سلط ديفيد شينكر، الزميل البارز في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، مساعد وزير الخارجية السابق لشؤون الشرق الأدنى في عهد إدارة الرئيس دونالد ترامب، الضوء على الدور الذي يمكن لمصر أن تلعبه من أجل غزة، مشيرا إلى أن هذا الدور بالغ الأهمية لمرحلة ما بعد الحرب تحديدا.

وذك شينكر، في تحليل نشره موقع مجلة "فورين بوليسي" وترجمه "الخليج الجديد"، أن مصر تمثل نقطة انطلاق لمئات الشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية التي تعبر إلى غزة، وقد ألمحت القاهرة إلى أنها يمكن أن تشارك في خطة أمريكية، لم يتم تحديدها بعد، لتشكيل "قوة استقرار عربية" في غزة بعد الحرب.

وأضاف أن المساهمة المصرية في قوة حفظ السلام ستكون بمثابة لفتة مفيدة على نحو غير عادي خلال فترة انتقالية صعبة، لكن ذلك ليس سوى جزء مما يجب على القاهرة القيام به لدعم الفلسطينيين بمجرد انتهاء الحرب.

وأوضح شينكر أن عملية "طوفان الأقصى"، التي نفذتها كتائب القسام في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كانت علامة فارقة في "إجراءات الطلاق الجارية" بين إسرائيل وغزة، فعلى الرغم من أن إسرائيل أنهت احتلالها لغزة رسميًا في عام 2005، إلا أنها استمرت حتى وقت قريب في تزويد القطاع بالمياه والكهرباء وفرص العمل، وفي السادس من أكتوبر/تشرين الأول، كان ما يقرب من 18.500 فلسطيني من غزة يعملون في إسرائيل.

وبغض النظر عن التوصل لتسوية سياسية إسرائيلية فلسطينية، فمن غير المرجح أن يحصل الفلسطينيون من غزة على تصاريح للعمل في إسرائيل مرة أخرى، حسبما يرى شينكر، خاصة بعد إفادة تقارير بأن العمال من غزة قدموا معلومات استخباراتية عن المستوطنات والمرافق العسكرية الإسرائيلية لحماس قبل بدء "طوفان الأقصى".

وفي أوائل نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أفادت التقارير بأن قطاع البناء الإسرائيلي قدم التماسًا إلى الحكومة الإسرائيلية للسماح للشركات بتوظيف ما يصل إلى 100 ألف هندي ليحلوا محل العمال الفلسطينيين من كل من غزة والضفة الغربية.

 وفي أعقاب "طوفان الأقصى"، علقت إسرائيل أيضًا بيع الكهرباء والمياه إلى غزة، فيما استؤنفت إمدادات المياه، لكن من غير الواضح مدة هذا الاستئناف.

وبعد الحرب، قد تكون إسرائيل متحفظة بشأن مواصلة تزويد غزة بالخدمات كما كان الوضع السابق، وتفضل بدلاً من ذلك قطع جميع علاقاتها مع القطاع.

اقرأ أيضاً

حكومة غزة تناشد مصر نقل 6 آلاف جريح للعلاج بالخارج

وهنا يأتي دور مصر، حسبما يرى شينكر، لكنه أشار إلى أن الاقتصاد المصري "الهزيل"، حسب تعبيره، يحول دون إمكانية تقديم مساهمات مالية للفلسطينيين في غزة.

ويقترح الزميل البارز بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، في هذا الصدد، أن تتم عملية التمويل عبر دول الخليج، وبذلك يمكن للرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، أن يقدم الكثير في مرحلة "ما بعد حماس" بما يحقق الربح لمصر.

ويوضح شينكر أن هناك مساحة واسعة في شبه جزيرة سيناء يمكن استغلالها في بناء منشأة لتحلية المياه ومحطة لتوليد الطاقة، لتلبية احتياجات غزة، على أن تحل مصر محل إسرائيل في بيع الطاقة والمياه للفلسطينيين.

كما يمكن لمصر أن تساعد العمال الفلسطينيين من خلال توفير تصاريح العمل اليومية للعمال المشاركين في بناء هذه المرافق، وربما يمكنهم لاحقاً العثور على عمل في مناطق اقتصادية جديدة تقع في سيناء، بالقرب من رفح.

ويشير شينكر إلى أن واشنطن يمكنها تحفيز هذه المبادرة من خلال إنشاء مناطق صناعية مؤهلة في سيناء، مثل تلك التي تم إنشاؤها بعد اتفاقيات السلام الإسرائيلية مع مصر والأردن؛ لتصنيع المنتجات بمواد مصرية مجمعة بعمالة فلسطينية وبيعها، على أن تكون تلك المنتجات معفاة من الرسوم الجمركية في الولايات المتحدة وأوروبا.

وبالإضافة إلى هذه المساعدة، يمكن لمصر أن توافق على تدريب قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، إذا طلب منها ذلك، والتي تأمل واشنطن أن تملأ الفراغ بعد "هزيمة حماس"، على حد تعبيره.

وهناك فرصة أخرى، مفيدة ومربحة للقاهرة، حسبما يرى شينكر، وهو إتاحة الفرصة لشركات البناء المصرية لتكون في طليعة عملية إعادة بناء غزة، فمنذ نهاية الإدارة المصرية لغزة عام 1967، اقتصر التعامل المصري مع القطاع إلى حد كبير على الوساطة السياسية والعمليات الاستخباراتية، بينما يمكن تطوير هذا الدور الآن إلى الجانب الاقتصادي.

