الدوحة- أظهر استطلاع رأي أجراه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، وكُشف النقاب عنه اليوم الأربعاء في مؤتمر صحفي، إجماعا في الشارع العربي على اعتبار القضية الفلسطينية "قضية جميع العرب وليست قضية الفلسطينيين وحدهم" بنسبة 92%، وهي نسبة غير مسبوقة، إذ ارتفعت النسبة بمعدل 16%، مقارنة بـ76% المسجلة نهاية عام 2022.

وشملت أبرز المقترحات التي طرحها استطلاع للرأي العام أنه على الحكومات العربية لإيقاف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة المستمر منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، قطع العلاقات مع إسرائيل، وإدخال المساعدات إلى قطاع غزة، واستخدام سلاح النفط، وإنشاء تحالف عالمي لمقاطعة إسرائيل.

وارتفعت نسبة اعتبار القضية الفلسطينية قضية كل العرب بشكل ملحوظ في بعض الدول، ففي المغرب ارتفعت من 59% عام 2022 إلى 95%، وفي مصر من 75% إلى 94%، وفي السعودية من 69% إلى 95%، على نحوٍ يعكس تحولا جوهريا في آراء مواطني هذه البلدان.

وحسب الاستطلاع، الذي شمل عينة حجمها 8 آلاف مستجيب ومستجيبة، خلال الفترة من 12 ديسمبر/كانون الأول الماضي وحتى الخامس من يناير/كانون الثاني الجاري، في 16 مجتمعا عربيا، فإن الرأي العام العربي غير مقتنع بأن عملية طوفان الأقصى التي نفذتها حركة المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي تحقيقا لأجندة خارجية، وأن 89% من العرب يرفضون أن تعترف بلدانهم بإسرائيل.

نتائج الاستطلاع أظهرت أن 67% من الرأي العام العربي ترى أن عملية طوفان الأقصى "عملية مقاومة مشروعة" (المركز العربي) تضامن مع غزة ضد العدوان

يعتقد 36% من مواطني المنطقة العربية -حسب نتائج الاستطلاع ذاته- أن الإجراء الأهم للحكومات العربية لإيقاف العدوان على قطاع غزة يتمثل في قطع هذه الحكومات علاقاتها مع إسرائيل أو إلغاء عمليات التطبيع معها، في حين رأى 14% من المستجيبين أنه يتمثل في إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة من دون موافقة إسرائيل، وحبذ 11% استخدام سلاح النفط من أجل الضغط على إسرائيل ومؤيديها.

وتباينت نسب بقية المقترحين لإنهاء الحرب، بين ضرورة إنشاء تحالف عالمي لمقاطعة إسرائيل (9%)، وتقديم مساعدات عسكرية لقطاع غزة (8%)، وإعلان التعبئة العسكرية (5%)، وإعادة النظر في العلاقات مع الولايات المتحدة (4%)، وإعادة النظر مع الدول التي تؤيد حرب إسرائيل (3%)، وغيرها من الآراء بنسب ضئيلة.

كما عبر 69% من المستطلعين عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وحركة حماس، في حين أفاد 23% بأنهم متضامنون مع الشعب الفلسطيني وإن اختلفوا مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، بينما كانت نسبة الذين أفادوا بأنهم لا يتضامنون مع الفلسطينيين 1% فقط.

وأظهرت نتائج الاستطلاع أن 89% من المستجيبين العرب يرفضون أن تعترف بلدانهم بإسرائيل، مقابل 4% فقط يوافقون على ذلك، في حين امتنع 7% عن إبداء الرأي، وهو ما يشكل ارتفاعا في النسبة بمعدل 5% عن عام 2022، إذ كانت نسبة الذين يرفضون الاعتراف 84%.

مقاومة مشروعة

وأبرز الاستطلاع أن الرأي العام العربي غير مقتنع بأن عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي كانت تحقيقا لأجندة خارجية، إذ اعتبر 35% من المستجيبين أن السبب الأهم للعملية هو استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، في حين عزاها 24% إلى الدفاع عن المسجد الأقصى ضد استهدافه، ورأى 8% أنها نتيجة لاستمرار حصار قطاع غزة.

وتنوعت آراء المستجيبين الآخرين بين تحرير المعتقلين والأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية (6%)، و ضد استمرار الاستيطان واتساعه في الأراضي الفلسطينية (5%)، وعدم اهتمام المجتمع الدولي بحقوق الفلسطينيين واستمرار الاحتلال (4%)، ورفض إسرائيل إقامة دولة فلسطينية (4%)، وغيرها من الآراء بنسب ضئيلة.

أما في ما يتعلق بالنقاش حول مشروعية تلك العملية، فقد توافق 67% من الرأي العام العربي على أن العملية هي "عملية مقاومة مشروعة"، في حين قيمها 19% بأنها "عملية مقاومة مشروعة شابتها بعض الأخطاء"، واعتبرها 5% "عملية غير مشروعة".

