في غياب إجماع وطني... انسحاب التحالف الدولي من العراق قد يكون كارثة مطلقة على البلاد
تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT
إعداد: فرانس24 تابِع | مارك ضو إعلان اقرأ المزيد
وضعت التطورات الأخيرة في الشرق الأوسط بعد اندلاع الحرب بين حماس وإسرائيل في غزة العراق على غرار دول عربية عدة بالمنطقة، في قلب التداعيات الإقليمية لهذا النزاع الدموي الذي خلّف حسب آخر حصيلة مقتل أكثر من 23 ألف شخص في غزة، وعلى الجانب الإسرائيلي حوالي 1140 شخصا.
ومنذ تفجر الصراع الذي لا يبعد مركزه سوى نحو ألف كيلومتر من بغداد، باتت السفارة الأمريكية وأيضا قواعد التحالف الدولي بقيادة واشنطن المتواجد منذ 2014 لمكافحة تنظيم "الدولة الإسلامية" ومنع عودته، هدفا لهجمات متكررة.
تبنى معظم تلك الهجمات التي تشن غالبا بواسطة الصواريخ وأيضا الطائرات المسيّرة، ميليشيات شيعية سابقة باتت تنضوي اليوم تحت لواء القوات النظامية. وهي تحالف فصائل "المقاومة الإسلامية في العراق" والتي تجمع تنظيمات حليفة لإيران ومرتبطة بالحشد الشعبي. تندد هذه الفصائل بالدعم الأمريكي للدولة العبرية في حربها على حركة حماس.
اقرأ أيضاغزة، 3 أشهر من الحرب، دمار شامل وأفق مجهول
ففي ظل عدم قدرتها على بلوغ الأراضي الإسرائيلية مباشرة، تهاجم "المقاومة الإسلامية في العراق" بشكل شبه يومي القوات الأمريكية التي يبلغ عديدها 2500 عنصر، والتي تضم أيضا في سوريا المجاورة 900 عسكري آخرين.
في هذا السياق، جدد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الجمعة رغبة بلاده "الثابتة" في انسحاب التحالف الدولي بقيادة واشنطن والذي يضم عدة دول منها فرنسا وإسبانيا، بدعوى "انتهاء مبررات وجوده".
وقال السوداني حسب بيان صادر عن مكتبه: "نؤكد موقفنا الثابت والمبدئيَّ في إنهاء وجود التحالف الدولي بعد أن انتهت مبررات وجوده". مضيفا: "إننا بصدد تحديد موعد بدء الحوار من خلال اللجنة الثنائية التي شُكلت لتحديد ترتيبات انتهاء هذا الوجود"، مؤكدا أنه "التزام لن تتراجع عنه الحكومة، ولن تفرط بكل ما من شأنه استكمال السيادة الوطنية على أرض وسماء ومياه العراق".
جاءت تصريحات السوداني غداة مقتل قيادي عسكري وعنصر في حركة النجباء بقصف استهدف مقرا للحشد الشعبي في بغداد الخميس 4 يناير/كانون الثاني، في ضربة تبنتها واشنطن وقالت إنها جاءت "دفاعا عن النفس"، واعتبرها العراق "اعتداء" عليه.
"تنامي الخطاب المعادي للولايات المتحدة"أوضح عادل بكوان مدير المركز الفرنسي للأبحاث حول العراق، في تصريح لفرانس24، بأن "محمد شياع السوداني في حاجة، لأسباب سياسية، لتبني هذا النوع من الخطاب ضد الوجود العسكري الأمريكي، لأنه يحقق له مكاسب سياسية وإعلامية هامة، خصوصا أنه [الخطاب] الأكثر هيمنة في صفوف الإطار التنسيقي [للمقاومة العراقية]".
فقد حصل محمد شياع السوداني على منصبه كرئيس للوزراء منذ عام، بفضل دعم الإطار التنسيقي، وهو تحالف من الفصائل الشيعية الموالية لإيران والتي تجمع تشكيلات سياسية وممثلين عن الحشد الشعبي.
