لجريدة عمان:
2024-09-19@13:02:14 GMT

مقاومة الماشيفايدية

تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT

تُعقد هذه الأيام جلسات استماع الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية. ويبدو من المنطقي أن نتساءل -أولا- إن كان ثمة مجال للتفاؤل، وثانيا عما يُمكننا فعله للمساندة. ولنجيب عن السؤال الأول، علينا أن نعرف ماذا نتوقع من قرارات، حظوظ جنوب أفريقيا، وماذا سيتغير فورا على أرض الواقع في ظل كون القرارات غير ملزمة، وكون التحقيق في تهم الإبادة الجماعية والتطهير العِرقي سيمتد لسنوات على الأغلب.

والأهم ربما هو مدى تجاوب إسرائيل مع قرارات محكمة العدل الدولية السابقة.

نتائج دعوى جنوب أفريقيا قد تشمل تحقيق أهداف تتجاوز الأهداف المعنوية كون البلد التي قدمت الدعوة هي مثال للكفاح ضد الفصل العنصري. طالبت جنوب إفريقيا بإلزام إسرائيل بوقف فوري لإطلاق النار، كقرار تحرزي. قرار كهذا قد يتطلب أسابيع، لكنه سيعني أخيرا أملا لتوقف الاعتداءات على سكان غزة، إلى أن تقرر المحكمة بشأن الدعوى بشكل نهائي. وهذه القرارات وإن لم تكن مُلزمة، وهي وإن لم تردع إسرائيل ستشكل وسيلة ضغط على جميع الموقعين على معاهدة منع ومعاقبة جرائم الإبادة الجماعية، خصوصا ممن يدعمون إسرائيل بشكل مباشر.

الإعلام الألماني في هذه الأثناء «عامل نفسه ميت»، بحيث لا يُوجد أثر تقريبا لأخبار الدعوى، رغم أنها تحدث على أرض مجاورة، ورغم أن ألمانيا لاعب أساسي في الحرب (رغم أن هذا أفضل بمراحل من الموقف الأمريكي الذي يدعي بعمى كامل أن القضية بلا أساس). رغم هذا فإن نصرا معنويا من هذا القبيل سيعني الكثير للجماهير التي تنزل -على نحو دوري- إلى الشارع للضغط على حكوماتها لوقف الدعم المُقدم لإسرائيل.

ما يُمكننا فعله اليوم إذا هو مواصلة الضغط على حكوماتنا بكل الوسائل الممكنة من أجل الوقوف في صف جنوب أفريقيا في مسعاها لإدانة إسرائيل.

تاريخ إسرائيل في الالتزام بقرارات المحكمة -كما نعرف- غير مبشر بالمرة. فالقرار بعدم قانونية الجدار العازل والمطالبة بهدمه قُوبل بالمزيد من تدابير العزل ومشاريع البناء. هذا عدا تجاهلها العشرات من القرارات الدولية لوقف الترحيل القسري، الإخلاء، الهدم، بناء المستعمرات، وتغيير التركيبة الديموغرافية في الأراضي المحتلة.

يحق لنا بالطبع أن نتشاءم أمام عنصرية العالم الأبيض، وأن نكفر بكل مفاهيمه ومؤسساته، لكن مسؤوليتنا الإنسانية تُحتم علينا المقاومة بكل الأشكال المتأتية، بما فيها محاولة إنهاك إسرائيل في المحاكم الدولية، وإدانتها قانونيا.

وها هي الجهود تتتابع. تلت دعوى جنوب إفريقيا، الملف الذي قدمه محامون تشيليون للمحكمة الجنائية الدولية. والمطلب هو مساندة مثل هذه المبادرات ودعمها بكل شكل، والتحرك نحو مبادرات شبيهة لإدانة قتل، حصار، تهجير، اعتقال وسجن وتعذيب الفلسطينيين (خصوصا القُصّر منهم)، أو محاكمة المدنيين الفلسطينيين في المحاكم العسكرية الإسرائيلية، وغيرها من الجرائم.

لا أعرف إن كانت فطنة وحساسية صُناع القرار تنبؤهم بحدة التوتر الشعبي. وأنا أجزم أنها تفعل. لم لا نتحدث إذا بالقدر الذي تسمح به الأوضاع من شفافية. وأن نرد للصحف شيئا من نزاهتها، فتكون -كما يجدر بها أن تفعل- منبرا للجدال.

لنتحدث في العموميات أولا. في أي لحظة لا يكون فيها الرأي الشعبي في اتساق مع رأي الحكومة، تطرأ في البال مباشرة صور الانتفاض.