وأظهر الاستطلاع أن المواطنين العرب يتعاملون مع هذه الحرب على أنها تمسهم مباشرة، إذ عبر 97% من المستجيبين عن أنهم يشعرون بضغط نفسي (بدرجات متفاوتة) نتيجة للحرب على قطاع غزة، بل إن 84% قالوا إنهم يشعرون بضغط نفسي كبير.

وقد أفاد نحو 80% من المستطلعين بأنهم يداومون على متابعة أخبار الحرب، مقابل 7% قالوا إنهم لا يتابعونها، وقد سجلت أعلى نسبة متابعة في كل من فلسطين والأردن ولبنان، في حين تتوزع مصادر المتابعة على قنوات التلفزيون بنسبة 54%، وشبكة الإنترنت بنسبة 43% ، بينما أفاد أغلبية متابعي أخبار الحرب على الإنترنت بأنهم يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي لمتابعتها.

حماس ليست "داعش"

ووفقا للاستطلاع، فإن هناك شبه إجماع بين المستجيبين الفلسطينيين من الضفة الغربية والقدس -بنسب تفوق 95%- على تأثر مستوى الأمان في الضفة وإمكانية التنقل بين محافظاتها ومدنها، وشعورهم بالأمن والسلامة الشخصية ووضعهم الاقتصادي نتيجة الحرب.

وأفاد 60% من الفلسطينيين في الضفة بأنهم تعرضوا لاقتحامات قوات جيش الاحتلال في مناطقهم أو كانوا شهودا عليها، وقال 44% إنهم تعرضوا لتوقيف أو استجواب من الجيش الإسرائيلي، وأفاد 22% بأنهم تعرضوا لهجمات المستوطنين أو مضايقاتهم.

وفي إطار ما تداوله الساسة الإسرائيليون وبعض المسؤولين الأميركيين حول تشبيه حركة حماس بتنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، يعتقد ثلث الرأي العام العربي بما نسبته 67%، أنهما يختلفان عن بعضهما كليا، في حين أفاد 15% أن حماس تختلف عن التنظيم بقدر كبير، و5% اعتبروا أن حماس تختلف عنه جزئيا، بينما قال 3% فقط أن حماس لا تختلف عن داعش.

أميركا وإسرائيل

وعلى مستوى تقييم الرأي العام العربي لسياسات القوى الإقليمية والدولية تجاه الحرب على قطاع غزة، فقد عكست نتائج الاستطلاع أن الرأي العام العربي يعارض سياسة الولايات المتحدة الأميركية تجاه الحرب على غزة، فقد قيّم 94% من المستجيبين موقفها بـ"سيئ" و"سيئ جدا"، بينما اعتبره 3% أنه جيد، وقال 1% إنه جيد جدا.

وفي السياق نفسه، توافق 79% و78% و75% على أن مواقف كل من فرنسا وبريطانيا وألمانيا، على التوالي، سلبية تجاه الحرب على قطاع غزة، في حين انقسم الرأي العام العربي بخصوص مواقف إيران وتركيا وروسيا والصين، بين من رآها إيجابية (48%، 47%، 41%، 40% على التوالي)، ومن عدها سلبية (37%، 40%، 42%، 38% على التوالي).

ووفقا للاستطلاع، أفاد 76% من المستطلعين بأن نظرتهم إلى الولايات المتحدة أصبحت أكثر سلبية بناء على مواقفها من الحرب، وتعكس النتائج أنها فقدت صدقيتها لدى الرأي العام العربي، إذ إن 81% من المستجيبين أفادوا بأنها غير جادة في العمل على إقامة دولة فلسطينية في الأراضي المحتلة منذ عام 1967 (الضفة الغربية، وقطاع غزة، والقدس).

وتوافق نحو 77% من الرأي العام العربي على أن الولايات المتحدة وإسرائيل هما الأكثر تهديدا لأمن المنطقة واستقرارها، فرأى 51% أن الولايات المتحدة الأكثر تهديدا، ورأى 26% أن إسرائيل تشكل التهديد الأكبر، وتنوعت بقية الآراء بين إيران بنسبة (7%)، وروسيا (4%)، وفرنسا (2%) وتركيا (2%) والصين (1%)، وأجاب آخرون عن دول أخرى أو "لا أعرف" بنسبة متفاوتة.

أما عن تغطية الإعلام الأميركي لمجريات الحرب على قطاع غزة، فقد أفاد 82% من المستجيبين بأنها منحازة إلى إسرائيل، في حين عدها 7% فقط محايدة، في حين رأى 4% أنها منحازة إلى فلسطين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الرأی العام العربی الولایات المتحدة نتائج الاستطلاع الاستطلاع أن على قطاع غزة الحرب على فی حین على أن

إقرأ أيضاً:

المقاطعة.. حقٌ مشروعٌ لدعم القضية الفلسطينية

 

بدر البلوشي

على مدى الأزمان، كانت سلطنة عُمان مثالًا للثبات والعزم في دعم القضايا العادلة؛ حيث يقف الشعب العُماني مع أمته قلبًا وقالبًا، مُساندًا لكل صوت مظلوم، ومدافعًا عن حقوق الشعوب المحتلة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

والمقاطعة، في هذا السياق، ليست مجرد خيار عابر، بل هي موقف أخلاقي وشعبي ينبض بالولاء والصدق، يعكس انتماءً أصيلًا ووجدانًا راسخًا يرفض الاحتلال، ويقف ضد آلة القمع التي تستبيح حقوق الإنسان.