يضيف بكوان: "هو لا ينسى [السوداني] أنه لم يكن لينصب رئيسا للوزراء لو لم يحظ بترشيح الإطار التنسيقي لهذا المنصب، وبأن لهذا التحالف الكلمة الفصل في إدارة علاقات القوة السياسية، وليس هو. رغم ذلك، فإنه لا يقف في صفوف أولئك الذين ينادون بإنهاء الوجود العسكري الأمريكي والذين يشوهون صورة واشنطن، الحليف الرئيسي للإسرائيليين، ما يجعله إذا يخاطر كثيرا بفقدان الشرعية في الوقت الذي يكتسب الخطاب المعادي لأمريكا مزيدا من الثقل منذ بداية الحرب في غزة، حيث إن صور المعاناة التي يكابدها المدنيون الفلسطينيون تصل إلى العراقيين".
يضيف نفس الخبير: "ينبغي على محمد شياع السوداني أن يعلم جيدا أن هذا سيكون بمثابة انتحار سياسي، خصوصا قبل عام وبضعة أشهر من الانتخابات التشريعية (المقررة في أكتوبر/تشرين الأول 2025). إضافة لذلك، هو مصمم بشدة على تقديم مرشحين في كافة أنحاء البلاد لتعزيز فرصه للاحتفاظ بمنصبه كرئيس للوزراء. حتى ولو كان ذلك يعني انخراطه في الشعبوية والاستغلال، برغم أنه كان قد استفاد من دعم الولايات المتحدة والأوروبيين خلال تعيينه على رأس الحكومة في أكتوبر/تشرين الأول 2022. كما أنه التقى السفيرة الأمريكية في بغداد لما يقرب من عشرين مرة في ظرف يزيد قليلا عن العام. وهذا ما لم يقم به أي رئيس وزراء عراقي سابقا".
اقرأ أيضاالعراق: رئيس الحكومة محمد شياع السوداني يتسلم مهامه وسط مظاهرات مناهضة له
يوضح مدير المركز الفرنسي للأبحاث حول العراق أيضا بأن دعم واشنطن للسوداني كان يخضع لشروط معينة، بما فيها مراقبة أنشطة الميليشيات، وجعل خطاب الإطار التنسيقي معتدلا فيما يخص الوجود الأمريكي، وتخفيف التوترات السياسية مع الأكراد والطائفة السنية.
يقول عادل بكوان في هذا السياق: "لكن أقل ما يمكن لنا قوله، هو أن محمد شياع السوداني لم يكن في مستوى الوعود التي قطعها للأمريكيين الذين قاموا في المقابل، بالاستجابة بشكل مثالي للمطالب العراقية التي كانت ذات طبيعة أمنية واقتصادية".
مخاطر من "أيرنة" الاقتصاد العراقييرى نفس الخبير بأن القطيعة مع الولايات المتحدة وإنهاء وجود التحالف الدولي "سيكون مرادفا للكارثة، بل للمأساة المطلقة" بالنسبة إلى العراق واقتصاده.
ويتابع قوله بأنه في حال "إذا ما اختار العراقيون القطيعة، فإن بغداد تخاطر بالتعرض للعقوبات ورؤية الاقتصاد العراقي بأكمله "مؤيرنا". يعني هذا أن تجد البلاد نفسها في نفس الوضع الذي يعيشه اقتصاد الجمهورية الإسلامية الذي بات في الحضيض بسبب العقوبات الأمريكية. فمن دون الوصول للدولار الأمريكي أو إلى حسابها الذي يديره الاحتياطي الفيدرالي، والذي تمر عبره كافة عائدات النفط العراقي بالدولار، ستخسر البلاد المليارات. ناهيك عن المخاطر الأمنية حيث لا يزال تنظيم "الدولة الإسلامية" نشطا. من ثمة، ففي ظرف ثلاثة أو أربعة أشهر، يمكن لتهديد هؤلاء الجهاديين أن يصبح أكثر خطورة، في ظل غياب دعم التحالف الدولي والقوات الأمريكية".
من جهتها، ليس مستغربا أن تعلن إيران تأييدها لدعوة رئيس الوزراء العراقي إلى انسحاب القوات الأجنبية من البلاد. ففي نظر طهران "لقد حان الوقت لأن ترحل واشنطن من العراق".
