5.2 مليارات ريال حجم الاستثمار الجريء في المملكة في عام 2023
تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT
الرياض : البلاد
كشف تقرير عن الاستثمار الجريء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا, تصدر المملكة العربية السعودية نظراءها بالمنطقة، بوصفها الأعلى من حيث قيمة الاستثمار الجريء في عام 2023م الذي شهد تنفيذ استثمارات بقيمة قياسية بلغت 5.2 مليارات (1.4 مليون دولار) في شركات ناشئة سعودية، محققًا نموًا بنسبة بلغت 33% مقارنة بعام 2022، رغم تراجع الاستثمار الجريء إقليميًا وعالميًا، ومتجاوزة حاجز المليار دولار للسنة الثانية على التوالي.
وأكد التقرير الصادر اليوم عن MAGNiTT منصة بيانات الاستثمار الجريء في الشركات الناشئة، وبرعاية من SVC، أن المملكة استحوذت على الحصة الأكبر التي بلغت 52% من إجمالي الاستثمار الجريء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في عام 2023 مقارنة بـ 30% في عام 2022، كما شهد عام 2023 رقمًا قياسيًا للصفقات الضخمة (التي تتجاوز 100 مليون دولار) في المملكة التي بلغت 879 مليون دولار (3.3 مليارات ريال) عبر أربع صفقات، مع استحواذ صفقات الشركات السعودية على 76% من إجمالي الصفقات الضخمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في عام 2023.
وبين التقرير أن قطاع التقنية المالية في المملكة كان الأعلى من حيث قيمة الاستثمار الجريء وعدد الصفقات في عام 2023، حيث استحوذ القطاع على 51% من إجمالي الاستثمار الجريء في المملكة بقيمة 704 ملايين دولار (2.6 مليار ريال) عبر 30 صفقة.
وقال الرئيس التنفيذي عضو مجلس إدارة SVC الدكتور نبيل بن عبدالقادر كوشك: “إن استمرار منظومة الاستثمار الجريء بالمملكة في نموها المتسارع خلال السنوات الماضية لتصل إلى رقم قياسي جديد في عام 2023، وتصدرها للمشهد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في إنجاز تاريخي غير مسبوق، يأتي انطلاقًا من سعي المملكة العربية السعودية نحو تحقيق رؤية المملكة 2030 وإيمانًا بأهمية تعزيز ريادة الأعمال وتحفيز الاستثمار في الشركات الناشئة، حيث تم إطلاق مجموعة من المبادرات والبرامج التي أثمرت تطوّر مشهد الاستثمار الجريء في السعودية بسرعة غير مسبوقة”.
وأشار إلى أن استحواذ المملكة على الحصة الأكبر من إجمالي الاستثمار الجريء في المنطقة في عام 2023 يؤكد جاذبية السوق السعودي، ويعزز بيئتها التنافسية، ويرسخ قوة اقتصاد المملكة كونه أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
مما يذكر أن SVC هي شركة استثمارية تأسست عام 2018م وتابعة لبنك المنشآت الصغيرة والمتوسطة، أحد البنوك التنموية التابعة لصندوق التنمية الوطني. وتهدف الشركة إلى تحفيز واستدامة تمويل الشركات الناشئة والمنشآت الصغيرة والمتوسطة من مرحلة ما قبل التأسيس إلى ما قبل الطرح الأولي للاكتتاب العام عن طريق الاستثمار في الصناديق والاستثمار بالمشاركة في الشركات الناشئة.
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: الاستثمار الجريء فی منطقة الشرق الأوسط وشمال أفریقیا الاستثمار الجریء فی الشرکات الناشئة فی المملکة من إجمالی فی عام 2023
إقرأ أيضاً:
الشرق الأوسط الجديد والفوضى اللاخلَّاقة
حاتم الطائي
◄ أمريكا لن تتراجع عن تنفيذ مُخططها للشرق الأوسط مهما اختلفت المُسميات
◄ إيران نقطة استهداف في "المُخطط".. وحكمة طهران تتغلب على مكائد الغرب
◄ على العرب التوحُّد وإعادة تعريف الأمن الإقليمي بما يخدم المصالح الوطنية
لا يتوقف الغُراب الأمريكي عن النعيق في سماء الشرق الأوسط المُلبدة بغيوم الحرب والصراعات الطائفية والفتن التي تؤججها أطراف خارجية، بينما ترزح شعوب المنطقة تحت وطأة العوز والفقر والاقتتال الداخلي، وهناك من يرقب ويُخطط ويُحيك المؤامرات والدسائس، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية، التي لا تنفك عن تنفيذ مخططها لما تسميه "الشرق الأوسط الجديد"، وفق نظرية "الفوضى الخلاقة" التي كشفت عنها إدارة الرئيس الأسبق جورج بوش الابن، على لسان وزيرة الخارجية- آنذاك- كونداليزا رايس.
