اسرائيل تراوغ بتصريحاتتقليص الحرب وتكثف قصف غزة وقتل المدنيين
تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT
غزة/رام الله/الدوحة"وكالات": كثفت إسرائيل الضربات على جنوب ووسط قطاع غزة اليوم رغم تعهدها بسحب بعض قواتها والتحول إلى حملة أكثر استهدافا ومناشدة من حليفتها واشنطن بتقليل عدد الضحايا من المدنيين.
وقالت إسرائيل هذا الأسبوع إنها تعتزم بدء سحب قواتها من شمال غزة على الأقل، وذلك بعد ضغوط أمريكية استمرت أسابيع لتقليص عملياتها وضرورة التحول إلى ما تقول واشنطن إنه يجب أن يكون حملة أكثر استهدافا.
لكن يبدو أن القتال لا يزال محتدما خاصة في جنوب ووسط القطاع الذي اجتاحته القوات الإسرائيلية الشهر الماضي.
وفي رفح، على الطرف الجنوبي من القطاع، رقدت جثامين 15 شهيدا من عائلة نوفل في مشرحة مستشفى اليوم بعد أن دمرت ضربة جوية إسرائيلية منزلهم الليلة الماضية.
وكان معظم القتلى من الأطفال. وفتح رجل جزءا من أحد الأكفان وداعب وجه طفل صغير بيده. وقام أقارب رجل آخر بإمساكه برفق وهو ينتحب عند أقدام الجثامين.
وفي موقع الهجوم الذي أحدث حفرة كبيرة في أرضية أحد المباني، تسلق الجيران الأنقاض حيث تناثرت حشايا ملطخة بالدماء وألعاب أطفال مكسورة.
وقالت أم أيمن النجار، التي قُتلت ابنتها وابنة أختها وسط الحطام "صحينا لقينا حالنا محاصرين بالأنقاض على روسنا، قصف ورا قصف، مش عارفة كيف طلعنا وإحنا بندعس على كل شي والدم بينزل منا".
وقتلت إسرائيل أكثر من 23 ألف فلسطيني في غزة منذ أن شنت حملة للقضاء على حماس التي أسفر هجومها على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر..
وأكد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن للرئيس الفلسطيني محمود عباس اليوم تأييد واشنطن "تدابير ملموسة" لإقامة دولة فلسطينية.
وعقد بلينكن اجتماعا مع عباس في الضفة الغربية المحتلة التي وصلها قادما من إسرائيل حيث نبّه الى الكلفة "الباهظة" التي يتكبّدها المدنيون جراء الحرب التي تخوضها اسرائيل ضد حماس في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر إن بلينكن أكد موقف واشنطن الثابت بوجوب قيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل "والعيش في سلام وأمن".
وأكد عباس لبلينكن ضرورة "الوقف الفوري لحرب الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، لنتمكن من تنفيذ الحل السياسي المستند للشرعية الدولية، بدءا بنيل دولة فلسطين عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة بقرار من مجلس الأمن، وعقد مؤتمر دولي للسلام ينهي الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين، وعاصمتها القدس الشرقية، الأمر الذي يحقق السلام والأمن للجميع"، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا".
وجدد عباس التأكيد "أن قطاع غزة هو جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية، ولا يمكن القبول أو التعامل مع مخططات سلطات الاحتلال في فصله، او اقتطاع أي جزء منه"، وفق ما نقلت "وفا".
وحذر من "خطورة الإجراءات الإسرائيلية لتهجير أبناء شعبنا في قطاع غزة أو الضفة الغربية بما فيها القدس".
وخلال لقائه عباس، أشار بلينكن إلى "تزايد الاضطرابات" في الضفة الغربية المحتلة التي تشهد تصاعدا في أعمال العنف منذ اندلاع الحرب في غزة. وقتل أكثر من 330 فلسطيني برصاص الجيش والمستوطنين الإسرائيليين في الضفة منذ السابع من أكتوبر، وفق وزارة الصحة الفلسطينية.
ودعا وزير الخارجية الأمريكي إسرائيل إلى صرف عائدات الضرائب المستحقة للفلسطينيين بالكامل.
وقال ميلر في بيانه إن بلينكن "شدد على موقف الولايات المتحدة المتمثل في ضرورة تحويل جميع عائدات الضرائب الفلسطينية التي تجمعها إسرائيل بشكل مستمر لصالح السلطة الفلسطينية وفقا للاتفاقيات السابقة".
واحتجزت إسرائيل لسنوات جزءا من تلك الأموال لأسباب عدة منها الرواتب التي تدفعها السلطة الفلسطينية لعائلات الأسرى، وراهنا على خلفية حرب غزة.
بدوره، أكد عباس لبلينكن ضرورة "الإفراج عن أموال المقاصة الفلسطينية فورا لأن احتجازها مخالف للاتفاقيات وللقانون الدولي"، مؤكدا أن "الأولوية" في توزيعها ستكون لقطاع غزة و"لن يتم التخلي عن أبناء شعبنا".
