سارة البريكية
sara_albreiki@hotmail.com
مَسَحَ الدمعَ من عينه، وقف شامخًا بكل هيبة وعِزة، وكأنَّه قادمٌ من الجنة ليُخبرنا ببقية تفاصيل الحرب، فهو قد أوصل زوجته وأبناءه إلى باب الجنة، وعاد بعد أن اطمأن عليهم أنهم في مأمن وأن اللقاء بهم آتٍ لا محالة كلها أوقات مكتوبة في علم الله وهو على يقين بذات الله وهو المحتسب والواثق والمُتكل على الله، وحده الله من كان يناجيه.
عندما كان الإعلامي والمراسل المناضل وائل الدحدوح ممسكا بيد آخر الشهداء شهيد الرسالة السامية ابنه وفلذة كبده وبكره حمزة كان ملؤه الفخر فهو ذاهب إلى المكان الذي به والدته وإخوته المكان الذي ينتظر الشهداء والمصلحين فقط المكان الذي يتسع للطيبين الذين يحملون قلباً أبيض فقط وناصع البياض، كان وائل يخبر حمزة أنه سبقه للقاء أمه التي اشتاق لها ذهب حمزة وصليّ عليه وعاد إلى الجنة رغم الحزن الشديد الذي ألم وأحاط بنا جميعًا، لم نكن ندرك كمية الصبر التي يتحلى بها وائل لم نكن ندرك كيف أنه نفض التراب الذي دفن به ابنه من على كفيه وواصل شامخاً بهيًا أبيا أمام عدسات الكاميرا وقف وكأن شيئاً لم يكن وقف ولم ينزوِ وحيدا كحال أي شخص منَّا عندما يُصاب بمصيبة الفقد العظيمة، بل إنَّ أغلبنا نحتاج لوقت طويل لكي نعود لحياتنا الطبيعية وربما لا نعود كما كنَّا.. لكن وائل رجل لا يشبه الرجال فريد من نوعه ولا يمكن أن يتكرر فها نحن نرى فيه صبر الصحابة الذين كانوا يقفون صفًا صفًا في عقيدتهم وإيمانهم العظيم والذي لا يتزحزح لكن ربما الأدوار مختلفة.
في هذه الحرب فقد وائل الدحدوح أغلى ما يملك أولئك الأشخاص الذين كان يسعى عمره كاملاً من أجل إسعادهم وتوفير سبل الراحة لهم فعمل واشتغل وكافح حتى أصبح مدير مكتب تلفزيون الجزيرة بغزة وكان مثالاً يحتذى به في الإنسانية والكفاح والصبر والتفاؤل وكان وائل قدوة حسنة لكل أبناء الوطن وإن الكلمات تعجز عن وصف قوة وائل وبسالته ومدى إيمانه بالله ومدى ذلك السلام الذي يجعله أقوى كلما كان الفقد أقوى.
مضى في شوارع غزة المُمطَرة قصفا ورصاصا داميا يجوب الأماكن التي تتعرض للغارات وللنيازك الصهيونية ولبنادق الأوجاع التي تنزف دما طاهرا ليس مكانه هنا وإنما مكانه الطبيعي في جنة عالية قطوفها دانية، وكم كانت الياسمينات والأزهار الغزاوية المقطوفة تعبق ريحا طيبة لا يوجد مثلها في هذه الأرض كان وائل يزرع الياسمينات في كل مكان يمر به وكانت الزهور تسابق الياسمين في النمو لأن من غرسها كان غارسا ومزارعا في معركة الجهاد وكان رمزا من رموز الفخر والعزة وكان الوالد والأخ والأب والابن للكثيرين الذين لا يزالون مصدومين من هول ما يحدث إنما وائل كان مختلفاً لا بل إنه لا يشبهنا وكأنَّ الله يبعث لنا رسالة على لسان وائل ومن حياة وائل ومدى يقينه بالله وإيمانه الكبير ومدى ذلك الشغف الذي يسكنه والواجب الذي يحيط به لتوصيل المشهد عن قرب عذرا وائل فنحن بحاجة لمثلك الكثير وبحاجة لمن كان لقاء الله هو مقصده في هذه الحياة فلا مال ولا منصب ولا أي شيء يدوم؛ فهي فانية.