"الفوضى الخلاقة" التي بدأت بتدمير العراق مع احتلاله في 2003 وإسقاط نظام الرئيس الراحل صدام حسين، استمرت بعد ذلك بخطى بطيئة نسبية، لكنها حققت قفزة غير مسبوقة مع اندلاع ما يُسمى بـ"ثورات الربيع العربي"، وسقوط عدة أنظمة عربية وخلخلة أخرى، كان آخرها السقوط المدوي للنظام السوري برئاسة بشار الأسد، بعد نحو 13 عامًا من حرب أهلية طاحنة تسببت في دمار هذا البلد فعليًا اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيًا وأخيرًا عسكريًا على يد الكيان الصهيوني، الذي انتهز بكل خسِّة انهيار النظام لينقض على ما تبقى من الجيش العربي السوري، والذي هو من مُقدرات الدولة السورية وليس النظام.
الحقيقة المُؤسفة التي لا يستطيع أحد إنكارها، هي أنَّ الإدارات الأمريكية المُتعاقبة، من جمهوريين وديمقراطيين، لم تتراجع- خلال العقدين الماضيين- قيد أنملة عن تنفيذ مُخططها للشرق الأوسط، الذي كان في البداية باسم "الشرق الأوسط الكبير" ثم تحوَّل بعد ذلك إلى "الشرق الأوسط الجديد"، وبينهما أطلقت واشنطن "صفقة القرن" التي فشلت فشلًا ذريعًا رغم كل الضجيج الذي ثار حولها والتقارب والتطبيع بين دول عربية والكيان الإسرائيلي. وأيًا كان المُسمى فإنِّه بلا ريب لا يهدف سوى لتوفير كل سُبل الأمن والحماية للكيان الإسرائيلي السرطاني المزروع في قلب الأمة العربية، ذلك الكيان الذي يُنفذ أبشع جريمة إبادة جماعية في قطاع غزة تحت أبصار العالم أجمع، دون أن يتحرَّك ساكن.
وعندما نتأمل في دوافع وأهداف مشروع "الشرق الأوسط الجديد"، نكتشف أننا أمام مُخطط خبيث يعتمد في الأساس على حروب الجيل الرابع، التي تُوظِّف الشائعات والذكاء الاصطناعي ووسائل التواصل الاجتماعي في تدمير الدول من الداخل، عبر هدم البنية المجتمعية وزرع بذور الشقاق والفتن، والتشكيك في مؤسسات الدولة، وإلحاق تهم الفساد بالمسؤولين وبث اليأس والإحباط في نفوس الشباب، فيتحول كل ذلك إلى ذخيرة تدفع الجماهير للخروج في الشوارع وتدمير مُقدرات الدولة، وهذه مرحلة شاهدناها لحظة بلحظة في العديد من الدول منذ عام 2011. وثمة جزء آخر من هذا المُخطط يعتمد على الحرب التقليدية وكذلك "الحرب الهجينة"، والأولى تحققت في احتلال العراق وتدميره من الداخل، ومن ثم إشعال جذوة الطائفية بين المذاهب، وتأجيج المناطقية والعشائرية، وخلق عدو وهمي مثل "داعش"، بهدف القضاء على ما تبقى من منظومة الدولة الوطنية. أما الحرب الهجينة فهي تلك التي تجمع بين أدوات الحرب التقليدية من معارك قتالية مباشرة على الأرض، وكذلك حرب الجيل الرابع، مثل ما حدث في دول مثل سوريا وليبيا والسودان، وقبلها محاولات في مصر وتونس، من خلال زرع تنظيمات إرهابية في المناطق الرخوة بالدولة، تستهدف فصل الأراضي عن الدولة المركزية، بهدف خلق كيانات وتنظيمات مُسلحة تكون منطلقًا لتنفيذ عمليات إرهابية، خاصة تلك المُوجهة نحو الدول المُستقرة في منطقتنا الخليجية.
ولعلني أقفُ هنا مليًّا أمام ما جرى في سوريا من تحولات دراماتيكية، والتي لا يُمكن فصلها بأي حالٍ من الأحوال عمّا يجري من إبادة جماعية في غزة، ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية بلا توقف. وما يُؤكد ذلك أنَّ مجرم الحرب بنيامين نتنياهو استغل الفراغ الأمني في سوريا، ليُجهز على مقدرات الجيش السوري، ويُدمر هذا الجيش بالكامل، في مشهد مأساوي مُحزن، أعاد للأذهان ما تعرض له الجيش العراقي من قبل ومن بعده الجيش الليبي، ولا أحد يعلم من التالي؟!
