نهضة هيثمية مُتجددة
تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT
خليفة بن عبيد المشايخي
khalifaalmashayiki@gmail.com
يقول الله تعالى في سورة هود "وَلِلَّهِ غَيْبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ ٱلْأَمْرُ كُلُّهُۥ فَٱعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ۚ وَمَا رَبُّكَ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ" صدق الله العظيم..
حريٌ بنا أن نعلم أنَّه منذ الأزل حُكم علينا أن لا نعلم ما سيجري فينا وبنا بعد لحظات فضلًا عن الساعات والأيام، ومع هذا جاء الأمر فأعبده وتوكل عليه، وهذا لي ولك وله.
وحينما ننظر إلى نور الشمس وهو يغطي الأرجاء ويَهِب الدفء، فإنه في المقابل حينما يضيء القمر لا يشيح بوجهه عنَّا، ومعه لا يجرؤ الظلام أن يأخذ مكانًا له بينه وفي حدود منطقته وإضاءته ووهجه واتساع رقعته ونوره، ولا يمكن أن يستويان أبدا ولا يلتقيان. فإذا جاء الأول ذهب الثاني، وإذا تبدى الأخير انسلخ الأول وهلُمَّ جرًا. وإذا ثمّة سراب في صحراء شاسعة فسيظنه الظمآن ماءً، فسيزحف صوبه لا محالة وسيهلك، وما هو إلا مرور ضوء الشمس في الهواء البارد في حالات الطقس الحارة، والذي يؤدي إلى انكساره على سطح الأرض ليتكون السراب، فبحسب الموقف والزمان والمكان تتحدد أطر وتؤطر مواقف.
وفي عُمان منذ البداية والعصور التاريخية لم تكن الاهتمامات موجهة إلى موضع بعينه دون آخر، ولم تكن تربتها يومًا تنبت أفكارًا سامة كالفرقة والشتات، ولم يتعاقب عليها من يرى نفسه فوق شعبه وعلى أمته؛ بل كانوا جميعهم وجه الوطن وكرامته وحفظه وجماله، فازدانت بلادنا انطلاقاً من الثالث والعشرين من يوليو من عام 1970 للميلاد، فكان السلطان قابوس قبسًا أنار وجودنا، ثم جلالة السلطان هيثم المفدى، الذي سار نحو نهضة متجددة، وكنا جندًا أوفياء بعهودنا.
إن المتتبع للحقبة ما بين بدايات النهضة المباركة إلى يومنا هذا، سيجد سياج الأمن بحمد الله باقيًا، ونعمة الاستقرار مع التواضع، وحب العلم والعمل شيء راق، فيا سقفي وأرضي وسمائي يا وطني، ويا مراتع الصبا وريعان الشباب، وزهو الطليعة وروح الفتوة وضياء الحداثة وملتقى الأقارب، ووحدة الأهل وجمع الصديق والحبيب، ويا أفضل بلاد الأرض وأجمل بقاع الدنيا عندي، فأنت بلاد ألفناها على كل حالة.
في حقك أقول كما قال ابن الرومي "ولي وطنٌ آليتُ ألا أبيعَهُ وألا أرى غيري له الدهرَ مالكاً، عهدتُ به شرخَ الشبابِ ونعمةً، كنعمةِ قومٍ أصبحُوا في ظلالِكا".
في فجر وصبيحة العاشر من يناير من عام 2020 للميلاد نعى ديوان البلاط السلطاني المغفور له بإذن الله السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- بعدما وعد فأنجز، وعمل فوفّى، ومن أقواله المشهورة "أيها الشعب سوف أعمل بأسرع ما يُمكن لجعلكم تعيشون سعداء وعلى كل واحد منكم المساعدة في هذا الواجب". فودعنا في ذاك اليوم قائدا حكيما فذا مخلصا أفنى عمره من أجل عُمان وأهلها، وتوسد يمينه غفر الله له آمنا مطمئنا راضون عنه، ليخلف بعده خلف كان لخير سلف.
واليوم بعد مضي أربع سنوات، كان نفس ذاك الوعد من حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفطه الله ورعاه- حاضرًا؛ فعمِل للنأي بعُمان عن كثير من القلاقل والحروب وعدم التدخل في شؤون الغير، وعمل على نصرة القضية الفلسطينية التي يتعرض أهلها اليوم للإبادة الجماعية وللتهجير والقتل.
وفي العاشر من يناير تحين ذكرى رحيل قائد عظيم وتولي بعده مقاليد الحكم في عُمان مولانا صاحب الجلالة السلطان هيثم المعظم، ولا شك أن بناء الأوطان وقيامها وازدهارها وعلوها ونهضتها وتبوؤها مكانة بين البلدان، ليس بالأمر الهين، ولا هو بالشيء السهل واليسير الذي من الممكن أن يقوم بين عشية وضحاها، وإنما هناك جهود تبذل وبذلت، ودماء أريقت وتراق، وأموال تنفق وأنفقت، وعلم وتخطيط جامع، مع سلامة قصد وصدق نية تراها كالنجم في سمائه لامعاً وساطعاً.
