لماذا لم تنضم مصر إلى دعوى جنوب أفريقيا لمحاكمة الاحتلال؟
تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT
أثار تخلف مصر عن الانضمام إلى الدعوى التي رفعتها دولة جنوب إفريقيا، أمام محكمة العدل الدولية، ضد دولة الاحتلال الإسرائيلية، على خلفية جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، التي يرتكبها ضد المدنيين في قطاع غزة، انتقادات واسعة.
وستبدأ محكمة العدل الدولية، الخميس، بالاستماع إلى دولة الاحتلال وجنوب أفريقيا، على مدار يومين، بخصوص الدعوى التي رفعتها الأخيرة ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي، بهدف محاكمتها على ارتكاب جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة.
وفي السياق نفسه، أعلنت وزارة العدل في جنوب أفريقيا، عن ترؤس الوزير، رونالد لامولا، وفد البلاد، في محكمة العدل الدولية في لاهاي، خلال جلسة الاستماع الأولى للقضية المقرر عقدها في لاهاي يومي 11 و12 كانون الثاني/ يناير الجاري.
ورغم انضمام وتأييد بعض الدول لتحرك الدولة الأفريقية، الذي يوصف بكونه "فريدا من نوعه"، إلا أن مصر لم تعلق حتى الآن، بشكل رسمي، على هذا التحرك بالسلب والإيجاب، وتعد أكثر المتضررين من عدوان الاحتلال الإسرائيلي اقتصاديا وأمنيا، وتربطها حدود وتاريخ مشترك مع قطاع غزة الذي يمثل خط الدفاع الأول لها.
وتهدد دولة الاحتلال الإسرائيلي، رسميا، من وقت لآخر، بإعادة احتلال محور فيلادلفيا، وهو شريط حدودي بين قطاع غزة ومصر، ويمتد من البحر الأبيض المتوسط شمالا حتى معبر كرم أبو سالم جنوبا، حيث نقطة التقاء الحدود بين مصر وقطاع غزة ودولة الاحتلال.
ومنذ الأيام الأولى، انتقد سياسيون وحقوقيون الموقف المصري الرسمي من الحرب على قطاع غزة، بسبب عدم فتح الحدود أمام إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية للقطاع، وإخراج آلاف الجرحى، أو القيام بزيارات رسمية للقطاع للوقوف على حجم الجرائم إلا من خلال التنسيق مع سلطات الاحتلال.
وتساءلوا: هل يكون موقف القاهرة من عدوان الاحتلال الإسرائيلي، بل من عمليات الإبادة الجماعية التي يتعرض لها أكثر من مليوني مدني مخيبا للآمال على المستوى الحقوقي، وتلتزم الحياد في التعاطي مع جرائم الاحتلال بدعوى قيامها دور الوسيط، وهل تمنع الوساطة من أن تمارس مصر دورها التاريخي في الحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني؟.
إزاء هذا الصمت المصري الرسمي، حثّت أحزاب ومؤسسات وجمعيات مدنية حقوقية، مصر، على تأييد والانضمام إلى الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، من بينها: أحزاب المحافظين والدستور والمصري الديمقراطي الاجتماعي، والدفاع عنها سياسيا ودبلوماسيا وقضائيا، واستخدام ثقلها السياسي لدعوة دول العالم الثالث في منظمة دول عدم الانحياز والمؤتمر الإسلامي والاتحاد الإفريقي، للانضمام إلى الدعوى.
وطالب الموقعون بتشكيل لجنة تشمل النائب العام المصري، ودبلوماسيين، وممثلين عن مؤسسات المجتمع المدني المصري، خاصة نقابات المحامين، والصحفيين، والأطباء، وجمعية الهلال الأحمر، وذلك لجمع جرائم الاحتلال وتوثيقها وتوصيفها وإعداد مذكرة رسمية، بالأدلة تنضم بها مصر لدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية.
