استطلاع للرأي.. بنسبة 92% القضية الفلسطينية قضية جميع العرب
تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT
الدوحة- أظهر استطلاع رأي أجراه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، وكُشف النقاب عنه اليوم الأربعاء في مؤتمر صحفي، إجماعا في الشارع العربي على اعتبار القضية الفلسطينية "قضية جميع العرب وليست قضية الفلسطينيين وحدهم" بنسبة 92%، وهي نسبة غير مسبوقة، إذ ارتفعت النسبة بمعدل 16%، مقارنة بـ76% المسجلة نهاية عام 2022.
وشملت أبرز المقترحات التي طرحها استطلاع للرأي العام أنه على الحكومات العربية لإيقاف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة المستمر منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، قطع العلاقات مع إسرائيل، وإدخال المساعدات إلى قطاع غزة، واستخدام سلاح النفط، وإنشاء تحالف عالمي لمقاطعة إسرائيل.
وارتفعت نسبة اعتبار القضية الفلسطينية قضية كل العرب بشكل ملحوظ في بعض الدول، ففي المغرب ارتفعت من 59% عام 2022 إلى 95%، وفي مصر من 75% إلى 94%، وفي السعودية من 69% إلى 95%، على نحوٍ يعكس تحولا جوهريا في آراء مواطني هذه البلدان.
وحسب الاستطلاع، الذي شمل عينة حجمها 8 آلاف مستجيب ومستجيبة، خلال الفترة من 12 ديسمبر/كانون الأول الماضي وحتى الخامس من يناير/كانون الثاني الجاري، في 16 مجتمعا عربيا، فإن الرأي العام العربي غير مقتنع بأن عملية طوفان الأقصى التي نفذتها حركة المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي تحقيقا لأجندة خارجية، وأن 89% من العرب يرفضون أن تعترف بلدانهم بإسرائيل.
يعتقد 36% من مواطني المنطقة العربية -حسب نتائج الاستطلاع ذاته- أن الإجراء الأهم للحكومات العربية لإيقاف العدوان على قطاع غزة يتمثل في قطع هذه الحكومات علاقاتها مع إسرائيل أو إلغاء عمليات التطبيع معها، في حين رأى 14% من المستجيبين أنه يتمثل في إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة من دون موافقة إسرائيل، وحبذ 11% استخدام سلاح النفط من أجل الضغط على إسرائيل ومؤيديها.
وتباينت نسب بقية المقترحين لإنهاء الحرب، بين ضرورة إنشاء تحالف عالمي لمقاطعة إسرائيل (9%)، وتقديم مساعدات عسكرية لقطاع غزة (8%)، وإعلان التعبئة العسكرية (5%)، وإعادة النظر في العلاقات مع الولايات المتحدة (4%)، وإعادة النظر مع الدول التي تؤيد حرب إسرائيل (3%)، وغيرها من الآراء بنسب ضئيلة.
كما عبر 69% من المستطلعين عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وحركة حماس، في حين أفاد 23% بأنهم متضامنون مع الشعب الفلسطيني وإن اختلفوا مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، بينما كانت نسبة الذين أفادوا بأنهم لا يتضامنون مع الفلسطينيين 1% فقط.
وأظهرت نتائج الاستطلاع أن 89% من المستجيبين العرب يرفضون أن تعترف بلدانهم بإسرائيل، مقابل 4% فقط يوافقون على ذلك، في حين امتنع 7% عن إبداء الرأي، وهو ما يشكل ارتفاعا في النسبة بمعدل 5% عن عام 2022، إذ كانت نسبة الذين يرفضون الاعتراف 84%.
مقاومة مشروعةوأبرز الاستطلاع أن الرأي العام العربي غير مقتنع بأن عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي كانت تحقيقا لأجندة خارجية، إذ اعتبر 35% من المستجيبين أن السبب الأهم للعملية هو استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، في حين عزاها 24% إلى الدفاع عن المسجد الأقصى ضد استهدافه، ورأى 8% أنها نتيجة لاستمرار حصار قطاع غزة.
