لجريدة عمان:
2025-04-07@06:46:42 GMT

هوامش ومتون :سلسبيل جالب الخير

تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT

إذا كان الفيلسوف الفرنسي جاستون باشلار ينصح بالسكن «على ضفة مياه جارية في جوف وادٍ»، فالسعادة بالنسبة له تكمن في المشي على طول السواقي وتتبع «الماء الجاري، الذي يقود الحياة إلى مكان آخر».

فالشاعر ابن مرج الكحل الأندلسي الذي عاش في منتصف القرن الخامس الهجري المولود في جزيرة (شُقَر) الأندلسية حيث المياه تحيط بها من كل جانب، احتفى بالماء والطبيعة، ومن ذلك قوله:

عرِّج بِمُنعَرَجِ الكَثيبِ الأَعفَرِ

بَينَ الفُراتِ وَبَينَ شَطِّ الكَوثَرِ

نَهرٌ يَهيمُ بِحُسنِهِ مَن لَم يَهِم

وَيُجيد فيهِ الشِعرَ مَن لَم يَشعُرِ

أملٌ بلغناه بهضب حديقة

قد طرّزته يدُ الغمام المُمطر

فكأنه والزّهرُ تاجٌ فوقه

ملكٌ تجلّى في بِساط أخضرِ

وذهب الشاعر العماني محمد بن عبدالله المعولي الذي عاش بين القرنين 17 و18 الميلاديين إلى أبعد من ذلك، حين وصف فلج (الأصغرين) في (منح) التي يوجد فيها ثمانية أفلاج بأنه خير أنهار الدنيا:

يا خير أنهار الورى كلها

من سائر البلدان والأخضر

كأنما ماؤك من جنة الفردوس

أو من مسكها الأذفر

فقد رأى في الفلج أكثر من نبع ماء يجري في قناة مشقوقة في الأرض، ومورد من موارد المياه، بل رآها مشهدا لمكان يمور بالخصب والحياة والعذوبة، وهذا ما جعل الأفلاج مصدرا من مصادر الحياة في سلطنة عُمان، وحين يصف الشيخ سعيد بن خلف الخروصي أفلاج (سمائل) فإنه لم يقل (أفلاجًا) بل (أنهارا) مع أنه لو ذكر (أفلاجًا) لما حدث خلل عروضي؛ لأنها على الإيقاع نفسه، لكنه أراد أن يرتفع بها إلى مصاف الأنهار، مثلما ارتفع بوادي سمائل وجعله في مرتبة (النيل) بقوله:

يا سائلا عن دارنا الغنّاء

عين القرى (سمائل) الفيحاء

شقّت بواد هو فيها النيل

وماؤها العذب فسلسبيل

يشفى به من دائه العليل

أنهارها جداول تسيل

ولأن سلطنة عُمان مشهورة منذ القدم بالأفلاج حيث بلغ عددها أكثر من أربعة آلاف فلج ما زالت تروي شرايين أرض عُمان وتمدّ أشجارها ونباتاتها وإنسانها، وكائناتها الحية الأخرى بأسباب الحياة، وقد ارتبطت بالكثير من الأحداث التاريخية وجاء في (تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان) لنور الدين السالمي، أن مالك بن فهم قبل أن يستعد لحرب الفرس حفر بناحية الجوف فلجا عُرف بـ(فلج مالك) شرب منه جيشه وخيوله قبل أن يشن الحرب على الفرس، ويلحق بهم هزيمة تاريخية، وتؤكد الآثار القديمة أن تاريخ الأفلاج يعود إلى أكثر من 2500 سنة قبل الميلاد، حتى أن منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) أدرجت في عام 2006م خمسة أفلاج عمانية ضمن لائحة التراث العالمي، وهي: «فلج دارس بنزوى والخطمين ببركة الموز، والملكي بإزكي، والميسر بالرستاق، والجيلة بولاية صور»، وفي كتابه «الاستكشاف الأثري من وادي الرافدين إلى عُمان» الصادر ضمن منشورات الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق يتحدث د.

نائل حنّون الباحث في مركز الفراهيدي للدراسات بجامعة نزوى عن العلاقات التي تربط حضارة مجان ببلاد الرافدين وقد مدنا بمعلومات تاريخيّة قيّمة، لعلّ من أبرزها أنّ الملك البابلي نبوخذ نصر شق فلجا لرفع المياه من النهر إلى البساتين المحيطة بمدينة بابل، وأطلق عليه اسم (الفلج جالب الخير)، وهذا دليل أنّ نظام الأفلاج وُجد في العراق القديم أيضا، وهو من بين المشتركات التي تربط عُمان بوادي الرافدين، ويذكر د. نائل أن «الاكتشافات الأثرية الحديثة في عمان أكّدت أنّ تاريخ الفلج فيها يعود إلى أواخر الألف الثاني قبل الميلاد، وأنه إبداع محلي، وكان موجودا قبل قيام الإمبراطورية الأخمينية».

