لجريدة عمان:
2025-01-09@00:13:01 GMT

هل يكون جو بايدن «جيمي كارتر الجديد» حقا؟

تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT

بات من الرائج المألوف في الآونة الأخيرة مقارنة الرئيس الأمريكي جو بايدن في عام 2023 بجيمي كارتر في عام 1979. فكما قضت أحداث 1979 على آمال كارتر في إعادة انتخابه في العام التالي، يُـقال إن التطورات في 2023 أحبطت فعليا محاولة بايدن الفوز بولاية رئاسية ثانية في نوفمبر.

الأمر الأشد وضوحا هو أن كلا من كارتر وبايدن واجه مشكلة تضخم مثبطة للعزيمة.

لكن التضخم في عهد كارتر كان أسوأ كثيرا: ففي نوفمبر 1979، قبل عام من الانتخابات، كان معدل تضخم أسعار المستهلك في الولايات المتحدة عند مستوى 12.6%. في المقابل، في الأشهر الاثني عشر المنتهية في نوفمبر 2023، كان تضخم أسعار المستهلك متواضعا عند مستوى 3.1%. لكن التضخم يظل يشكل لبايدن عائقا سياسيا، حتى وإن كنا تجاوزنا هذه الظاهرة إلى حد كبير الآن.

ثانياً، أطلق بايدن، مثل كارتر من قبله، يد الاحتياطي الفيدرالي في التصدي للمشكلة. اختار كارتر بول فولكر لرئاسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وكان اختياره قائما إلى حد كبير على مؤهلات فولكر في مكافحة التضخم، مع علمه الكامل بأن رئيس المجلس الجديد سيرفع أسعار الفائدة. وعلى الرغم من تحذيرات مستشاره السياسي، بيرت لانس، من أن تعيين فولكر من شأنه أن يقضي على فرص إعادة انتخاب الرئيس، سمح كارتر لفولكر آنذاك بمواصلة أعماله. كان نهج عدم التدخل الذي تبناه كارتر خلال الفترة التي سبقت الانتخابات مختلفا تماما عن النهج الذي اتبعه بعض سابقيه، وخاصة ريتشارد نيكسون قبل انتخابات 1972.

بالمثل، سمح بايدن للاحتياطي الفيدرالي بقيادة جيروم باول بتعديل أسعار الفائدة حسب ما يراه مناسبا، متجاهلا صرخات الألم من مشتري المنازل وغيرهم. ومرة أخرى، كان امتناع بايدن عن انتقاد الاحتياطي الفيدرالي متعارضا تماما مع الموقف الذي اتخذه سلفه دونالد ترمب. ثم هناك المشكلات التي واجهت الرئيسين على جبهة السياسة الخارجية في عموم الأمر، وفيما يتعلق بإيران بشكل خاص. في نوفمبر 1979، اقتحم متظاهرون من الـطُـلّاب السفارة الأمريكية في طهران، واحتجزوا 66 أمريكيا رهائن. بعد ذلك بفترة وجيزة، عاد آية الله روح الله الخميني من منفاه في باريس، وكان وصفه للولايات المتحدة بأنها «الشيطان الأكبر» مصدر إلهام لخطاب الحكومة الإيرانية وسياساتها منذ ذلك الحين. أُطـلِق سراح الرهائن بعد دقائق من تنصيب رونالد ريجان في يناير من عام 1981. وتحول فشل المحاولة التي أقرها كارتر لإنقاذهم في أبريل من العام السابق إلى جرح سياسي مفتوح في الفترة التي سبقت الانتخابات ورمز لسياسة خارجية فاشلة.

اليوم، يتعين على إدارة بايدن على نحو مماثل أن تتعامل مع استفزازات إيران في سوريا ولبنان، ربما يكون معظم الرهائن الذين تحتجزهم حماس في غزة إسرائيليين، إلى جانب عدد أقل من الأمريكيين من مزدوجي الجنسية. لكن عجز إدارة بايدن عن تدبير وقف إطلاق نار ممتد أو المساعدة في تحرير الأسرى يخلق شعورا مماثلا بالعجز.

من ناحية أخرى، يعمل فشل القوات الأوكرانية المدعومة من الولايات المتحدة في اكتساب أي مساحة تُـذكَـر من الأرض ضد خصومها الروس في هجومها الصيفي عام 2023، وفشل العقوبات الأمريكية في ردع العدوان من قِـبَـل الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، على تعظيم الشعور بأن السياسة الخارجية الأمريكية أصبحت في حالة من الفوضى. تُرجِم كل هذا إلى معدلات تأييد بائسة لبايدن، أسوأ حتى من تلك التي نالها كارتر في عام 1979.

