السودان... التقسيم والمأساة (2)
تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT
ومنذ أن انتهت سلطة البشير بعزله عن الحكم، إلا أنه خلف وراءه مآسى ونكبات كان ضحيتها سودانًا موحدًا، إلى انفصال شماله عن جنوبه وتقطيع أوصاله كما ذكرنا آنفًا فى المقال السابق، وترك شعبه بلا رفاهية أو تقدم أو أى إصلاحات اقتصادية واجتماعية، بل عمل على خلق روح العداوة مع مصر وعمل على إضعاف الروابط التاريخية التى كانت تربط وحدة وادى النيل «مصر والسودان»، ومع ذلك لم يكن كافيًا عليه أن يقطع أواصر الاتصال والثقة بوحدة الشعبين، بل أراد أن يهدم السودان وجعل أرضه خصبة ومباحة للتنظيمات والجماعات ذات التصنيف الإرهابى وأخطرها تنظيم القاعدة، وقد بلغ هذا الحال منتهاه بأن احتضن قادتهم ووفر لهم الملاذ الآمن ومنهم مصريو الجنسية، ومما زاد الأمور تعقيدًا بأن خرج من بين صفوفهم المتهمون بمحاولة اغتيال الرئيس الراحل محمد حسنى مبارك، أثناء زيارته إلى العاصمة الإثيوبية «أديس أبابا» لحضور مؤتمر القمة الإفريقية، وكان ذلك بتاريخ 26 من يونيو عام 1995م، وهذا العمل الخسيس كان العامل الأكبر فى احداث شرخ عميق لجدار الثقة بين شعب مصر والسودان، ولم يقتصر على هذا فحسب حتى أفضى إلى خروج مصر من ريادة إفريقيا، وانعدام النظر عن امتداد أمنها القومى فى مياه نهر النيل، والذى يعتبر بدايته تبدأ من عند أول منبع لنقطة مياه تأتى إلينا من بحيرة فيكتوريا، والذى يخرج منها متجها إلى الشمال مارًا بمصب بحيرات ونهر، متجها إلى الشمال أيضا بسيره الربانى مارًا بدول المصب السودان ومصر، وبعد ذلك يصبح مستقبل مصالح العلاقات المصرية الإفريقية أكثر عرضة للمخاطر، بعد أن طاشت فيها سهام العداء المسمومة، وقد زادت الشحناء بين القاهرة والخرطوم بطريق الحرب الإعلامية بين البلدين، وكأنَّ مؤامرة أديس أبابا ليس المراد منها اغتيال مبارك، ولكن هو تحقيق أهداف شيطانية خبيثة، ألا وهى استئصال جذور مصر التاريخية مع إثيوبيا وتدمير علاقاتها مع الشعوب الإفريقية.
وقد اتبع البشير خطة العداء لمصر وضياع مستقبل السودان، من أجل تحقيق الأفكار الشيطانية للمخطط الغربى فى انتزاع ما تبقى من وحدته، والعمل على اتساع دائرة المعارك بالاستعانة بعناصر من قوات «الجنجويد»، لكبح جماح حالة التمرد التى وقعت فى دارفور، خلال الفترة بين عامى 2003م إلى 2005م، وإن كانت مآربه الشيطانية فى أن يتخلص من أعدائه فى دارفور بأن استخدم قوات مرتزقة لمحاربة شعبه، إلا أن نيته وسوء مقصده، كان يريد أن تكون هذه العناصر من الميليشيات قوة ردع تحميه وتتصدى ضد أى خطر قد يتعرض له، يهدد نظام حكمه سواءً كان بطريق ثورة شعبية، أو تمرد مسلح أو انقلاب عسكرى يطيح به فى أى وقت.
