وثيقة التوجهات الاقتصادية وحدها لا تكفى
تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT
أعلن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، مؤخرا إعداد وثيقة جديدة لأبرز التوجهاتِ الاستراتيجيةِ للاقتصادِ المصرى للفترةِ الرئاسيةِ الجديدة 2024-2030، بما يحدد أولويات التحرك على صعيد السياسات بالنسبة للاقتصادِ المصرى حتى عام 2030 سواءً فيما يتعلقُ بتوجهاتِ الاقتصاد الكلى، أو التوجهات على مستوى القطاعات الاقتصادية والاجتماعية الداعمة لنهضة الدولة المصرية.
ولا شك أن مثل هذا التوجه كان محل توصية وإلحاح دائمين من المجتمع الاقتصادى فى مصر خاصة فى ظل الأزمة الاقتصادية المتصاعدة التى بدأت تباشيرها مع الجائحة واتسعت تدريجيا مع الحرب الروسية الأوكرانية وتوابعها.
فكل دولة تسعى إلى تحقيق التنمية المستدامة يجب أن تحدد مسارات أدائها وتوضح المؤشرات المستهدفة والتوجهات والسياسات التى ستعمل عليها بما يمثل خارطة طريق واضحة المعالم فى النواحى الاقتصادية أمام الرأى العام.
ووفقا للوثيقة التى اطلعت عليها، فقد انصبت جهود الدولة المصرية خلال الفترة من 2019 على تبنى كافة السياسات اللازمة لتخفيف آثار تداعيات الأزمات العالمية وهو ما ساهم فى تحقيق معدل نمو فى المتوسط 5 فى المائة، مقابل 2.7 فى المائة كمتوسط عالمى. وبتعبير الوثيقة فإن معدل النمو الاقتصادى كان من الممكن أن يكون أعلى إن كانت معدلات النمو السكانى محدودة كما هو الحال فى دول منطقة اليورو، أو دول منظمة التعاون الاقتصادى.
وتقر الوثيقة بشكل واضح بالآثار السلبية للأزمات العالمية على مصر وتشير بصراحة إلى خروج أكثر من 20 مليار دولار من الاستثمارات غير المباشرة، وهو ما ارتفع بمعدل التضخم إلى 38.7 فى المائة وتراجع قيمة الجنيه رسميا بأكثر من 60 فى المائة.
ووضعت الوثيقة توجهات محددة تعمل عليها الدولة لمواجهة التحديات أبرزها تحفيز دور القطاع الخاص والاستثمار المحلى والأجنبى لزيادة المساهمة فى النشاط الاقتصادى وتوسيع مساهمة الاستثمار والتصدير فى الناتج المحلى الإجمالى، والعمل على وضع الدين المحلى فى حال مستدام دون زيادات جديدة، والإنفاق بشكل أكبر على العنصر البشرى خاصة فى مجال خدمات التعليم والصحة.
ومن يقرأ تفاصيل الوثيقة يجد مستهدفات طموحة جدا فيما يخص مختلف مجالات الاقتصاد، ويشعر بتفاؤل حقيقى تجاه المستقبل، غير أن ذلك وحده فى رأيى غير كاف، وقد سبق أن طرحت الحكومة تصورات متقدمة للاستثمار والتصدير ولم تتحقق.
وفى تصورى، فإننا فى حاجة ماسة لقصة نجاح لافتة تمثل استعادة كبيرة للقطاع الخاص للعمل بقوة فى مجال الإنتاج والصناعة التصدير. ومثل هذا النجاح يستلزم حوارا فعالا وعمليا بشأن الإجراءات الإصلاحية العاجلة لتحفيز القطاع الخاص للتشغيل، والعمل بقوة بما يكفل تحقيق المرجو من استقرار وانتعاش وتنمية مستدامة.
ولقد قلت وكتبت بأننا يجب أن نبحث عن تيسيرات حقيقية وحوافز إيجابية وحلول غير تقليدية لجذب استثمارات واسعة ومتنوعة لمختلف المجالات، بما يوفر فرص العمل الضرورية للمجتمع.
إن أهل مكة أدرى بشعابها، كما يقول المثل الشهير، لذا فإن على الحكومة أن تستمع بصبر واهتمام لتصورات ممثلى منظمات الأعمال وعلى رأسها اتحادات الصناعات والغرف التجارية والمستثمرين، وكبار الاقتصاديين ورجال الأعمال للتعرف على مواطن الخلل ونقاط الضعف للتعامل معها باحترافية وسرعة وحسم للخروج من الأزمة.
