غزة- كل صباح، يستقبل البائع المتجوّل سعيد عقل، نازحين يعرضون عليه شراء بضائع بسيطة ومتنوعة مما يملكون وما يتوفر لديهم، بغرض الحصول على "سيولة نقدية" لشراء مستلزمات أخرى لأسرهم.

ولم يسبق لسعيد عقل، الذي نزح أيضا قبل نحو 20 يوما، من مخيم النصيرات وسط قطاع غزة إلى رفح في أقصى الجنوب، أن عمل بالتجارة، لكنّ الظروف الصعبة التي يحياها بسبب العدوان الذي يشنه الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي على قطاع غزة، أجبرته على ذلك.

الباعة المتجولون ينتشرون في كل مكان بشكل لافت، عارضين بضائع أغلبها من الأطعمة وأدوات التنظيف (الجزيرة) أحوال غير مسبوقة

يعرض عقل في "بسطته" المتنقلة أصنافا متعددة من البسكويت والعصائر ومعلبات الطعام، ويقول للجزيرة نت "أنا لست تاجرا، الظروف جعلتني بائعا كي أعيش، لدي 7 أفراد أريد أن أنفق عليهم".

وثمّة مصدر آخر للبضائع التي يبيعها عقل، وهو "ميدان النجمة" الشهير برفح، والذي يعرض فيه تجار الجملة بضائع، يقولون إنها تدخل عبر معبر رفح، ويقول عقل "أنا نازح، ويأتيني أيضا نازحون كي يبيعوا بعض البضائع، وأنا أشتري منهم وأعرضه للبيع"، ويشير إلى البائعين المنتشرين حوله قائلا "كل البائعين مثلي، أغلبهم من النازحين، ويبيعون ويشترون كي يحصلوا على قوت يومهم".

وفي ظاهرة لافتة، رغم استمرار العدوان الإسرائيلي، وعدم توقف الغارات الجوية والقصف المدفعي، ينتشر الباعة المتجولون في كل مكان، عارضين بضائع بسيطة ومتشابهة، يغلب عليها الأطعمة وأدوات التنظيف.

ويعاني سكان قطاع غزة من ظروف اقتصادية قاسية بسبب الحرب، حيث فقد غالبيتهم مصادر الدخل، وتعرضت منازلهم ومزارعهم للتدمير، فيما تقول الأمم المتحدة إن 85% منهم أصبحوا نازحين، بينما تشدد إسرائيل حصارها على القطاع، ولا تسمح بمرور سوى نسبة قليلة من المساعدات الإغاثية الدولية.

يقول عقل إنه يربح يوميا من تجارته، ما بين 50 إلى 70 شيكلا (من 13 إلى 19 دولارا)، مضيفا أنه لا يكفي أسرته في ظل الغلاء الفاحش الذي تسبب به شح البضائع، ويُقر عقل أن أسعار البضائع التي يعرضها باهظة ومبالغ فيها، محملاً المسؤولية "للتجار الكبار ولانعدام الرقابة الحكومية"، ولشح البضائع وقلة المعروض مع ارتفاع الطلب.

عبود الشاعر يقول للجزيرة نت إنه اضطر للعمل كبائع بسبب ظروف الحرب (الجزيرة) "البيع".. المهنة المتبقية لجميع السكان

ورغم أن غالبية الباعة هم من فئة النازحين، يضطر العديد من سكان مدينة رفح الأصليين إلى العمل في التجارة لإعالة أنفسهم، ومن هؤلاء عبود الشاعر (23 عاما)، الذي يقول للجزيرة نت إنه لم يسبق له العمل في البيع والتجارة قبل الحرب، مضيفا "لست تاجرا، ولكن وضع البلد وقلة المصاريف هي التي دفعتني".

ويضيف الشاعر أن 95% من التجار والبائعين "هم من النازحين، نظرا لظروفهم الصعبة واحتياجات أسرهم"، ويقول "يأتيني نازحون من المدارس (مراكز الإيواء) ويعرضون بضائعهم، النازح ليس معه مال، ويريد أن يشتري لأطفاله أغراضا أخرى، فيعرض ما لديه للبيع".

يبيع الشاعر البسكويت والمعلبات والزعتر والعصائر والأجبان، شأنه كسابقه عقل، حيث يشتري البائع الجائل أيضا جزءًا من بضاعته من تجار الجُملة الموجودين في ميدان "النجمة"، موضحا أن رأس ماله لا يزيد على 700 شيكل (190 دولارا).

