دفعت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر شركات نقل بحري إلى تغيير مساراتها، فبات عدد متزايد من السفن يتجنّب قناة السويس، ما سيؤثر سلبا في الاقتصاد المصري المأزوم مع مرور الوقت، وفق خبراء.

وحسب بيانات صندوق النقد الدولي، انخفضت حركة نقل البضائع عبر قناة السويس الأسبوع الماضي بنسبة 35% مقارنة بالفترة نفسها من 2023.

ورصد الصندوق خلال الفترة نفسها زيادة في نقل البضائع عبر طريق رأس الرجاء الصالح في أفريقيا بنسبة 67.5%.

وتقول جماعة الحوثي، إنها تستهدف إسرائيل والسفن المرتبطة بها للضغط لوقف الهجوم على قطاع غزة.

ومنذ 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، تعرّضت 25 سفينة تجارية كان تبحر في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن إلى هجمات.

وتعرّض الهجمات الممر الذي ينقل من خلاله ما يصل إلى 12% من التجارة العالمية للخطر، ما دفع الولايات المتحدة إلى تشكيل قوة بحرية متعددة الجنسيات لحماية السفن من هذه الهجمات.

وكانت هيئة قناة السويس قالت في بيان لها في ديسمبر/كانون الأول الماضي "تحوّل 55 سفينة للعبور عبر طريق رأس الرجاء الصالح منذ 19 نوفمبر/تشرين الثاني".

وأعلنت شركة الشحن الدانماركية العملاقة "ميرسك" الجمعة الماضية أنها ستحول جميع سفنها لتدور حول أفريقيا بدلا من استخدام البحر الأحمر وقناة السويس في "المستقبل المنظور".

زيادة تكلفة المخاطر

ولم يطمئن انتشار البوارج الغربية في البحر الأحمر لحماية حركة الملاحة على ما يبدو القطاع.

ويرى مدير المعهد العالي للتجارة البحرية بفرنسا، بول توريه، أن شركات الشحن مستعدة لتحمّل تكلفة الطريق الأطول.

وقال توريه لوكالة الصحافة الفرنسية "اتضح أن الرحلتين حول أفريقيا وعبر قناة السويس تكلّفان السعر نفسه تقريبا"، مشيرا إلى ارتفاع نفقات الوقود في الطريق الأطول، ورسوم المرور الباهظة في الممر الملاحي المصري.

ونشر مركز صوفان للأبحاث الإستراتجية ومقره نيويورك في تقرير حديث، أنه على الرغم من أن "أسعار الشحن تضاعفت 3 مرات تقريبا" منذ بدء هجمات الحوثيين، إلا أن التكاليف "لا تزال أقل بكثير مما كانت عليه خلال فترة جائحة كوفيد-19".

وحسب الخبراء، مع الالتفاف حول رأس الرجاء الصالح، تزداد مدة رحلة السفن بين آسيا وأوروبا ما بين 10 و20 يوما أكثر مما يلزم من الوقت في حال عبور قناة السويس التي تربط بين البحرين المتوسط والأحمر، وتمر عبرها 12% من حركة التجارة البحرية الدولية.

مصدر للنقد الأجنبي

على المدى القصير، تقول المصادر المصرية إن عائداتها من القناة لم تتأثر، لكن ماذا إن طالت الأزمة؟

وعدّ مصدر ملاحي مصري أن "تغيير بعض الخطوط مسارها أزمة مؤقتة سيظهر تأثيرها بصورة أكبر كلما طالت المدة"، مشيرا إلى "ارتفاع عائدات القناة لشهر ديسمبر/كانون الأول المنصرم بزيادة قدرها 12 مليون دولار عن الشهر نفسه من 2022، لتسجل 748.9 مليون دولار على الرغم من هجمات الحوثيين".

ونشر مشروع "حلول السياسات البديلة" التابع للجامعة الأميركية في القاهرة في تقرير له هذا الأسبوع أنه "من المتوقع أن يكون الاقتصاد المصري من أكثر المتضررين من تباطؤ حركة الملاحة البحرية في باب المندب".

وتشكّل عائدات القناة أحد أبرز 5 مصادر للنقد الأجنبي في مصر بين الصادرات والسياحة وتحويلات المصريين العاملين في الخارج.

وكانت تحويلات المصريين بالخارج بدورها سجلت انخفاضا خلال الربع الأول من العام المالي 2023-2024 بنسبة حوالى 30% لتسجل نحو 4.5 مليار دولار، مقارنة بالمدة نفسها من العام المالي السابق.