لقد أثبتت التجربة العملية أن القطاع الخاص هو أفضل مستثمر وأفضل مصنع وأفضل مسوق، وأن نتائج الأداء الذى كان القطاع الخاص فيه يشكل النسبة الأكبر فى التشغيل كانت أفضل كثيرا من نتائج الأداء التى كانت تغلب على التشغيل فيها المؤسسات الحكومية. وكل هذا يدفعنا دفعا إلى وضع تصورات واضحة تمنح القطاع الخاص الريادة الحقيقية وتستعيده مرة أخرى، فوثيقة التوجهات الاقتصادية وحدها لا تكفى. ومرة أخرى أقول: نحن فى حاجة لقصة نجاح متحققة للبناء عليها.
وسلام على الأمة المصرية
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: د هاني سري الدين مركز المعلومات التوجهات الاستراتيجية للاقتصاد للاقتصاد المصرى القطاع الخاص فى المائة
إقرأ أيضاً:
وزيرة التخطيط تبحث سبل تمكين القطاع الخاص مع مؤسسة التمويل الدولية IFC
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
استهلت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي ومحافظ مصر لدى البنك الدولي، لقاءاتها خلال اجتماعات الربيع 2025، بعقد اجتماعًا موسعًا مع مختار ديوب، رئيس مؤسسة التمويل الدولية (IFC) ذراع البنك الدولي لتمويل القطاع الخاص، حيث بحث الجانبان تطورات تنفيذ مختلف ملفات العمل المشترك لتعزيز مشاركة القطاع الخاص في جهود التنمية، وتحفيز بيئة الاستثمار في القطاعات الحيوية، ودعم جهود الحكومة في تنفيذ وثيقة سياسة ملكية الدولة.
الشراكة في طرح المطارات للقطاع الخاصووجهت الدكتورة رانيا المشاط، الشكر لرئيس مؤسسة التمويل الدولية، على الجهود التي تبذلها المؤسسة في مصر وتعاونها مع الحكومة لتعزيز مشاركة القطاع الخاص في التنمية، خاصة بعد إتمام اتفاقية الخدمات الاستشارية لطرح عدد من المطارات للقطاع الخاص، مشيرة إلى أن زيارة رئيس مؤسسة التمويل الدولية، لمصر في يونيو المقبل ستكون فرصة مواتية لمتابعة تطورات الشراكة بين الجانبين والدفع نحو مزيد من العمل المشترك.
وذكرت الدكتورة رانيا المشاط، أن الشراكة مع مؤسسة التمويل الدولية في طرح المطارات المصرية للقطاع الخاص، تأتي استكمالا للتعاون الذي تم تدشينه في يونيو 2023 بشأن برنامج الطروحات الحكومية، لتنفيذ وثيقة سياسة ملكية الدولية، وتحقيق نمو اقتصادي بقيادة القطاع الخاص، حيث تضع الدولة على رأسها أولوياتها استعادة دور القطاع الخاص المحلي والأجنبي في قيادة جهود التنمية الاقتصادية، ولذلك تنفذ برنامجاً وطنياً للإصلاحات الهيكلية، كما تعمل على التوسع في آليات التمويل من أجل التنمية لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة".
تشجيع القطاعات القابلة للتداول والتصديروشددت «المشاط»، على الجهود التي تقوم بها الحكومة في الفترة الماضية في إطار تحول الاقتصاد المصري نحو النمو الذي يقوده القطاع الخاص، والقائم على القطاعات القابلة للتداول، حيث تعمل على تنفيذ حزمة من الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية لخلق بيئة أكثر تنافسية وجاذبة للقطاع الخاص، فضلًا عن توسيع مشاركة القطاع الخاص عبر تنظيم مساهمة الدولة في الأنشطة الاقتصادية المختلفة، وتطوير البيئة التشريعية والتنظيمية وتيسير التراخيص، فضلًا عن رقمة الخدمات المقدمة للمستثمرين، وتشجيع نماذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP) في مجالات البنية التحتية، الطاقة، النقل، التعليم، والرعاية الصحية.
استثمارات مؤسسة التمويل الدولية في مصروأكدت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، على الشراكة الحيوية مع مؤسسة التمويل الدولية، من أجل دعم النمو والتشغيل الذي يقوده القطاع الخاص، حيث تُسجل المحفظة الجارية لاستثمارات المؤسسة في مصر خلال مارس 2025 نحو 2.4 مليار دولار، إلى جانب محفظة دعم فني واستشارات بقيمة 25.7 مليون دولار، وتتوزع تلك المحفظة في قطاعات الأسواق المالية، والأعمال الزراعية، والصحة، والتعليم، والتصنيع، والسياحة، وتجارة التجزئة، والبناء والتشييد، والبنية التحتية.
