«جنوب أفريقيا» تختصم «عنصرية إسرائيل» أمام «العدل الدولية»
تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT
اختصمت دولة «جنوب أفريقيا»، دولة الاحتلال فى محكمة العدل الدولية برفع دعوى قضائية فى 29 ديسمبر الماضى، طلبت فيها إعلان انتهاك ومخالفة إسرائيل للالتزامات الدولية بارتكابها الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين، كما دعت المحكمة إلى إصدار أوامر عاجلة بحماية الفلسطينيين من الإبادة لحين الفصل فى الأمر.
واكتسبت الدعوى أهمية خاصة باعتبارها مقامة من «جنوب أفريقيا»، الدولة التى سبق أن عانت من العنصرية ونظام الفصل العنصرى «الأبارتايد»، وأصبحت رمزاً للقضاء على هذه «السُّبَّة» التاريخية، فضلاً عن أنها مقامة أمام «العدل الدولية»، وهى الجهاز القضائى الرئيسى للأمم المتحدة، الذى يتولى الفصل طبقاً لأحكام القانون الدولى فى النزاعات القانونية التى تنشأ بين الدول، أما عن «اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها» فقد تم إقرارها وعرضها للتصديق والانضمام بموجب قرار للجمعية العامة للأمم المتحدة فى 8 ديسمبر 1948، والتى تضمنت أن الإبادة الجماعية جريمة بمقتضى القانون الدولى، وأن تحرير البشرية من مثل هذه الآفة البغيضة يتطلب التعاون الدولى، كما جاء على الموقع الرسمى للصليب الأحمر الدولى.
وأكد الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولى، أن جنوب أفريقيا طلبت من «العدل الدولية» أن تعلن فى جلساتها المرتقبة أن دولة الاحتلال انتهكت التزاماتها الدولية من عدة أمور، أولها أنها ارتكبت أشكالاً أو أنماطاً من الإبادة الجماعية والمحددة فى المادة الثانية من اتفاقية منع الإبادة الجماعية، وثانياً أنها امتنعت عن التدخل لمنع جيشها وسلطاتها وهيئاتها التنفيذية الأخرى من ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، وثالثاً أن إسرائيل قصرت فى الالتزام بإصدار تشريع وطنى داخلى يُجرم أفعال الإبادة الجماعية، بمثابة الخطوط الرئيسية العريضة للدعوى المكونة من 84 صفحة.
طالبت بتدابير مؤقتة احترازية لحماية المدنيين الفلسطينيين فى غزةوبناءً على ما سبق، تقدمت جنوب أفريقيا فى دعواها، حسب «سلامة»، بطلب للمحكمة بأن تُصدر «أوامر قضائية إلزامية» ضد إسرائيل، تتضمن «تدابير مؤقتة احترازية» تهدف لحماية المدنيين الفلسطينيين فى غزة أثناء سير الدعوى، وتحمى حقوق وواجبات دولة جنوب أفريقيا المدعية أمام المحكمة فى الدعوى، وهى الحقوق والواجبات الواردة فى اتفاقية الإبادة الجماعية، وفق الاتفاقية، فى أن تمنع ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية فى أى دولة من الدول الأطراف فى هذه الاتفاقية، التى بلغ عدد أعضائها 153 دولة (حتى أبريل 2022)، وهذا هو الباعث الرئيسى من رفع جنوب أفريقيا لهذه الدعوى، حيث تنص الاتفاقية، على أن تلتزم الدول الأعضاء فى هذه الاتفاقية بمنع الإبادة الجماعية، إذن فهذا واجب على جنوب أفريقيا، والمفروض أيضاً أنه واجب على كل الدول العربية المنضمة للاتفاقية.
أما عن «لماذا جنوب أفريقيا تحديداً التى بادرت بالتصدى لرفع الدعوى؟»، وما الأهمية الرمزية لذلك؟ فيجيب أستاذ القانون الدولى: «كانت جنوب أفريقيا تكاد تكون فيما مضى أكبر دولة صديقة لإسرائيل، لأن الدولتين حتى 1994 عام نهاية نظام الفصل العنصرى فى جنوب أفريقيا (الأبارتايد)، برئاسة الرئيس الأبيض دو كلريك، حيث كانت تعانى من أفظع جرائم الفصل العنصرى، وهى جريمة ضد الإنسانية، وهى ذات الجريمة التى ترتكبها إسرائيل ضد كل الفلسطينيين».