ولا شك أنَّ مخطط الشرق الأوسط يجد كل التأييد من المجرم نتنياهو، والذي أعلنها صراحة في أكثر من مُناسبة وعلى الملأ أنه يسعى لتغيير خريطة الشرق الأوسط، في تمازج تام مع المشروع الأمريكي الخبيث، وما حرب غزة إلّا جزء من هذا المخطط، الذي يستهدف إبادة الشعب الفلسطيني وطرده من أرضه في الضفة وغزة والقدس، عبر التهجير القسري وتنفيذ المذابح وتدمير كل مقومات العيش، وتحويل قطاع غزة إلى مكان غير قابل للعيش، وهذا ما توقعناه منذ بداية العدوان البربري وما زلنا نؤكد عليه.
ويبدو أنَّ مخطط الشرق الأوسط الجديد لم يعد يتبقى له سوى معركة اليمن، الذي يُمثل آخر حصون المُقاومة ويُبلي بلاءً حسنًا رغم التضحيات والإمكانيات المحدودة؛ فالصواريخ الفرط صوتية والباليستية التي تنطلق من اليمن نجحت مرات عدة في أن تخترق حصون الصهاينة وتُلحق الدمار بهم، كما نجح اليمنيون في إسقاط مقاتلة أمريكية وتدمير بوارج أمريكية، علاوة على إخراج سفن حربية أمريكية من الخدمة بفضل ما حققوه من إصابات مُباشرة بها.
إيران هي الأخرى، ستكون نقطة استهداف في مخطط الشرق الأوسط الجديد، خاصة بعد الخسائر الكبيرة التي تعرض لها محور المُقاومة في غزة ولبنان وسوريا، وانحسار الدور الإيراني تقريبًا بالكامل في هذه الجبهات الثلاثة. ورغم أنَّ الدولة الإيرانية تتعاطى بحكمة وصبر مع محاولات توريطها في فخ المواجهة المباشرة مع إسرائيل وتسعى لحماية مشروعها النووي واستعادة عافيتها الاقتصادية، إلّا أننا نعتقد أنَّ المجرم نتنياهو لن يتوقف عن مواصلة الاستفزازات والاعتداء على المصالح الإيرانية، خاصة في ظل حكم ترامب.
ولذلك نرى أنَّ المشروع الأمريكي اليوم، بات أمام محطة فاصلة في مسار تنفيذه، مع عودة ترامب إلى سدة البيت الأبيض؛ حيث نتوقع أن يكون أكثر عنفًا في تنفيذ المُخطط، من منطلق العنجهية الأمريكية التي يمثلها ترامب، وثقافة "الكاوبوي" (راعي البقر) الذي لا يُؤمن إلا بلُغة الرصاص وإطلاق النيران، وإيقاع الآخرين في شباك الأسر، بكل عنصرية وغباء منقطع النظير. فيكفي أن يُعلن ترامب تهديده للعديد من دول العالم فقط من أجل إخضاعهم، حتى قبل أن يصل إلى المكتب البيضاوي ويُمسك بمفاتيح الحقيبة النووية، إلى جانب تأييده اللامحدود لنتنياهو ورغبته في توسيع دولة الاحتلال لأنَّه يرى أنَّها "صغيرة جدًا"!! ولذلك لا يجب علينا أن نتوقع أي سلام أو حلول عادلة للقضية الفلسطينية؛ بل- مع الأسف- مزيد من الظلم والعدوان.
ويبقى القول إنَّ المُخططات التي تُحاك لمنطقتنا لم تَعُد خافيةً على أحد، وأصبح الجميع يُدرك حتمًا أنَّ المنطقة تسير نحو منعطفات تاريخية، قد تُغيِّر وجه الشرق الأوسط، خاصةً وأنَّ الولايات المتحدة لا ترى إلّا بعينٍ واحدة فقط، أمن إسرائيل ومصالحها، بينما الواقع يؤكد أن هناك إقليم بأسره ودول عدة تريد هي الأخرى أن تشعر بالأمن، وهناك شعب فلسطيني يُريد أن يسترد حقوقه المنهوبة ويتحقق العدل في المنطقة، لكن من المؤسف أن أمريكا لا تتعلم من دروس التاريخ، وأن هذا الصلف تجاه الشرق الأوسط سينقلب على الولايات المتحدة ومصالحها في المنطقة، وفي المقابل على العالم العربي ودول المنطقة أن تُعيد النظر في مفاهيم الأمن القومي العربي، وأن يبتعدوا عن التشرذم والفُرقة، وأن يحرصوا على توحيد السياسات والتنسيق المُشترك من أجل تحقيق السلام الشامل والعادل والتنمية المُستدامة في المنطقة، وكل ذلك لن يتحقق إلّا بإقامة الدولة الفلسطينية المُستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
رابط مختصر