يتساءل بكوان: "من يستطيع أن يتخيل أن القادة الإيرانيين كانوا ليقولوا بشكل رسمي إن العراقيين ما زالوا بحاجة إلى الوجود العسكري الأمريكي في العراق؟"، يضيف: "لكن الواقع مختلف، حيث يستفيد الإيرانيون بطريقتهم الخاصة، من وجود الولايات المتحدة عند جارهم. خصوصا وأن مليارات الدولارات تمر كل عام من العراق إلى إيران لإنعاش اقتصاد الأخيرة، علاوة على ذلك، فإن انهيار العراق على المستويين الاقتصادي والأمني سيكون له تداعيات وعواقب لا يمكن السيطرة عليها ولا تقدر بثمن بالنسبة إلى طهران".
لا انسحاب للتحالف بدون إجماع وطني عراقي؟يرى مدير المركز الفرنسي للأبحاث حول العراق بأن الإيرانيين لو أرادوا التخلص فعلا من الوجود العسكري الأمريكي، لكانوا قد اتخذوا إجراءات جذرية.
ويقول في هذا الشأن: "ما الذي يمنعهم من فعل ذلك. لقد كان لديهم الإمكانية، بفضل وجود 80 ميليشيا تضم ما لا يقل عن 220 ألف مقاتل، لتحويل العراق إلى جحيم للولايات المتحدة بعد اغتيال الجنرال القوي قاسم سليماني في 2020، مهندس النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط. لكنهم لم يفعلوا ذلك. لماذا؟"
في المقابل، ورغم الخطابات العدائية، يبدو أن الجنود الأمريكيين المنتشرين في العراق مستعدون للبقاء. يقول عادل بكوان في هذا الصدد: "الأكيد أنهم لن يرحلوا بين عشية وضحاها"، وهو يذكّر بوجود اتفاقية تربط الدولة العراقية والولايات المتحدة، وهي الإطار الاستراتيجي والمعمول بها منذ عام 2009، وهي تقضي أنه في حال لم يخطر أحد الشريكين الجانب الآخر مطلقا بنيته الانسحاب منها، فإن الاتفاقية لن تصبح سارية المفعول سوى بعد مضي عام واحد من تاريخ الإخطار".
يتابع محاورنا: "لقد عادت الولايات المتحدة إلى العراق في 2014، لأن تنظيم "الدولة الإسلامية" كان يحتل قسما كبيرا من الأراضي العراقية". يلحظ عادل بكوان ههنا بأن الجهاديين لم يكونوا بعيدين كثيرا عن بغداد. وهو يشدد على "لقد عادوا [الأمريكيين] لأن إجماعا وطنيا كان موجودا حينها، بين الشيعة، السنة، الأكراد، والعرب. كانوا يتوسلون إليهم لكي يرجعوا لأن البلاد كانت في خطر. اليوم، يتطلب الأمر نفس الإجماع الوطني لمطالبتهم بالرحيل، لكن لا الأكراد ولا السنة يؤيدون حاليا مثل هذا الموقف. بل على النقيض من ذلك تماما، هناك مطالبة قوية ببقاء الأمريكيين" في العراق.
المصدر: فرانس24
كلمات دلالية: الحرب بين حماس وإسرائيل موجة برد كأس الأمم الأفريقية 2024 ريبورتاج العراق تنظيم الدولة الإسلامية إيران الحشد الشعبي ميليشيا شيعة للمزيد أكراد السنة محمد شياع السوداني الحرب بين حماس وإسرائيل فرنسا إيمانويل ماكرون غابرييل أتال الحكومة الفرنسية إليزابيت بورن الجزائر مصر المغرب السعودية تونس العراق الأردن لبنان تركيا الوجود العسکری الأمریکی محمد شیاع السودانی الولایات المتحدة الإطار التنسیقی التحالف الدولی فی العراق فی هذا
إقرأ أيضاً:
لماذا يعد انسحاب واشنطن من الملف السوري خطوة خاطئة؟
فتح الانهيار السريع والمفاجئ لنظام حكم الرئيس بشار الأسد في سوريا، الباب أمام تساؤلات الجميع عن الرابحين والخاسرين من هذا السقوط، وتداعيات ذلك على المنطقة وما ورائها.
وفي تحليل نشرته مجلة "ناشونال إنتريست" الأمريكية، قال المحلل الأمريكي هنري باركي أستاذ فخري العلاقات الدولية في جامعة ليهاي الأمريكية والباحث الزميل في دراسات الشرق الأوسط بمجلس العلاقات الخارجية إن "قائمة الرابحين من سقوط نظام حكم الأسد تبدأ بتركيا وتضم إسرائيل ولبنان وربما دول أخرى في العالم العربي، ناهيك عن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي".