ويضيف «سلامة» أن جنوب أفريقيا بتاريخها وإرثها باعتبارها كانت تقع تحت أفظع وأبشع نظام فصل عنصرى فى التاريخ، وضعت تشريعات وطنية تُلزمها بملاحقة مرتكبى الجرائم ضد الإنسانية، وهذه الرمزية وهذه الأسباب القانونية والسياسية هى التى جعلت إسرائيل تفاجئ العالم وتمثل للظهور أمام المحكمة فى مفاجئة تاريخية، خاصة فى ضوء أن إسرائيل تعتبر الأمم المتحدة بكل مؤسساتها وأفرعها الرئيسية، ومنها محكمة العدل الدولية، أعداءها ومنحازين ضدها، وذلك منذ قيام الدولة العبرية فى 15 مايو 1948، لأن أكبر قرارات فى منظمة الأمم المتحدة لم تصدر إلا تجاه دولة الاحتلال.
«سلامة»: إسرائيل تعتبر الأمم المتحدة بكل مؤسساتها وأفرعها ومنها محكمة العدل الدولية أعداءها ومنحازين ضدهاوأوضح «سلامة» أن المحكمة التى تتكون من 15 قاضياً دولياً ستستغرق سنوات لإصدار «قراراتها القضائية الإلزامية»، علماً بأنها لا يكون فيها «طعن»، وتسمى لدينا فى القضاء الوطنى «أحكام باتة مبرمة».
وميَّز أستاذ القانون الدولى بين هذه القرارات القضائية الإلزامية، وبين «الأوامر العاجلة أو المستعجلة» المقرر أن تصدرها المحكمة، والتى تتضمن تدابير مؤقتة احترازية أو تحفظية، نظراً لأن الفلسطينيين تتم إبادتهم، وذلك على غرار وقف إطلاق النار وتمكين الفلسطينيين من المساعدات الإنسانية، وإنشاء ممرات إنسانية آمنة فى قطاع غزة، والامتناع عن اتخاذ أى تدابير من شأنها إلحاق ضرر جسيم بالفلسطينيين يجعل حياتهم وبقاءهم ومعيشتهم فى قطاع غزة تكاد تكون مستحيلة.
وقال أستاذ القانون الدولى إن جنوب أفريقيا بالتعبير القانونى تعتبر دولة «مُدعية»، فى حين أن «بوليفيا» التى طلبت من المحكمة التدخل فى الدعوى ستعتبر «دولة متدخلة فى الدعوى»، إن قبلت المحكمة طلبها بالتدخل، وسيكون لبوليفيا كافة الحقوق أثناء سير الدعوى، كما أن المحكمة لن تقبلها إلا بعدما تقدم لها الأدلة على ارتكاب إسرائيل جريمة الإبادة الجماعية، وأنها كما هو الحال مع جنوب أفريقيا متضررة أيضاً من جريمة الإبادة الجماعية بحق المدنيين الفلسطينيين، لأن هذه الاتفاقية لا تحمى حقوق الفلسطينيين فقط، ولكن تحمى الحقوق العالمية للإنسان.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: فلسطين إسرائيل محكمة العدل جریمة الإبادة الجماعیة العدل الدولیة جنوب أفریقیا
إقرأ أيضاً:
السودان يتّهم الإمارات أمام العدل الدولية بـ"التواطؤ في إبادة جماعية"
الخرطوم - تقدّم السودان بشكوى أمام محكمة العدل الدولية ضدّ دولة الإمارات العربية المتحدة بتهمة "التواطؤ في إبادة جماعية" بسبب دعمها المفترض لقوات الدعم السريع السودانية، بحسب ما أعلنت الهيئة القضائية الخميس 6مارس2025.
وقالت المحكمة في بيان إن الخرطوم تعتبر أن أبوظبي "متواطئة في إبادة جماعية ضد المساليت (إحدى قبائل السودان) من خلال إصدار توجيهات وتوفير الدعم المالي والسياسي والعسكري المكثف لميليشيات الدعم السريع المتمردة".
واعتبر السودان في شكواه أنّ "الإمارات العربية المتحدة تؤجج التمرد وتدعم الميليشيا التي ارتكبت جريمة الإبادة الجماعية في غرب دارفور".