لا مجال لأنصاف الحلول والمواقف
قال عضو الهيئة العليا لحزب المحافظين، مجدي حمدان، وهو أحد الأحزاب الموقعة على العريضة: "أصدرنا بيانا ندعو مصر لتأييد الدعوى ضد الاحتلال، أمام الجنائية الدولية ومساندتها، لما يمثله انضمام مصر من ثقل سياسي كبير وأحد أكثر الدول المعنية بما يجري في قطاع غزة، حيث تتشارك معه الحدود ويعد خط دفاعها الأول، وما فعلته دولة جنوب أفريقيا كشفت حقيقة الدول العربية".
لكن في الحقيقة، فإن تحرك الشعوب يختلف دائما عن موقف الحكومات سواء في مصر أو في العديد من دول العالم، لكن هذه القضية لها أهمية كبرى وهي أنها وضعت الكيان الصهيوني كمتهم بارتكاب جرائم حرب وإبادة، وفي حال صدور حكم سوف يتم رفعه لمحكمة العدل الدولية، وبناء عليه على مجلس الأمن والأمم المتحدة تنفيذ هذا الحكم لذلك هناك قلق من الاحتلال الإسرائيلي كبير من هذه الدعوى".
ورد حمدان، على تذرع بعض المدافعين عن موقف الحكومة المصرية بأنها تحاول الحفاظ على دورها في الوساطة في الأزمة الراهنة وعدم تعقيد الموقف، أنه "إزاء تعرض الشعب الفلسطيني للإبادة في قطاع غزة، لا معنى للحديث عن وساطة وغيرها، وموقف وزراء في حكومة الاحتلال من مصر لا يقل تشددا وعدوانية عن مواقفهم إزاء الفلسطينيين، وبالتالي يجب أخذ ذلك في عين الاعتبار، لا مجال لأنصاف الحلول وأنصاف المواقف".
تحرك نقابي يسبق الدولة
وكشفت نقابتا الصحفيين المصريين والفلسطينيين والاتحاد الدولي للصحافة، في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، عن رفع دعويين قضائيتين جنائيتين ضد سلطات الاحتلال الإسرائيلي أمام المحكمة الجنائية الدولية؛ بسبب جرائمها ضد الصحفيين الفلسطينيين في قطاع غزة بعد أن ارتقى نحو مائة صحفي منذ بدء العدوان على قطاع غزة.
وقال نقيب الصحفيين الفلسطينيين، ناصر أبو بكر، في تصريحات خاصة لـ"عربي21" إنه "تم الانتهاء من إعداد ملف قانوني جديد لتقديمه للمحكمة، والمحامون جاهزون لتولي القضية ورفع دعاوى قضائية"، لافتا إلى أن "هذه هي القضية الثالثة التي تقدمها نقابة الصحفيين الفلسطينيين للمحكمة الجنائية الدولية ضد جرائم الحرب بحق الصحفيين الفلسطينيين".
كذلك، تقدمت منظمة مراسلون بلا حدود، في تشرين الأول/ أكتوبر، وكانون الأول/ ديسمبر، بِدعوتين قضائيتين للجنائية الدولية، للتحقيق في اتهام سلطات الاحتلال بارتكاب جرائم حرب، لاستهدافها صحفيين في قطاع غزة، وهما ضمن التحقيقات الجارية عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي.
لماذا لن تنضم مصر دعوى جنوب أفريقيا؟
استهجن الخبير في القانون الدولي والعلاقات الدولية، السيد أبو الخير، ما وصفه بـ"تجاهل مصر الدعوى القضائية من الأساس على الرغم من أنها أكثر الدول المعنية بآثار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وهو يعكس تقزم دور الدول العربية والموقف المصري الرسمي، لا يعكس دورها الحقيقي باعتبارها أحد اللاعبين الرئيسيين في المنطقة".
