أثار تخلف مصر عن الانضمام إلى الدعوى التي رفعتها دولة جنوب إفريقيا، أمام محكمة العدل الدولية، ضد دولة الاحتلال الإسرائيلية، على خلفية جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، التي يرتكبها ضد المدنيين في قطاع غزة، انتقادات واسعة.

وستبدأ محكمة العدل الدولية، الخميس، بالاستماع إلى دولة الاحتلال وجنوب أفريقيا، على مدار يومين، بخصوص الدعوى التي رفعتها الأخيرة ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي، بهدف محاكمتها على ارتكاب جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة.



و‌في السياق نفسه، أعلنت وزارة العدل في جنوب أفريقيا، عن ترؤس الوزير، رونالد لامولا، وفد البلاد، في محكمة العدل الدولية في لاهاي، خلال جلسة الاستماع الأولى للقضية المقرر عقدها في لاهاي يومي 11 و12 كانون الثاني/ يناير الجاري.

ورغم انضمام وتأييد بعض الدول لتحرك الدولة الأفريقية، الذي يوصف بكونه "فريدا من نوعه"، إلا أن مصر لم تعلق حتى الآن، بشكل رسمي، على هذا التحرك بالسلب والإيجاب، وتعد أكثر المتضررين من عدوان الاحتلال الإسرائيلي اقتصاديا وأمنيا، وتربطها حدود وتاريخ مشترك مع قطاع غزة الذي يمثل خط الدفاع الأول لها.

وتهدد دولة الاحتلال الإسرائيلي، رسميا، من وقت لآخر، بإعادة احتلال محور فيلادلفيا، وهو شريط حدودي بين قطاع غزة ومصر، ويمتد من البحر الأبيض المتوسط شمالا حتى معبر كرم أبو سالم جنوبا، حيث نقطة التقاء الحدود بين مصر وقطاع غزة ودولة الاحتلال.

ومنذ الأيام الأولى، انتقد سياسيون وحقوقيون الموقف المصري الرسمي من الحرب على قطاع غزة، بسبب عدم فتح الحدود أمام إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية للقطاع، وإخراج آلاف الجرحى، أو القيام بزيارات رسمية للقطاع للوقوف على حجم الجرائم إلا من خلال التنسيق مع سلطات الاحتلال.

وتساءلوا: هل يكون موقف القاهرة من عدوان الاحتلال الإسرائيلي، بل من عمليات الإبادة الجماعية التي يتعرض لها أكثر من مليوني مدني مخيبا للآمال على المستوى الحقوقي، وتلتزم الحياد في التعاطي مع جرائم الاحتلال بدعوى قيامها دور الوسيط، وهل تمنع الوساطة من أن تمارس مصر دورها التاريخي في الحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني؟.

إزاء هذا الصمت المصري الرسمي، حثّت أحزاب ومؤسسات وجمعيات مدنية حقوقية، مصر، على تأييد والانضمام إلى الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، من بينها: أحزاب المحافظين والدستور والمصري الديمقراطي الاجتماعي، والدفاع عنها سياسيا ودبلوماسيا وقضائيا، واستخدام ثقلها السياسي لدعوة دول العالم الثالث في منظمة دول عدم الانحياز والمؤتمر الإسلامي والاتحاد الإفريقي، للانضمام إلى الدعوى.

‌وطالب الموقعون بتشكيل لجنة تشمل النائب العام المصري، ودبلوماسيين، وممثلين عن مؤسسات المجتمع المدني المصري، خاصة نقابات المحامين، والصحفيين، والأطباء، وجمعية الهلال الأحمر، وذلك لجمع جرائم الاحتلال وتوثيقها وتوصيفها وإعداد مذكرة رسمية، بالأدلة تنضم بها مصر لدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية.‌

لا مجال لأنصاف الحلول والمواقف
قال عضو الهيئة العليا لحزب المحافظين، مجدي حمدان، وهو أحد الأحزاب الموقعة على العريضة: "أصدرنا بيانا ندعو مصر لتأييد الدعوى ضد الاحتلال، أمام الجنائية الدولية ومساندتها، لما يمثله انضمام مصر من ثقل سياسي كبير وأحد أكثر الدول المعنية بما يجري في قطاع غزة، حيث تتشارك معه الحدود ويعد خط دفاعها الأول، وما فعلته دولة جنوب أفريقيا كشفت حقيقة الدول العربية".