ويرى شينكر أن ما وصفها بـ "أزمة حماس" تقدم لمصر الفرصة لضرب عصفورين بحجر واحد، عن طريق لعب دور رائد في مساعدة الفلسطينيين من جانب، ولعب دور آخر في إدارة غزة ما بعد الحرب، من جانب آخر.

ويخلص شينكر إلى أن مصر هي الدولة العربية الوحيدة المتاخمة لغزة، ولم يعد بإمكانها إعفاء نفسها بشكل معقول من أي مسؤولية تجاه من تصفهم بأنهم "أشقائها"، وقد حان الوقت لكي تتحرك.

اقرأ أيضاً

3 مطالب إسرائيلية لتشديد مراقبة حدود غزة.. مصر رفضت اثنين

المصدر | ديفيد شينكر/فورين بوليسي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: مصر غزة إسرائيل حماس الإخوان المسلمين عبدالفتاح السيسي بعد الحرب إلى أن ما بعد من غزة

إقرأ أيضاً:

استعداد إماراتي مصري للمشاركة في القوة الأمنية بغزة بعد الحرب

أبلغ وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، نظراءه خلال زيارته الأخيرة للمنطقة أن مصر والإمارات مستعدتان للمشاركة في "قوة أمنية" في غزة بعد الحرب، وفقا لما قاله ثلاثة مسؤولين مطلعين لموقع "تايمز أوف إسرائيل".

وقال الموقع إن "الولايات المتحدة تتطلع إلى تجنيد حلفاء عرب للمبادرة، حيث تستعد لطرح رؤيتها لإدارة غزة بعد الحرب، على الرغم من أن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس لا يزال بعيد المنال".

وأضاف أنه "أثناء زيارات إلى قطر ومصر وإسرائيل والأردن قبل أسبوعين، أبلغ بلينكن المحاورين أن الولايات المتحدة أحرزت تقدما في هذه القضية، حيث تلقت الدعم من القاهرة وأبو ظبي لإنشاء قوة تعمل جنبا إلى جنب مع ضباط فلسطينيين محليين، وفقا لمسؤول عربي ومسؤول أمريكي ومصدر ثالث مطلع على الأمر".


وذكر أن "المسؤولين قالوا إن مصر والإمارات وضعتا شروطا لمشاركتهما، بما في ذلك المطالبة بربط المبادرة بإنشاء مسار إلى دولة فلسطينية مستقبلية ، وهي النتيجة التي تعهد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بمنعها".

وبين أن "مصر تطالب أيضا بالانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من غزة ، وهو الشرط الذي من المرجح أن يتعارض مع تعهد نتنياهو بالحفاظ على السيطرة الأمنية الشاملة على القطاع بعد الحرب، مع القدرة على الدخول مجددا عند الضرورة لمنع عودة حماس".

في الوقت نفسه، طالبت الإمارات بمشاركة أمريكية في قوة الأمن في غزة بعد الحرب، بحسب مسؤول عربي.

وأضاف الموقع أن "بلينكن أبلغ نظراءه أن الولايات المتحدة ستساعد في إنشاء وتدريب قوة الأمن وضمان حصولها على تفويض مؤقت، بحيث يمكن استبدالها في النهاية بهيئة فلسطينية كاملة، مضيفا أن الهدف هو أن تسيطر السلطة الفلسطينية في النهاية على غزة. ويُنظر إلى إعادة توحيد القطاع والضفة الغربية تحت كيان حاكم واحد على أنه خطوة أساسية نحو حل الدولتين في نهاية المطاف".


وأوضح الوزير، مع ذلك، أن الولايات المتحدة لن تساهم بقوات خاصة بها، حسبما قال المصدر.
فيما يتعلق بالحكم، قال بلينكن لنظرائه وراء أبواب مغلقة إن الهدف سيكون إنشاء حكومة انتقالية في غزة، والتي ستعمل بشكل وثيق مع دول المنطقة، حسبما قال المسؤولون.

وأجرى بلينكن محادثات لعدة أشهر مع مجموعة اتصال تضم نظراء من السعودية والإمارات وقطر والأردن ومصر والسلطة الفلسطينية، وأجرى اتصالات مع المغرب والبحرين وتركيا وإندونيسيا وآخرين في محاولة لحشد دعم دولي  واسع لاستقرار غزة بعد الحرب.

مقالات مشابهة

  • تعديل أميركي على مقترح اتفاق وقف الحرب في غزة
  • مسؤول إسرائيلي: تل أبيب ترصد إمكانية تغير موقف حماس من مقترح صفقة الرهائن ووقف إطلاق النار في غزة
  • هاجم نتنياهو.. وزير إسرائيليّ سابق عن نصرالله: لا يُريد الحرب
  • تقييم جنرال إسرائيلي سابق.. هل ستكون هناك حرب في الشمال؟
  • ما هي خطة واشنطن لمنع توسع الحرب إلى لبنان.. وهل ستنجح؟
  • استعداد إماراتي مصري للمشاركة في القوة الأمنية بغزة بعد الحرب
  • مسؤول إسرائيلي: لسنا مستعدين لإخلاء الشمال بحال الحرب مع لبنان
  • تقرير: شبح الحرب مع "حزب الله" يثير مخاوف إسرائيلية بشأن الطاقة
  • مسؤول إسرائيلي سابق يكشف خسائر الاحتلال بعد حرب غزة
  • جنرال إسرائيلي: الحرب على غزة بلا هدف وتستنزفنا.. نتنياهو ضلّ الطريق