائيلية إلى محاولة تغطية العلم الفلسطينى بلافتات تحمل طوابع بريد إسرائيلية، أثناء قيام السفير الإسرائيلى بافتتاح الجناح أمام عدسات التليفزيون الإسرائيلى.
كان المعرض فى أرض المعارض بالجزيرة، وكان الشاعر صلاح عبدالصبور هو رئيسه باعتباره رئيساً للهيئة المصرية العامة للكتاب، وحسب «عطية»: «كان أول تجربة واقعية لقياس رد فعل الشعب المصرى للتطبيع مع إسرائيل، ومنذ اللحظة الأولى بدأت المواجهة»، ويشير إلى أن حضور السفير الإسرائيلى استفز الجمهور، فاندفعت فتاة لتنتزع اللافتات الإسرائيلية، وهنا سقطت اللافتة فوق رأس السفير الإسرائيلى الذى هرول فى ذعر خارج أرض المعرض، وتم إنزال العلم الإسرائيلى بالقوة، وتحولت ساحة المعرض منذ اللحظات الأولى لحرب إعلامية ضد إسرائيل، وتوالت البيانات من حزب التجمع والعمل والأحرار، ودعت البيانات إلى المطالبة برفع العلم الفلسطينى على جميع دور العرض، ووقع على البيانات لطفى وأكد «نائب رئيس حزب التجمع»، وفؤاد نصحى عن حزب العمل، وكامل زهيرى، نقيب الصحفيين، وأحمد نبيل الهلالى، عن مجلس نقابة المحامين، وعبدالعظيم مناف، وسمير فريد، وغيرهم.
فشلت محاولة التطبيع الثقافى هذه المرة، وتكررت مرة ثانية وأخيرة أثناء حكم مبارك فى يناير 1985، حيث خصص القائمون على المعرض جناحاً خاصاً لإسرائيل، واحتج الكثير من المثقفين على اشتراك إسرائيل فى المعرض، وقال فؤاد سراج الدين، رئيس حزب الوفد آنذاك، فى هذا الصدد: كيف تسمح الحكومة المصرية باشتراك إسرائيل التى تنشر كتبها الكاذبة وتقف أمام مصالح الدول العربية؟ وطالب «سراج الدين» الحكومة المصرية بنشر صور توضح المذابح التى تقوم بها إسرائيل ضد الشعب الفلسطينى.