بـ«الصوت والصورة»: 160 محامياً دولياً يلاحقون إسرائيل بأدلة دامغة
تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT
فى خطوة تاريخية وغير مسبوقة، تواجه إسرائيل اتهامات تتعلق بارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية فى قطاع غزة، وهو الكيان الذى اعتاد الترويج للمظلومية والادعاء بأنه ضحية الاضطهاد على مر العصور، وتتجه أنظار العالم صوب قصر السلام فى لاهاى بهولندا قبيل ساعات من انطلاق أولى جلسات محاكمة إسرائيل بتهمة الإبادة الجماعية لسكان غزة، أمام محكمة العدل الدولية، بعدما أقامت دولة جنوب أفريقيا دعوى ضد دولة الاحتلال التى تمثل فى قفص الاتهام للمرة الأولى، لمحاسبتها على التطهير العرقى وسلسلة الجرائم البشعة والهمجية التى مارستها أمام عدسات وسائل الإعلام العالمية.
جهود حثيثة بذلتها جنوب أفريقيا لتوثيق جرائم الحرب الإسرائيلية والتى استهدفت بها تنفيذ مخططها بإبادة الشعب الفلسطينى، حسبما أكد الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، معرباً عن شكره وامتنانه لجنوب أفريقيا على خطوتها، بعدما جمعت أدلة دامغة حاسمة وقاطعة تُعرض أمام محكمة العدل الدولية يومى 10 و11 من الشهر الجارى، كاشفاً عن أن الأدلة تتضمن وثائق ومقاطع فيديو لمحاولة قوات الاحتلال تنفيذ مخططات الإبادة الجماعية لسكان غزة.
أتوقع إدانة المحكمة لإسرائيل ودعوتها لوقف إطلاق الناروأضاف «الرقب» لـ«الوطن» أن الوثائق تضم وقائع وأحداثاً سجلتها العدسات وعرضتها الشاشات وشاهدها الجميع على اختلاف ألوانهم وعقائدهم، متابعاً: «الصورة كانت اللغة التى فطن من خلالها البشر كافة على اختلافهم على ظهر البسيطة، حجم ما يتعرض له المدنيون من فظاعة ومجازر تتضمن انتهاكات الحروب الأكثر دراية بالتاريخ الإنسانى مجتمعة، مثل قتل الأطفال الخدج بمستشفى النصر والقصف الجماعى للأطفال والنساء والعائلات، وتدمير المبانى السكنية والمبانى الآمنة التابعة للأونروا كالمستشفيات والمدارس، منها ما حدث بالمستشفى المعمدانى ومستشفى الشفاء ومدرسة الفالوجة ومدرسة الفاخورة وغيرها». وأكد أن 160 محامياً من مختلف دول العالم سيختصمون دولة الاحتلال بتقارير مهمة، مشيراً إلى أن المحامين الدوليين المشاركين بالدعوى على قدر عال من الكفاءة، ولديهم من الدلائل ما يدين الاحتلال، من خلال جمع تصريحات علنية لمسئولين إسرائيليين لم يتوقعوا يوماً أن تستخدم ضدهم كاعترافات وهم مَن اعتادوا أنهم فوق المحاسبة والقانون، ضمتها جنوب أفريقيا لقائمة انتهاكات إسرائيل لتثبت أنها لم تلتزم باتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948، وتوافر «النية» لارتكاب الإبادة الجماعية.
ووفقاً لـ«الرقب»، فإن من أبرز التصريحات العدائية التى تدين المسئولين بحكومة الاحتلال، تصريح نسيم فاتورى، النائب عن حزب الليكود على منصة «إكس»: «الآن لدينا جميعاً هدف مشترك واحد، محو قطاع غزة من على وجه الأرض»، ودعوة الوزير الإسرائيلى عميحاى إلياهو لضرب غزة بالسلاح النووى، ووزير خارجيتها الجديد بوزارة الاحتلال يسرائيل كاتس، حيث دوّن عبر حسابه على منصة «إكس»: «أأمر جميع السكان المدنيين فى غزة بالمغادرة على الفور، سنفوز لأنه لن تصلهم قطرة ماء ولا بطارية واحدة حتى يرحلوا عن العالم»، أما عميحاى إلياهو، وزير التراث، كتب على صفحته الرسمية بـ«فيس بوك»: «شمال قطاع غزة أجمل من أى وقت مضى، حيث إن تفجيره وتسوية كل شىء بالأرض، مجرد متعة للعين، يجب أن نتحدث عنه باليوم التالى».