نعم. إننا نرى إلى يومنا هذا التبعات غير المبشرة لثورات الشعوب التي خاضت ربيعها. إننا نُدرك أن ما يبدأ كثورة إصلاح سلمية، يُمكن أن يتحول إلى حرب طاحنة تُصفي فيها الدول الأقوى خصوماتها من مسافة آمنة تضمن سلامتها وسلامة شعوبها، دون أن تولي أي اعتبار لسلامة الأرض أو الشعب المنتفض. ونحن فوق هذا نشترك -فوق ما يتصور المرء- في الخوف من فُقدان الأمان وقدر الرفاه المتوفر - والذي لا نتقاسمه بسواسية بالضرورة، إلا أن هذا شأن آخر. نحن بالمثل نخشى العنف والفوضى، وهي لن تكون بأي حال خيارنا المحبذ. فوق هذا ثمة الكثير مما يُمكن فِعله قبل الوصول لنقطة اللاعودة هذه. أي مرحلة المُقامرة، حين تنعدم فرص الحوار، الفرصة بأن نأخذ ونعطي بهدوء.

ما أحاول قوله أن ثمة دول أخذت على نفسها مسؤولية الضغط قانونيا على إسرائيل، ومساندة هذه الجهود لا يُكلف شيئا، فلماذا الإصرار على التواطئ، إن كان بالإسهام المباشر أو بالصمت.

أخيرا، دعونا نُكافح إحساسنا بأن العالم يملكه ويتصرف به الآخرون، فيما نضطر نحن للانصياع، والالتزام الكامل بما يحكمون به. القليل الذي يُمكن تحقيقه يستحق المجاهدة لنيله. وعموما ما من خيار آخر أمامنا. يجوز أننا لن نصنع أي فارق، لكننا سنحاول بما نعرف، لأقصى حد ممكن، وحتى انقطاع النفس.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

الأونروا: إسرائيل توقف منح التأشيرات لموظفي منظمات المجتمع المدني الدولية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أكد المفوض العام للأونروا "فيليب لازاريني" أن السلطات الإسرائيلية أوقفت منح التأشيرات لرؤساء وموظفي منظمات المجتمع المدني الدولية، مشيرًا إلى أن هذه المنظمات ظلت تقدم، ولسنوات عديدة، المساعدات الإنسانية للأشخاص المحتاجين بالشراكة الوثيقة مع الأمم المتحدة.
وبحسب مركز إعلام الأمم المتحدة، قال "فيليب لازاريني": "تعمل حكومة إسرائيل، على نحو متزايد، على التخلص التدريجي من تمثيل المنظمات الإنسانية أو تلك التي تعمل على الإبلاغ عن فظائع هذه الحرب وتأثيرها على المدنيين".
ومع استمرار تزايد الاحتياجات الإنسانية، أكد "لازاريني" الحاجة إلى وجود المزيد من العاملين في المجال الإنساني، وليس أقل، ولكن "العكس يحدث الآن في غزة والضفة الغربية".
وأشار المفوض العام للأونروا، إلى أن هذه الخطوة تأتي لتضيف إلى الحظر المستمر على دخول وسائل الإعلام الدولية لتغطية الأحداث، بحرية، من داخل غزة، "في وقت لا يُسمح فيه لعدد من كبار المسؤولين في الأمم المتحدة بزيارة غزة و/أو يُمنعون من السفر إلى الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية".
وشدد "لازاريني" على ضرورة توقف القرار الإسرائيلي بمنع المنظمات الإنسانية ووسائل الإعلام الدولية من القيام بعملها بشكل صحيح.

مقالات مشابهة

  • ميقاتي: إسرائيل ضربت كل القوانين الدولية بعرض الحائط
  • باحث سياسي: المنظمات الدولية تخضع لإرادة إسرائيل
  • وزير الخارجية المصري: حماس تؤكد لنا التزامها الكامل باقتراح وقف إطلاق النار الذي توصلنا إليه في 27 مايو والتعديلات التي أجريت عليه في 2 يوليو
  • الأونروا: إسرائيل توقف منح التأشيرات لموظفي منظمات المجتمع المدني الدولية
  • عباس ابراهيم: ما ارتكبته إسرائيل جريمة حرب موصوفة تنتهك القوانين الدولية
  • مخزومي: ما فعلته إسرائيل جريمة وانتهاك صارخ للقوانين الدولية
  • مقاومة المضادات الحيوية تُهدد بحصد أرواح الملايين في العقود المقبلة
  • ما هو جهاز البيجر الذي فجّرته إسرائيل... وكيف يعمل؟
  • رأسه يحمل ألوان الكوفية الفلسطينية.. الحوثيون ينشرون فيديو للصاروخ الذي أُطلق نحو إسرائيل
  • شاهد.. الحوثيون ينشرون صورا لإطلاق الصاروخ الذي ضرب وسط إسرائيل