لكن في الحقيقة، فإن تحرك الشعوب يختلف دائما عن موقف الحكومات سواء في مصر أو في العديد من دول العالم، لكن هذه القضية لها أهمية كبرى وهي أنها وضعت الكيان الصهيوني كمتهم بارتكاب جرائم حرب وإبادة، وفي حال صدور حكم سوف يتم رفعه لمحكمة العدل الدولية، وبناء عليه على مجلس الأمن والأمم المتحدة تنفيذ هذا الحكم لذلك هناك قلق من الاحتلال الإسرائيلي كبير من هذه الدعوى".


ورد حمدان، على تذرع بعض المدافعين عن موقف الحكومة المصرية بأنها تحاول الحفاظ على دورها في الوساطة في الأزمة الراهنة وعدم تعقيد الموقف، أنه "إزاء تعرض الشعب الفلسطيني للإبادة في قطاع غزة، لا معنى للحديث عن وساطة وغيرها، وموقف وزراء في حكومة الاحتلال من مصر لا يقل تشددا وعدوانية عن مواقفهم إزاء الفلسطينيين، وبالتالي يجب أخذ ذلك في عين الاعتبار، لا مجال لأنصاف الحلول وأنصاف المواقف".

تحرك نقابي يسبق الدولة
وكشفت نقابتا الصحفيين المصريين والفلسطينيين والاتحاد الدولي للصحافة، في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، عن رفع دعويين قضائيتين جنائيتين ضد سلطات الاحتلال الإسرائيلي أمام المحكمة الجنائية الدولية؛ بسبب جرائمها ضد الصحفيين الفلسطينيين في قطاع غزة بعد أن ارتقى نحو مائة صحفي منذ بدء العدوان على قطاع غزة.

وقال نقيب الصحفيين الفلسطينيين، ناصر أبو بكر، في تصريحات خاصة لـ"عربي21" إنه "تم الانتهاء من إعداد ملف قانوني جديد لتقديمه للمحكمة، والمحامون جاهزون لتولي القضية ورفع دعاوى قضائية"، لافتا إلى أن "هذه هي القضية الثالثة التي تقدمها نقابة الصحفيين الفلسطينيين للمحكمة الجنائية الدولية ضد جرائم الحرب بحق الصحفيين الفلسطينيين".


كذلك، تقدمت منظمة مراسلون بلا حدود، في تشرين الأول/ أكتوبر، وكانون الأول/ ديسمبر، بِدعوتين قضائيتين للجنائية الدولية، للتحقيق في اتهام سلطات الاحتلال بارتكاب جرائم حرب، لاستهدافها صحفيين في قطاع غزة، وهما ضمن التحقيقات الجارية عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي.

لماذا لن تنضم مصر دعوى جنوب أفريقيا؟
استهجن الخبير في القانون الدولي والعلاقات الدولية، السيد أبو الخير، ما وصفه بـ"تجاهل مصر الدعوى القضائية من الأساس على الرغم من أنها أكثر الدول المعنية بآثار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وهو يعكس تقزم دور الدول العربية والموقف المصري الرسمي، لا يعكس دورها الحقيقي باعتبارها أحد اللاعبين الرئيسيين في المنطقة".

وذهب إلى القول في حديثه لـ"عربي21": أن "مصر تعتبر شريكة فيما يتعرض له الشعب الفلسطيني من حصار أدى إلى وفاة آلاف المرضى والجوعى والمصابين، المساعدات لا تدخل إلا بإذن وتنسيق أمني مع الكيان الصهيوني، لا نستقبل أي جرحى إلا بأعداد قليلة جدا".


 وأشار أبو الخير إلى أن "صور الاشتراك في الجريمة، ثلاثة وهي: الاتفاق والتحريض والمساعدة، وإغلاق معبر رفح ساعد في مفاقمة الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة".

‌واستبعد أن تنضم مصر لتلك الدعوى، حيث "لا تتسق مع طبيعة السلطة الحاكمة في مصر الآن، ورغم أن تعاني في الآونة الأخيرة من فقدان ثقلها السياسي والدبلوماسي في المنطقة، ولكنها تاريخيا حاضرة بقوة، ووجودها كان سيمنح الدعوى زخما قانونيا في المحكمة وسياسيا على مستوى دول عدم الانحياز والدول العربية والإسلامية".