وذهب إلى القول في حديثه لـ"عربي21": أن "مصر تعتبر شريكة فيما يتعرض له الشعب الفلسطيني من حصار أدى إلى وفاة آلاف المرضى والجوعى والمصابين، المساعدات لا تدخل إلا بإذن وتنسيق أمني مع الكيان الصهيوني، لا نستقبل أي جرحى إلا بأعداد قليلة جدا".
وأشار أبو الخير إلى أن "صور الاشتراك في الجريمة، ثلاثة وهي: الاتفاق والتحريض والمساعدة، وإغلاق معبر رفح ساعد في مفاقمة الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة".
واستبعد أن تنضم مصر لتلك الدعوى، حيث "لا تتسق مع طبيعة السلطة الحاكمة في مصر الآن، ورغم أن تعاني في الآونة الأخيرة من فقدان ثقلها السياسي والدبلوماسي في المنطقة، ولكنها تاريخيا حاضرة بقوة، ووجودها كان سيمنح الدعوى زخما قانونيا في المحكمة وسياسيا على مستوى دول عدم الانحياز والدول العربية والإسلامية".
حصيلة كارثية في غزة
ويواصل الاحتلال الإسرائيلي لليوم الـ96 على التوالي، ارتكاب المجازر في إطار حرب الإبادة الجماعية التي يشنها على أهالي قطاع غزة، مستهدفا المنازل المأهولة والطواقم الطبية والصحفية.
ويعاني أهالي قطاع غزة من كارثة إنسانية غير مسبوقة، في ظل تواصل العدوان والقصف العشوائي العنيف، وسط نزوح أكثر من 1.8 مليون نسمة داخليا إلى المخيمات غير المجهزة بالقدر الكافي ومراكز الإيواء.
وارتفعت حصيلة ضحايا العدوان المتواصل على قطاع غزة إلى أكثر من 23,210 شهداء، أكثر من 70 بالمئة منهم نساء وأطفال، فيما بلغ عدد الجرحى نحو 59,167 مصابين بجروح مختلفة، فضلا عن تدمير 70 بالمئة من الأبنية والبنية التحتية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية مصر قطاع غزة جنوب أفريقيا مصر قطاع غزة جنوب أفريقيا المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الصحفیین الفلسطینیین الاحتلال الإسرائیلی محکمة العدل الدولیة دولة الاحتلال جنوب أفریقیا على قطاع غزة فی قطاع غزة أکثر من
إقرأ أيضاً:
منظمة حقوقية تدعو الجنائية الدولية إلى فتح تحقيق في جرائم السلطة الفلسطينية
دعت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية إلى فتح تحقيق في الجرائم التي ترتكبها أجهزة أمن السلطة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأوضحت المنظمة، في بيان لها اليوم أرسلت نسخة منه إلى "عربي21"، أن دولة فلسطين من الدول الأطراف في اتفاقية روما المنشئة للمحكمة الجنائية الدولية، وتملك الاختصاص في التحقيق بالجرائم التي ترتكبها هذه الأجهزة، وعلى وجه الخصوص التعذيب الواسع النطاق، وعمليات القتل، ومؤخرًا الحصار المشدد على جنين.
وأضاف بيان المنظمة أن هذه الجرائم تُرتكب على نطاق واسع وبشكل منهجي، وما يزيد من جسامتها أنها تتم بالتعاون مع قوات الاحتلال وبدعم منه للقضاء على الناشطين المناهضين للاحتلال والمعارضين لأجندات السلطة.
وأشارت المنظمة إلى أن أجهزة أمن السلطة وقوات الاحتلال تتبادلان الأدوار في الأراضي المحتلة، ففي الوقت الذي تقتحم فيه قوات الاحتلال المدن والقرى والمخيمات بشكل يومي وتنفذ عمليات قتل واعتقال، تقوم هذه الأجهزة، بتلقي معلومات وتعليمات من قوات الاحتلال، بتنفيذ عمليات اعتقال وقتل مشابهة.