وحققت القناة في العام المالي 2022-2023 عائدات مالية بلغت 9.4 مليارات دولار، وهي أعلى إيرادات سنوية تسجلها، وبزيادة قدرها نحو 35% عن العام السابق، وفق ما أعلنت الهيئة في يونيو/حزيران الماضي.

ويتزامن الاضطراب في الملاحة بالبحر الأحمر مع واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخ مصر، بعدما سجل معدل التضخم السنوي مستوى قياسيا يبلغ حاليا 35.2% مدفوعا بتراجع قيمة العملة المحلية، ونقص العملة الأجنبية في ظل استيراد القسم الأكبر من الغذاء، فضلا عن تزايد حجم الدين الخارجي الذي يبلغ 164.7 مليار دولار.

وتوقع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية أن تنفق مصر 70% من إيراداتها في 2024 على سداد فوائد الديون.

ويعتقد توريه أن "إيرادات قناة السويس تساعد في الحفاظ على غطاء طنجرة الضغط الاجتماعي" في مصر، البلد الذي يتخطى عدد سكانه 105 ملايين، ثلثهم على الأقل تحت خط الفقر.

وعن تأثر القناة بالأزمة الحالية، يقول "قد يكون شهر واحد مقبولا.. لكن شهرين فالأمر مقلق".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: هجمات الحوثیین البحر الأحمر قناة السویس

إقرأ أيضاً:

لماذا تتردد شركات الشحن بالعودة إلى البحر الأحمر رغم وقف الحوثيين عملياتهم؟

نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرا  أعده بينوا فوكون وكوستاس باريس قالا فيه إن شركات الشحن البحري الكبرى لا تزال تتجنب  طرق الملاحة في البحر الأحمر، رغم تعهدات حركة الحوثيين بأنها ستوقف عمليات الإستهداف. 

ولا تزال أكبر ثلاث شركات لتشغيل الحاويات في العالم خائفة من عدم الإستقرار والتوترات الأقليمية مما يعني استمرار الخطر. 

وقالت شركات الشحن البحري الكبرى إنها لن ترسل سفن الحاويات عبر البحر الأحمر، رغم ما صدر من حركة الحوثيين التي  تسيطر على شمال وغرب اليمن بما فيها العاصمة، صنعاء التوقف عن استهداف السفن التجارية، طالما استمر وقف إطلاق النار في غزة. 

وأشارت إلى أن أكبر ثلاث شركات حاويات وهي أم أس سي ميديتريان شيبنغ وإي بي مولر- ميرسك وجي ام إي سي جي أم قالت إنها ستلتزم بالطرق الأخرى نظرا لما قالت إنه وضع لا يمكن التكهن به في غزة والتوترات الأوسع في المنطقة. وقال نيلز هاوبت، المتحدث باسم أكبر شركة شحن في ألمانيا، "هاباغ لويد": "لا تريد إرسال ناقلة غاز تحترق، لا نعرف متى سنعود". 

ولأكثر من عام، استخدم الحوثيون الصواريخ والمسيرات بدون لاستهداف السفن التجارية والسفن التي ترافقها من أجل الحماية في البحر الأحمر، الذي كان ذات يوم أحد أكثر طرق التجارة ازدحاما في العالم.

ولجأت شركات الشحن إلى إرسال السفن حول رأس الرجاء الصالح في الطرف الجنوبي من أفريقيا بدلا من ذلك. ومنذ هجوم حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر الذي أدى لحرب انتقامية في غزة، استهدف الحوثيون أكثر من 100 سفينة في البحر الأحمر.

 وفي رسالة عبر البريد الإلكتروني قال الحوثيون لشركات الشحن البحري إنهم لن يستهدفوا  السفن البريطانية والأمريكية أثناء سريان مفعول اتفاق النار. وأفرجت المجموعة هذا الشهر عن طاقم سفينة غالاغسي ليدر التي سيطروا عليها في تشرين الثاني/نوفمبر 2023. 

لكن المجموعة قالت إنها ستواصل استهداف السفن الإسرائيلية. وفي الماضي استهدف الحوثيون سفنا قالوا إنها إسرائيلية، رغم عدم وجود علاقات مع إسرائيل أو بعلاقات محدودة. 

لكن زعيم الحركة، عبد المالك الحوثي أكد أن جماعته ستستأنف ضرب السفن لو فشل وقف إطلاق النار. ويأتي التردد من شركات الشحن العالمية بسبب المخاطر التي تواجه الشركات، رغم الضربات الأمريكية والإسرائيلية ضد الحركة. 