واليوم وأنا أصغي إلى صوت تدفق مياه الفلج الصغير الذي يمر من أمام سكني الجديد في (بوشر)، ويمدُّ البساتين المحيطة بنسغ الحياة، أعود إلى كتب الشعر باحثا عن امتدادات الفلج في الحياة بما يوازيه في نصوص الشعراء العمانيين، وحتما سأعثر على الكثير.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

الأونروا: استئناف الحرب على غزة حولها إلى أرض لا مكان فيها للأطفال

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فيليب لازاريني، إنه لأمر مفجع أن أرواحا صغيرة في غزة تُزهق في حرب ليست من صنع الأطفال.

 مشيرا إلى أن استئناف الحرب سلبهم من جديد طفولتهم، وحول غزة إلى أرض لا مكان فيها للأطفال. قائل "إنها وصمة عار على إنسانيتنا المشتركة".

وأضاف لازاريني بحسب مركز إعلام الأمم المتحدة- أن وقف إطلاق النار في مطلع العام منح فرصة لأطفال غزة كي يبقوا على قيد الحياة، وأن يعيشوا طفولتهم.


وشدد على عدم وجود ما يُبرر قتل الأطفال، أينما كانوا، داعيا إلى استئناف وقف إطلاق النار الآن.

من جهته.. قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، إن آلاف العائلات فرت غربا في قطاع غزة في أعقاب أمر نزوح آخر أصدرته القوات الإسرائيلية يغطي أجزاء من مدينة غزة.

وحذر المكتب الأممي، من أن أوامر النزوح هذه عرضت المدنيين لأعمال عدائية وحرمتهم من الوصول إلى الخدمات الأساسية اللازمة لبقائهم على قيد الحياة. وذكَّر (أوتشا) بأن جميع المعابر لا تزال مغلقة وهو الأمر الذي دخل شهره الثاني، ومن ثم لا يمكن إدخال أي إمدادات إلى القطاع. وحذر برنامج الأغذية العالمي من أن مخزون الغذاء في غزة آخذ في النفاد، وأن برامج المساعدة التي يديرها تغلق تدريجيا.

ولفت (أوتشا) إلى أنه من المرجح أن يتدهور وضع الصرف الصحي في جميع أنحاء غزة بما يهدد الصحة العامة. وأضاف أن ثلاثة مواقع نزوح مؤقتة في منطقة المواصي تُبلغ الآن عن إصابات بالبراغيث والعث التي تُسبب طفحا جلديا ومشاكل صحية أخرى.

وأشار إلى أن علاج هذه الإصابات يستلزم مواد كيميائية ومواد أخرى لن تتوفر إلا بعد إعادة فتح المعابر لدخول الإمدادات. وحذر المكتب كذلك من تزايد أعمال النهب الإجرامي وانعدام الأمن العام، المرتبطة بالإغلاق ونقص الإمدادات الأساسية.

وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، إن عشرات الآلاف من الأشخاص ما زالوا نازحين، وغير قادرين على العودة إلى ديارهم بسبب العمليات المستمرة التي تشنها القوات الإسرائيلية في شمال الضفة الغربية، وخاصة في جنين وطولكرم. وأوضح أن الشركاء في المجال الإنساني يقدمون مساعدات عاجلة ودعما نفسيا واجتماعيا للمتضررين.

 

مقالات مشابهة

  • ما هو الخرس الزوجي وطرق علاجه؟.. دينا أبو الخير توضح
  • شوارع الخرطوم فيها تجلي واستشعار ملاحظ لجند الله الرعب والخوف
  • الأونروا: استئناف الحرب على غزة حولها إلى أرض لا مكان فيها للأطفال
  • خمسة أوقات مكروه الصلاة فيها .. تجنب هذه المواعيد
  • 3 حالات يحق فيها للمحبوس احتياطيًا المطالبة بالتعويض.. اعرفها
  • أذكار الصباح.. رددها الآن تفتح لك أبواب الخير والرزق وتحفظك من الشياطين
  • الساعة المرجو إجابة الدعاء فيها يوم الجمعة.. علاماتها و3 بشارات لمن أدركها
  • راح فيها دراع المساعد.. تفكيك سيرك طنطا بعد واقعة النمر| شاهد
  • آخر معلومة عن ضربة صيدا.. ماذا فيها؟
  • مصرف لبنان: جميع الأموال الخاصة بما فيها الودائع محمية بالقانون