وتنوعت آراء المستجيبين الآخرين بين تحرير المعتقلين والأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية (6%)، و ضد استمرار الاستيطان واتساعه في الأراضي الفلسطينية (5%)، وعدم اهتمام المجتمع الدولي بحقوق الفلسطينيين واستمرار الاحتلال (4%)، ورفض إسرائيل إقامة دولة فلسطينية (4%)، وغيرها من الآراء بنسب ضئيلة.
أما في ما يتعلق بالنقاش حول مشروعية تلك العملية، فقد توافق 67% من الرأي العام العربي على أن العملية هي "عملية مقاومة مشروعة"، في حين قيمها 19% بأنها "عملية مقاومة مشروعة شابتها بعض الأخطاء"، واعتبرها 5% "عملية غير مشروعة".
وأظهر الاستطلاع أن المواطنين العرب يتعاملون مع هذه الحرب على أنها تمسهم مباشرة، إذ عبر 97% من المستجيبين عن أنهم يشعرون بضغط نفسي (بدرجات متفاوتة) نتيجة للحرب على قطاع غزة، بل إن 84% قالوا إنهم يشعرون بضغط نفسي كبير.
وقد أفاد نحو 80% من المستطلعين بأنهم يداومون على متابعة أخبار الحرب، مقابل 7% قالوا إنهم لا يتابعونها، وقد سجلت أعلى نسبة متابعة في كل من فلسطين والأردن ولبنان، في حين تتوزع مصادر المتابعة على قنوات التلفزيون بنسبة 54%، وشبكة الإنترنت بنسبة 43% ، بينما أفاد أغلبية متابعي أخبار الحرب على الإنترنت بأنهم يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي لمتابعتها.
حماس ليست "داعش"ووفقا للاستطلاع، فإن هناك شبه إجماع بين المستجيبين الفلسطينيين من الضفة الغربية والقدس -بنسب تفوق 95%- على تأثر مستوى الأمان في الضفة وإمكانية التنقل بين محافظاتها ومدنها، وشعورهم بالأمن والسلامة الشخصية ووضعهم الاقتصادي نتيجة الحرب.
وأفاد 60% من الفلسطينيين في الضفة بأنهم تعرضوا لاقتحامات قوات جيش الاحتلال في مناطقهم أو كانوا شهودا عليها، وقال 44% إنهم تعرضوا لتوقيف أو استجواب من الجيش الإسرائيلي، وأفاد 22% بأنهم تعرضوا لهجمات المستوطنين أو مضايقاتهم.
وفي إطار ما تداوله الساسة الإسرائيليون وبعض المسؤولين الأميركيين حول تشبيه حركة حماس بتنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، يعتقد ثلث الرأي العام العربي بما نسبته 67%، أنهما يختلفان عن بعضهما كليا، في حين أفاد 15% أن حماس تختلف عن التنظيم بقدر كبير، و5% اعتبروا أن حماس تختلف عنه جزئيا، بينما قال 3% فقط أن حماس لا تختلف عن داعش.
أميركا وإسرائيلوعلى مستوى تقييم الرأي العام العربي لسياسات القوى الإقليمية والدولية تجاه الحرب على قطاع غزة، فقد عكست نتائج الاستطلاع أن الرأي العام العربي يعارض سياسة الولايات المتحدة الأميركية تجاه الحرب على غزة، فقد قيّم 94% من المستجيبين موقفها بـ"سيئ" و"سيئ جدا"، بينما اعتبره 3% أنه جيد، وقال 1% إنه جيد جدا.
وفي السياق نفسه، توافق 79% و78% و75% على أن مواقف كل من فرنسا وبريطانيا وألمانيا، على التوالي، سلبية تجاه الحرب على قطاع غزة، في حين انقسم الرأي العام العربي بخصوص مواقف إيران وتركيا وروسيا والصين، بين من رآها إيجابية (48%، 47%، 41%، 40% على التوالي)، ومن عدها سلبية (37%، 40%، 42%، 38% على التوالي).