والتقى بلينكن أيضا بقادة إسرائيليين وزار دولا عربية مجاورة بحثا عن تسوية مستقبلية بشأن قطاع غزة الذي دمره القصف الإسرائيلي وتسبب في تعرض سكانه البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة لأزمة إنسانية.
وتريد واشنطن أن تمنح إسرائيل السلطة الفلسطينية، التي تتخذ من رام الله مقرا لها، دورا مستقبليا في حكم غزة، لكن إسرائيل، التي تقول إنها تريد السيطرة على أمن غزة إلى أجل غير مسمى، مترددة في ذلك. وقال بلينكن اليوم الثلاثاء إن على إسرائيل أن تتخذ "خيارات صعبة" وأن تحافظ على آمال إقامة دولة فلسطينية مستقلة إذا أرادت تطبيع العلاقات مع الجيران العرب.
وقال في تل أبيب اليوم الثلاثاء "يجب أن تكون إسرائيل شريكة للزعماء الفلسطينيين الراغبين في قيادة شعبهم للعيش جنبا إلى جنب في سلام مع إسرائيل كجيران".
ورغم تأكيد إسرائيل العلني منذ بداية العام الجديد أنها ستقلص الحرب، يقول سكان غزة إنهم لم يروا منها أي تراجع ولا يزال محظور عليهم العودة إلى شمال القطاع كما أصبح جنوب غزة منطقة حرب شاملة في الأسابيع القليلة الماضية. واضطر كل السكان تقريبا للنزوح عن منازلهم ونزح العديد منهم عدة مرات مع تقدم القوات الإسرائيلية.
وقالت أم أحمد، وهي أم لخمسة أطفال من مدينة غزة وتعيش الآن في خيمة برفح، إن سكان غزة كانوا يأملون أن تسفر زيارة بلينكن عن السماح لهم بالعودة إلى ديارهم.
وأضافت "زي الكلام المكتوب بالزبدة، على طول بيختفي أول ما تطلع الشمس، هدا كلام بلينكن، مزيف".
وأفاد سكان البريج والنصيرات والمغازي في وسط قطاع غزة بوقوع قصف مكثف خلال الليل مع توغل الدبابات الإسرائيلية -التي شنت هجوما هناك في عيد الميلاد- بشكل أعمق إلى داخل البريج والمغازي.
وبدأت موجة نزوح جديدة في النصيرات بعد يوم من إسقاط إسرائيل منشورات تحذيرية جديدة على سكان عدة مناطق تطالبهم بإخلاء منازلهم والتوجه غربا إلى دير البلح.
وتقصف إسرائيل المنطقة هناك أيضا. ونشر الهلال الأحمر الفلسطيني مقطع فيديو يظهر وصول سيارات الإسعاف إلى مستشفى حاملة قتلى وجرحى من بينهم أطفال.
وفي إشارة إلى احتدام القتال، أعلنت إسرائيل مقتل تسعة من جنودها في غزة الثلاثاء أحد أكثر الأيام دموية بالنسبة لقواتها في الحرب.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الضفة الغربیة قطاع غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
بعد مرور عامين على حرب السودان … كيف أثرت على حياة المدنيين ؟
في كل صباح يبدأ عمر وهو اسم مستعار لشاب في العشرينات من عمره، يبدأ يومه بذات الفكرة العالقة متى أعود؟ وكيف؟ فبعد اندلاع الحرب لم تمنحه وقتا للتفكير بل أجبرته على الهروب فترك خلفه شوارع الخرطوم التي عرفها جيدا وأصدقاء الساحات والهتاف وحتى عائلته التي ما زالت تقاوم البقاء في منطقة تغلي بنيران النزاع.
التغيير – فتح الرحمن حمودة
استقر عمر في أوغندا لاجئا لكن روحه ظلت معلقة هناك حيث يُحتجز قلبه بين ذكريات وطن يتآكل وحنين لا يهدأ بعد عامان مرا منذ اندلاع الحرب كانا كفيلان بأن يقلبا حياته رأسا على عقب كما فعلا بحياة آلاف السودانيين الذين تاهت بهم الطرق وتبددت أحلامهم.
و اليوم دخلت الحرب السودانية عامها الثاني لا كذكرى عابرة بل كظل ثقيل ما زال جاثما على صدر البلاد و لم تكن مجرد حرب بين طرفين متنازعين بل تحولت إلى زلزال اجتاح النفوس والمكان فغير ملامح المدن والقرى ومزق تفاصيل الحياة اليومية وخلف جراحا لا تندمل.