وعلى هذا فإن المقارنة ستكون موحية حتى لو لم نُـذَكَّـر للتو بأن لا أحد غير بايدن الشاب، الذي كان آنذاك عضوا في مجلس الشيوخ الأمريكي، أعرب عن شكوكه أثناء الفترة التي سبقت انتخابات 1980 في أن يعود سعي كارتر للحصول على ولاية ثانية بالفائدة على شاغل المنصب أو الحزب الديمقراطي. ولكن بالإضافة إلى أوجه التشابه، لا يخلو الأمر من اختلاف مهم أيضا بين بايدن وكارتر، وتحديدا في موقفهما السياسي. فقد ساور كارتر القلق إزاء حالة الأمريكيين العقلية الـجَـزِعة وآفاق البلاد في المستقبل. في يوليو 1979، ألقى ما أصبح يعرف بمسمى «خطاب الضائقة». استنكر كارتر أزمة الثقة بين الأمريكيين وأعرب عن أسفه إزاء «الشكوك المتنامية حول معنى حياتنا» و«خسارة وحدة الغرض في أمتنا».

وتابع قائلا إن الأمريكيين بدأوا يفقدون الثقة «ليس فقط في الحكومة ذاتها، بل في قدرتهم كمواطنين على العمل كحكام نهائيين على ديمقراطيتنا وصناع لها». هل يبدو هذا مألوفا؟ في الواقع، لم يكن الخطاب سلبيا بالكامل. ولكن جرى تصويره على ذلك النحو، وخاصة من قِبَل ريجان، الذي قَـدَّمَ نفسه على أنه «محارب سعيد»، مؤكدا في ختام خطابه عشية الانتخابات: «لا أجد أي ضائقة وطنية». كان رهانا رابحا على رسالة متفائلة.

في الأيام القاتمة خلال الفترة 1979-1980، فَـضَّـل الناخبون الأمريكيون ثقة ريجان المتفائلة على تأملات كارتر الكالحة. الآن، بالطبع، نجد أن شاغل المنصب، بايدن، هو المتفائل، الذي يصر على أن أمريكا تسلك المسار الصحيح، في حين يَـدَّعي المنافس المحتمل، ترامب، أن أمريكا تعاني من ضائقة عميقة الجذور، ويرغب بشدة في الانتقام، ويرى التهديدات عند كل منعطف. الواقع أن التاريخ يشير إلى أن الناخبين الأمريكيين يفضلون التفاؤل. لكنه يشير أيضا إلى أنهم ذاخرون بالمفاجآت.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی نوفمبر فی عام

إقرأ أيضاً:

بماذا ردت صنعاء على العرض الأممي الجديد للسلام الذي حمله “غروندبرغ”؟

تقرير/ الوحدة نيوز:

قررت القيادة السياسية، إنهاء مهمة المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، غداة وصوله إلى العاصمة صنعاء ضمن جولة إقليمية بدأها من العاصمة العمانية مسقط، على خلفية رفض اليمن لمحاولات واشنطن المستميتة لمقايضة ملف غزة بملفات إنسانية واقتصادية وسياسية في اليمن.

عرقلة خارطة الطريق

وقال حسين العزي، عضو المكتب السياسي لأنصار الله، في تغريدة على حسابه بموقع “إكس”، تابعتها “الوحدة”، إن “زيارة غروندبرغ بمثابة محاولة للتغطية على تنصل الأطراف الأخرى عن خارطة الطريق وتبييض صفحاتها المليئة بالأعمال العدائية عسكرياً واستخباراتياً”؛ في إشارة ضمنية إلى تزامن الزيارة مع ضبط خلايا استخباراتية تابعة للسعودية وبريطانيا.

وجدد العزي تأكيده استمرار الولايات المتحدة بعرقلة تنفيذ خارطة الطريق في اليمن عبر ربطها بما وصفها بمشكلة “إسرائيل”.

وقلل العزي من محاولة غروندبرغ تصوير الأمر وكأن الكرة في ملعب صنعاء، واصفا ذلك بـ”المؤسف وغير المقبول”.

يأتي ذلك وسط استمرار القوات المسلحة بمهاجمة البوارج الامريكية والمدن المحتلة بفلسطين؛ في خطوة اعتبرها مراقبون بمثابة رد على العرض الذي حمله غروندبرغ إلى صنعاء.

تحركات غير جادة

ولم تقتصر ردود الفعل على العزي بل شارك فيها قيادات بحزب المؤتمر الشعبي العام بصنعاء؛ حيث قال حسين حازب، عضو اللجنة العامة للحزب في تغريدة على حسابه بموقع “إكس”، رصدتها “الوحدة”، إن “المخطط السعودي مع بريطانيا والذي كشفته الاستخبارات اليمنية يؤكد أن السعودية غير صادقة بالصلح مهما أظهرت من رغبة”؛ في إشارة إلى عدم جدية أي تحركات بشأن إحلال السلام في اليمن.

واعتبر حازب أن “الرياض تحاول اقتناص الفرص للإضرار باليمن وإضعافه”.

ضغوط عسكرية

والإثنين الماضي، وصل المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، إلى العاصمة صنعاء، في سياق تحركات أممية لاستئناف المفاوضات بين صنعاء والرياض والبدء بتنفيذ خارطة طريق، في أعقاب إقرار أمريكي بصعوبة ممارسة الضغوط على صنعاء عسكرياً، وفشل عرض واشنطن لصنعاء، بوقف العمليات المساندة لغزة، مقابل السير لإبرام اتفاق سلام شامل في البلاد، وسط تقارير إعلامية عن مساعي غربية تقودها فرنسا لتوقيع اتفاق جديد باليمن.