حصيلة كارثية في غزة
ويواصل الاحتلال الإسرائيلي لليوم الـ96 على التوالي، ارتكاب المجازر في إطار حرب الإبادة الجماعية التي يشنها على أهالي قطاع غزة، مستهدفا المنازل المأهولة والطواقم الطبية والصحفية.

ويعاني أهالي قطاع غزة من كارثة إنسانية غير مسبوقة، في ظل تواصل العدوان والقصف العشوائي العنيف، وسط نزوح أكثر من 1.8 مليون نسمة داخليا إلى المخيمات غير المجهزة بالقدر الكافي ومراكز الإيواء.


وارتفعت حصيلة ضحايا العدوان المتواصل على قطاع غزة إلى أكثر من 23,210 شهداء، أكثر من 70 بالمئة منهم نساء وأطفال، فيما بلغ عدد الجرحى نحو 59,167 مصابين بجروح مختلفة، فضلا عن تدمير 70 بالمئة من الأبنية والبنية التحتية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية مصر قطاع غزة جنوب أفريقيا مصر قطاع غزة جنوب أفريقيا المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الصحفیین الفلسطینیین الاحتلال الإسرائیلی محکمة العدل الدولیة دولة الاحتلال جنوب أفریقیا على قطاع غزة فی قطاع غزة أکثر من

إقرأ أيضاً:

الكاتب كمال داود يواجه دعوى من جزائرية تتهمه بـسرقة قصتها في روايته

باريس "أ.ف.ب": يواجه الكاتب الفرنسي الجزائري كمال داود دعوى في فرنسا بتهمة انتهاك الخصوصية رفعتها ضده الجزائرية سعادة عربان التي تتهمه بسرقة قصتها لجعلها محور روايته "حوريات" Houris التي فازت بجائزة "غونكور" الأدبية المرموقة العام الفائت.

وأفاد مصدر مطلع على ملف هذه القضية وكالة فرانس برس بأن جلسة استماع إجرائية أولى تُعقد في السابع من مايو المقبل في محكمة باريس الابتدائية في إطار هذه الدعوى التي أورد خبرا في شأنها أيضا موقع "ميديابارت" الفرنسي الجمعة.

وأفاد المصدر بأن الكاتب ودار "غاليمار" الناشرة لمؤلفاته تبلّغا بالاستدعاء الخميس خلال حفلة توقيع كتابه بالقرب من بوردو في جنوب غرب فرنسا.

وامتنعت "غاليمار" في اتصال مع وكالة فرانس برس عن التعليق على الدعوى.

وتُعدُّ "حوريات" رواية سوداوية تدور أحداثها جزئيا في وهران بطلتها الشابة أوب أصبحت بكماء منذ أن ذبحها أحد الإسلاميين في ديسمبر 1999.

واعتبرت سعادة عربان (31 عاما) في مقابلة مع عبر محطة "وان تي في" الجزائرية في منتصف نوفمبر أن شخصية بطلة رواية "حوريات" مطابقة تماما لقصّة نجاتها عام 2000 من محاولة جهاديين قطع عنقها. وأصبحت هذه المرأة تضع منذ ذلك الحين قسطرة للتنفس والتحدث. وعرفها كمال داود كمريضة بعد أن تولّت زوجته الطبيبة النفسية عائشة دحدوح معالجتها بين عامي 2015 و2023.

"استعارة"..

وتطالب عربان في دعواها، مدعومة بإفادات خطية عدة، بتعويض عطل وضرر قدره 200 ألف يورو، فضلا عن نشر حكم الإدانة الذي قد يصدر، مؤكدة أن "الطبيعة العرضية" للتشابه "أمر لا يمكن تصوره على الإطلاق".

وأكدت الدعوى أن سعادة عربان لم تكن ترغب في أن تصبح قصتها علنية، و"لم توافق قط على أن يستخدم داود قصتها"، رغم تقدمه "بثلاثة طلبات" بين عامي 2021 و2024.

وأضافت الدعوى أن سعادة عربان كانت على العكس من ذلك "مصممة على ألا يستغل أيّ كان بأية طريقة هذه القصة الخاصة جدا والفريدة من نوعها"، وخصوصا أنها قد تؤدي إلى ملاحقتها جنائيا في الجزائر.