و وسط هذا المشهد حملت «التغيير » سؤالا بسيطا في مظهره عميق في معناه ما الذي تغير في حياة الناس؟ ومن المنافي إلى مدن الصراع كانت قد بدأت رحلة البحث عن الإجابة بين الذين عانوا ويلات اللجوء أو من ظلوا في الداخل يتشاركون في مواجهة قسوة الحياة اليومية وثقل الفقدان .
و قالت فاتن الزين لـ «التغيير » إن حياتهم تغيرت بشكل جذري خلال عامين من الحرب حتى اضطروا للنزوح من الخرطوم إلى ولاية الجزيرة وأكدت أن التأثير الأكبر كان على أطفالها الذين انفصلوا عن والدهم بسبب عمله كجندي في المؤسسة العسكرية مشيرة إلى أنهم كانوا شديدي التعلق به.
و مضت في حديثها : عانيت كثيرا لأساعد أطفالي على تجاوز هذا الفقد خاصة في ظل انقطاع التواصل بيننا أحيانا وما يصاحبه من قلق دائم، و تضيف بعد فترة من الإقامة في الجزيرة لجأت إلى خارج البلاد واستقرينا وهنا شعرت العائلة بالأمان رغم غياب الأب الذي كان قد مات على إثر سقوط طائرة عسكرية وكان لهذا الحدث أثر بالغ علينا جميعا و كانت صدمة قاسية على الأطفال وأصبح علينا أن نبدأ من جديد من نقطة الصفر ونحاول بناء حياة تستمر رغم كل الفقد .
بينما قالت فاطمة حسين إن أكثر ما أثر فيها بعد مرور عامين على اندلاع الحرب هو أنها وجدت نفسها تعيش في مكان لم تتخيل يوما أنها ستسكن فيه وأضافت بحسرة :”عندما أزور بيتنا أحس كأني ضيفة في منطقتي و هذا الإحساس مؤلم جداً”.
وتابعت فاطمة في حديثها لـ « التغيير » حتى الناس الذين اصبحنا نراهم في المنطقة باتوا غرباء لأن الجيران والأهل والأصحاب الذينا تربينا معاهم نزحوا وابتعدوا عن منازلهم و هذا وجع كبير وفي نفس الوقت الناس الحولينا في المكان الجديد أيضاً لا نعرفهم لأنهم غرباء علينا لكنا مضطرين نتعامل معاهم ونتأقلم رغم اختلاف العادات والثقافات و هذا أمر صعب .
و منذ اندلاعها في 15 أبريل 2023 لم تتوقف الحرب عن خطف الأرواح وتشريد الملايين في ما يعد أسوأ كارثة إنسانية في تاريخ البلاد الحديث وبعد مرور عشرين شهرا من القصف والمعارك والنزوح صارت البلاد مسرحا مفتوحا للفقد المستمر والانهيار الكامل في مؤسسات الدولة وخدماتها.
اما جهاد محمد قال إن الأوضاع الاقتصادية والنفسية خلال عامين من الحرب كانت صعبة للغاية بالنسبة لهم و أنها اجبرت معظم الناس على ترك منازلهم واللجوء إلى المدارس التي إن توفرت فيها المياه فهي غير صالحة للشرب والمراحيض فيها تعاني من ضغط استخدام شديد.
وأضاف في حديثه لـ « التغيير » أن الخوف المستمر من تجدد العمليات العسكرية وسقوط القذائف كان له الأثر الأكبر على حياتهم اليومية مما جعلهم يعيشون في خوف و هلع بشكل يومي إلى جانب الارتفاع الكبير في أسعار السلع والمواد الاستهلاكية.
و لكن سلمى أحمد قالت إنه طوال العامين الماضيين لم يطرأ أي تغيير سوى ازدياد المآسي والأحزان التي عاشوها يوميا وأضافت اصبح ما عاد هناك شيء يؤثر علينا تعودنا على الوجع و نتعايش مع كل شئ ونقول «في شنو تاني ممكن يحصل أكتر من الحصل لينا » على حد تعبيرها .
ورغم هذا الواقع القاسي اختتمت سلمى في حديثها لـ «التغيير» بروح صبر وإيمان قائلة نحمد الله على كل شئ وندعوه إن يصلح الحال ويكتب لنا أياما أفضل و ان تتوقف هذه الحرب .
و كانت قد شهدت مناطق القتال الرئيسية مواجهات عنيفة بين الأطراف المتحاربة استخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والقذائف ما تسبب في حالة من الذعر والهلع وسط المدنيين وعرض حياتهم للخطر بشكل مستمر.
و على الرغم من مرور عامين من الحرب إلا انه حتى الآن لا تلوح في الأفق أي حلول سياسية حقيقية فالمحاولات الدولية والإقليمية لإيقاف القتال كانت قد فشلت والمبادرات ظلت تراوح مكانها فيما تواصل الحرب اجتياحها لكل شيء حتى الحجر والبشر،الحلم والهوية لم ينجوا منها .
الوسوم15 أبريل الحرب السودان اللجوء النزوح عامان