وفي الوقت الذي يُثار فيه بعض الجدل حول جدوى المقاطعة وفائدتها، يظهر من مُعطيات الواقع أنها ليست عبثًا أو تفريطًا بالمصالح الوطنية، كما يعتقد البعض، بل على العكس، هي حركة قوية ومتماسكة تستند إلى حق قانوني مكفول في السلطنة. بل إنَّ المؤسسة الدينية العريقة تؤيدها بوضوح، مما يجعلها واجبًا وطنيًا وأخلاقيًا يدعمه الشعب بكافة أطيافه، إيمانًا منه بأن الحق لا يُنال إلا بمواقف ثابتة.

إنَّ تأييد الشعب العُماني لهذه المقاطعة يبرز كرسالة للعالم، بأن هذا الوطن لا يقبل المساومة على القضايا العادلة.

ولعل من الجوانب الأكثر تأثيرًا في هذه الحركة أنَّ المقاطعة لا تقتصر على الأثر الاقتصادي المباشر فقط؛ بل إنها تفتح المجال لتعزيز وعي الأجيال الجديدة بحقوق الأمة وأهمية التضامن العربي والإسلامي. فقد أثبتت الدراسات أن دعم الطلبة للمقاطعة ينمي فيهم إدراكًا قويًا للحقوق والقيم الوطنية، ويزرع بذور الوعي النضالي في سبيل الحق، وهو ما يعزز روح الانتماء للوطن والقضية الفلسطينية، ويجعلها جزءًا لا يتجزأ من هوية الأطفال والشباب.

ومن الزاوية الاقتصادية، شهدت المنتجات البديلة محليًا ازدهارًا؛ ما أسهم في تقوية الإنتاج الوطني، وزيادة فرص العمل في السوق المحلي، وتحفيز الابتكار. هذا النمو لا يقف عند حدود الاقتصاد المحلي، بل يتعدى إلى دعم الشركات الناشئة التي تسعى لتقديم منتجات عُمانية صافية تحل محل المنتجات المستوردة.

ومما لا شك فيه أنَّ تجربة السلطنة التاريخية في دعم القضايا العربية والإسلامية تُثبت أن مواقف عُمان لم تتخل يومًا عن الحق؛ بل ظلت متماسكة تنتهج سياسات متوازنة، تراعي المصالح الوطنية وتلتزم المبادئ السامية للأمة. إنَّ المقاطعة تعزز هذا التوجه الحكيم وتظهر أن الشعب العُماني لا ينفصل عن جسد أمته؛ بل هو سندٌ لكل مَن يسعى لنيل حقوقه. وهي تجسد رسالة واضحة للعالم بأن الشعوب قادرة على التعبير عن مواقفها بطرق حضارية، ما يثبت أنَّ المقاطعة ليست مجرد سياسة، بل هي منظومة أخلاقية تعبر عن عمق هذا الشعب وجذور حضارته.

وأخيرًا.. المقاطعة لا تُعبِّر فقط عن سيادة القرار الوطني، بل هي دعوة قوية لإظهار سيادة الإرادة الشعبية، ودعوة للالتفاف حول حق مشروع وأسلوب حضاري يرفض انتهاك العدالة. إنها وسيلةٌ يعبر من خلالها كل إنسان عن رفضه لكل ظلم وانتهاك.

مقالات مشابهة

  • ضجة في “لاهاف 433” الإسرائيلية على خلفية قضية “مساعدة العدو في زمن الحرب”
  • أبو العينين: الرئيس السيسي و100 مليون مصرى ضد تصفية القضية الفلسطينية
  • المقاطعة.. حقٌ مشروعٌ لدعم القضية الفلسطينية
  • حسام زكي: القضية الفلسطينية هي الأولى والمركزية والمحورية للعرب
  • السفير حسام زكي: القضية الفلسطينية محورية ومحل توافق عربي
  • كاتب صحفي: دول العالم تثمن الدور المصري تجاه القضية الفلسطينية
  • إسرائيل.. استجواب رئيس طاقم «نتنياهو» في قضية تسريب وثائق
  • باحث سياسي: إدارة بايدن توهم العالم بسعيها لحل القضية الفلسطينية بينما تدعم إسرائيل
  • تشكيلة ترامب | من الجاسوس إلى القسيس محب إسرائيل.. هكذا تصفى القضية الفلسطينية
  • تشكيلة ترامب | من الجاسوس إلى القسيس محب إسرائيل.. هكدا تصفى القضية الفلسطينية