واستشهدت الدعوى بحديث أدلى به الكاتب في سبتمبر الفائت لمجلة "لوبس" الفرنسية، قال فيه ردا على سؤال عما إذا كان كتابه مستوحى من امرأة حقيقية: "نعم، أعرف امرأة تضع قسطرة. لقد شكّلت الاستعارة الحقيقية لهذه القصة".

وأشارت الدعوى أيضا إلى طبيبين متخصصين في فرنسا والجزائر يشهدان على طبيعة الإصابة غير المسبوقة والفريدة من نوعها التي تعرضت لها عربان.

وأوردت الدعوى عشرات المقاطع من رواية "حوريات" في شأن عائلة البطلة أوب، والاعتداء الذي تعرضت له، وندوبها أو وشومها. وتُعَدّ هذه المقاطع قريبة لوقائع من حياة سعادة عربان، وبالتالي تشكل دليلا على "النهب" الذي اتُهِم به الكاتب.

وقال وكيلا المستدعية وليام بوردون وليلي رافون لوكالة فرانس برس إن "هذه الدعوى مميزة تماما في التاريخ القضائي لانتهاكات الخصوصية بغطاء روائي".

"حملات تشهيرية"..

ورأى المحاميان أن "داود الذي يعرّف عن نفسه بأنه كاتب ملتزم، تنصّل من خلال كتابة هذه الرواية من كل التزام بالأخلاقيات، ومن احترام حقوق المرأة ومن الاحترام الذي كان يدين به لشخص عرفه".

وسبق أن رفعت سعادة عربان دعوى على داود في الجزائر.

وقال كمال داود لمحطة "فرانس إنتر" الإذاعية في منتصف ديسمبر الفائت إن "كل الناس في الجزائر وخصوصا في وهران يعرفون قصة (عربان). إنها قصة عامة". واضاف "أنا آسف، ولكن لا يمكنني أن أفعل شيئا لمجرّد أنها وجدت نفسها في رواية لا تأتي على ذكر اسمها، ولا تروي حياتها، ولا تتناول تفاصيل حياتها".

وكانت دار "غاليمار" نددت "بحملات التشهير العنيفة التي تقف وراءها بعض وسائل الإعلام القريبة من نظام طبيعته معروفة".

ولم يتسن نشر "حوريات" في الجزائر، إذ يحظر القانون أي مؤلَّف يستحضر الحرب الأهلية التي امتدت من 1992 إلى 2002 وعُرفت بـ"العشرية السوداء"، وأدّت إلى سقوط نحو 200 ألف قتيل وفق الأرقام الرسمية.

وعندما سُئل داود في مقابلته مع إذاعة "فرانس إنتر" هل يعتقد أن السلطات الجزائرية تقف وراء المدّعية، أجاب: "تماما".

وأضاف "كنت أعلم أن هذا الأمر سيحصل. كنت أدرك أنني لا أستطيع تجنّبه"، إذ بعد صدور الرواية في أغسطس، "ظهرت منذ الأسبوع الأول مقالات افتتاحية في الصحف الحكومية تتحدث عن مؤامرة".

مقالات مشابهة

  • الاحتلال الإسرائيلي يعتقل طفلين جنوب نابلس.. وإصابات بالاختناق في الخليل
  • الكاتب كمال داود يواجه دعوى من جزائرية تتهمه بـسرقة قصتها في روايته
  • قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل فلسطينيًا جنوب قطاع غزة
  • دعوى قضائية لتحجيم نفوذ إيلون ماسك
  • إصابات بالاختناق خلال اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي بلدة الخضر جنوب بيت لحم
  • 14 ولاية أمريكية ترفع دعوى قضائية ضد ترامب بسبب إيلون ماسك
  • نبيه بري: إذا بقي الاحتلال الإسرائيلي في لبنان فـ”الأيام بيننا”
  • شاهد | كيف دمر جيش الاحتلال الإسرائيلي مدينة رفح جنوب غزة
  • انقطاع الخصومة فى دعوى بطلان ضوابط تداول المواد البترولية
  • ارتفاع حصيلة عدوان الاحتلال الإسرائيلي إلى 48,239 شهيدا