من المهم أن يكون كل شخص منَّا يحمل في قلبه قوة وائل الدحدوح وبسالته التي لم نرَ مثيلا لها ستنتهي الحرب قريبا وتعود غزة الأبية شامخة وستبنى الأراضي المدمرة وستنتصر وتعود الحياة التي لن تعود أبدا كما كانت قبل السابع من أكتوبر، لكن وائل سيعود برفقة كل من يسكن قلبه وبرفقة حمزة وإخوته، وسيعلق صورهم في محيط قلبه الكبير وسيمضي كما كان شامخًا بهيًّا معطاءً سمحًا خلوقًا متعاونًا، وسيزرع لنا المزيد من الياسمينات والورود.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
ماتت فى سبيل الله.. وسط دموع المحافظ ووزير الأوقاف تكريم الأسرة القرآنية التي فقدت متسابقة ووالدتها فى المسابقه
كرّم الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، واللواء محب حبشي، محافظ بورسعيد، الأسرة القرآنية التي فقدت متسابقة ووالدتها، وذلك خلال فعاليات المنافسات المحلية لمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم والابتهال الديني.
وأوضح الإعلامي عادل مصيلحي، رئيس المسابقة، أن هذه الأسرة كانت تشارك في التصفيات المحلية، وأثناء عودتهم تعرضوا لحادث سير أودى بحياة المتسابقة سعاد رجب المزين ووالدتها عبير خطاب.
وخلال الفعاليات، تأثر المحافظ والوزير وبكيا عند مشاهدة آخر ما نطقت به المتسابقة من آيات الذكر الحكيم.
وفي لفتة إنسانية، قدم المحافظ والوزير للأسرة القرآنية دعمًا ماليًا بقيمة 100 ألف جنيه، كما تم تكريم روح الفقيدة سعاد المزين ووالدتها، بالإضافة إلى تكريم شقيقتيها مريم وبراءة.
كما تم تكريم المصابتين في الحادث منى أحمد محيسن وياسمين مصطفى، حيث مُنحت كل منهما درع المسابقة ومبلغ 25 ألف جنيه.
مسابقة بورسعيد الدولية
مسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم والابتهال الديني تُعد واحدة من أبرز المسابقات الدينية في مصر، حيث تجمع بين متسابقين من مختلف المحافظات والدول، وتهدف إلى دعم حفظة كتاب الله وإبراز المواهب في الابتهالات الدينية.
وقد شهد حفل الافتتاح اليوم حضور نخبة من العلماء والمسؤولين، في أجواء مفعمة بالإيمان والتقدير للقرآن الكريم وأهله، وتقام في نسختها الثامنة هذا العام بأسم الشيخ محمد صديق المنشاوي رحمه الله، برعاية الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، ودعم اللواء محب حبشي محافظ بورسعيد، ورئاسة الإعلامي عادل مصيلحي المشرف العام والمدير التنفيذي.
يتقدمها وزير الأوقاف.. مسيرة لحملة القرآن الكريم تجوب شوارع بورسعيد
وكانت قد انطلقت، عقب صلاة الجمعة، مسيرة حاشدة لحملة كتاب الله من 33 دولة، وذلك في إطار فعاليات مسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم والابتهال الديني.
وجاب المتسابقون شوارع محافظة بورسعيد، يتقدمهم الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، واللواء محب حبشي، محافظ بورسعيد، إلى جانب حملة كتاب الله من الدول المشاركة.
وانتهت المسيرة إلى ميدان ساحة مصر المطلة على المجرى الملاحي لقناة السويس، حيث وقف المتسابقون ينشدون ويمدحون رسول الله ﷺ، حاملين رسالة سلام من محافظة بورسعيد المصرية إلى العالم أجمع.
وتحمل المسابقة في نسختها الدولية الثامنة هذا العام أسم ومكان القارئ الشيخ محمد صديق المنشاوي رحمه الله، وتقام تحت رعاية الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بدعم اللواء محب حبشي، محافظ بورسعيد، وبرئاسة الإعلامي عادل مصيلحي، المشرف العام والمدير التنفيذي للمسابقة.