On Washington’s opportunities and the challenges of post Assad Syria https://t.co/O6IOzqurej
— Henri Barkey (@hbarkey) December 19, 2024ولكن الوقت مازال مبكراً للغاية للتنبؤ بالتطورات المستقبلية في سوريا التي ستكون خلال المرحلة المقبلة، ساحة لتدخل عدد من اللاعبين الدوليين والإقليميين في مقدمتهم الولايات المتحدة وتركيا وإسرائيل.
وقد أظهرت الأحداث الأخيرة في الشرق الأوسط ومناطق أخرى من العالم، أن هذه الصراعات الحادة غالباً ما تطلق سلسلة من النتائج غير المرغوبة. وتعود هذه النتائج غالباً ترجع إما للتكوينات المجتمعية، أو للقرارات غير المدروسة التي اتخذها القادة، أو إلى كليهما.
ويمكن أن تعزى التطورات السورية الحالية جزئياً إلى هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 والحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة منذ ذلك اليوم. فقد قررت إيران ووكيلها في لبنان، حزب الله، على الفور دعم حماس بقصف شمال إسرائيل وإجبار عشرات الآلاف من الإسرائيليين على النزوح منه. وفي نهاية المطاف، أدى القصف الذي استمر لمدة عام إلى رد فعل إسرائيلي مضاد مدمر أضعف كل من إيران وحزب الله بشدة، وجعلهما غير قادرين على دعم بشار الأسد كما كانا في الماضي.
وتشير التقارير القادمة من سوريا، إلى أن الفصائل المسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام، فوجئت بالسرعة التي انهار بها نظام الحكم السوري وتبخر جيشه. ولم يكن أحد، بما في ذلك حلفاء الأسد أو أعداؤه، يتوقعون الدرجة التي تآكلت بها مؤسسات الدولة والجيش السوري، بسبب الفساد المتعمد والقمع وسوء الإدارة.
وهذا يشير إلى حاجة المجتمع الدولي وجيران سوريا، إلى ممارسة أقصى درجات الحذر في تعاملهم مع سقوط نظام الحكم وتقديم الدعم للشعب السوري. فالمعروف عن طبيعة هيئة تحرير الشام قليل. وهي منظمة مسلحة جذروها تعود إلى تنظيمي القاعدة وجبهة النصرة. وهذان التنظيمان الإرهابيان تسببا في الكثير من الفوضى والعنف والبؤس في سوريا.
كما أن هيئة تحرير الشام ليست الجماعة المسلحة الوحيدة في سوريا، حيث يمكن للظروف الاقتصادية المزرية في البلاد أن تفجر العنف مرة أخرى بسهولة. وربما نجح زعيمها أبو محمد الجولاني في السيطرة على الموقف فور سقوط الأسد. ومع ذلك، فإن التحديات الخارجية والداخلية التي تنتظره ومنظمته قد تكون مستعصية للغاية.
ومن الخارج انخرط زعيمان متسلطان من دولتين مجاورتين في تصرفات من شأنها تقويض الحكومة السورية الجديدة. فقد أصدر رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتانياهو توجيهات للجيش الإسرائيلي، بعبور الحدود مع سوريا واحتلال مساحات واسعة من أراضيها. كما أمر بتنفيذ حملة تدمير شاملة لكل مقدرات الجيش السوري بدعوى القلق من وقوعها في أيدي الجماعات المسلحة.
وقررت الحكومة الإسرائيلية مضاعفة نشاط الاستيطان في هضبة الجولان السورية المحتلة. ولم يمد نتانياهو المتبجح على حد وصف هنري باركي يده للشعب السوري، بل استخدم لغة صارمة وعدائية لا بد أن تثير غضب الزعماء السوريين الجدد، بل وتزيد من الشكوك والعداء لإسرائيل في المنطقة، لأن الزعيم الإسرائيلي مهتم إلى حد كبير باستغلال سوريا لتعزيز موقفه الهش في الداخل، الذي تضرر من إدارته للحرب في غزة وتعامله مع قضية المحتجزين لدى الفصائل الفلسطينية في القطاع ومحاكمته بتهم الفساد.