وأكدت المنظمة أن أجهزة أمن السلطة، بعد أحداث السابع من أكتوبر، نفذت حملة واسعة بتعليمات من الرئيس محمود عباس، استهدفت النشطاء ومنعت أي مظهر من مظاهر التضامن مع قطاع غزة، ومارست التعذيب على نطاق واسع في السجون ومراكز الأجهزة الأمنية.
وأشارت المنظمة إلى أن هذه الحملة بلغت ذروتها في اقتحام مخيم جنين وفرض حصار مشدد عليه منذ أكثر من 30 يومًا، مانعة الدخول والخروج منه، ومعطلة العملية التعليمية. كما أنها فرضت حظرًا على تزويد السكان بالغذاء والدواء والوقود، وفي سبيل السيطرة على المخيم، حوّلت مشفى جنين الحكومي إلى ثكنة عسكرية واعتدت على الطواقم الطبية، وأحرقت منازل وسيارات بعض المواطنين، ونشرت القناصة على أسطح المنازل، ما أسفر حتى الآن عن مقتل ثمانية مواطنين وإصابة آخرين.
ونوهت المنظمة إلى أن السلطة وقوات الاحتلال، من أجل التغطية على جرائمهم، عمدتا إلى شن حملة إعلامية مضللة تهدف إلى ضرب الروح المعنوية للشعب الفلسطيني عبر نشر الشائعات وشيطنة النشطاء، إلى حد تحميل الفصائل الفلسطينية مسؤولية عمليات القتل التي تمت في مخيم جنين. وفي سبيل تشديد الرقابة الإعلامية، أصدر الجانبان على فترات زمنية قرارًا بإغلاق مكتب قناة الجزيرة في القدس ورام الله ومنع بثها.
وشددت المنظمة على أن الشعب الفلسطيني يرزح تحت احتلال وحشي يستخدم كافة الوسائل لقمعه والنيل من حقوقه، ومن حقه، بل من واجبه، كباقي الشعوب التي خضعت للاحتلال، أن يناضل ويكافح لانتزاع حقوقه المشروعة. ومن الثابت أن الجرائم التي تُرتكب بحقه من قبل قوات الاحتلال وأجهزة أمن السلطة لا يمكن التفريق بينها، فهي تتم في إطار حملة متناغمة وواسعة النطاق، وينطبق عليها توصيف جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وفق التعريف الوارد في اتفاقية روما، وفق البيان.
وتواجه أجهزة أمن السلطة الفلسطينية اتهامات واسعة النطاق بانتهاك حقوق الإنسان في الضفة الغربية، سواء من قبل منظمات حقوقية محلية ودولية أو من المواطنين الفلسطينيين أنفسهم. هذه الانتهاكات تشمل الاعتقال التعسفي، وقمع الحريات العامة، والتعذيب في السجون، واستهداف الصحفيين والنشطاء السياسيين.
وتعتبر المواجهة بين أجهزة أمن السلطة والمقاومة في جنين آخر مظاهر الانتهاكات التي تنفذها أجهزة السلطة الأمنية بحق الفلسطينيين، حيث تعكس هذه المواجهات تعقيد المشهد الفلسطيني. بينما تسعى السلطة للحفاظ على استقرار أمني وفقاً لتعهداتها الدولية، ترفض المقاومة هذا النهج وتؤكد أن الأولوية هي مواجهة الاحتلال.
وتأسست أجهزة أمن السلطة الفلسطينية بموجب اتفاقية أوسلو (1993) بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل. والهدف كان فرض النظام في مناطق الحكم الذاتي ومنع الهجمات ضد إسرائيل.
وتلعب الأجهزة الأمنية دوراً رئيسياً في إطار التنسيق الأمني مع الاحتلال، ما أثار اتهامات بأنها تنفذ أجندة إسرائيلية، هذا التنسيق أدى إلى تآكل ثقة الجمهور في أجهزة الأمن الفلسطينية.
اقرأ أيضا: اتهامات لأمن السلطة بإحراق منازل في جنين.. وفصائل المقاومة تحذر: صبرنا ينفد