ضمانات الاستثمار من الاتحاد الأوروبيكما أشارت إلى آلية ضمانات الاستثمار مع الاتحاد الأوروبي بقيمة 1.8 مليار يورو، وأهمية أن تتعاون مؤسسة التمويل الدولية في هذا الأمر لتوسيع نطاق تلك الضمانات، بما يُسهم في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، مضيفة أن التعاون بين مصر والبنك الدولي لإعداد تقرير "جاهزية الأعمال" والذي يعمل على تقييم مناخ الاستثمار وبيئة ممارسة الأعمال في مصر، سينعكس إيجابًا على عمل مؤسسة التمويل الدولية ويفتح المزيد من الآفاق للتعاون المشترك، من خلال توفير التوصيات حول السياسات التي يجب تنفيذها من أجل بيئة استثمار أكثر تنافسية.
توحيد الرسوم الضريبية وتخفيف الأعباء عن المستثمرينوفي هذا الصدد، أشارت إلى توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، الصادرة مؤخرًا حول توحيد الضريبة على الشركات بدلًا من تعدد الرسوم، بما يخلق تحسنًا ملموسًا على أرض الواقع ويسهم في تيسير أداء الأعمال، وتبسيط الإجراءات، وتخفيف الأعباء المالية على المستثمرين.
ولفتت إلى أن الإجراءات المبذولة للتحول نحو النمو القائم على القطاعات القابلة للتداول والتصدير، خاصة في قطاعات الصناعات التحويلية غير البترولية، وإمكانية التعاون مع المؤسسة لدراسة المحفزات التي يمكن توجيهها لتلك القطاعات، منوهة أيضًا إلى ما يقوم به الصندوق السيادي من دراسة لتكيفية تعظيم الاستفادة من الأصول المملوكة للدولة، ووجود وزراء التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، والاستثمار والتجارة الخارجية، والمالية، ضمن مجلس إدارة الصندوق لأول مرة لضمان تكامل السياسات.
تنظيم ملكية الدولة في الشركات المملوكة لهاولفتت أيضًا إلى موافقة مجلس الوزراء على مشروع قانون تنظيم ملكية الدولة في الشركات المملوكة لها أو التي تساهم فيها، وأهميته في تنفيذ أهداف وثيقة سياسة ملكية الدولة، وبصفة خاصة حوكمة تواجد الدولة في الأنشطة الاقتصادية، وتركيز تدخلها على ضخ الاستثمارات في القطاعات والمرافق العامة الحيوية، إلى جانب جذب مزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية.
استثمارات الطاقة المتجددةوبحث الجانبان أيضًا الجهود الجارية في مجال الطاقة المتجددة والتمويلات الموجهة لشركة سكاتك النرويجية لتعظيم استثماراتها في مصر، واهتمام مصر بتوسيع نطاق الاستثمارات في دعم شبكة الكهرباء، منوهة بأن استثمارات المؤسسة ساهمت في جذب القطاع الخاص لقطاعات حيوية وضرورية مثل الطاقة المتجددة، حيث قادت مؤسسة التمويل الدولية تحالف مستثمرين لضخ 653 مليون دولار في محطة بنبان للطاقة الشمسية.
وأكد رئيس مؤسسة التمويل الدولية، حرص المؤسسة على توسيع نطاق أعمالها في مصر بما يتجاوز تشجيع استثمارات الشركات المصرية، بل سعي المؤسسة لجذب الشركات الأجنبية لزيادة استثماراتها في مصر، وأن هناك مناقشات جارية مع عدد من المستثمرين الأجانب، موضحًا أنIFC تعمل على نقل الخبرات الكبيرة التي اكتسبتها المؤسسة من عملها في قطاعات حيوية بمصر لدول العمليات الأخرى التي تعمل بها ومن بينها دولة العراق.
وأشار مختار ديوب، إلى ما تقوم به مصر من إجراءات إصلاح اقتصادي وهيكلي تعزز استقرار الاقتصاد الكلي، وأهمية المضي قدمًا في تلك الإجراءات لتعزيز الثقة مع القطاع الخاص، موضحًا استعداد مؤسسة التمويل الدولية لتقديم الدعم الفني للحكومة فيما يتعلق بإدارة الشركات المملوكة للدولة أو التي تساهم فيها.
جدير بالذكر أنه انطلاقًا من خبرات مؤسسة التمويل الدولية التي تعمل في أكثر من 100 دولة حول العالم لتهيئة الأسواق وتعزيز فرص الشراكة مع القطاع الخاص، فإن الحكومة تضع الشراكة مع المؤسسة على رأس أولوياتها في ضوء جهودها وأولوياتها لتحسين مناخ الاستثمار وزيادة مشاركة القطاع الخاص في جهود التنمية، وهو ما ساهم في ضخ أكثر من 9 مليارات دولار للمؤسسة منذ عام 1975 في مصر، وتشهد تلك الاستثمارات زيادة مضطردة في السنوات الأخيرة.