ولطالما نفت أبوظبي تقديمها دعما لقوات الدعم السريع.
وسارعت الحكومة الإماراتية الخميس إلى التنديد بالشكوى، معتبرة إياها "حيلة دعائية خبيثة".
وقال مسؤول إماراتي في بيان تلقته وكالة فرانس برس إنّ هذه الشكوى "ليست أكثر من حيلة دعائية خبيثة تهدف إلى تحويل الانتباه عن التواطؤ الراسخ للقوات المسلحة السودانية في الفظائع الواسعة النطاق التي لا تزال تدمر السودان وشعبه".
وأضاف أنّ "الادعاءات التي قدّمها ممثل القوات المسلحة السودانية أمام محكمة العدل الدولية تفتقر إلى أي أساس قانوني أو واقعي، وتمثل محاولة أخرى لصرف الانتباه عن هذه الحرب الكارثية".
وتابع البيان "احتراما لمحكمة العدل الدولية... ستسعى الإمارات العربية المتحدة إلى ردّ هذا الطلب الذي لا أساس له على الفور".
- "َضمان الحماية العاجلة" -
ومنذ نيسان/أبريل 2023، تدور حرب بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع التابعة لنائبه السابق الفريق محمد حمدان دقلو. وأدت المعارك إلى مقتل الآلاف ونزوح أكثر من 12 مليونا، وأزمة إنسانية هي من الأسوأ في العالم.
ودعا السودان محكمة العدل، وهي أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة تفصل في النزاعات بين الدول، إلى إصدار "تدابير مؤقتة" لإرغام دولة الإمارات على دفع تعويضات.
وقالت الخرطوم في شكواها إنّ "على دولة الإمارات إصلاح الضرر الكامل الناجم عن أفعالها غير المشروعة دوليا، وخصوصا دفع تعويضات لضحايا الحرب".
وقرارات محكمة العدل ملزمة قانونا، لكنّ الهيئة لا تملك وسائل لفرض تنفيذها.
وعلى سبيل المثال، أمرت المحكمة روسيا بوقف عملياتها العسكرية في أوكرانيا بعد أسابيع من بدء الغزو مطلع العام 2022، لكن من دون جدوى.
كما طالبت الخرطوم محكمة العدل بالتحرّك بسرعة "لضمان الحماية العاجلة والشاملة قدر المستطاع للسكان المدنيين السودانيين الذين ما زالوا معرّضين لخطر كبير وداهم لاضطهادهم وارتكاب أعمال إبادة جماعية إضافية في حقّهم".
- الإخلال بالالتزامات ونكث الوعود -
وتتّهم شكوى الحكومة السودانية المدعومة من الجيش، قوات الدعم السريع بارتكاب "إبادة جماعية والقتل وسرقة ممتلكات والاغتصاب والتهجير القسري والتعدي على أملاك عامة وتخريبها وانتهاك حقوق الإنسان".
وبحسب الشكوى فإنّ هذه الأفعال "ارتُكبت ونُفذت جراء الدعم المباشر الذي تقدمه الإمارات العربية المتحدة لميليشيات الدعم السريع المتمردة والميليشيات المرتبطة بها".
ويتّهم السودان الإمارات بالإخلال بالتزاماتها بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية التي تعود للعام 1948، من خلال "السعي إلى ارتكاب إبادة جماعية أو التواطؤ على ارتكابها أو الحضّ عليها أو المشاركة فيها أو عدم منعها أو المعاقبة عليها".
وخلص خبراء أمميون إلى أن الاتهامات الموجّهة إلى الإمارات بإمداد قوات الدعم السريع بالأسلحة عبر تشاد هي "ذات مصداقية".
وتعهّدت الإمارات العربية المتحدة أمام السلطات الأميركية في كانون الأول/ديسمبر بعدم تسليح قوات الدعم السريع، على أن يتوقّف برلمانيون أميركيون في المقابل عن عرقلة صفقة بيع أسلحة للدولة الخليجية تقدّر قيمتها بـ1,2 مليار دولار.
وفي كانون الثاني/يناير، أعلن البرلمانيون الأميركيون أن الإمارات نكثت الاتفاق واستمرّت في تزويد قوات الدعم السريع في السودان بالأسلحة.
Your browser does not support the video tag.