اتخذت وزارة الخارجية والمغتربين لدولة فلسطين مسارات عدة فى التعامل مع تطورات الأوضاع فى قطاع غزة، منها المسار السياسى، والمسار القانونى، والمسار الدبلوماسى. فمنذ بداية العدوان الإسرائيلى الغاشم ضد الشعب الفلسطينى، ومنذ عملية السابع من شهر أكتوبر الماضى، تعمل الخارجية الفلسطينية لوقف هذا العدوان الهمجى، وحماية أبناء الشعب والمشروع الوطنى الفلسطينى، من خلال التنسيق مع الأشقاء العرب، والدول الإسلامية، وغيرها من الدول والمنظمات الدولية، ومن خلال السفارات الفلسطينية.
كذلك فضح المشروع الصهيونى المستمر، والمكرر والمتمثل فى إما إبادة أبناء الشعب الفلسطينى أو ترحيله وتهجيره قسراً، استكمالاً لجريمة النكبة التى ارتكبتها العصابات الصهيونية فى العام 1948 منذ 75 عاماً، وخطة الحكومة الفاشية الحالية التى عبر عنها رئيس وزراء سلطة الاحتلال نتنياهو فى قمع تطلعات الشعب الفلسطينى فى تجسيد دولته، بالإضافة إلى أحد أركان حكومتهم المستوطن «سموترتش» الذى وضع خطته: «إن أمام الشعب الفلسطينى ثلاثة خيارات: إما أن يكونوا خدماً للشعب الإسرائيلى، أو أن يهاجروا خارج البلاد طوعاً أو قسراً، أو قتلهم على أيدى جيش الاحتلال الإسرائيلى».
ومع تغول قوات الاحتلال، واستمرار وتعميق جرائمه ضد الشعب الفلسطينى، وإطلاق حرب إبادته، وتوضيح هدفه بالإبادة على لسان قادة الاحتلال الذين نعتوا الشعب الفلسطينى بـ«أطفال الظلام» و«الحيوانات البشرية» وأنهم يريدون تحويل قطاع غزة إلى رماد، وغيرها من خطاب الكراهية والإبادة الجماعية، وما رافقه من تزوير للرواية وحشد الإعلام بروايات كاذبة تشيطن الفلسطينى وتجرده من إنسانيته، أخذت الوزارة على عاتقها توضيح الرواية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطينى فى الدفاع عن نفسه، ونقض الرواية الكاذبة الإسرائيلية، وأن لا حق لإسرائيل كقوة احتلال فى الدفاع عن النفس فى مواجهة شعب تحتله وتضطهده.
إن الجرائم التى ترتكبها إسرائيل فى قطاع غزة هى جزء من السياسة الممنهجة وواسعة النطاق وجرائم الحكومة الإسرائيلية الفاشية، وغيرها من الحكومات السابقة، وهى ترتكب نفس الجرائم فى الضفة الغربية، بما فيها القدس، وغياب وتجاهل حقوق الشعب الفلسطينى، وعدم معالجة جذور القضية المتمثل بالاحتلال الإسرائيلى سيتسبب بمزيد من الألم والمعاناة، وتكرار ما يحصل، بل طالبنا بلجان تحقيق فى محاولات إسرائيل لاستخدام أسلحة نووية وكيميائية ضد الشعب الفلسطينى، وبعد أن صرح بذلك وزير ما يسمى التراث الإسرائيلى عميحاى إلياهو وقال: «إن قصف قطاع غزة بقنبلة نووية هو أحد الخيارات المقبولة». واعتبر أنه «ليس هناك برىء فى غزة».
وعلى صعيد المساءلة تم العمل مع المحكمة الجنائية الدولية وتقديم بلاغات حول الجرائم التى ارتكبتها وترتكبها إسرائيل فى قطاع غزة، والضفة الغربية بما فيها القدس، والمطالبة بضرورة إنجاز التحقيق الجنائى وجلب مجرمى الحرب الإسرائيليين، وعلى رأسهم نتنياهو، وغيره من وزراء الحكومة وأركان الحرب الإسرائيليين.
كما استمر وزير الخارجية والمغتربين د. رياض المالكى بالتواصل مع نظرائه فى كل العالم لدعم القرارات الفلسطينية، وفضح جميع الممارسات الإسرائيلية، والتأكيد أن غياب الحقوق الفلسطينية وتجاهلها هو السبب الرئيسى، وان الاحتلال هو جذر الأزمة، والمشكلة فى الشرق الأوسط، وأن هذا يؤكد الحاجة للعمل الفورى لوقف إطلاق النار وعلى إحقاق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى وإنهاء الاحتلال الإسرائيلى، وتنفيذ حل الدولتين وفيه دولة فلسطين وشعبها يعيشون فى أمن وسلام. والتركيز على رؤية الرئيس محمود عباس فى ضرورة عقد مؤتمر دولى للسلام فى أقرب وقت ممكن.
وحددت الخارجية عدداً من المطالبات إلى جانب الأولويات، وهى مطالبة الدول باتخاذ خطوات فاعلة إلى جانب التصريحات والمواقف الداعمة لوقف إطلاق النار، بما فيها أن تضع الدول مجموعة من العقوبات والعواقب على إسرائيل بسبب ارتكابها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وأن تتوقف الدول عن إمداد إسرائيل بالسلاح والمعدات العسكرية التى تقتل بها أبناء الشعب الفلسطينى، وتفعيل الدول لقضائها المحلى لمساءلة ومحاسبة أركان الحرب الإسرائيليين ومجرميهم.