ووفقا للاستطلاع، أفاد 76% من المستطلعين بأن نظرتهم إلى الولايات المتحدة أصبحت أكثر سلبية بناء على مواقفها من الحرب، وتعكس النتائج أنها فقدت صدقيتها لدى الرأي العام العربي، إذ إن 81% من المستجيبين أفادوا بأنها غير جادة في العمل على إقامة دولة فلسطينية في الأراضي المحتلة منذ عام 1967 (الضفة الغربية، وقطاع غزة، والقدس).
وتوافق نحو 77% من الرأي العام العربي على أن الولايات المتحدة وإسرائيل هما الأكثر تهديدا لأمن المنطقة واستقرارها، فرأى 51% أن الولايات المتحدة الأكثر تهديدا، ورأى 26% أن إسرائيل تشكل التهديد الأكبر، وتنوعت بقية الآراء بين إيران بنسبة (7%)، وروسيا (4%)، وفرنسا (2%) وتركيا (2%) والصين (1%)، وأجاب آخرون عن دول أخرى أو "لا أعرف" بنسبة متفاوتة.
أما عن تغطية الإعلام الأميركي لمجريات الحرب على قطاع غزة، فقد أفاد 82% من المستجيبين بأنها منحازة إلى إسرائيل، في حين عدها 7% فقط محايدة، في حين رأى 4% أنها منحازة إلى فلسطين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الرأی العام العربی الولایات المتحدة نتائج الاستطلاع الاستطلاع أن على قطاع غزة الحرب على فی حین على أن
إقرأ أيضاً:
لوموند: كيف أثر السيسي على الدور الذي كانت تلعبه مصر في القضية الفلسطينية؟
نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرًا سلطت خلاله الضوء عن مدى استفادة النظام المصري من إطالة أمد الصراع في غزة، العامل الذي يجعله يتراخى في البحث عن سبل حله.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الطبيعة العسكرية العميقة للنظام المصري ظلت قائمة منذ سنة 1952، عند إطاحة جمال عبد الناصر والضباط الأحرار بالملكية البرلمانية.
وأضافت الصحيفة أن هذه الهيمنة العسكرية استمرت في عهد خلفاء ناصر، أنور السادات ثم حسني مبارك، قبل أن تهتز خلال الاضطرابات الثورية بين سنتي 2011 و2013.
وأنهى الانقلاب العسكري الذي نفذه عبد الفتاح السيسي الفترة الانتقالية وأعاد ترسيخ أسس النظام العسكري الذي تقوم خلاله الدائرة الرئاسية بتوزيع الامتيازات بين الجنرالات، سواء كانوا في الخدمة الفعلية أو "متقاعدين" يشغلون مناصب في القطاع الخاص. في المقابل، تتولى أجهزة المخابرات فرض رقابة شديدة على البلاد والشعب، مع هيمنة جهاز المخابرات العامة، الكيان العسكري المكلف بتنفيذ عمليات داخل مصر وخارجها.
"إيجار" غزة
وأوضحت الصحيفة أنه بمجرد عودته إلى البيت الأبيض؛ قرر دونالد ترامب تعليق جميع أشكال المساعدات الخارجية، باستثناء الدعم المقدم لإسرائيل وكذلك لمصر. ويعود الفضل في استثناء نظام السيسي من القرار إلى بند في معاهدة السلام الموقعة سنة 1979 بين إسرائيل ومصر تحت إشراف الولايات المتحدة يقضي بمنح دعم عسكري سنوي لإسرائيل يناهز حجمه ملياري دولار وثلثي هذا المبلغ لمصر.
وطيلة أكثر من أربعة عقود من الزمن، ظل الجنرالات المصريون يعتبرون أن هذا المبلغ حق مكتسب لهم رافضين تخصيص حتى جزء منه إلى تنمية البلاد. وغالبًا ما يُعاد استثمار هذا المبلغ في شراء المعدات الأمريكية، مما يتيح للقاهرة الحصول على دعم الصناعيين المعنيين في واشنطن الذي يشكلون "مجموعة ضغط".