لقد أخطأ البشير عندما استقوى بجماعة غير نظامية وغير شرعية، وجعلها ندًا قويا لمؤسسات الدولة الأمنية وعلى رأسها المؤسسة العسكرية للسودان، مثلما أخطأ خطيئته الكبرى فى تفريطه وتقويضه لوحدة السودان، لقد أصبغ البشير الصبغة الشرعية على ميليشيات مسلحة مرتزقة بقيادة تاجر الإبل محمد حمدان دقلو الشهير بـ«حميدتى»، وبعد أن أضفى عليها الشرعية الدستورية، أعطى لها سلطة القوة والتحكم فى فرض سياسة التنفيذ والإجبار، بأن دمجها وأدخلها فى تعداد قوات الجيش السودانى النظامى، وتغيير المسمى لها إلى «قوات الدعم السريع»، ويا لها من نكبات عندما يتمرد رأس الدولة على مؤسساته الشرعية، بقوة خارجية غير شرعية وخارج مؤسسات الدولة الدستورية، ويجعلها دخيلة عليها لحمايته فى تثبيت دعائم أركان حكمه والاستقواء بها ضد أى تآمر يقع ضده، ولكن لقد خانه التفكير الذى نبت فى رأسه عندما تنبأ على ضمان حماية مستقبله السياسى، فى ظل وجود هذه القوات التى زرعها فى جسد الأمة السودانية، بل فشلت كل التوقعات والتنبؤات بعد أن تغيرت الظروف السياسية والاجتماعية فى السودان، بل كان «حميدتى» أول من أطاح بالبشير وخلعه عن الحكم، عندما انضم إلى صفوف الجيش لحماية الثورة، وأصبح نائبًا للمجلس العسكرى الحاكم فى مرحلة الانتقال ورقى إلى رتبة فريق أول، على العلم لم يلتحق بأى مؤسسة عسكرية بل فشل فى دراسته ولم يحصل على أى شهادة من التعليم الأساسى، ثم النائب الأول لرئيس المجلس السيادى تحت رئاسة الفريق الركن عبدالفتاح البرهان وللحديث بقية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: السودان انفصال إصلاحات اقتصادية
إقرأ أيضاً:
الشرطة السودانية تصدر موجهات بشأن البحث عن السيارات المنهوبة في الحرب وتحركات تبعث الأمل
بورتسودان – متابعات – تاق برس – أعلن المتحدث الرسمي باسم قوات الشرطة السودانية، في بيان عن وجود عدد من المواطنين يبحثون عن مركباتهم التي نهبتها ما اسمها المليشيا المتمردة – قوات الدعم السريع- بمناطق لم تصلها بعد اللجان الفنية الخاصة بإزالة مخلفات الحرب.
ودعا لاهمية التقيد التام بالموجهات الآتية حفظاً للأمن والسلامة، اولا في حالة فقدان مركبة يجب التبليغ لدى أقرب قسم شرطة علماً بأن جميع المركبات سيتم حصرها وتجميعها بواسطة لجان فنية مختصة بالمحليات تمهيداً لتسليمها لأصحابها.
ونوه إلى أنه في حالة العثور على أسلحة أو ذخائر أو أجسام غريبة أو أيا من مخلفات الحرب يرجى عدم المساس بها أو الإقتراب منها والتبليغ لدى أقرب قسم شرطة.
ولفت إلى أنه في حالة العثور على ممتلكات خاصة بالغير يرجى التبليغ لدى أقرب قسم شرطة.
وفي الثالث من ابريل أعلنت الإدارة العامة للمباحث الجنائية المركزية عن تسليم الدفعة الأولى من السيارات السودانية المنهوبة لأصحابها في العاصمة التشادية إنجمينا، وذلك في إطار جهود استعادة الممتلكات المنهوبة جراء النزاع المسلح في السودان.
قام الإنتربول في إنجمينا، بالتنسيق مع نظيره في السودان والشرطة التشادية، بتسليم 70 مركبة إلى القائم بالأعمال بالسفارة السودانية
ووفقًا للمكتب الصحفي للشرطة، قام الإنتربول في إنجمينا، بالتنسيق مع نظيره في السودان والشرطة التشادية، بتسليم 70 مركبة إلى القائم بالأعمال بالسفارة السودانية. وأوضح مدير الإدارة العامة للمباحث الجنائية المركزية، اللواء سامي الصديق دفع الله، أن هذه العملية تمت تحت إشراف مباشر من المدير العام لقوات الشرطة، مع متابعة دقيقة لكافة مراحل الاسترداد والتسليم، بالتنسيق مع المكتب الوطني للإنتربول والسفارة السودانية في إنجمينا، بعد التأكد من المستندات المطلوبة.
منذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، تعرضت البلاد لعمليات نهب واسعة، شملت عشرات الآلاف من المركبات. وفي مسعى لحصر هذه الخسائر، أطلقت الشرطة السودانية منصة إلكترونية لتسجيل المركبات المنهوبة في العاصمة الخرطوم والمناطق المتأثرة بالنزاع.
واتهم اللواء سامي الصديق قوات الدعم السريع بضلوعها في سرقة المركبات وتهريب معظمها إلى دول الجوار، خصوصًا تشاد. وأكد أن إدارته بذلت جهودًا مكثفة في حصر البلاغات، وتفعيل خاصية البلاغ الإلكتروني، والتنسيق مع النيابة لتمكين المواطنين داخل وخارج السودان من الإبلاغ عن سياراتهم المسروقة.
وأشار إلى أن بيانات المركبات المسروقة، التي تم الإبلاغ عنها عبر الدائرة الفنية بالمرور والإدارة العامة للمباحث الجنائية، أُحيلت إلى إدارة منظمات الشرطة الجنائية الدولية والإقليمية (الإنتربول)، حيث رُفعت في قاعدة بيانات المركبات المسروقة والمفقودة، مما أدى إلى تعميمها على مستوى دولي. وأسفر ذلك عن ضبط واستعادة عدد من المركبات في جنوب السودان وأوغندا ورواندا والكاميرون والنيجر وبوركينا فاسو، حيث تم تسليم بعضها إلى أصحابها.
الشرطة السودانيةتشادسبارات منهوبة