إن بناء وطن بحجم عُمان ما كان ليتحقق إلا بعلو همة وبتخطيط محكم فعَّال، واتخاذ قرارات ووسائل وأسباب سخرت لخدمة الإنسان العُماني والمجتمع، فاكتسبنا والحمدلله احترام العالم أجمع، ونلنا تقديرا من على الكون كله فاسمع، أدينا الحقوق وقمنا بالواجبات، وصنا العهد ومضينا حماة وحراسا أمناء على ما تحقق، واجتمعنا تحت لواء حكومتنا الرشيدة متخلصين من الأزمات والمشكلات..
حفظ الله عُمان وقائدها وشعبها..
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
من الرياضة إلى الفن.. تركي آل الشيخ راعي نهضة القوى الناعمة في السعودية
شغل تركي آل الشيخ، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه في المملكة العربية السعودية، عددًا من المناصب المهمة خلال مسيرته في خدمة المملكة العربية السعودية، فهو بالإضافة لرئاسة هيئة الترفيه، يعمل مستشارًا في الديوان الملكي الذي يمثل رتبة وزير، وخلال رئاسته للهيئة عمل على توفير كل ما يلزم لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة السلة في المملكة، وأظهر اهتمامًا كبيرًا بالجانبين الرياضي والفني، وارتبط اسمه بنهضة القوى الناعمة التي تعيشها المملكة، لكن، كيف بدأت القصة؟
تركي آل الشيخ راعي نهضة القوى الناعمة في المملكةفي لقاء مع «بودكاست» يقدمه الإعلامي «عمار تقي» فتح تركي آل الشيخ قلبه وتحدث بعفوية عن حياته، ودوره في نهضة القوى الناعمة في المملكة، مشيرًا إلى أن هذه المسيرة جعلته يعيش فترات من الضغط، حيث لم يتمكن من الاستمتاع بلقاء مع أسرته وأبنائه كما كان يتمنى.
تركي آل الشيخ، الشهير بـ«أبو ناصر»، وُلِد في اليوم الرابع من شهر أغسطس سنة 1981، وتخرج من جامعة الملك فهد الأمنية عام 2000م، حيث حصل على بكالوريوس في العلوم الأمنية.
بداية حبه للفن والرياضةفي طفولته، بدأ حبه للفن والرياضة، وهو ما شجعه فيما بعد على المساهمة في نهضة القوى الناعمة في المملكة، ويحكي أنه كان يحب التاريخ والرياضيات وسباق السيارات، مضيفًا: «كان طموحي في الدراسة أن أدرس في الخارج، بس قرر أبوي أني أدخل العسكرية».
وأضاف: «جدي كان حريصًا على أن أشتغل في الرياض بعد التخرج، وكان وقتها الأمر صعبًا إلا لأعداد معينة، والله وفقني واشتغلت في وزارة الداخلية في التموين أو اللوجستيك، وهذا أفادني في الرياضة والترفيه فيما بعد».
فيما بعد، تدرج تركي آل الشيخ في المناصب حتى وصل إلى رئاسة مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه، بعد الإعلان عن إقالة رئيسها السابق أحمد بن عقيل الخطيب، ثم تولى منصب رئيسًا للاتحاد العربي لكرة القدم، وكان أيضًا رئيسًا للاتحاد الرياضي لألعاب التضامن الإسلامي، بالإضافة إلى العديد من المناصب الرياضية الأخرى، الأمر الذي أضاف إلى خبراته الكثير.
وفقًا لموقع هيئة الترفيه، حقق المركز الأول في قائمة أكثر 50 شخصية مؤثرة في عالم الملاكمة وفنون القتال المختلطة (MMA)، ضمن تصنيف صحيفة "إندبندنت" البريطانية. جاء هذا التصنيف إثر استضافة المملكة ممثلة بـ«موسم الرياض» للعديد من البطولات العالمية في مجال الملاكمة وفنون القتال المختلطة، حيث كان له دور أساسي في العمل على تلك الاستقطابات من خلال عقد العديد من الشراكات والاتفاقيات التي بموجبها شارك فيها العديد من نجوم هذا المجال.
تركي الشيخ وموسم الرياضبدأت مشاريع تركي آل الشيخ في تطوير الفن في السعودية في 2019، عند إطلاق النسخة الأولى من موسم الرياض، كجزء من استراتيجية المملكة لتحويلها إلى وجهة سياحية عالمية، وفي هذا العام، قدم الموسم أكثر من 100 فعالية يومية في 12 منطقة ترفيهية، ما جذب ملايين الزوار من مختلف أنحاء العالم لمشاهدة الحدث الفريد من نوعه، خاصة أن الفعاليات شملت عروضًا فنية وثقافية، كما شارك في نسخة العام الحالي نجوم عالميين ومن بينهم بوستا رايمز، كيارا، وميسي إيليوت.