ومع هذه التصريحات التى تدين دولة الاحتلال تظل الأدلة الأقوى هى الأحداث الدموية التى جرى تسجيلها بالصوت والصورة لجرائم ارتكبت فى حق الشعب الفلسطينى، حسب ما ذكر أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، لافتاً إلى أن قرار محكمة العدل الدولية غير ملزم، لكنه سيحرج الاحتلال والولايات المتحدة الأمريكية، كما أن إدانة الكيان الصهيونى ستمثل ضغطاً عليه لوقف الحرب المسعورة.
من المتوقع أن يضم دفاع دولة الاحتلال مذكرة تسرد فيها إسرائيل روايتها عن أحداث 7 أكتوبر، لكن يظل ما ارتكبته من جرائم يفوق أى تبريرات انتقامية، من إبادة جماعية وعقاب جماعى واستخدام أسلحة محرمة دولياً، جنباً إلى جنب مع استهداف المساعدات الإنسانية والتجويع والتعطيش وتعطيل المستشفيات، لذا من المتوقع أن تدين المحكمة جرائم الحرب الإسرائيلية وتدعو لوقف فورى لإطلاق النار، وفقاً لـ«الرقب».
وتحظى إسرائيل بدعم معنوى وغير مشروط من الولايات المتحدة الأمريكية التى تغض الطرف عن أخطاء احتلال «هو الأطول فى العصر الحديث من قبل سلطة احتلال واحدة»، والتى ارتقت منذ يومها الأول إلى جرائم حرب وإبادة جماعية، بداية من مذبحة دير ياسين 1948، فى حق الشعب الأعزل صاحب الأرض، وحتى حرب غزة الأخيرة.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: فلسطين إسرائيل محكمة العدل الإبادة الجماعیة دولة الاحتلال
إقرأ أيضاً:
الحكم على الحسن أغ عبد العزيز بتهمة ارتكاب جرائم حرب في مالي.. «الجنائية الدولية» تحقق العدالة لضحايا تمبكتو
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
بعد محاكمة طويلة على أفعاله كرئيس للشرطة الإسلامية فى عام ٢٠١٢، وفى حكم مهم، حكمت المحكمة الجنائية الدولية على الحسن أغ عبد العزيز أغ محمد أغ محمود، وهو شخصية بارزة فى جماعة أنصار الدين المتطرفة المرتبطة بتنظيم القاعدة، بالسجن لمدة ١٠ سنوات لدوره فى ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية فى مدينة تمبكتو فى مالي.
تأتي هذه الإدانة بعد محاكمة طويلة، شهدت محاسبة الحسن على أفعاله كرئيس للشرطة الإسلامية أثناء احتلال الجماعة العنيف للمدينة القديمة فى عام ٢٠١٢.
أدين الحسن بارتكاب جرائم بما فى ذلك التعذيب والاضطهاد الدينى وغيرها من الأعمال اللاإنسانية، والتى كان لها تأثير عميق ودائم على سكان تمبكتو.
وأكدت القاضية كيمبرلى بروست، رئيسة المحكمة الجنائية الدولية، على التأثير المؤلم لهذه الجرائم؛ مشيرة إلى أن "النظام وهذه الأفعال كان لها تأثير مؤلم على سكان تمبكتو".
فصل مظلم فى تاريخ تمبكتوفى عام ٢٠١٢، سقطت تمبكتو تحت سيطرة المتمردين الإسلاميين المتطرفين، بما فى ذلك أنصار الدين، كجزء من تمرد أوسع نطاقا فى شمال مالي. ولعب الحسن، بصفته رئيس الشرطة الإسلامية، دورا محوريا فى فرض التفسير الوحشي للجماعة للشريعة الإسلامية. وشكلت أفعاله، بما فى ذلك تعذيب السجناء وإساءة معاملة المدنيين، الأساس لقضية المحكمة الجنائية الدولية ضده. واستمعت المحكمة إلى شهادات السجناء الذين تحملوا ظروفا مروعة - حيث تم احتجازهم فى زنازين ضيقة وغير صحية وتعرضوا للضرب والجلد المتكرر. وقد اعتُبرت هذه الأفعال القاسية كافية لإدانة الحسن بتهم مثل التعذيب والاعتداء على الكرامة الشخصية.
