البطش والقوة والغطرسة، كانت سمات الاحتلال التى تجعله يتعامل مع مطالب إيقافه بسبب جرائمه باستعلاء، لم يدرك أنه قد يأتى اليوم الذى يمثل فيه قادته أمام محكمة العدل الدولية، أعلى سلطة قضائية بالعالم، وهو الذى اعتاد استغلال المنظمات الدولية للتنكيل بغرمائه، وأن يغض البصر عن قراراتها التى تشير إلى ظلم يقترفه أو قرارات عادلة كان عليه تنفيذها.

اتهامات جاهزة متوقعة من جانب الكيان الصهيونى لينفى عن نفسه أنه زائدة استعمارية غير شرعية، سيلحقها بقضاة المحكمة الدولية؛ منها معاداتهم للسامية، مع التفتيش فى أرشيفهم عن ثغرات يمكن مهاجمتهم من خلالها، مع استغلال بعض اللقطات الإعلامية للتشكيك فيما ستؤول إليه المحكمة فى جلساتها المرتقبة، فضلاً عن إلحاق صفة الإرهاب بالمقاومة الفلسطينية، ومحاولة تأكيد أن تاريخ الصراع بدأ مع «طوفان الأقصى» 7 أكتوبر الماضى، وليس منذ مذابح النكبة 1948، أى قبل تأسيس «حماس»، حيث اتسعت جرائمه لتطال مناطق أخرى كالضفة الغربية ولبنان ومصر والعراق وسوريا.

بدوره، أكد د. أحمد فؤاد أنور، باحث فى الشئون الإسرائيلية، أن هناك ردود فعل إسرائيلية واسعة على اتهامات جنوب أفريقيا لإسرائيل ومثولها أمام محكمة العدل الدولية، ما أضاف الكثير من التخبط والارتباك بالداخل الإسرائيلى المفكك والمترنح، ليستقر الرأى على المثول أمام المحكمة وعدم تجاهل الدعوى، بل والدفع بقاضٍ تابع لها إلى جانب قاضٍ تابع لجنوب أفريقيا، الدولة صاحبة الدعوى، ضمن الـ15 قاضياً المقرر وجودهم للحكم فى قضية اتهام الاحتلال بإبادة الشعب الفلسطينى.

وأشار، لـ«الوطن»، إلى أن الوضع المتأزم أرغم «نتنياهو»، بمزيد من الخنوع، على اختيار استثنائى لغريم سياسى مناهض لسياساته وسياسة اليمين الإسرائيلى، وهو المستشار القضائى العجوز أهارون باراك، الذى كان يشغل منصب رئيس المحكمة العليا بإسرائيل، ليمثل عن دولة الاحتلال بالمحكمة الدولية، لافتاً إلى أن «الجدية» هى خيار إسرائيل للتعامل مع الاتهامات الموجهة إليها، فعلى الرغم من أن المحاكمة من المتوقع أن تستمر من 4 إلى 5 سنوات، لكن هناك إجراءات سريعة من الممكن أن تمثل إدانة واضحة للاحتلال، أو صدور تدابير بمقتضاها يتم وقف إطلاق النار، خلال 11 أو 12 يوماً من بدء الجلسات.

الخوف من الملاحقة زاد من اضطراب وتشوش قرارات قادة إسرائيل التى قد تؤدى إلى انهيار حكومة الحرب، كنتيجة طبيعية للفشل والغباء السياسى المستفحل، فى ظل توقعات بتكاتف دولى لتجميع الأدلة والتعاون خلال جولات ومعارك جلسات المحكمة الدولية، ومنها تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلى وتبنيه لسيناريو بعيد عن تهجير الفلسطينيين، فى قراءة تجزم بأنه يسجل موقفاً خوفاً من الملاحقة القضائية والتورط بالجرائم التى يرتكبها الاحتلال بسيناريو خرج عن السيطرة، وأن المعركة القضائية من المتوقع أن تستغرق وقتاً طويلاً، فلن يعود حق آلاف الشهداء بين عشية وضحاها، بحسب ما أكد.