ويقول الشاعر إن التجار يعانون من غلاء الأسعار، كالمواطنين تماما، ويضيف في هذا الصدد "الصنف الذي كان يباع قبل الحرب للمستهلك بنصف شيكل، أنا كتاجر أشتريه اليوم بـ2.4 شيكل، وأبيعه بـ3 شواكل، لسنا نحن من يرفع الأسعار".

وحول أرباحه من تجارته الصغيرة يقول "أحصّل يوميا حوالي 80 شيكلا (21 دولارا)، أنفقها بالكامل على شراء الطعام والشراب فقط، فأنا أعزب وأنفق على نفسي".

وبعيدا عن بيع السلع الجاهزة، اتجه خميس سلامة (20 عاما) إلى صناعة الخبز، بعد أن لاحظ عمق الأزمة التي يعاني منها سكان قطاع غزة، بعد أن منعت إسرائيل إدخال الوقود للمخابز وقصفت العديد منها، وقطعت إمدادات الكهرباء، وقلصت إلى حد كبير إدخال الدقيق.

يبيع سلامة الرغيفين بشيكل واحد (الدولار= 3.7 شواكل)، ويحتاج في اليوم إلى 3 أكياس من الدقيق (150 كيلوغراما)، وكمية من الأخشاب لإشعال النار، ويقول للجزيرة نت "مشروعي متعلق بظروف الحرب فقط، وهو خدماتي أكثر منه ربحي، أريد أن أساعد الناس الذين يعانون من نقص الخبز"، مشيرا إلى أن مجموع ما يربحه يوميا لا يزيد على 20 شيكلا (5 دولارات)، بالإضافة إلى أجور العمال.

خميس سلامة للجزيرة نت: أريد أن أساعد الناس الذين يعانون من نقص الخبز (الجزيرة) ظاهرة طبيعية لكنها سلبية

ويرى رئيس تحرير صحيفة "الاقتصادية" محمد أبو جيّاب، في انتشار الباعة المتجولين، ظاهرة سلبية، سببها فقدان السكان لأعمالهم، وسوء توزيع المساعدات "القليلة"، وشحّ البضائع وعدم تلبيتها لحاجة السكان.

وقال أبو جيّاب للجزيرة نت إن "توقف حركة العمل في مختلف المجالات، دفع الناس -وخاصة النازحين منهم- للعمل في التجارة".

وانتقد أبو جيّاب عملية توزيع المساعدات على المحتاجين، حيث قال إنها "لا تسير بطريقة صحيحة، وبعض منها وجد طريقه نحو الأسواق".

ورغم أن تداول بيع السلع  يوفر سيولة نقدية للمحتاجين، وبعض البضائع المفقودة في الأسواق، فإنه يرهق الاقتصاد، حيث يتسبب في غلاء فاحش في الأسعار، قد يصل إلى 20 ضعفا من سعرها الأصلي، بحسب أبو جيّاب.

وفي المقابل، يرى أبو جيّاب أن الظاهرة هي "تعبير عن صمود السكان في وجه الأوضاع الصعبة والخطيرة التي يعيشونها".

ويضيف أن "غالبية مَن في الأسواق ليسوا تجارا، بل هم نازحون مشردون، وهذا كان محاولة منهم للبقاء، والمحافظة على الحد الأدنى من كرامة العيش، في ظل تراجع نسب المساعدات".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

حجم المياه الذي وصل لبحيرة ناصر من حصة السودان حتى اليوم ومنذ بداية الحرب في إبريل 2023 يزيد عن (25 مليار متر مكعب)

ليه يا سويلم ليه تفتح توشكي ليه .. بتهدر الخير ثم تبكي عليه!!..
1- أحزني جدا قرار وزير الري الدكتور/ هاني سويلم فتح مفيض توشكي قبل يومان في وقت فيه منسوب بحيرة ناصر لازال عند منسوب أقل من (180.5 فوق سطح البحر)

2- على مدار السنوات الماضية تكرر وصول منسوب بحيرة ناصر حتى (181.98 فوق سطح البحر) عدة مرات خلال الفترة بين عام (2019- 2022). فلماذا تسرعت يا حاج سويلم في فتح بوابات مفيض توشكي وأنت لازال عندك قرابة (1.5 فرغ) لتصل للمنسوب الأعلى لبحيرة ناصر.
3- الإتحاد السوفيتي عامل لك (36 بوابة للمفيض العلوي) فوق السد العالي عند منسوب (182 فوق سطح البحر) عشان تسيطر على أي فيضان بعد أمتلاء بحيرة ناصر. ليه لا تستغل تلك البوابات الــ (36) بدلا من مفيض توشكي.