*مساعد وزير الخارجية الفلسطينى للأمم المتحدة ومنظماتها المختصة
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: فلسطين إسرائيل محكمة العدل الشعب الفلسطینى
إقرأ أيضاً:
مرصد حقوقي: إسرائيل تنفذ تهجيرا قسريا للفلسطينيين بغزة وسط صمت دولي
شدد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، الأربعاء، على أن دولة الاحتلال الإسرائيلي بلغت ذروة مشروعها الاستعماري في قطاع غزة، لافتا إلى شروع الاحتلال بتهجير الفلسطينيين بشكل قسري خارج أرضهم تحت ذريعة "الهجرة الطوعية".
وقال المرصد في تقرير نشره عبر موقع الإلكتروني الرسمي، إن "المشروع الإسرائيلي في قطاع غزة بلغ ذروته الكاشفة، إذ لم تَعُد إسرائيل تُخفي نواياها بشأن خطتها لتهجير الفلسطينيين خارج وطنهم، بل باتت تعلنها بصراحة وبخطاب رسمي من أعلى المستويات".
وأضاف أن دولة الاحتلال تنفذ مشروعها "عبر سلسلة من الإجراءات الميدانية والمؤسسية التي تُعيد صياغة الجريمة وتُقدّمها على أنّها هجرة طوعية، مستغلة صمتا دوليا مطبقا وفر لها بيئة آمنة لمواصلة ارتكاب الجريمة، وبلوغ هذا المستوى من الإفلات من العقاب دون رادع أو مساءلة".
وحسب المرصد، فإن دولة الاحتلال الإسرائيلي "تمضي قدما في تنفيذ المرحلة النهائية من جريمتها وهدفها الأصلي؛ وهو الطرد الجماعي للفلسطينيين خارج فلسطين، تحديدا خارج قطاع غزة، بعدما أمضت عاما ونصف في ارتكاب جرائم إبادة جماعية".
وأشار المرصد إلى أن التهجير القسري يعد جريمة مستقلة بموجب القانون الدولي، وتتمثل في طرد الأشخاص من المناطق التي يوجدون فيها بشكل شرعي، باستخدام القوة أو التهديد بها، أو من خلال وسائل قسرية أخرى، دون مبررات قانونية معترف بها.
وقالت مديرة الدائرة القانونية في المرصد الأورومتوسطي، ليما بسطامي، إن "إسرائيل ارتكبت بالفعل جريمة التهجير القسري بحق سكان قطاع غزة، حين دفعتهم قسرا إلى النزوح داخل القطاع دون أي مسوغات قانونية، وفي ظروف تتعارض كليًا مع استثناءات القانون الدولي التي لا تُجيز الإخلاء إلا بصورة مؤقتة، ولأسباب عسكرية قاهرة، ومع ضمان مناطق آمنة تحفظ الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية، وهو ما لم يحدث على الإطلاق".
وأضافت أن "إسرائيل وظفت هذا النمط الوحشي، والمتكرر، وواسع النطاق من التهجير كإحدى أدوات الإبادة الجماعية، بهدف تدمير السكان وإخضاعهم لظروف معيشية قاتلة".
ولفتت بسطامي إلى أنه "رغم أن الجريمة اكتملت من الناحية القانونية، إلا أن إسرائيل ماضية في تصعيدها إلى مستوى أشد فتكا بالشعب الفلسطيني، يُجسّد منطقها الاستعماري الاستيطاني القائم على الطرد والإحلال، من خلال تنفيذ المرحلة الثانية من التهجير القسري خارج حدود الوطن".
وأوضحت أن دولة الاحتلال "تحاول تسويق هذه الجريمة على أنها هجرة طوعية، في خداع مكشوف لا ينطلي إلا على مجتمع دولي اختار التواطؤ بدلا من المواجهة، والصمت بدلا من المساءلة".
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بدأ في 25 كانون الثاني /يناير الماضي في الترويج لمخطط تهجير الشعب الفلسطيني من قطاع غزة إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن، وهو الأمر الذي رفضه البلدان، وانضمت إليهما دول عربية أخرى ومنظمات إقليمية ودولية.
وفجر 18 آذار/ مارس الماضي، استأنف جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانه الوحشي على قطاع غزة، عبر شن سلسلة من الغارات الجوية العنيفة على مناطق متفرقة من القطاع الفلسطيني، في خرق لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع في 20 كانون الثاني/ يناير الماضي.
وأثار استئناف العدوان الذي أسفر عن سقوط آلاف الشهداء والمصابين في صفوف المدنيين الفلسطينيين، موجة من الاحتجاجات المناصرة للشعب الفلسطيني، والمطالبة بوقف فوري لعدوان الاحتلال الإسرائيلي في العديد من المدن حول العالم.
وتقول منظمات إغاثة إن الوضع الإنساني في غزة يزداد سوءا في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي، وقد وصفت منظمة "أطباء بلا حدود" القطاع بأنه مقبرة جماعية للفلسطينيين، في حين شددت منظمة العفو الدولية أن الحصار الإسرائيلي الشامل يعد جريمة ضد الإنسانية وانتهاك للقانون الإنساني الدولي.