وأفاد مكتب المبعوث الأممي في بيان نشره على حسابه بموقع “تويتر”، تابعته “الوحدة”، زيارته إلى صنعاء، تأتي في إطار جهوده المستمرة لاتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

ويخطط غروندبرغ لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها.

ولم يحدد البيان مدة زيارة المبعوث الأممي، التي تعد الأولى له إلى صنعاء منذ أكثر من عام ونصف.

مقترحات جديدة

وتشير تقارير إلى أن المبعوث الأممي سينقل خلال هذه الزيارة، التي ستشهد لقاءات له مع قيادات سياسية في صنعاء، مقترحات وأفكاراً جديدة بشأن الدفع بملف الحل السياسي، وفي مقدمتها ما يتعلق باستئناف تصدير النفط، وتبادل الأسرى.

كما تأتي الزيارة في مرحلة أكثر تعقيداً يمر بها ملف السلام في اليمن، وسط تقارير إضافية تتحدث عن استعدادات لحرب شاملة تستهدف اليمن بذريعة إيقاف الهجمات البحرية والأخرى التي تستهدف العمق الإسرائيلي، وهو ما فشلت فيه ضربات وغارات التحالف الأمريكي البريطاني لمدة عام، الأمر الذي ارتفعت معه نبرة التهديدات الإسرائيلية باستهداف مدمر؛ ما يضع هذه الزيارة في زاوية ضيقة، عما يمكن أن تحققه في ظل هذا الوضع المعقد.

وقَدِم الدبلوماسي الاممي من العاصمة العمانية مسقط، عقب مباحثات أجراها مع وكيل وزارة الخارجية العمانية خليفة الحارثي، وعدد من كبار مسؤولي الدولة الخليجية، والوفد الوطني المفاوض برئاسة محمد عبدالسلام، في إطار تظافر الجهود لتعزيز السلام باليمن.

وشدد المبعوث الأممي على “أهمية خفض التصعيد واتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية شاملة”.

في حين ذكرت وزارة الخارجية العُمانية في تغريدة على حسابها بموقع “إكس” أن “اللقاء استعرض التطورات في المنطقة، ومستجدات القضية اليمنية، والجهود المبذولة للتوصل لحل سياسي لها”.

قضايا جوهرية

وطوال العام 2024 لم يحرز ملف السلام في اليمن أي تقدم، بل ظهرت تعقيدات جديدة مع ارتفاع نبرة الخطاب الإعلامي والسياسي باتجاه التصعيد، وسط مساعٍ إقليمية ودولية مكثفة لإيجاد حل سياسي شامل للأزمة في اليمن، شملت زيارات لوفدين سعودي وعماني إلى صنعاء في أبريل العام الماضي.

وبالرغم من إعلان غروندبرغ عن توافق الأطراف اليمنية على خارطة طريق لإحلال السلام، إلا أن العدوان الإسرائيلي على غزة، دفع القوات المسلحة اليمنية إلى الإعلان عن عملية طوفان الأقصى، إسناداً لغزة، التي تتعرض لعدوان إسرائيلي بدعم أمريكي منذ السابع من أكتوبر 2023م، وبدأت خلالها باستهداف السفن المتجهة إلى اسرائيل في البحر الأحمر وشن ضربات صاروخية في العمق الإسرائيلي، ما دفع واشنطن لإعاقة ترتيبات التوقيع على الخارطة، مطالبة أولاً بإيقاف الهجمات البحرية.

وسبق أن أعلن غروندبرغ في ديسمبر 2023، التزام الأطراف اليمنية بحزمة تدابير ضمن “خارطة طريق” تشمل وقفاً شاملا لإطلاق النار، وتحسين الظروف المعيشة للمواطنين، وحتى اليوم لم يتم تنفيذ خارطة الطريق، وسط اتهامات متبادلة.

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل التدابير الاقتصادية، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وبدء عملية سياسية شاملة.

 

 

 

مقالات مشابهة

  • بالتواريخ.. ما أبرز «الظواهر الفلكية» التي سيشهدها العام الجديد 2025؟
  • جيمي كارتر.. عرّاب كامب ديفيد الذي اقتنع أن إسرائيل لا تريد السلام
  • بماذا ردت صنعاء على العرض الأممي الجديد للسلام الذي حمله “غروندبرغ”؟
  • بالتزامن مع جنازة الرئيس جيمي كارتر... السفارة الاميركية في بيروت تعلن اغلاق أبوابها يوم غد
  • وصول جثمان جيمي كارتر إلى مبنى الكابيتول
  • وصول جثمان الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر إلى واشنطن
  • أمريكا.. وصول نعش جيمي كارتر إلى مبنى الكابيتول
  • جثمان الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر يصل إلى واشنطن
  • السفير التركي يعزي في وفاة الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر
  • الرئيس الجميل أبرق الى عائلة جيمي كارتر معزيا