بدوره، قال الدكتور أسامة الشعث، أستاذ العلاقات الدولية الفلسطينى، إن إسرائيل استخدمت العديد من الأسلحة غير المعروفة والمحرمة بموجب القانون الدولى، كاشفاً عن أن استخدام قوات الاحتلال للأسلحة الفتاكة مقصود ومتعمد لتدمير جميع مقومات الحياة والوجود الإنسانى للشعب الفلسطينى.

وأوضح أن صدور تدابير ضد الكيان الصهيونى بمثابة توجيه لطمة كبرى أو ضربة موجعة له، وهو ما يفسر موافقته على المثول أمام المحكمة والتصرف بجدية حيال الأمر، إذ إن خسائر فادحة بانتظار الاحتلال حال صدور مثل هذه التدابير، كونها تتضمن التشكيك بالرواية الإسرائيلية، التى تحرص على ترويجها للعالم طوال الوقت بأنها ضحية تتعرض للظلم وتنتظر الدعم، وأنها فقط تدفع العدوان عنها باعتبارها دولة مسالمة، إلى أنها دولة ترتكب جرائم إبادة جماعية بحق المدنيين بغزة، أو الظهور بمظهر الدولة المارقة الخارجة على حكم قضائى دولى فى حال لم تنفذ قرارات المحكمة وحاولت التملص والهروب منه.

ولفت إلى أن الخسائر والأعباء للإدانة الإسرائيلية ليست فقط بالخارج وإنما هى الذريعة التى تنتظر المعارضة التقاطها لتعزيز موقفها وآرائها السياسية والدعائية لحشد الرأى العام بالداخل الإسرائيلى على الهجوم والنزوح ضد اليمين المتطرف، الذى ما زال يسعى لنفض اتهامات الفشل الأمنى والاستخباراتى والاقتصادى عنه، قبل أن يضاف إليها الفشل القانونى، وكذا التخوفات الإسرائيلية من «الهجرة العكسية» التى بات تحقيقها وشيكاً وراء حالة الارتباك والقرارات المتواترة المأخوذة تحت ضغط الغضب الشعبى بالداخل الإسرائيلى، فى محاولة بائسة لتقليل خسائرها المتلاحقة، خاصة مع فشل الاحتلال فى مساعدة المستوطنين على العودة إلى جنوب وشمال إسرائيل بعد نزوحهم منذ 4 أشهر. 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: فلسطين إسرائيل محكمة العدل إلى أن

إقرأ أيضاً:

تقرير يكشف عن الخسائر “الإسرائيلية” في الحرب على غزة ولبنان

في ظل سياسة التعتيم الإعلامي التي ينتهجها كيان الاحتلال الإسرائيلي بشأن خسائره في الحروب على لبنان وقطاع غزة، بدأت تتكشف تفاصيل هذه الخسائر تدريجياً من خلال تقارير صحفية واستخباراتية أمريكية و”إسرائيلية”. ومن أبرز هذه التقارير ما نشره الصحفي الأمريكي بيل غويل في صحيفة One News، والذي أظهر حجم الضربات القاسية التي تعرض لها جيش الاحتلال خلال العدوان على لبنان.

 

وفقًا للتقرير، بلغ إجمالي عدد القتلى الإسرائيليين خلال الصراع مع المقاومة اللبنانية حوالي 2,500 قتيل، بينهم 1,200 مدني و1,300 جندي. كما تم تسجيل أكثر من 6,000 جريح، مع وجود إصابات خطيرة في صفوف المدنيين والعسكريين.