وأما الزعيم الثاني، فهو الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي يسعى أيضاً لتحقيق أهدافه الخاصة في سوريا، حيث وجه الجيش الوطني السوري وهو فصيل مسلح يسيطر عليه، لمهاجمة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) الكردية في شمال سوريا. كما أن السلطات الجديدة في دمشق قالت إنها لن تتسامح مع أي مجموعات مسلحة خارج سيطرة الحكومة المركزية.
وتعتبر تركيا قوات قسد منظمة إرهابية، في حين أنها تشكل المحور الرئيسي للجهود التي تبذلها الولايات المتحدة منذ 10 سنوات لهزيمة تنظيم داعش الإرهابي في سوريا واحتوائه. وقد نشرت واشنطن 900 جندي للتعاون مع الأكراد السوريين.
كما أن تركيا، ترى قسد تهديداً استراتيجياً، لأنها تخشى من نجاحها في الحصول على أي شكل من أشكال الحكم الذاتي لأكراد سوريا على الأقلية الكردية في تركيا، وهو ما جعل الأخيرة تتحدث عن استعدادها للتدخل العسكري في سوريا للقضاء على هذا التهديد، في حين تتحدث تقارير عن وساطة أمريكية لوقف إطلاق النار بين قسد والأتراك.
وكل هذا يعني أن واشنطن ستظل القوة الوحيدة القادرة، على إدارة علاقات القوة بين اللاعبين في الساحة السورية واستمرار مطاردة تنظيم داعش. وهذه من بين الأسباب الخارجية التي تفرض على الولايات المتحدة، وعلى عكس رغبات الرئيس القادم دونالد ترامب، استمرار انخراطها في سوريا والشرق الأوسط الأوسع.
سقوط الأسد نهاية "الهلال الإيراني" - موقع 24شكل سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا نهاية النفوذ الإيراني، وصعوداً كبيراً للنفوذ تركيا، مما يعيد رسم المشهد الجيوسياسي من القرن الأفريقي إلى بلاد الشام وأفغانستان.فالحكومة السورية الجديدة تواجه مهمة ضخمة لإعادة بناء الدول المتداعية والاقتصاد المدمر، في حين أن الولايات المتحدة تمثل حالياً عقبة أمامها. فواشنطن وحلفاؤها الغربيون يدرجون هيئة تحرير الشام وزعيمها رئيس السلطة الحالية في سوريا أحمد الشرع أو أبو محمد الجولاني سابقاً على قوائم الإرهاب. وهذا الإدراج إلى جانب العقوبات المفروضة على سوريا تجعل من الصعب جداً على الشركات الدولية أو الدول الأخرى التعامل مع الحكام الجدد في دمشق.
ويرى هنري باركي أن "الإطاحة بحكم الأسد مع هزيمة إيران وحزب الله وفقدان روسيا لنفوذها في سوريا، تمثل فرصة لا تتاح إلا كل جيل. فالنظام الإيراني أقام شبكة حلفاء قوية سمحت له بحماية نفسه ومواصلة سياساته القمعية في الداخل. والآن لم يعد من هؤلاء الحلفاء إلا الميليشيات الشيعية في العراق، والحوثيين في اليمن. لذلك سيكون من المؤسف أن تنسحب واشنطن من الملف السوري، فتسمح لإيران بإعادة تشكيل محورها أو للروس باستعادة نفوذهم. فالولايات المتحدة هي القوة الوحيدة القادرة على منع هذا السيناريو حالياً".
ولا يوجد أي سبب يدعو واشنطن إلى عدم الاستفادة من مثل هذه الظروف المواتية، وخاصة في ظل إعادة تشكيل توازن القوى الإقليمي على نحو جذري. ويتوقع الجميع تقريباً في المنطقة، من الأقليات في سوريا مثل الأكراد والعلويين والمسيحيين إلى كل الدول، من الأعداء إلى الحلفاء، أن تظل الولايات المتحدة منخرطة في سوريا. وربما تكون المنطقة مستعدة لدفعة حقيقية من أجل السلام الشامل، لكن من المفارقات العجيبة أن تركيا ونتانياهو (وليس إسرائيل)، هما الوحيدان اللذان لا يرغبان في رؤية واشنطن تقوم بهذا هذا الدور.