كما وأشار الحوثيون إلى أنهم سيعاودون استهداف السفن التجارية إذا واصلت إسرائيل العمليات العسكرية في الضفة الغربية. 

وأعادت إدارة ترامب وضع الحوثيين على قائمة المنظمات الإرهابية.

 وقبل العدوان على قطاع غزة، كانت السفن التي تمر عبر البحر الأحمر تحمل حوالي 40% من البضائع المتداولة بين آسيا وأوروبا.

والآن تضيف السفن التي تتحول حول جنوب إفريقيا ما يصل إلى أسبوعين من وقت الإبحار وأسعار شحن أعلى يتحملها أصحاب البضائع. ويتم نقل 14 مليون حاوية سنويا عبر هذا الممر البحري، وتحمل كل شيء من السيارات والمواد الغذائية إلى السلع المنزلية والإلكترونيات، وتقدر قيمتها الإجمالية بأكثر من تريليون دولار. 

ويقدر بعض خبراء الشحن أن إعادة توجيه السفن وزيادة رسوم التأمين ربما تكلف أكثر من 40 مليار دولار في العام الأول من الهجمات. وقال أحد المسؤولين التنفيذيين في مجال الأمن البحري إن بعض المشغلين ألمحوا إلى أنهم سيعودون إلى ممرات البحر الأحمر بمجرد اكتمال المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار في غزة. 

ويقول المسؤولون التنفيذيون في مجال الشحن إنهم يخططون الآن للعودة التدريجية إلى المنطقة في الربع الثاني من العام، ولكنهم يخشون أن تنتهي العودة إلى حالة من التدافع.

وقال مسؤول تنفيذي في إحدى شركات النقل الأوروبية الكبرى إن إعادة توجيه السفن مهمة "معقدة لأننا سنواجه مشاكل ازدحام كبيرة في بعض الموانئ الأوروبية مع وصول السفن من قناة السويس ومن جنوب إفريقيا". 

وتقول شركة موانئ دبي العالمية، وهي شركة إماراتية تدير محطات في البحر الأحمر، إن بعض الرحلات التي تم تحويلها سابقا قد تستأنف في غضون.

وقال نائب الرئيس التنفيذي للشركة، يوفراج نارايان، إن هذا "سيعني انخفاض أسعار الشحن بنسبة 20 أو 25٪". وإذا لم تحدث حوادث، فالأمر مجرد مسألة وقت".


وقال الرئيس دونالد ترامب إنه يعتزم إعادة فرض العقوبات الشاملة ضد إيران، الراعي الرئيسي للحوثيين. وأدى قراره، خلال رئاسته الأولى، بفرض حظر نفطي كامل على طهران بسبب برنامجها النووي إلى سلسلة من الهجمات على ناقلات النفط والمنشآت في منطقة الخليج. 

وفي يوم الجمعة، قالت عمليات التجارة البحرية البريطانية، وهي هيئة بحرية بريطانية تتواصل مع السفن التجارية في الشرق الأوسط، إنها تلقت تقارير عن محاولات من قبل الجيش الإيراني إصدار أوامر للسفن في منطقة الخليج بدخول المياه الإيرانية.

مقالات مشابهة

  • «اقتصادية قناة السويس» تحقق 5.7 مليار دولار إيرادات في منتصف العام الحالي
  • رئيس قناة السويس: مؤشرات البحر الأحمر إيجابية وجاهزون لاستقبال السفن
  • قناة السويس تبحث مع ٢٣ جهة ملاحية عالمية تطورات الوضع بالبحر الأحمر
  • الفريق ربيع: قناة السويس حريصة على التواصل المباشر والفعال مع كافة عملائها.. والتوكيلات الملاحية شركاء نجاح لنا
  • هل يؤثر وقف إطلاق النار في غزة على استراتيجية الحوثيين في البحر الأحمر؟
  • البحرية الأمريكية: مررنا باختبار حقيقي في البحر الأحمر
  • انضمام فرقاطة إيطالية للأسطول الأوروبي ''أسبيدس'' في البحر الأحمر
  • تحركات أوروبية عسكرية جديدة لمواجهة الحوثيين في البحر الأحمر
  • انضمام فرقاطة إيطالية لمهمة "أسبيدس" لحماية الملاحة في البحر الأحمر
  • لماذا تتردد شركات الشحن بالعودة إلى البحر الأحمر رغم وقف الحوثيين عملياتهم؟