وتشيد مجموعة الضغط هذه بمساهمة نظام السيسي في الحصار الذي فرضته إسرائيل على قطاع غزة منذ سيطرة حماس عليه في حزيران/ يونيو بعد فوزها في الانتخابات2007. مع استمرار تراجع نفوذ بلاده في الأزمات الإقليمية، من ليبيا والسودان إلى اليمن تزداد العائدات التي يجنيها السيسي من استمرار الحرب في غزة.
ولهذا السبب يبالغ نظام السيسي بشأن أهمية المفاوضات المفترض تنظيمها في القاهرة، سواء بين إسرائيل وحماس أو بين الفصائل الفلسطينية. إن الحوار الفلسطيني الداخلي بشأن تسليم السلطة التي تتقلدها حماس إلى غزة متوقف منذ ستة عشر شهراً، دون الوصول إلى أي صيغة قابلة للتطبيق. في المقابل، المحادثات الجادة الوحيدة بشأن الهدنة في غزة، والتي ترتب عنها إعلان الهدنة الحالية، كانت تحت إشراف قطر.
أرباح كبيرة
وذكرت الصحيفة أن عدم فاعلية أجهزة الدولة المصرية على الرغم من الكفاءات والخبرات التي تمتلكها هو نتيجة تطبيق قرارات سياسية على أعلى مستوى. في الواقع، تسمح الأزمة الفلسطينية بإحياء المشهد الدبلوماسي والإعلامي في القاهرة، التي تراجع دورها بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة.
بالإضافة إلى ذلك، يوفر الحصار المفروض على غزة فرصًا متعددة للمخابرات العسكرية وعميلها إبراهيم العرجاني، الزعيم البدوي الذي لم يكتفِ فقط بتجنيد ميليشيا كبيرة لدعم الجيش المصري في سيناء، بل يسيطر فعليًا على عمليات الدخول والخروج من قطاع غزة عبر معبر رفح.
وبينت الصحيفة أنه حتى حدوث الهجوم الإسرائيلي على رفح في آيار/مايو 2024، والذي نتج عنه غلق المعبر المصري؛ تمت مطالبة كل فلسطيني يرغب في الفرار من الحرب بدفع مبالغ تصل إلى آلاف الدولارات. بالإضافة إلى ذلك، فرض العرجاني ومجموعته على الشاحنات المتجهة نحو غزة، دفع ضرائب تناهز عشرات الملايين من الدولارات شهريًا. إلى جانب ذلك، تم إنشاء شركة أمنية باسم "الأقصى"، مكلفة بحماية الشاحنات داخل قطاع غزة، بتكلفة باهظة.
وأوردت الصحيفة أن الهدنة السارية في غزة منذ 19 كانون الثاني/ يناير أدت إلى إعادة الفتح الجزئي لمعبر رفح، مما أعاد تنشيط شبكات التهريب التابعة لإبراهيم العرجاني، حيث تم فرض رسوم تصل إلى عشرين ألف دولار على كل شاحنة تجارية.
وبفضل العلاقة التي تجمعه مع محمود السيسي، نجل الرئيس ونائب رئيس جهاز المخابرات العسكرية أصبح العرجاني شخصية فوق القانون. بالإضافة إلى ذلك، تتكفل شركته "الأقصى" بتوفير المرتزقة المكلّفين بمراقبة عمليات العبور بين شمال وجنوب قطاع غزة.
وتحرص المخابرات المصرية على عدم التواجد فعليًا داخل قطاع غزة خدمة لمصالحها، بحيث يستفيد نظام السيسي من استمرار تدهور الوضع في غزة، عن طريق مواصلة ابتزاز المدنيين الذين يحاولون المغادرة وفرض الرسوم على الشاحنات التي تدخل القطاع.
وفي ختام التقرير نوهت الصحيفة بأن فهم الدوافع العميقة لسياسة النظام المصري في غزة أمر ضروري لتقييم مدى قدرته على التصدي لـ"رؤية" دونالد ترامب، التي تقوم على تهجير سكان قطاع غزة وتحويله إلى "ريفييرا الشرق الأوسط".