تضمن التقرير أيضًا معلومات عن تدمير عدد كبير من المعدات العسكرية، بما في ذلك المركبات المدرعة والطائرات الحربية، بالإضافة إلى تدمير قواعد عسكرية في مناطق مختلفة، بما في ذلك الجولان السوري المحتل. كما استُهدفت منشآت استخباراتية وأنظمة دفاع جوي، مما أثر سلبًا على قدرات جيش الاحتلال.

لم تسلم المرافق الحيوية من الهجمات، حيث طالت الضربات محطات الكهرباء والاتصالات ومحطات تحلية المياه، مما أدى إلى اضطراب كبير في الخدمات الأساسية. كما تعرض ميناءا حيفا وأشدود لعدة ضربات صاروخية، مما تسبب في أضرار جسيمة للبنية التحتية الاقتصادية.

في حادثة بارزة، قُتل مسؤول أمني أمريكي رفيع خلال استهداف غرفة عمليات مشتركة في منطقة عرب العرامشة، حيث كان يتواجد مع 28 ضابطًا ومستشارًا عسكريًا أمريكيًا و”إسرائيليًا”، جميعهم لقوا حتفهم في الهجوم.

كما أفادت التقارير بتعرض مبنى رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو في القدس للاستهداف، بالإضافة إلى قصف منزله، مما يعكس اختراقًا أمنيًا غير مسبوق.

اقتصاديًا، أظهرت التقارير تدميرًا واسعًا للبنية التحتية في المناطق الحدودية، خاصة في الجنوب والشمال، بالإضافة إلى أضرار جسيمة في مدن كبرى مثل تل أبيب وحيفا نتيجة القصف.

الوضع في غزة: خسائر مستمرة

على جبهة غزة، كشفت شعبة إعادة التأهيل في جيش الاحتلال عن مقتل 846 جنديًا وضابطًا منذ بدء العدوان على القطاع في 7 أكتوبر 2023، مع تسجيل 16,500 إصابة بين الجنود، بما في ذلك 7,300 حالة إصابة نفسية.

حذر محافظ “بنك إسرائيل”، أمير يارون، من أن كلفة الحرب على غزة قد تصل إلى 255 مليار شيكل (68 مليار دولار)، في حين أفادت صحيفة يديعوت أحرونوت بأن الحرب كلّفت حتى منتصف يناير 150 مليار شيكل (42 مليار دولار)، بمعدل إنفاق يومي بلغ 300 مليون شيكل (83.8 مليون دولار).

تظهر الأرقام المسرّبة من تقارير دولية ومحلية أن “إسرائيل” تواجه واحدة من أكثر الحروب تكلفةً وخسارةً منذ تأسيسها، سواء من حيث الضحايا أو البنية التحتية أو الجبهة الداخلية المهزوزة.

مقالات مشابهة

  • عاجل:- إسرائيل تتسلم شحنة أسلحة أمريكية ضخمة بعد رفع التجميد عنها.. طائرات نقل عسكرية تهبط بقاعدة نيفاتيم
  • تقرير يكشف عن الخسائر “الإسرائيلية” في الحرب على غزة ولبنان
  • شحنات أسلحة أميركية جديدة تحط في إسرائيل.. التفاصيل والأهداف
  • استعدادًا لقصف إيران.. إعلام عبري: جسر جوي أمريكي لنقل الأسلحة إلى إسرائيل
  • أكثر من 3 آلاف قطعة ذخيرة.. واشنطن تزوّد إسرائيل بشحنة ضخمة من الأسلحة
  • أمريكا توافق على إرسال شحنة ضخمة من الأسلحة إلى إسرائيل
  • جراء الاعتداءات الإسرائيلية.. خروج آخر مستشفى في غزة عن الخدمة
  • إسرائيل تتسلم شحنة أسلحة أميركية والبنتاغون يجدد التزامه بأمنها
  • الاحتلال الإسرائيلى يقتحم مستشفى جنين ويعتقل شابًا فلسطينيًا
  • الهيئة الدولية لدعم فلسطين: إسرائيل عجزت عن تحقيق أهدافها في غزة