4- أو على الأقل أوصل أولا لمنسوب (181.9) ثم إفتح مفيض توشكي مافيش مشكلة , إنما تبدأ ترمي مياه الشعب المصري والسوداني في رمال توشكي عشان تروح تشحن الطبقات الجوفية لنهر القذافي العظيم. (فلا و 1000 لا).

5- هناك فرق كبير بين فتح مفيض توشكي عند منسوب (180.5 أو 181.9) هناك فرق في التخزين يعادل قرابة (7.0 مليار متر مكعب). يعني أكبر من كل المياه التي تعالجها في مشروع (الدلتا الجديدة) بقرابة (250%). فلماذا ترميها في نهر القذافي العظيم ثم ترجع تسحب من الميزانية المصرية لمعالجة مياه الصرف الصحي لمحطات الصرف الصناعي والصحي المستخدمة في مشروع الدلتا الجديدة.

6- أنا معك أن كل تلك المياه هي مياه (حصة السودان) ولكنها وصلت إلينا تقريبا ببلاش فليس معني هذا أن نرميها في توشكي.

7- بوابات الري لسد مروي والذي يعتبر أخر نقطة على مجري النيل داخل السودان مفتوحة حتى اليوم ولم تخزن نقطة مياه واحدة بأي من السدود السودانية مثلما كان يحدث سنويا قبل الحرب الأهلية حيث يبدأ تخزين السدود السودانية في الإسبوع الأول من سبتمبر. وصلنا لأكتوبر وبوابات مروي لازالت مفتوحة.

8- حجم المياه الذي وصل لبحيرة ناصر من حصة السودان حتى اليوم ومنذ بداية الحرب الأهلية في إبريل 2023 يزيد عن (25 مليار متر مكعب) أي ما يعادل قرابة (7.5 متر) من إرتفاع المياه أمام السد العالي , بمعني لولا حصة السودان لكان المنسوب الحقيقي لبحيرة ناصر اليوم قرابة (173 فقط).

9- بكل صدق لا أري أي حكمة في قرار الدكتور/ سويلم والتسرع بفتح توشكي. أعلم من بعض (أصدقائي) بوزارة الري المصرية أن قرار (فتح مفيض توشكي) ليس بالضرورة أن يكون قرار وزير الري المصري وفي أحيانا كثيرة يكون اللؤاء مقاتل بحبح الثالث عشر قائد سلاح (المياه) هو صاحب القرار وبغض النظر عن موافقة الدكتور سويلم .

10- 7.0 مليار متر مكعب تهدر عمدا في مفيض توشكي في وقت لانعلم ماذا سيحدث لمستقبل المياه في مصر هو (رفض لنعمة ربنا) سنحاسب جميعا عليه يوم يبدأ فيه (الجفاف).
د. محمد حافظ

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • حقيقة وفاة الإعلامي اللبناني جورج قرداحي في قصف إسرائيلي على بيروت
  • ما الذي يدفع مثقفين تقدميين لدعم جيش الحركة الإسلامية ..!!؟؟ محاولات للفهم ..
  • وزارة الخارجية والمغتربين: استمراراً للجرائم الوحشية والعدوان الغاشم المستمر للكيان الصهيوني على لبنان وسورية، قام صباح اليوم بقصف معبر المصنع – جديدة يابوس الحدودي بين سورية ولبنان ما أدى إلى قطع الطريق الدولي، الشريان الحيوي الذي يستخدمه مئات الآل
  • حجم المياه الذي وصل لبحيرة ناصر من حصة السودان حتى اليوم ومنذ بداية الحرب في إبريل 2023 يزيد عن (25 مليار متر مكعب)
  • ما الذي قاله قائد أنصار الله عبد الملك الحوثي عن الضربة الصاروخية الإيرانية التي أرعبت “إسرائيل”؟
  • باحث لبناني: عدد النازحين من الجنوب إلى شمال البلاد يتخطى المليون
  • 10 سنوات حبسا لسائق نقل البضائع وصاحب محل لبيع العطور
  • قائد الثورة يكشف تفاصيل حساسة بشأن الهجوم الإيراني على كيان العدو والمواقع التي تم استهدافها وما الذي حدث بعد الضربة مباشرة
  • محافظ أسيوط: إزالة إشغالات وتعديات الباعة الجائلين على حرم الطرق بمدينة أبوتيج  
  • و أنت عائد إلى بيتك فكر في تلك المدينة الصامدة التي غيرت مجرى الحرب