حرب غزة هى أكبر وأصعب وأقذر الحروب خلال المائة عام الأخيرة، ورغم أهوال حربين عالميتين فى النصف الأول من القرن العشرين، فإن دوافع ومشاهد حرب غزة هى الأشد حقارة ولا إنسانية بين سائر الحروب التى عاصرناها خلال العقود الأخيرة. قذارة الحرب ليست فى أسبابها أو جرائمها، لكن فى الدوافع الحقيقية لإشعالها، واستمرارها.
هناك حالة توافق على الصمت الدولى تجاه ما يحدث فى غزة، حتى من القوى التى كانت بشكل تقليدى تؤيد المواقف والقضايا العربية مثل الصين وروسيا ودول كثيرة بأمريكا اللاتينية وآسيا، والدول الأفريقية. موجات الرفض الشعبى حول العالم للجرائم الإسرائيلية، لا تعبر عن موقف دولى، ولا حتى عن تيار عام وجارف داخل الدول، ولكنها أقرب ما تكون لاحتجاجات أقليات. الدول العربية – بترولية وغير بترولية – انسحبت إلى ركن ضيق بالمشهد الإقليمى والدولى، وأصبح صوتها صدى لمواقف محددة عليها الالتزام بأوامرها، ونواهيها، استجابة لواقع الحال الذى يسيطر عليه الأقوياء..
الغرب الأوروبى – الأمريكى يتخذ من حرب غزة بداية جديدة لفرض أمر واقع على الشرق الأوسط تحديدا، يختلف عما كان سائدا فى السابق.. الأمر الواقع الجديد أن ترفع كل الدول الرايات البيضاء للاستعمار الجديد القديم، وأن تسلم بأن إسرائيل ليست بالكيان المحصور فى شريط جغرافى ضيق، ولكنها مشروع غربى أكبر من الخوف والحصار والمستوطنات، مشروع يتجه بقوة لاحتقار التاريخ، وتشويه الجغرافيا..
حرب غزة بداية صغيرة لحرب عالمية أكبر، قد لا تتخذ الشكل التقليدى للحروب العالمية من حيث جغرافيا ساحات القتال، ولكنها ستكون عالمية بمعيار التغييرات المترتبة عليها.. ضحايا الحروب الشرسة القادمة لن يتم تدميرهم بالضرورة بأطنان المتفجرات ودانات المدافع، فالكثير منهم سيذهبون ضحايا الجوع والأوبئة والصراعات الأهلية. الغرب الرأسمالى بدأ فعليا تطبيق وتنفيذ ما ورد ب « تقرير لوجانو « الذى يوصى بضرورة قتل ثلث سكان العالم دون النظر للمشروعية، سواء بإشعال الحروب والصراعات الإقليمية أو الإرهاب أو بصناعة الأوبئة والكوارث، أو بتكريس الديكتاتورية المدمرة لشعوبها – وكل ذلك من أجل الدفاع الوجودى عن الرأسمالية المتوحشة التى لها فقط الحق فى الحياة.
حرب غزة هى الصفحة الأولى فى الكتاب الأسود للرأسمالية العالمية، أما الصفحة الأخيرة فليس بالضرورة أن تكون رأسمالية.. للتاريخ كلمة أخرى.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: كامل عبدالفتاح غزة حرب غزة إسرائيل حرب غزة
إقرأ أيضاً:
تراكم أخطاء إتفاقيات السلام … وثمارها المرة الحرب الحالية .. 2023 – 2025م .. وفي الحروب التي ستأتي !
تراكم أخطاء إتفاقيات السلام …
وثمارها المرة الحرب الحالية … 2023 – 2025م … وفي الحروب التي ستأتي !
إن هذه الحرب بكل فظاعاتها وإجرامها المرتكب من القوات المتمردة هي نتيجة حتمية للأخطاء التفاوضية الكارثية لكل إتفاقيات السلام منذ 1972م ، ومن هذه الأخطاء مثالا لا حصرا :
+ قبول التفاوض مع الحركات المتمردة.
+ دمج المتمرد في الجيش والأسوأ أن يكون ضابطا في الجيش ويتمرد ثم يعاد دمجه من جديد.
+ تعيين قيادات التمرد في المناصب القيادية في الدولة.
+ السكوت عن إنتزاع إقرار بتجريم استهداف الممتلكات العامة :
في كل الإتفاقيات سكت المفاوض الحكومي عن إنتزاع إقرار واعتذار من الحركات المتمردة عن إستهدافها وتخريبها للبنيات التحتية والممتلكات العامة وهذا التخريب للممتلكات العامة تحديدا ظل ممارسة كل الحركات المتمردة ، وليت الأمر توقف عند ذلك فقد وصل إلى أن يتحول المتمرد السابق إلى مفاوض حكومي في تمرد تال !
+ السكوت عن ترويج المتمرد السابق لسرديته الخاصة وتاريخه الشخصي الذي يسميه كفاحا ونضالا.
فبعد إنضمام المتمرد السابق لأجهزة الدولة تم السكوت عن قيام المتمردين السابقين بالترويج لقتالهم ضد الجيش السوداني باعتباره كفاح ونضال وإسباغ هالات البطولة على قياداتهم ما يعني تجريما ضمنيا للجيش السوداني وهضما لتضحيات ضباطه وجنوده.
كل هذه التفريطات شجعت التكاثر المتزايد للحركات حتى تضخمت أعداد الحركات المسلحة ووصلت العشرات وصارت بارعة في تكتيكات الإنشقاقات بحيث يتفاوض منها جزء وينضم لإجهزة الدولة بيننا يظل شقهم الآخر متمترسا في الميدان.
ولكل هذه الأخطاء المتراكمة لا ييأس التمرد الحالي 2023م – 2025م وداعميه من إرتكاب الجرائم والانتهاكات لأن لديهم سوابق لا يختلف عنها إلا باختلاف القوة والكم وجميعها تم السكوت عنها في مفاوضات السلام بل وتم لاحقا إصدار قرارات بالعفو أو إلغاء العقوبات عن مرتكبيها.
وحتى لا تتواصل دورات الحروب فلا مناص لكل الحركات المتمردة حاليا أو التي وصلت للمناصب من التبروء والإعتذار عن كل ما مارسته من استهداف للممتلكات العامة وتحريضها على الحصار الاقتصادي للسودان والمؤسسات السودانية مع تجريم استخدام مصصطلحات التهميش والعدالة والمساواة كمبررات لحمل السلاح.
#كمال_حامد ????