خيبة الأمل إزاء أحكام التبرئةومع ذلك، لم يحقق الحكم العدالة الكاملة لجميع الجرائم التى ارتكبت تحت إشراف الحسن. وعلى الرغم من الأدلة على العنف الجنسي والعبودية، برأت المحكمة الجنائية الدولية الحسن من التهم المتعلقة بإساءة معاملة النساء.
وفى حين أقرت المحكمة بأن مثل هذه الجرائم وقعت أثناء حكم أنصار الدين فى تمبكتو، إلا أنها لم تتمكن من إثبات وجود صلة مباشرة بين الحسن وهذه الأفعال المحددة.
وقد أعربت جماعات حقوق الإنسان عن خيبة أملها إزاء هذه التبرئة، حيث لا يزال العنف الجنسى الذى عانت منه النساء أثناء الاحتلال يشكل قضية رئيسية فى السياق الأوسع للصراع المستمر فى مالى مع التطرف.
إنكار الحسن والدفاع القانونيطوال المحاكمة، نفى الحسن جميع التهم، مؤكدًا أن دوره كرئيس للشرطة الإسلامية لم يترك له خيارًا سوى فرض القرارات التى اتخذتها المحكمة الإسلامية. وزعمت محامية الدفاع عنه، ميليندا تايلور، أن منصب الحسن لم يكن منصب قوة بل منصب التزام بتنفيذ أوامر رؤسائه، وشبهت أفعاله بأفعال قوات الشرطة فى جميع أنحاء العالم.
ورغم هذا الدفاع، وجدت المحكمة الجنائية الدولية أن أفعال الحسن تجاوزت واجباته كضابط إنفاذ القانون، وأنه مسؤول عن دوره القيادى فى الانتهاكات المنهجية التى وقعت تحت قيادته.
الحكم والمدة التى قضاهاحُكم على الحسن بالسجن لمدة ١٠ سنوات، ولكن مع الوقت الذى قضاه بالفعل منذ اعتقاله فى عام ٢٠١٨، لم يتبق له سوى حوالى ثلاث سنوات ونصف.
وأشار فريقه القانونى إلى خطط لاستئناف الحكم، كما قدمت النيابة العامة استئنافًا، سعيًا إلى فرض عقوبة أشد على الجرائم المرتكبة. هذه المحاكمة هى القضية الثانية المرتبطة باحتلال أنصار الدين لمدينة تمبكتو. فى عام ٢٠١٦، أدين عضو آخر فى المجموعة، أحمد الفقى المهدي، وحُكم عليه بالسجن لمدة تسع سنوات لتورطه فى تدمير الأضرحة التاريخية ومسجد فى المدينة.
صراع مالي مع التطرفهذه القضية جزء من جهد أوسع نطاقا لمحاسبة المسؤولين عن الفظائع التى ارتكبت خلال الصراع الدائر فى مالي. واجهت البلاد، إلى جانب بوركينا فاسو والنيجر المجاورتين، تمردًا دام عقدًا من الزمان غذته جماعات مسلحة مرتبطة بكل من القاعدة وداعش. وقد تفاقم عدم الاستقرار فى المنطقة بسبب الانقلابات العسكرية فى السنوات الأخيرة، حيث طردت المجالس العسكرية الحاكمة القوات الفرنسية وسعت إلى الحصول على المساعدة من المرتزقة الروس لتعزيز الأمن. يمثل حكم المحكمة الجنائية الدولية ضد الحسن محاولة نادرة ولكنها مهمة لمعالجة الأزمة الإنسانية فى منطقة الساحل، مما يسلط الضوء على أهمية العدالة الدولية فى المناطق التى تعانى من التطرف والعنف.